«سييرا دي غريدوس».. كنوز تاريخية وأثرية تعود إلى عصور مختلفة
رحلة إلى قلب إسبانيا الحجـــــري
المصدر: أويوس ديل إسبينو ــ د.ب.أ التاريخ: 13 سبتمبر 2013
صورة : 3 / 3 1 2 3
تتنوع عوامل الجذب السياحي في إسبانيا ما بين الشواطئ الرملية الناعمة الخلابة، والمناظرالطبيعية والكنوز التاريخية والأثرية التي تعود إلى عصور مختلفة، إضافة إلى مناطق التجول التي تتيح للسياح فرصة الهروب من ضجيج المدن الكبرى، منها منطقة سييرا دي غريدوس. وعلى الرغم من أن هذه المنطقة تبعد مسافة ساعتين بالسيارة عن العاصمة مدريد، إلا أنها تُعد من أكثر المناطق الجبلية البكر في إسبانيا، التي لم تعبث بها يد الإنسان. ونظراً لوقوعها في منتصف شبه جزيرة آيبيريا، فهي تشتهر باسم القلب الحجري لإسبانيا.
وتبدأ منطقة سييرا دي غريدوس بعد كيلومترات عدة من موقف السيارات الذي يُعرف باسم (بلاتافورما)، حيث ينتهي هناك الطريق الزراعي القادم من قرية أويوس ديل إسبينو أمام الصخور الجرانيتية الضخمة التي يبلغ ارتفاعها 1780 متراً. وفي البداية يمر طريق التجول وسط عالم من الضفادع لفترة قصيرة، حيث يسمع السياح أصوات الضفادع أثناء المرور على الهضبة الخضراء برادو دي لاس بوزاس. ويهيمن على هذا المشهد البديع مناظر المروج والمراعي الجبلية الخضراء، التي يتخللها ظهور بعض البرك المائية والجداول الجبلية الصغيرة.
قرار
لم يكن قرار الملك الإسباني من منطلق حرصه على الحفاظ على البيئة، ولكن كي يُؤمن لنفسه أعداداً كافية من الوعول لصيدها في المستقبل. ونتيجة لهذا القرار فقد ارتفع عدد الوعول إلى 10 آلاف منتشرة في ربوع هذه المنطقة الجبلية.
مشاعر
أطلق الكاتب والفيلسوف الأسباني ميغيل دي أونامونو على منطقة سييرا دي غريدوس اسم اسقف مقاطعة قشتالة والقلب الحجري لأسبانياب. وبالنسبة للعديد من الأسبان لا تعتبر هذه المحمية الطبيعية بمثابة جنة لعشاق التجول والسير لمسافات طويلة.
مسارات
تمر مسارات وطرق التجول وسط البساتين ومزارع التين والكرز والغابات الكثيفة من أشجار الصنوبر والبلوط والكستناء، وهذه الطرق قد مر عليها بالفعل الكلت والعرب والرومان والعديد من الملوك والأباطرة مثل كارلوس الخامس.
معارك
ينتشر في هذه المنطقة غير المأهولة عدد من القلاع والكنائس، و تتمتع المنطقة بأهمية استراتيجية كبيرة، إذ خاض سالكلتس هنا معارك عنيفة ضد الرومان.
وبعد المرور على نافورة «فوينتي دي لوس كافادوريس» تطغى المناظر الجبلية على التضاريس الطبيعية التي تصبح أكثر وعورة، ولا يمكن الوصول إليها إلا بصعوبة بالغة. وفي كثير من الأحيان يضطر السياح من عشاق التجول إلى عبور حقول الجليد والثلوج حتى أول الصيف خلال شهر يونيو. وفي مشهد مهيب يرتفع جبل المنصور إلى 2592 متراً وتظهر قمته مغطاة بالجليد، ويعد هذا الجبل أعلى قمة جبلية في منطقة سييرا دي غريدوس.
وفجأة سمع السياح صوت فرقعة مدوية كسرت الصمت الرهيب الذي يخيم على المشهد الجبلي البديع، وهنا توقفت إريكا وفيلفريد عن مواصلة المسير، وتساءل الزوجان الألمانيان عن مصدر هذه الفرقعة، وعما حدث بالضبط. وقد رغب الزوجان الألمانيان أثناء زيارتهم للعاصمة الإسبانية في الاستمتاع بجولة تجول لعدة أيام بالقرب من منطقة سييرا دي غريدوس.
ونظر السياح في جميع الاتجاهات بحثاً عن مصدر الفرقعة، ولم يتمكنا في البداية من رؤية أي شيء، لكن بعد ذلك ظهر اثنان من الوعول على حافة الصخور، التي تبعد أمتاراً عن مسار التجول، وهنا ظهر سبب الفرقعة، حيث دائماً ما تصطدم الوعول قرونها مع بعضها بعضاً، وهو ما يتسبب في ضجة صاخبة، وفجأة ظهر قطيع كامل من الوعول على حافة الصخور فوق مسار التجول، ومن الواضح أنهم لا يشعرون بأي تهديد مع وجود الإنسان في هذه المنطقة.
ولكن هذا الوضع كان مختلفاً قبل 100 عام، عندما أوشك الوعل الإسباني على الانقراض في منطقة الصيد البري الملكية سييرا دي غريدوس، حيث أصدر الملك ألفونسوا خلال عام 1905 قراراً بحظر الصيد في هذه المنطقة، عندما لم يعد هناك سوى ذكر واحد وسبع إناث وأربعة من صغار الوعل.
وبسبب الاهتمام بالوعول المنتشرة في كل مكان فقد تغافل الزوجان الألمانيان عن مشاهدة بحيرة لاغونا غراندي الجليدية، التي تعد واحدة من أكبر خمس بحيرات جبلية في هذه المنطقة. وقبل أن تبدأ رحلة العودة إلى قرية أويوس ديل إسبينو، التي تعد نموذجاً للقرى الجبلية المركزية في إسبانيا، والتي تقع على ارتفاع 1500 متر، قام الزوجان بتبريد أقدامهما في البحيرة الجبلية المغطاة بالجليد. وقد امتدت رحلة التجول لمدة ست ساعات في منطقة سييرا دي غريدوس، التي تعد بكل تأكيد واحدة من أجمل مناطق التجول، ولكنها ليست الوحيدة.
تابع آخر الأخبار المحلية والعربية والدولية على موقع الإمارات اليوم على: