|
عرار:
الطويسي: نستذكر قامة أردنية عالية ابدع في الثقافة والأدب والصحافة والحياة ايضا نوري الجراح: الشعراء لا يموتون، الشعراء زوار يأتون من المستقبل أقامت وزارة الثقافة حفل تأبين للأديب الراحل أمجد ناصر في المركز الثقافي الملكي برعاية وزير الثقافة الدكتور باسم الطويسي يرافقه امين عام الوزارة الروائي هزاع البراري، الدكتور احمد راشد، الدكتور غسان طنش، وبحضور رئيس اتحاد الكتاب الاردنيين الشاعر عليان العدوان، رئيس رابطة الكتاب الاردنيين سعد الدين شاهين، مدير مركز القدس للدراسات الإعلامي عريب الرتناوي، مفلح العدوان، وذوي المرحوم يحيى النميري النعيمات " أمجد ناصر" وأصدقائه ومحبيه ونخبة من المثقفين والأدباء والشعراء. وفي كلمة له قال راعي حفل التأبين وزير الثقافة الدكتور باسم الطويسي : ذوي المرحوم وأصدقائه ومحبيه، فقيد الإبداع والوطن الشاعر أمجد ناصرأحييكم جميعا في هذا المساء، ونحن نقف معا نستذكر قامة أردنية عالية؛ ابدع في الثقافة والأدب والصحافة والحياة ايضا ، مقدراً حضوركم جميعا في هذا الحفل الرمزي الذي نجتمع فيه تكريما للحياة والابداع والثقافة ، فقد رحل أمجد ناصر على عجل ،رحل مثل غيره من المبدعين الكبار الذين توقفوا عن النبض في منتصف الدرب، وآثروا أن يتركوا إبداعهم وما سطروه من بوح وفرح، وشجن واغتراب في كل مكان حولنا، نقف اليوم استذكاراً لأمجد ناصر، (يحيى النميري النعيمات) هذا الشاعر الذي غادرالوطن الأردني أول مرة مبكراً فكانت مواعيده مع الغربة والرحيل والمحطات البعيدة مبكرة ، كما كانت مواعيده مع الابداع والتفرد والتجديد مبكرة ايضا ، وكان نزوعه القومي للمقاومة والاشتباك مع الرغبة في التغيير اصيلا ومبكرا ، كما هو رحيله المبكر، انتقل يحيى النعيمي الى في بيروت في سبعينيات القرن الماضي، ثم حطت بهالرحال في قبرص، ثم لندن، ليعمل محرراً في صحيفة القدس العربي منذ صدورها أواخر الثمانينيات، ويبزغ نجمه إعلاميا يستنهض العتمة ويقرب المسافات ، وفي كل الرحلات والاحوال والتحولات كان يحمل الأردن دوما معه، كانت الصحراء والبلد معه واحوال الناسووجوهم واشواقهم لا تفارقه. وأضاف، إنَّ أمجد ناصر-رحمه الله – كان مغايراًومختلفاً في مسيرته الإبداعية التي تكللت بالابتكار والتجديد في قصيدة النثر على مستوى الشكل والمضمون، فاجترح البناء الدرامي والمشهدية، والعودة إلى أماكن الطفولة على حافة الصحراء، حيث الإبل البيضاء وأمطار تشرين والجدات العتيقات. اننا في وزارة الثقافة اذ نستذكر هذا المبدع الأردني الكبير التزاما بتقاليدنا الوطنية ، فأننا نقدر عاليا المكانة المرموقة التي وصل اليها ، وان جيلا من المبدعين الأردنيين والعرب قد تأثروا بهذه التجربة ، وسوف يبقى هذا الضوء الذي اشعله امجد ناصر ذات يوم مصدرا لإلهام اجيال اخرى من المبدعين والمجددين في الادب وعالم الكتابة العربية، ومن منطلق الاحتفاء بالشاعر المرحوم وبمنتجه الإبداعي الشعري الذي جاوز حدود المكان واستشرف الآفاق الإنسانية الرحبة حينما تُرجم هذا المنتج المهم للعديد من لغات العالم، فقد عملت وزارة الثقافة على إصدار مجموعة من أعماله الشعرية، وهذا العام نال قبل وفاته -عن جدارة واستحقاق- جائزة الدولة التقديرية، كما أعادت الوزارة هذا العام طباعة مجموعة من ديوانيه "حياة كسرد متقطع" و"حياة متوسطية… وعندما تكون في بلاد ماركيز"وتم اختياره الشخصية الثقافية لمعرض عمان الدولي للكتاب في دورته الاخيرة لعام 2019 ، حيث أُقيمت على هامش المعرض ندوة نقدية مهمة تناولت مجمل أعماله النثرية والشعرية. وختم الطويسي، يظل أمجد ناصر برغم رحيله عنا، واحداً من أدبائنا المرموقين ومن الإعلاميين المسكونين بقضايا الأمة وأحلام التغيير، ولا يخفى على أحد ما تركه من إرث إبداعي رصين ومن بصمة ثقافية مميزة، تظل بوصلة لكل الباحثينعن الأماكن القصية في عالم القصيدة ولكل الساعين للنهضة والتغيير، لنا ولذويه ومحبيه بالغ العزاء والصبر والسلوان، وتغمده الله بواسع رحمته. من جهته، نوري الجراح رفيق درب امجد ناصر والذي حضر من لندن ليقدم شهادته عن معاينته ومعايشته في علاقته بالراحل قائلا: أمجد كان رفيق تلك الرحلة من بيروت إلى نيقوسيا إلى لندن، وصداقتنا في أطوارها المختلفة، كانت صداقة المغامرة في اللغة والمنفى الاختياري، وقد اقتسمنا معاً، صحبة شعراء آخرين، رغيف الخبز وساحة المعركة. ويؤكد، الشعراء لا يموتون، الشعراء زوار يأتون من المستقبل، وعندما نتفقدهم ولا نجدهم بيننا نكتشف أنهم قفلوا عائدين من حيث أتوا، كنت أريد أن اقول هذا لأمجد، وأنا أكشف الغطاء عن وجهه، لكنه كان نائماً، ونومه منشغل بأنوار تتلألأ في بهو قصيدته، خفافاً كما يفعل سراة الليل، خطفاً كما تفعل الشهب، يتوارى الشعراء، ويتركون صورهم معلقة على جدران المنفى لتحرس أرواحهم المقيمة في القصائد. قبل عناقنا الأخير في لندن، أهداني كتابا جمع فيه مختارات من شعره، قلبت صفحات، وقرأت: أرأيت، نحن لم نتغير كثيراً وربما لم نتغير أبدا،ً كيف أكتب قصيدتي وأنا لا أملك إلا حطامَ الوصف، ذهبت إلى النهر فلم أجد إلا الحصى، ووصايا الجفاف، ذهبت إلى العاشقين، فلم أجد سوى حبرِ الرسائل،وخريفِ القرنفل، ذهبت إلى البراري، فلم أجد إلا عزلة الذئب، ووحشة الأفعوان، ذهبت إلى الحكمة، فلم أجد إلا فتاتَ الموعظة، وذهبت إلى الشعر، فلم أجد إلا حطام الوصف، وقلبت صفحة وقرأت لكل أجل أَمارةٌ ولكل أَمارةٍ ميعاد، كان جالسا ينتظر الحقيبة ليسافر، وكنت على أهبة الخروج سفر، وقبل أن يغادر، وأغادر، سألني إن كنت سألحق به إلى عمان؟ ساد صمت... كان يقصد شيئاً وكنت أقصد شيئاً آخر، ولم يكن هناك جسر بين هذين الوحشين: اليأس والأمل. وأضاف، كل ما بقي لنا الآن من تلك المحاولة، منذ أن خرجنا أحياء من حصار بيروت صيف 1982، وقد كنا لاجئين عربيين يقطنان خيمة فلسطينية، وحتى لحظةِ العناق الأخيرة تلك في أوسترلي، كل ما بقي لنا هو ضوء الأمنية التي رافقت صداقتنا المترعة بالأسى والفرح والأمنيات، بالغضب والرضى، بالحب والفقد، بالحروب التي التهمت الأصدقاء والأعداء، وبالثورة على كل ما بدا ليفاعتنا باطلاً. صرفنا الوقت ننتصر للشعر بوصفه الحرية، وللإنسان بوصفه القصيدة، وصرفناه بالشغف - أولا وأخيراً- بالكلمات، الكلمات، الكلمات؛ سلاحِ الشاعر في العالم. وختم، كيف لي أن أستعيد وجهك يا أمجد، من دون أن يقتسم الصورةَ ثالثُ سميته الأجمل بيننا، وقد ضرجت صدرَه بقرنفلٍ أحمر رصاصاتُ ذلك الصباح البعيد في أثينا، ميشيل النمري. ستكتب قصيدتك فيه مرثية للموت في الأربعين، وكيف يمكنني أن أفعل، من دون أن أستعيد جلوسنا لساعات وأيام في تلك النهارات الكئيبة الباردة بباب المستشفى اللندني في انتظار خروج ناجي العلي من غيبوبة الطلْقة الآثمة؟ كيف لي أن أفعل، من دون أن تبرق أنوار القنابل المضيئة في ماوراءَ الصور والكلمات في قصائدنا المقاتلة عتمة العالم، كانت فكرتنا الفلسطينية الوتدَ الذي رفع خيمة القصيدة وخيمة المنفى للهاربين من مدن الاستبداد العربي. وكنا في تلك الخيمة شقائق نعمان الشام بأعمار قصيرة وأبصار تطارد الأنجم، الشعراء لا يموتون، لكنهم يسافرون في قصائدهم ليحرسوا الأمل في فكرة المستقبل، الشعراء يصلون في الأرض "وصول الغرباء" ، ويصلون في القصيدة كما يصل الضوء من الأنجم البعيدة. أما مدير مركز القدس للدراسات الإعلامي عريب الرتناوي فتحدث عن تجربة ناصر السياسية، مؤكدا أنه أصر على أن لا يبقى من قصة حياته شيء لنا لنكتبه عنه، فقد كتب كل شيء عنه قبل أن يموت، كما تخلل الحفل كلمات لكتاب ونقاد وشعراء كشهادات في تجربة الراحل من مثل" الشاعر سعد الدين شاهين، الناقد فخري صالح، زليخة ابو ريشه، ألقوا من خلالها الضوء على قدرته في تكوين الأصدقاء وخلق العلاقات الإنسانية الحميمة مع الشعراء العرب وفي العالم، وتناولوا قصيدته وتأثيرها في المشهد الشعري العربي وقدرته على التجريب والتطوير في سياقات الحداثة وما بعدها، مؤكدين أن ناصر زاوج بين الموقف الإنساني وتجديد دم الثقافة العربية وتطوير الحداثة الشعرية، فيما ختم الشاعر زهير ابو شايب الحفل بقراءة قصائد مختارة تمثل تجربة أمجد ناصر. الكاتب:
مراقبة التحرير والنشر بتاريخ: الإثنين 23-12-2019 09:46 مساء
الزوار: 1154 التعليقات: 0
|