«خيط العنكبوت» رواية البنى السياسية والاجتماعية في السودان
عرار:
عمــــــان يتناول جعفر همد في روايته «خيط العنكبوت» الواقعين السياسي والاجتماعي في السودان، اللذين تضافرا لرسم تفاصيل المشهد الحالي بما فيه من تناقضات وصراعات. ويشير همد إلى أن روايته الصادرة عن «الآن ناشرون وموزعون» في 82 صفحة من القطع المتوسط، هي نص أدبي إبداعي، بعض فصوله أمنيات في مخيلة الكاتب ولا علاقة لها بالواقع، غير أن عددا من المتابعين رأوا أن الرواية تسلط الضوء على الجهود الأمنية، والخطط التي وُضعت في مرحلة حرجة من تاريخ السودان لحمايته من التدخلات الخارجية إبان قيام الثورة فيه. واتضحت هذه الرؤية داخل الرواية عبر فصلها الختامي الذي حرص المؤلف فيه على الحديث عن الثورة بوصفها مطلبًا بشريًّا يبرز إلى السطح متى فقد الناس العدل والمساواة، فقال: «كل ثورة عظيمة في هذا الكون وعلى هذه الأرض تأتي من أجل العدالة والمساوة بين الناس، ونبذ العنصرية، ومحاربة استغلال النفوذ.. كل أهل الأرض، المكوِّن البشري بكل أطيافه، وبكل سحناته (الأسود، والأبيض)، يسعون إلى حياة أفضل». وتدور أحداث الرواية حول شاب ينخرط في النشاط السياسي داخل بلده وخارجه، فتتضح للقارئ كثير من الحقائق المتعلقة بموضوع الرواية، ويمتد الفضاء المكاني لها ليشمل مجموعة من الدول العربية، ودول القارتين الأوروبية والإفريقية. وتحرص الرواية على مزج السياسي بالاجتماعي بالفانتازيا، وتقديم الطبقات النفسية العميقة التي يُصنع عبرها الأبطال والقادة في المجتمع السوداني. يقول «عمر» الشخصية الرئيسية في الرواية: «تعلمون أننا نواجه حربا إقليمية، بعض أبناء الوطن أهمتهم أنفسهم ومصالحهم الخاصة على حساب الدولة وتقدمها. يؤسفني جدًّا أن ذلك حدث، ويسعدني أن أخبركم أن الواجب يحتّم علينا المواجهة. لذا فإن القرار الأول هو تفعيل كل المنصات، وبدء العمل من جديد من أجل أن نُكمل المهمة التي تواثقنا عليها: أن نحمي وطننا، وأن نعمل من أجل رفعة الناس، وتطوير المنطقة. هذا قرار تم اتخاذه بالإجماع، ولا تراجع عنه». ويظهر على نص الغلاف الخلفي نص يشير إلى تلك البنية النفسية التي تشكل المزاج العام للمجتمع الذي تقع فيه أحداث الرواية: «قبل خمسة وعشرين عامًا مضت، اشتعلَ صراخُ النساء وعويلهنّ حول رأسه.. كانت «جميلة» ابنة خالته في زيارة إلى بعض الأقارب، وأثناء عودتها هطلت أمطار لم تكن في الحسبان. ولأنها ترتدي ثوبًا يغطّي جسدها من قمة رأسها إلى أخمص قدميها ويعيق الخُطى عند الهرولة، فقد سقطَ «عُمَر» من بين يديها عندما حاولَت الإسراع. اعتقدَ الناس أنّ الفتى فارقَ الحياة، لكنه كان في تلك اللحظة في ملكوتٍ آخر، وكأنَّ الملائكة تحفُّ به في اللاوعي من دون أن يشعر أحدٌ حوله بما يدور في الغيب. عاد الفتى الصغير إلى الحياةٍ مبتسمًا، وأخبرَ جدّته لأبيه بما رآه». وبموازاة الإطار الفانتازي، تظهر المرأة فاعلة ومؤثرة، سواء كان ذلك في المراحل المبكرة من تاريخ السودان، أو في المرحلة المعاصرة التي خرجت فيها المرأة السودانية من محيطها الاجتماعي الضيق، وبدأت تظهر في المحافل الدولية. وقد سلك همد مسلك الحوارات المتبادلة بين الشخصيات في كثير من مواضع الرواية، مفسحا المجال للشخصصيات للتعبير عن رؤاها. كما كانت لغة الرواية مقتصدة، تتجه إلى هدفها دون حشو أو إطالة غير مبررة. ومن الجدير ذكره أن جعفر همد صحفي وروائي سوداني، وصدر له قبل هذا العمل عدد من الروايات القصيرة، منها: العذراء ويهود دبي.
المصدر: جريدة الدستور الاردنية
الكاتب:
مراقبة التحرير والنشر بتاريخ: الجمعة 05-11-2021 11:36 مساء
الزوار: 785 التعليقات: 0