|
عرار:
د. غسان عبد الخالق ما أجمل أن تُكلّل حكاية حبي لمجلة أفكار، باختياري رئيسا لهيئة تحريرها، بعد ثلاثين عاما من الوصل الذي ظل متّقدا حتى اللحظة؛ بدءا بالمقال الافتتاحي الذي كلّفني بكتابته الرّوائي الكبير مؤنس الرزّاز عن أستاذ الأجيال الدكتور إحسان عباس في عام 1993، مرورا بالملف النّوعي الذي أعددته عن المفكّر النهضوي الدكتور فهمي جدعان في عام 2003، وليس انتهاء بالملفّ الساخن الذي أعددته عن تصاعد شخصية اليهودي في الرواية العربية في عام 2020. ما بين أول الوصل وذروته، سعدتُ أيضا بأن نشرتُ في هذا المنبر الرصين، العديد من الدراسات والمقالات والمراجعات التي قدّمتني للقارئ الأردني والعربي، كما سعدتُ بأن زاملت في هذا المنبر المرموق ثلّة من الكتاب الأردنيين والعرب البارزين؛ فكانت مجلة أفكار بهذا المعنى _ وما زالت _ جسرا متينا من جسور الثقافة الوطنية والقومية والإنسانية المشرقة والمتماسكة، في زمن التشظي الثقافي والتفكّك الفكري الذي طال كثيرا من الهيئات والصحف والمجلات، حتى غدت أثرا بعد عين. ولعل أكثر ما أسعدني على صعيد تعزيز هذا المَعلَم الحضاري الذي انطلق في عام 1966، قيامي مع عدد من الزملاء والزميلات من داخل وزارة الثقافة وخارجها، وبناء على تكليف من وزير الثقافة السابق الدكتور باسم الطويسي في عام 2019، بدراسة واقع ومستقبل المجلات التي تُصدرها الوزارة والتنسيب بما نراه مناسبا بشأنها؛ فلم ندّخر وسعا للتأشير على أوجُه القصور، لكننا أجمعنا على التوصية بضرورة اضطلاع الوزارة بمواصلة إصدار كل مجلّاتها، وفي مقدّمتها (أفكار) التي غدت أيقونة ثقافية أردنية وعربية لا يجوز التفريط بها. ويحدوني وازع الوفاء، للتنويه بفرادة التجربة التي خضتها عضوا في هيئة التحرير التي ترأسها الروائي الكبير جمال ناجي، وما تمخّضت عنه هذه التجربة من تطوير ملموس على صعيد الشكل وعلى صعيد المضمون، حتى غدت المجلة في غضون شهور قليلة، مختبرا فكريا وأدبيا وفنيا رفيع المستوى، يفخر كل عضو في هيئة التحرير بأنه قد أسهم في صياغته، وبدعم استثنائي من وزير الثقافة الأسبق الأستاذ نبيه شقم. ثلاثون عاما مرّت إذن على حكاية هذا الحب، وقد تعاقب خلالها كثير من المثقفين النابهين، على رئاسة وعضوية هيئات تحرير هذه الواحة المعرفية، التي طالما أظلّتني وأظلّت غيري من المثقفين الأردنيين والعرب، كلّما عزّت فُرص النشر النزيه، وكلّما تعالت موجات التسطيح والعبثية؛ فصانت أفكارنا وأعلت أقلامنا، وقد حان الوقت لردّ بعض الجميل الذي ندين به لها، وما أوسعه من جميل! وإذا كان واجب الامتنان يدعوني أيضا، للتعبير باسمي وباسم زملائي وزميلاتي في هيئة التحرير _ وكلّهم من أصحاب الرؤى الفكرية والإبداعية الحاضرة والمشهودة _ عن عميق الشكر والتقدير للسيدة هيفاء النجار وزيرة الثقافة والأستاذ هزاع البراري الأمين العام للوزارة لِقاء هذه الثقة، فإن من واجبي في الوقت نفسه، أن أدعو كل المثقفين الأردنيين والعرب لإغناء مجلة أفكار، بمقالاتهم ودراساتهم ونصوصهم وترجماتهم، التي ستكون موضع التقدير العميق والتقييم الجاد والموضوعي. دمتم ودمنا مشاعل نور وتنوير على دروب الحق والفكر والجمال، ويسعدنا أن تراسلونا _ أيّها الأحبّة _ عبر هذا البريد الإلكتروني: afkar@culture.gov.jo جريدة الدستور الاردنية الكاتب:
مراقبة التحرير والنشر بتاريخ: السبت 30-04-2022 12:26 صباحا
الزوار: 668 التعليقات: 0
|