|
عرار:
مندوبًا عن وزيرة الثقافة هيفاء النجار، رعى الدكتور حسين دغيمات مساء امس الثلاثاء، في المركز الثقافي الملكي، حفل إشهار رواية "ماتت رجلًا" للشاعر والروائي محمد خضير، والصادرة عن دار دجلة للنشر والتوزيع، تخلل الحفل عرضٌ مسرحيٌ "مونودراما" من بطولة النجمة العربية كاترين علي، تأليف محمد خضير، وإخراج محمد ختاتنة. وقدم الناقد الدكتور حسن المجالي ورقة نقدية حول تداعيات العمل الروائي، وكان تولى إدارة فعاليات الحفل الفنان والاعلامي أسعد خليفة، وقد حضر الحفل جمهور واسع من الإعلاميين والأدباء والمثقفين والشعراء. وركزت الورقة النقدية التي قدمها الناقد الدكتور حسن المجالي على ثلاثة محاور، كان المحور الأول عتبة العنوان التي أشار فيها إلى بنية جملة العنوان التي جاءت جملة فعلية يتصدرها الفعل الماضي في إشارة واضحة إلى اكتمال الحدث بوصوله إلى النهاية، مشيرا إلى أن هذا الشكل من العنونة كثيرا ما يتحاشاه الروائيون لما يحمل من دلالة مباشرة على الحدث الروائي وهو ما يجافي حالة الغموض والالتباس التي تغري المتلقي وتجذبه لقراءة المتن الروائي كما تفعل العنونة بالجمل الاسمية أو الجمل التي يحضر فيها الفعل المضارع الذي يعبر عن حالة من الاستغراق والتفاعل الآني والمستقبلي مع الحدث، كما أشار إلى أن في العنوان إحالة نصية واضحة إلى المتن الحكائي وإلى بؤرة هذا المتن تحديدًا وشخصيته المركزية(أسماء) من خلال إسناد الفاعلية إليها عبر الضمير المتصل التاء (ماتت)، وأشار الدكتور المجالي إلى شعرية العنوان التي بناها الروائي الشاعر على فكرة التضاد من خلال الحال المذكرة (رجلا) التي تعاند الضمير المؤنث. وفي ملحوظته الأخيرة أوضح المجالي أن جملة العنوان جاءت استشرافًا لنهاية الرواية بإعلانه عن اكتمال التراجيديا بحيث جاءت الحكاية بعد ذلك استرجاعًا للمشاهد والمواقف والأحداث التي توالت لتصنع حبكة السرد. وفي المحطة الثانية توقف الدكتور المجالي عند الشخصية الروائية التي رأى بأنها شخصية مكتنزة وتملك ثراء دراميا كبيرًا دل عليه تعدد أنواع الصراع الذي يمثل جوهر الدراما : صراع مع القدر بفقد الشخصية لوالديها في حادث مروع وكانت هي الناجية الوحيدة ثم فقدها لجدها وجدتها اللذين شكلا ملاذها الآمن ، وصراع الداخل داخل الأنا - وما نتج عن ذلك من أفكار متعاندة عمقت التراجيديا وأججت موقف الشخصية وأنتجت الدلالة بتركيز عال وصداع ثالث مع الوسط ، مع السائد والراسخ والمألوف الذي يقاوم بتكلسه سطوع الحق وقسوة الحقيقة كما يواجه فكرة حرية أن يكون المرء على حقيقته لا كما يريد المجتمع أن يراه بعين العادات والتقاليد. وفي المحطة الأخيرة توقف الناقد المجالي عند شعرية اللغة الروائية مشيرًا إلى أن الروائي الشاعر لم يتخل عن تعلقه بالقول الشعري لكنه تدرع به في مواطن كثيرة ليقدم الدلالة برهافة عالية توحي وتجسد وترسم أكثر مما تقرر وتحدد وهو ما عمق المعنى وركز الإحساس بموقف الشخصية ووصفها من الداخل ممثلا على ذلك بجملة من الجمل ذات النزوع الشعري الواضح...كما أشار إلى قصدية اختيار اسم الشخصية (أسماء) بغية تعميم الحالة وكذلك اسمها الأخير (ميلاد الروائي والشاعر محمد خضير) يقول عن كلمته: "العتمةُ مصباح الأعمى، ولا قشّةَ تعلو ماءَ الخوفِ لتأخذَ بيدِ مَن غرقوا بوحلِ الجَهالة... وهناك دائمًا ما يدفعُ المبدعَ لتمزيقِ الستارَ الجاثمِ فوق فوضى الحياة؛ إنها الإنسانيةُ التي تقلّمُ أظافرَ الظلمِ كلما طالت بريئًا؛ فشوّهت له سيرةَ وجههِ، وغيّرت له معالمهُ بقصديّةٍ غارقةٍ بالوضوح... لكنها الصورة الخالدة، تبقى في ذاكرةِ مَن ابتدأوها، كما طفلٍ غادرَ صدرَ أمّهِ وغاب، ثم عادَ وقد أرهقته الحياة؛ تبتسمُ لسيرتهِ الأولى؛ وهي تتحسّسُ شَيْبهُ بحنينِ أمٍّ... لا يشيبُ قلبُها. في روايةِ ماتَت رجُلًا حاولتُ النيْلَ مِن صمتِ الجُدرانِ، فثمةَ مَن ينامون بيننا وهم يقفونَ على مفترقِ طرقٍ يُفضي إلى رماديّة الفكرة... فالأزرقُ الباردُ بصوتهِ الخشن؛ يقف خَجولًا أمام فتنة الورديّ، وإذا التَقيا؛ أخرَجا بنفسجةً غادَرتْ لونَها ورائِحتها، وذهبَت إلى غير تُرابها، وسَرعان ما تجدُ كفًّا قاسية؛ تقطفها لتلقي بها داخلَ قوسِ قُزحٍ تعربشَ سماءً لا خريف له".. وأضاف خضير، أيضًا.. الشعرُ، وعلى الرغمِ مِن اتساعهِ؛ إلا أنه يضيقُ أمام بعض الأحزان، ومِن هنا غادرتُ نفسيَ الشاعرة، ورحلتُ عنها إلى سردِ قصةِ أسْماء التي وإن قضَت رجُلًا ؛ إلا أنها أورثتنا فكرةَ الأنثى التي عندما استطاعَت، نالَ منها خوفُ مَن لا يملكونَ غيرَ التعويضِ عن ضَعفهم بشيءٍ مِن ولايةِ الأمرِ، والوصايةِ على الآخَر. وقرأ الإعلامي اسعد خليفة الذي ادار دفة الحفل بعضا من نصوصه الأدبية حيث قال :أن يكون داخلك إثنان .. أن تكون القويَّ بين الضعاف .. أن تكون الضعيفَ بين الأقوياء .. أن تكون أنتَ لستَ أنتَ ..وأن وأن ..". وأضاف قائلا :تشرفنا بمشاركة الأحبة في حفل إشهار رواية (ماتت رجلآ) بحضور كبير واهتمام واسع .. تشرفنا بالتعشيق بأشعارنا .. لهذا المعمار الأدبي الإنساني المميزالمرفوع على الفكرة الخلاقة والمعالجة الأمثل لحالة تهتز لها المشاعر وترتجف لها الخواطر ، بعد أن حيرت العلم والعلماء وشغلت القانون والفقه والفقهاء وعسانا مع الأحبة قد علقنا الجرس عليها وحركنا الساكن منها لتحظى بمزيد الاهتمام والعمل ودقة التصويب وتوجيه البوصلة إليها لزيادة منسوب الراحة للمارين بها. وفي الختام قام مندوب وزيرة الثقافة بتكريم عدد من الشخصيات الأدبية والإعلامية والثقافية . الكاتب:
مراقبة التحرير والنشر بتاريخ: الخميس 01-09-2022 11:48 مساء
الزوار: 692 التعليقات: 0
|