|
عرار:
إن المتعة الجمالية هي الوسيلة الشعرية في الوصول إلى الغاية، فالجمال وسيلة الشعر إلى غاية الجمال (فهو إحدى وسائل غرس الجمال في الوجود ويعد من وسائل غرس الجمال الكبرى الصورة الشعرية .) فالوزن سمة قاهرة من سمات الشعر، ولئن لم يركز الرومانسيون والرمزيون على البعد الإيقاعي الصوتي بصورة خاصة، فإن المتأثرين بالمدارس اللسانية الحديثة يتفقون ان العنصر الإيقاعي الدال الأكبر والعنصر الاظهر من مكونات الشعر، فالنص الشعري حقيقة هو نوع من الأوزان تتولد من قاعدة اتحاد وانسجام بين مختلف مستوياته وخاصة بين حروف اللغة وابراز ذات الصوت المتشكل من الحرف اللغوي واتصاله باخر وفقا لامكانية الشاعر ومقدرته على الاتيان بالافضل ويشكل العروض الجانب الأبرز في الشعرية، الا ان القصيدة المعاصرة واقصد قصيدة الشعر الحر ,التزمت عن بعد بحور الشعر الصافية مع ايغالها المفرط في الزحافات عند اغلب شعرائها اوقصيدة النثر الرافضة لكل المفاهيم الشعرية القديمة والثائرة على كل الاوضاع الموروثة سائرة في خط الحاضر اوالمستقبل . ولعل وقائع الاحداث التي رافقت هذا العصر ربما أسهمت في كثير من الاحيان في اختلال بعض القيم والمعايير الإنسانية ،و كانت السبب المباشرالذي دفع بالشاعرالمعاصرالاهتمام بالمعطيات الموضوعية والفنية لهذه الأسطورة ليهرب من واقعه المرير إلى عوالم اخرى قد تسودها المثالية ويحلق فيه الخيال الجانح نحو الارتقاء والتمكن ،فيبني الشاعر عالمه الخاص به والذي يملأ عليه فراغات من ذاته المكبوتة. وقد طفق الشاعر المعاصر ، نتيجة لهذه المتغيرات السياسية والأحداث المأساوية التي شهدها العصر الحديث يتلمس او يتفهم المقومات القادرة على الإفصاح عن رؤيته الإنسانية الشاملة إلى أبناء وطنه او انسانيته وقد تكون هذه الأسطورة او تلك خير وسيلة للتعبير عن النوازع النفسية ا والحوافز الداخلية عنده او تعبر عن نفسية الاخرين . ربما جاءت لتعبر عن تجسيد للتوق الإنساني الشديد وشكله الخيالي المناسب لهذا التعبير ، لذلك أصبحت الفكرة او الاسطورة من أهم احداث القصيدة الحديثة التي عبأ الشاعر فيها هواجسه وارؤاه وأفكاره و تجربته الشعرية بدءا من مستواها الذاتي إلى المستوى الارقى لتمثل بوا سطتها الواقع الإنساني في هذا العصر بصورة عامة. ومن خلال دواوين الشعراء وخاصة المعاصرين منهم لتجد فيها او ترصد فيها أنماطا متعددة من الرموز والأساطير التاريخية على مر العصور ، فقد أولى عدد منهم اهتماما واضحا بالأساطير البابلية والآشورية والسومرية او الفرعونية او الامازيغية التي قد ترتبط بأحداث تميزت بالقدرة على إظهار إحداث العجائب والخوارق ،واوجدت شكلية جديدة للشعر المعاصر و عاملا مهما من عوامل التحفيز والإثارة وتجسدت بشكل حيوي في أنشطة هذا الإنسان منذ القدم في الوقت الحاضر او بمعنى اخر غيرت اسطوريته الى واقع حاضر ليستلهم منها كل جديد. فالأسطورة هي الوعاء الذي وضع فيه الشاعر المعاصر خلاصة فكره وجديد عواطفه ونزعاته ، وان هذه الأساطير تمثل ما تبلور في أذهان الانسان القديم في العراق اومصر اواليونان والرومان اوالفرس وغيرهم من الاقوام القديمة ذات التاريخ العتيد والثقافة الرفيعة من قصص وحكايات أسطورية فعبرالشاعر في تصويره الشعري لخلق العالم من جديد ،ولوجود هذا الإنسان على الأرض ،ومصيره المجهول وما يحيط به من مظاهر الكون والطبيعة وتساؤلات واسعة او ربما تكون في بعض الاحيان غامضة يتكهن الاجابة عليها وربما تفلت منه فتبقى سرا سرمديا قديما وحديثا . راجع كتابي ( دراسات في الشعرالمعاصر وقصيدة النثر ) و الاساليب الشعرية المعاصرة والحديثة والتي تتمثل في الشعر الحر او قصيدة النثر مهما كثرت زواياها واختلفت طرقها فانها تتمثل في مجموعتين أسلوبيتين هما الأساليب التعبيرية والأساليب التجريدية. أما الأساليب التجريدية فتعتمد على زيادة معدلات الانحراف وتغليب الإيحاء والرمز على التصريح، فتعطي القصيدة إشارات مركزة يتعيّن على المتلقي إكمالُها وتنميتها من الداخل، مع فارق جوهري بين التعبيرية والتجريدية يتمثل في إشارة الأولى إلى التجربة السابقة على عملية الكتابة نفسها سواء أكانت حقيقية أم تخيلية، واختفاء هذه الإشارة في الثانية بناء على غيبة هذه التجربة. ويندرج تحت التعبيرية أربعة أساليب، هي وفي الأساليب الشعرية المختلفة , نلاحظ الاسلوب الحسي يتمثل في شعر(نزار قباني) ونعده افضل نموذج للشعر الحسي، و في شعر ( بدر شاكر السياب) نموذجاً للشعر الحيوي، أما الشعر الدرامي فيتمثل في شعر (صلاح عبد الصبور)الشاعرالمصري من خلال نتاج صلاح ؛ في حين يكون الأسلوب الرؤيوي ممثلا بشعر (عبد الوهاب البياتي). يتبــــــــــــــــع ************* الكاتب:
مراقبة التحرير والنشر بتاريخ: الإثنين 01-10-2018 06:11 مساء
الزوار: 722 التعليقات: 0
|