نضال برقان أقام منتدى الرواد الكبار أول من أمس ندوة تفاعلية حول «مبادرة ثقافة الزهرة»، وموسوعة «كيس الراعي- أشجار وأزهار في الثقافة المحلية الأردنية»، للزميل الكتاب رمزي الغزوى، وأدار الندوة المستشارة الثقافية للمنتدى القاصة سحر ملص، وشارك فيها الدكتور أحمد عناب. في الكلمة الترحيبية قالت مديرة المنتدى هيفاء البشير: نستضيف في هذا الحفل أديباً وإعلامياً عاشقاً للطبيعة هو الكاتب رمزي الغزوي، لنرحل معه بين صفحات موسوعته الجميلة كيس الراعي لنحلق مع الأشجار والأزهار الأردنية، وذلك لتحدثنا كل زهرة بما لديها وما ارتبط بينها وبين الإنسان من وشائج صداقات متينة، مشيرة إلى أن الغزوي يمتاز بإبداعه الخصب الغزير والذي توجه فيه إلى الأطفال تارة، أخرى للكبار ليرسم درباً ملونه بالزهرة والكلمة والشعر.
من جانبه قال د. أحمد عناب إن كيس الراعي يعد جرابا جلديا أو شراعا كما نسميه شعبيا «مشراع الراعي»، يحمله على كتفة ويحوي ما يلزم الراعي من طعام وماء واحتياجاته اللوجستية، وقد يستعمله أحيانا لتخثير الحليب للحصول على الجبن الطري بعد ان يضيف عليه قطرات لبن التين، يجوب هذا الراعي السهل والسفوح والتلال خلف قطيعه مادا نظره على مدى الأفق البعيد يستمتع بتكحيل عينيه بجمال الأرض وما عليها من أعشاب ونوار وريحان، يطرب فيها القطيع والنباتات ومن كان حوله بلحن ناي شجي لكنه لا ينسى أن يفكر بجمع نوار وأزهار بكيسه «بشراعه». من جانبه قال المؤلف رمزي الغزوي إن كتاب «كيس الراعي»، جاء مختلفاً، وقد علمت عليه لفترة تزيد على عقد ونصف من السنوات، كنت دائما أقول لا بد أن يخرج ويخدم الحياة، ويخصّب شيئاً فيها، فأنا دوما كنت أحِسُّني شجرةً تدرجُ في مدارج الغيم، أو زهرةً تشقُّ صخرةً عند خرير الوادي. وأنَّ قبيلة الأشجار والأزهار عائلتي وعشُّ أسرتي. وكنتُ معها ولها أتحدّثُ بلكنة الريح ووشوشاتها، وأتفهم حفيفها متذوقاً شذى عطرها حين أغمضُ عيني. وقال الغزوي: منذ زمن وأنا أشتبكُ مع الأرض بكتاباتي القصصية والشعرية والرواية، أو من خلال مقالي اليومي في صحيفتي الدستور، وتبيّن لي أن الناس يحبون العودة أحياناً إلى ملامسة التراب وصفحاته، وإلى صحبة الأزهار والثمار وحكاياتها. ولهذا فكرت في هذا الكتاب وحلمت به. ولم أكن أريده علمياً معرفياً بقدر ما يكون مشتبكاً جمالياً وثقافياً مع من يقاسمننا ضفاف الحياة، وهنّ بكل تأكد أقدم منا على هذا الكوكب. وقال: أريد من هذا الكتاب أن يكون منصة أفكار للقراء، ولهذا جمعت مادته من عيشي لهذه الحياة البرية، ومن أحاديث الناس وعاداتهم، ومن قراءاتي المتعددة، وأبحاثي في مفاصل موروثنا الشعبي العامر. فمعظم شعوب العالم تتحصل على ثقافة معرفية بمن يعيش معهم من نباتات يعرفها صغيرهم وكبيرهم. فالتقدم التكنولوجي لا يتعرض أبداً مع أن تكون ثقافتنا النباتية كبيرة سخية، ولكننا للأسف ينقصنا هذا الشيء. فأنا أعرف كثيرين يطلقون اسم الدحنون على كل زهرة، وشجرة على كل شجرة، دون أن يميزوا بين سفرجل وسنديان أو ملول وبيلسان. ثم تحدث الغزوي عن المبادرة التي أطلقها بعنوان «ثقافة الزهرة»، التي يسعى من خلالها إلى بناء وتخصيب ثقافة مجتمعية قادرة على التفاعل السعيد الواعي مع مواطن الجمال في بلدنا وتقديره، وتطوير ملكاتنا في مقدرة التماهي مع أنغامه في الأزهار والأشجار، والتحصّن بإرث أجدادنا الذين ما نظروا إليها إلا كأخوات لهم في الماء والتراب، فمعظم شعوب العالم تتحصل على معرفية جمالية وافية بمن يعيش معهم من أزهار وأشجار، وهذا لا يتعارض مع التقدم التكنولوجي بل يثريه. قال «أردت من المبادرة أن تكون منصّة تشاركية للأفكار والأعمال، مع كل من يريد التعاون من أفراد ووزارات ومؤسسات قطاع مدني وجمعيات، علنا نبني جيلاً قادراً على أن يحب بلده، كما ينبغي لحب البلاد أن يكون. وكيف لمن لم يتذوق جماليات أغاني أرضه، أن يدافع عنها ويحميها ويعلي من شأنها؟». وخلص قائلا إن هذه المبادرة سيتم تنفيذها عبر مسارات عدة: إتمام تأليف الجزء الثاني من الموسوعة، وعمل طبعة شعبية منهما، ومسار إقامة معرض جوال يجوب محافظات المملكة بالصورة والكلمة بعنوان: أغاني الأرض، ومسار إنتاج أفلام قصيرة مدعومة بالنص الإبداعي، ومسار الجولات الميدانية، والندوات التفاعلية، والعمل على استحداث وتطبيق «سياحة الزهرة»، مبينا أن هذه المبادرة ستبقى حلماً حبيساً، ما لم تجد الشركاء والداعمين والمتطوعين الذين سيخصبون وينمون ويطورون أفكارها ومساراتها، في ظل مسعانا الدائم نحو كل حق وخير وجمال.