.
-
عبـــارات حـــيرىٰ
ــــــــــــــــــــــــــ
دَهْــــــراً وما زالــــتِ الــــــدُّنيا تُراودُهُ
عن نفسهِ...كلَّما استعـــــفى تُعاودُهُ
كم أبرمتْ نحــــوهُ كـــــيداً وما عَلِمتْ
بأنَّهُ فـــــوقَ ما يرجــــــوهُ كــــــــائدُهُ
وهي التي كم تجلَّـــــتْ في مَفـاتِنها
مِن مُغـــــرياتٍ بها ظلَّــــتْ تُطـــــاردُهُ
ومِن شِباكِ الهوى المجنونِ كم نَصَبتْ
لهُ الإثاراتِ مــــا فــــيها مـــــــصائدُهُ
تســـــعى لإغـــــــرائِهِ دوماً فَيَخذلُها
فتنــــــثني ولَـــها عـــينٌ تُراصــــدُهُ
تُجـــــري مُحــــاولَةً أُخرى وما يَئِستْ
أن تستــــــجيبَ لها يومــــاً مـواجدُهُ
۞ ۞ ۞
يا ويحَـــــهُ صــــائماً عن حُبِّ عاشقةٍ
في صدرِها الشَّـوقُ قد فاضتْ موائدُهُ
كـــــم داعَــــبتْهُ كـــــما لو أنَّهُ وتَـــدٌ
مهــــما استــــثارتْهُ لم تَجْنَحْ هوامدُهُ
مِــــن أينَ تأتيـــــــهِ «رومانسيةٌ» وبهِ
مِن الأسى ما عــــليهِ قَلَّ حــاسدُهُ ؟!
يمسي ويُصبحُ في هـــمٍّ وفي ضـجرٍ
ممّا على الأرضِ مِن هَولٍ يُشــــاهدُهُ
أيَّامُهُ في حشـــــاها كـــــــلُّ فاجعةٍ
لم تأْتِ إلّا بما فـــــيهِ مناكـــــــــــدُهُ
تأتي ليالـــــيهِ حُبـلى بعد أن عَقِمتْ
تمخَّضتْ بالذي ســـــاءتْ مــــــوالدُهُ
كلُّ الكوابيسِ والأشــــــباحِ إنْ حضرَتْ
ضــــاقتْ بهِ مِــــن على الدنيا مراقدُهُ
۞ ۞ ۞
فكيفَ للعشْقِ أنْ يغشى الفؤادَ على
ما فيهِ مِن ألمٍ مُضْنٍ يُكابدُهُ ؟!
لا يَسكُنُ العشْقُ قلباً في جوانِحهِ
أدنى شعورٍ...وفيهِ ما يُضَادِدُهُ
وأمْقَتُ العشقِ ما لانَ الفؤادُ لَهُ
ولم يَلِنْ للأسى والحُزنِ جامدُهُ
وما القلوبُ التي ماتتْ مشاعرُها
إلَّا مِن الصَّخْرِ ما استعصتْ جلامدُهُ
لم يُحيِ إحساسَها نارٌ ولا بَرَدٌ
سِيَّانَ حَرُّ المَدى فيها وباردُهُ
۞ ۞ ۞
هذا الزمانُ الذي استحْلَتْ مساوئُهُ
في العيشِ مِن حيثُما ساءَتْ محامدُهُ
في عالمٍ عاثَ فُحشاً ما لحاضرهِ
مستقبلٌ...والمَدى يُحْيِيْهُ بائدُهُ
كلُّ العباراتِ حيرى في متاهتهِ
كقاصرٍ في زمانٍ ضلَّ راشدُهُ
كم سافرَ الشِّعرُ في معناهُ مُنْتهِجاً
درباً يُقرِّبُهُ ممَّا يُباعدُهُ
يطوي المسافاتِ سعياً كلَّما اقتربتْ
آمالُهُ ابتعدتْ عنهُ مقاصدُهُ
۞ ۞ ۞
ينمو كَبَذْرِ الأماني في مواسِمِها
واليأسُ باذرُهُ زرعاً وحاصدُهُ
سحابُهُ مِن دُخانِ الحُلْمِ تُمطِرُهُ
يأساً...ونهرُ الأسى بالحزْنِ رافدُهُ
يستنجدُ الشَّمسَ ظلاًّ والهجيرَ ندىً
والرملَ مِن ظمأٍ ماءً يُناشدُهُ
يرجو ويأْملُ جُودَ المُستحيلِ علىٰ
عِلْمٍ بهِ «ليس يُعطي الشيءَ فاقدُهُ»
يبكي كطفلٍ غريبٍ ماتَ مِن ظمأٍ
أمامَ عينيهِ في الصحراءِ والدُهُ
يمشي وحيداً على جَمرِ الضياع وفي
أحشاءِهِ ضِعفُ ما تُبدي تناهُدُهُ
قد أَثْقَلَ الهمُّ والأحزانُ كاهلَهُ
في قفرةٍ ليسَ فيها مَن يُساعدُهُ
كلُّ اتِّجاهاتِهِ نارٌ وأدخنةٌ
والحزْنُ سائِقُهُ فيها وقائدُهُ
في قلبهِ كلُّ آلامِ الحياةِ وما
خارتْ قواهُ ولا كلَّتْ سواعدُهُ
۞ ۞ ۞
ما أكئبَ العيش والإنسانَ في وطنٍ
والبؤسُ أَرْوَجُهُ سُوقاً وسائدُهُ
في وجههِ الجهلُ والإرهابُ ما برحتْ
في كلِّ شبرٍ بهِ تُبنى قواعدُهُ
لم تشبعِ الحربُ مِن أشلاءِ مُجتَمعٍ
ألْقَتْ بأوزارِها فيهِ عقائدُهُ
للقتل أضحى مزاداً لا مُناقِصُهُ
أوفى ضحاياهُ سِعراً أو مُزائدُهُ
۞ ۞ ۞
وما سُوى الشِّعرِ في دُنياهُ ما نضِبتْ
مصادرُ الهَمِّ عنهُ أو مواردُهُ
كم شاعرٍ في حناياهُ الهُمومُ رَبَتْ
فيها وشاختْ ولم تَهرَمْ قصائدُهُ
ما زالَ يعزفُ آلاماً مموسقةً
موّالُها...تُطرُبُ الدنيا مَغاردُهُ
ناياتُهُ ملءُ سمعِ الدَّهرِ صادحةٌ
ألحانُها كلَّما استشرتْ شدائدُهُ
وسُوفَ يحتلُّ في الدَّنيا الصدارةَ ما
دامَ الأساطيرُ ترويها شواهدُهُ
والشِّعرُ أعصى وأسمى أنْ يُطاولَهُ
شرحٌ...وإنْ خاضَ في التأويلِ ناقدُهُ
أزهى العباراتِ معنىً بل وأوثقُها
مبنىً...ولم تنطفئْ يوماً فراقدُهُ
وأصدقُ الشِّعرِ ما أطْرى القلوبَ وما
هزَّ المشاعرَ...ما انسابتْ شواردُهُ
لن يخفُتَ الضوءُ في عينيهِ ما بَقيتْ
على صُدورِ المَدى تزهو قلائدُهُ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فيصل عبدالله البريهي