عمّان عن دار (العائدون) للنشر في عمان، وضمن سلسلة (مختارات العائدون الإبداعيّة) صدر منذ أيّام كتاب مختارات شعرية للشاعر والمبدع اللبناني المعروف عبده وازن، وحملت المختارات عنوان «هكذا في الحكاية التي لم يَرْوِها أحد»، وجاء الكتاب في 366 صفحة، متضمّنًا قصائد من خمس مجموعات من دواوين الشّاعر هي: «أبوابُ النّوم» (1996)، و»سِراج الفتنة» (2000)، و»نار العَودة» (2003)، و»حياة مُعطّلة» (2007)، و»الأيّام ليست لنُودّعها» (2015). وتضمن الكتاب مقدّمة بقلم الشاعر محمد مظلوم، وحمل الغلاف لوحة للفنان اللبناني- الفلسطينيّ بول غيراغوسيان. في تقديمه للمختارات يكتب محمد مظلوم أن هذه المختارات تعكس تجسيدًا للتنوع في تجربة الشاعر، وخلاصة لها وللمآل الذي بلغته، وترسم صورة تقريبية لتحولات الذات ونضجها «فهي تتضمَّن التنوُّع داخل الوحدة، أو هي الوحدة المتنوِّعة، بمعنى أن موضوعات قصائد هذه المختارات تبدو متعدِّدة ومختلفة، مع أنها تشكِّل في سياقها العام وحدةً كلية، تعبر عن تحولات الذات، وعن وحدة الوجود في الوقت نفسه، حيث لا انفصال ولا حدود في الجوهر بين الذات والعالم، الأنا والآخر، الإنسان والطبيعة». ويشير مظلوم في تقديم المختارات إلى ظاهرة «التباين في حجم القصائد»، وأنه «تباينٌ شكلي ليس إلّا، فالقصيدة القصيرة في حجمها، هي بشكل ما قصيدة طويلة بزمنها وكثافتها الداخلية، ومستفيضة ومحتدمة في إيحائها، وإن كانت وجيزة في عباراتها وإيقاعها، ذلك أن الاختمار يمثِّل العُمر الآخر لقصيدة تبدو، من خلال شكلها، قصيرة. وعبده وازن يولي عناية خاصة لبناء قصيدته، حيث الرشاقة في الشكل، والاكتناز في المحتوى، والنّحت الدّقيق للعبارة والعناية باختيار المفردة والاستغناء عن الزوائد، هذا كلُّه يتطلب «وقتًا فيزيائيًا طويلًا» لتكثيف زمن داخلي ميتافيزيقي، والوصول إلى إيجاز مكثّف عبر خميرة ناضجة ومعتَّقة عبر ذلك الزمن». ويوضح أنه «في مقابل هذا الإيجاز ثمة شكلٌ آخر مجاور، يتمثّل في تقنية التدفّق التي بُنيت عليها قصيدة «النائمة»، وهي قصيدة طويلة اعتمد بناؤها على تقنية التكرار، والتكرار أسلوب بلاغي وإيقاعي ونفسي اقتضته موجبات المضمون حيث صدمة الموت والبناء الرثائي للقصيدة، واستعادة سيرة الغائبة، لهذا جاءت هذه القصيدة طويلة في شكلها الفني ومتدفِّقة في بنائها العضوي». وبخصوص العالَم الذي يتحرَّك فيه هذا الشعر، فهو أقرب للعالم الأفلاطوني، العالم الثالث بين الواقعيّ والحُلميّ، الذاكرة والنسيان، والزمان الأثيريّ: انظر قصيدة «حفرة ضوء»: «لعلّه الغد الذي عرفناه قديمًا لكنّنا لسنا نحن نحن الذين كنّا» ويضيف أنّ «هذا العالَم الصّوري لا يدرَك بالمعرفة التجريبية، وإنما بالعرفان والاستبصار، ذلك أنه مزيج ملتبس من السحر والواقع، الخيال والذاكرة. فثمة عالمٌ يوميٌّ ملموسٌ لكنَّه يبقى غيرَ مفهوم، فيما عالمٌ آخر يُحدَس ويُشعَر به، لكنَّه واضح في تجلياته الداخلية كما لو إنه أقوى من مظاهر الوجود حولنا. هذه الذخيرة الواسعة من التشابه والاختلاف تُشكِّلُ المادة الأساسية للعالم الذي يصوِّره لنا وازن». عبده وازن: شاعر وروائي وصحافي لبناني من مواليد العام 1957. تلقّى دروسه الجامعية في جامعة القديس يوسف-كلية الآداب والعلوم الإنسانية. التحق بدورة للغة الفرنسية في جامعة فال دو مارن-كرتاي –فرنسا 1979، عمل في صحيفة «الأنوار» ثم «النهار» والتحق بجريدة «الحياة» الصادرة في لندن ثم اندبندنت عربية - لندن. صدرت له مجموعات شعرية وكتابات نثرية- سردية روائية وفي السيرة.