|
عرار: ليلة الأمس، وفي الحلقة الرابعة حلّق الشعراء على بساط الشعر عالياً ... التصويت أهّل الكويتي فالح العجمي والسعودي سيف السهلي عن الحلقة الـ3 ...واللجنة تمنح نايف الدوسري ومحمد الهلالي بطاقتي تأهّل إلى المرحلة الثانية ابو ظبي - عرار : لا شيء يشبه الشعر الراقي.. ولا صور تشبه ما فيه.. ولا معانٍ تصل إلى قامته.. فمن أي موطن يأتي الشعر الجميل يكون وقعه كبيراً.. وأثره واضحاً وعميقاً.. فنراه مثل (أثر الفراشة) كما قال الشاعر الذي يأبى أن يرحل روحاً وفكراً وحضوراً محمود درويش، لكن من دون شك إن ورد علينا (الشعر اللطيف المعنى.. الحلو اللفظ.. التام البيان.. المعتدل الوزن، مازَج الروح ولاءَم الفهم، وكان أنفذ من نفث السحر، وأخفى دبيباً من الرقي، وأشد إطراباً من الغناء) حسبما جاء في مؤلف "عيار الشعر" لابن طباطبا. ففي ليلة من ليالي "شاعر المليون" الأجمل والأكثر تميزا، ومن شاطئ الراحة من عاصمة الشعر أبوظبي؛ أقيمت أمس فعاليات الليلة الرابعة من ليالي المسابقة في موسمها الخامس لتقدم مجموعة جديدة من الأصوات الشعرية. وبداية رحب مقدّمي البرنامج حسين العامري وحصة الفلاسي بأعضاء لجنة التحكيم حمد السعيد ود.غسان الحسن وسلطان العميمي، لكن قبل أن يطلق الشعراء الجدد الأعنّة لإبداعاتهم تم تقديم تقرير عن شعراء الحلقة الماضية، ومن ثم الإعلان عن المتأهلَين وفق نتائج تصويت المشاهدين التي أضيفت لدرجات لجنة التحكيم في الحلقة الماضية، وهما: السعودي سيف مهنا السهلي الذي حقق درجة عالية وصلت إلى 84%، والكويتي فالح بن علوان العجمي الذي حصل على 48%، فيما خرج من المسابقة شاعري السعودية صالح الخمشي العنزي بـ 47%، وعبدالله سمران العصيمي بـ 45%، وكذلك الكويتي بدر سعود الوسمي بـ 42%، والسوداني حامد مبارك بن بركي الرشيدي بـ 30%. وشارك في الحلقة الرابعة فرسان الشعر: السعوديون إبراهيم الرشود وعلي بن نايف الغامدي ونايف مسرع الدوسري، والكويتيان عبدالرحمن الجنوبي الرشيدي وغازي بن مشعل العتيبي، واليمني محمد التركي الهلالي، والقطري ناصر الوبير الشمري، والأردنية نور راتب أبو زيد. الرشود.. حِكم متوهجة أول المتنافسين الذين صعدوا إلى المسرح كان إبراهيم الرشود من السعودية، الذي قالت عنه الأخصائية النفسية د. ناديا بوهناد: إنه صاحب شخصية جميلة، وهو رومانسي ولطيف ومبدع، لكنه سريع القلق، ولا يقتنع بسهولة. وخلال الأمسية ألقى قصيدة (الشعر.. والأصدقا.. والعشق) وجاء في مطلعها: رميت صوتي في بير الشعر مثل حجرة من ضيق بال.. وهفا صمتي وراه وغدا وحيد واللي بقالي بالحياة شعره لوتنقطع ما علي شرهه.. ولالي جدا وحيد ماعندي اللي أكسبه وأخسره ولا لي حبايب.. ولا تفرق لو ان لي عـِدا ماعندي الا الرجا.. عساي بس أذخره والخوف يشعب ظلوعي.. وإن فقدني حدا بداية أشار د. غسان الحسن إلى أن القصيدة وعلى الرغم من جمالها إلا أن اليأس والحزن والانقطاع عن الناس سادها، لكن الشيء الغريب هو تكرار الشاعر النفي فيها من خلال حرفي (ما، لا) اللذين وصل عددهما إلى 20 مرة وكأنهما رفض للواقع، غير أن هذا لم يسبّب ضعفاً للنص الذي لم يثبت على منحى واحداً في معانيه، إنما انتقل إلى إطلاق حِكم في الحياة ساهمت في الجمع بين الأبيات التي جاءت متفرقة ومفككة. من جهته لفت سلطان العميمي إلى العنوان الذي جاء وفق تراتبية معينة، مع العلم أن النص ذكر موضوعات أخرى غير الثلاثية التي حملها، ومنها الحديث عن الذات وعن اليأس والأمل، وكذلك عن الحكمة التي تحمل جمالية خاصة، وتتطلب تأمل كل بيت على حدة، ووجد العميمي أيضاً أن مطلع النص (رميت صوتي في بير الشعر مثل حجرة) لافتاً وجميلاً، ويحمل في مضمونه ملامح من ثقافة المنطقة العربية قديماً، كما لاحظ وجود أبيات متوهجة، وأبيات أقل وهجاً كان من الممكن أن يخدمها الشاعر بشكل أفضل. (شاعر عذب وهادئ)، بتلك المفردات وصف حمد السعيد الرشود الذي امتاز من خلال نصه بالشاعرية الواضحة، وهو ما أثبته البيت (ما يا من الشمس من قيل بظل شجره/ مغروسةٍ كنّها حربة بصدر المدى)، وقد جاء النص شاملاً، ومعتمداً على الحِكم، لكن السعيد استغرب من جمع الشاعر بين عدة موضوعات. الرشيدي.. جمال وأصالة الشاعر الكويتي عبدالرحمن الجنوبي الرشيدي المخلص والحركي، المائل إلى الحزن والكآبة، كان ثاني فرسان الأمسية، وقد ألقى قصيدة "الخُوّة" التي قال في مقدمتها: تفهّقت وضحها واستبركت سودها قامت تكرّب وليل المستضيق يحدي هجسٍ تسلمني الضيقات بوعودها وآمد ما حالت أفكاري وحالت يدي نفسي على العز جمّاحة تبا زودها إن كان فالروض ولّا الممحِل الجرهدي أجامل النفس والأيام وجحودها وأقول باكر ويضحك ليلها السرمدي سلطان العميمي أشاد بموضوع القصيدة التي وصفها بأنها متميزة، كما أعجبه أن الشاعر لم يتقمص دور الواعظ، إنما تحدث عن تجاربه الشخصية، وهذا ما بان من خلال مفردات مثل: (تسلمني، أجامل النفس، أعن نفسي، وأحث نفسي) وفي ذلك مصداقية أكثر، ومن خلال تلك المفردات حاول الرشيدي إيصال مبادئ يؤمن بها، أما بناء النص فقد كان متسلسلاً وموفقاً في صوره، فكل صورة فيه تستحق التوقف، كما الأمر بالنسبة لمطلع النص الذي لا بد أنه شد المتابعين. فيما أشار حمد السعيد إلى موضوع النص وهو "الخوّة" التي باتت هاجس وهمّ كل الشباب، أما المدخل (تفهّقت وضحها واستبركت سودها) فقد أشار إلى الحزن أو اليأس، لكنه تميز باستخدام مفردات أصيلة تدل على بيئة الشاعر مثل: (لولا مخاواة راعي الطيب وبنودها)، وفي النص أبيات جميلة ومترابطة مثل: (فاللازمة سبّع الحاجات وفهودها/ أزوالها فالثرى وأفعالها فالجدي) و(تجود والجود ما قيسه بموجودها/ القل ما عذرب الطيب وكفه ندي) و(المرجلة ما هي إلمن يشتكي كودها/ والعز مقرون بالخالق ونور الهدي). د. الحسن وصف النص بأنه غاية في الجمال، وهو يدل على تجربة الشاعر الناضجة، كما يستبطن النفس الإنسانية التي تميل إلى الطيب، وإلى مخاواة الناس الطيبين، أما الأساليب البلاغية فقد جاءت متنوعة، ومنها ما كان تمثيلياً يتكون من صورة وحركة كما في الشطر (نفسي على العز جمّاحة تبا زودها)، أما الكنايات الكثيرة التي جاءت في النص فقد خدمته، ودلّت على المعنى من بعيد، وقد حمل النص أيضاً أمثلة وأقوالاً دارجة استشهد بها الشاعر مثل (كفّه ندي) و(يشتكي كودها)، و(نور الهدي)، والتي جاءت قاطعة في دلالاتها، ووافية، ولا تحتاج إلى إسناد. الغامدي.. شاعرية فذة الشاعر السعودي علي بن نايف الغامدي صاحب الكاريزما والثقة والعاطفة، الغامض عموماً والمتردد والموضوعي والقائد الآمر، كان ثالث الشعراء المتنافسين من خلال نص بدأه بـ: بروق السحايب موهمة مجدب الأوطان لها اعوام ما ترسم لنا الحلم واشراقه سرت واشغلت كبد السما وآخر العنوان تعاقب هبايبيها على الغصن و اوراقه وانا شوف عيني ما قصر دون نوٍ بان من اربع سنين يهيض القلب براقه عليه الضوامي تزدحم والمطر هتان رها سلسبيله كل ما جا على فاقه ومن جملة ما قال حمد السعيد عن القصيدة أنها جميلة وشاعرية، وقد لاق بها حضور الشاعر، مشيراً إلى امتداد صورة شعرية واحدة في 5 أو 6 أبيات، مما دل على المخزون الموجود عند الشاعر مثلما جاء في الشطر: (بروق السحايب موهمة مجدب الأوطان)، وفي الشطر: (وانا شوف عيني ما قصر دون نوٍ بان)، كما امتدت الصورة الشعرية إلى (هنا كبد محروم الموارد وترياقه)، وذلك دليل على شاعرية فذة، أما دخول الشاعر إلى المديح من خلال (يا موج البحر اضرب تحاياك للربان) فقد كان دخولاً ذكياً، حتى وإن كان مديحاً، لأنه المديح جاء مبرراً، وخلاصة قول السعيد إنه ثمة جزالة في النص، وخصوصية أبرزت بيئة الشاعر من خلال (جبال عليها راية العز خفاقة)، وجمالاً في التشبيهات والصور مثلما الحال في (وقدمتها فنجان خولان من رسلان/ يجمل على من مد كفه ومن ساقه). د. غسان وجد في القصيدة عدة ألوان من الجمال والبلاغة، وقد امتدت الصورة الشعرية بتطريزها وبجمالياتها بشكل لافت، وقدمت المعنى الجزئي في ذلك النص الذي حمل الكثير من الهدوء والرومانسية، وهذا ما تم التأكيد عليه من خلال نبض الشاعر ونبرته، وخصوصاً في المدح والافتخار (وهنا الفكر هنّته الجوارح على أعناقه)، كما برزت في النص إشارة جميلة لمسابقة "شاعر المليون" من خلال (هنا خيمة الذبياني وكفة الميزان) في دلالة إلى النابغة الذبياني، أما التصوير فقد كان جميلاً جداً وسهلاً مستقى من بيئة الشاعر، ومن عدة منابع فيها ساعدته على التخييل. سلطان العميمي وجد أن الجمال تجلى في القصيدة من خلال الشطر (وهنا الشعر بعد الكسر وقّف على ساقه)، وفي الصورة ( يا موج البحور اضرب تحاياك للربان)، وفي البيت (زرعت الشعور وعرق قلبي سقاها ازمان/ ويوم الشجر باحلى الثمر مالت أعناقه) الذي فيه إشارة إلى تاريخ الأدب وتاريخ العرب، حيث انتقل الشاعر من تاريخ إلى آخر بسلاسة، مما أكد على ذكاء النص الذي من بدايته وحتى نهايته دل على الاستعارة، وعلى التكثيف، وعلى الحياة التي عبّر عنها من خلال بعض المفردات مثل: (أمطار، عذوبة ينابيع، الشجر، الثمر) مما كسا القصيدة بالاخضرار. العتيبي.. تكثيف ودقة من الكويت جاء غازي بن مشعل العتيبي، وهو الناقد والمحب للانفراد بنفسه ولمنافسة الآخرين.. العصامي والصادق والحاذق، وقد ألقى قصيدة عن "شاعرالمليون" مطلعها: من يكون ومن الشاعر ومن أي دار أسئلة تنتظرني للجواب الأخير انفض الشعر يا صمتي وصوتي جهار شعر ما يطرب النقاد ما فيه خير ما كتبت القصايد في طوال العمار وما حسبت الشعر عندي قرار ومصر كنت من كثر ماخذ من جرير ونزار أشعر أني بعين اللي أبيها صغير وهي قصيدة كثيفة وجميلة، ذهبت إلى النصيحة والإرشاد كما قال د. غسان الحسن، مشيراً إلى وجود صورة جميلة جداً فيها، مثل: (كنت من كثر ماخذ من جرير ونزار)، والشطر (ما بقي من مواضيع القصايد بكار) الذي بدا وكأنه مكرر عما قاله عنترة بن شداد (هل غادر الشعراء من متردم)، لكن ثمة التباسات في بعض العبارات والكلمات مثل (وان رقيت السما، يستخير)، في حين جاء توظيف (لتوني بلير) في غير محله، أما عبارة (من زرع فيهم البغضان) فكان ممكناً أن تكون أكثر دقة في التعبير. هي ليلة الشعر، وليلة القصائد ذات المطالع المتميزة كما قال سلطان العميمي في بداية حديثه، مضيفاً: إن النص الذي ألقاء العتيبي كان أحد النصوص المتميزة، وخصوصاً عندما قال: (من يكون ومن الشاعر ومن أي دار)، ذلك الاستفسار الذي لا يحتاج إلى إجابة، لأنه يدور في الأذهان، وما يميز النص كذلك الانتقال إلى الحديث عن الشعر وعلاقة الشاعر به، وكانت تلك الجزئية ملفتة للنظر، في حين كان انتقال الشاعر إلى مجتمعه وإلى الأحزاب الموجودة فيه سلساً وموفقاً، وأشار العميمي أخيراً إلى التلخيص الجميل والمتميز والممتزج في آخر بيتين: قود عقلك بنفسك وانضبط في المسار/ عقل ما دل لله ما يدلك لخير واغنم العمر ما دام العمر باختصار/ يبتدي بالشهيق وينتهي بالزفير لافتاً إلى وجود الكثير من الصور الجميلة في النص، والتي تحتاج إلى التوقف عندها مثل (انفض الشعر يا صمتي وصوتي جهار/ شعر ما يطرب النقاد ما فيه خير). حمد السعيد أشاد بحضور الشاعر، وبطريقة إلقائه، وبتمكنه من المسرح، كما أشار إلى قافية القصيدة "الياء والراء" التي ـ وعلى الرغم من أنها لا تخدم الشعر ولا الشعراء ـ إلا أن العتيبي تميز فيها، وهذا دليل حرفيته، أما البيتين (ما بقى من مواضيع القصايد بكار/ لكن النسل يفرق من بعير لبعير)، و(جنب الحايل ودور عن أم الحوار/ ما لحد حق لا من صرت فيها جدير) ففيهما دقة عالية في التصوير، كما حمل النص صوراً شعرية أخرى خدمت المعنى مثل (حوّم حومة شرف واكفخ جناحك وطير)، لكن السعيد فضل أن يستخدم الشاعر مفردة (افرد) بدل (اكفخ)، ومع ذلك بدت الصورة جميلة، والنص مترابط بشكل واضح. الهلالي.. بساطة وعمق الاجتماعي المبدع، المتسرع والتلقائي، الذي يبدأ الأمور ولا ينهيها، ويلوم ويعاتب نفسه كثيراً، ذو الحضور الجميل والمرح ؛ الشاعر اليمني محمد التركي الهلالي كان خامس الشعراء المتنافسين، وقد ألقى في الأمسية نص (العين) الذي قال في بدايته: هات واتغزّل وعجّز بالغزل معنى الغزل يا يماني هات قيفاتك رؤى متعدده هز جذع الحب يتساقط هنا أروع مثل داعب الاشواق واطربها بصوت تردده حط كف الود في صدر ابتسامات الأمل تمتم الاعجاز واسكبني محبة في يده المحبه بحر والشطآن من منا وصل والسفن غرقى وآمال النجا متفنّده سلطان العميمي أول من تحدث عن القصيدة، فوصف موضوعها بأنه جميل، ويصلح أن يكون رسائل وفاق بين المرأة والرجل، كما تحمل القصيدة ببساطتها وبجمالها عمقاً وصوراً شعرية متميزة تمثلت في عدة أبيات مثل البيت الذي جاء في شطره الأول: (احبكي البسمة على روض الخزامى والنفل)، وكذلك ما جاء في الشطر (اجمعي الأشتات في ذاته وحلي في المقل). في حين أثنى حمد السعيد على قصيدة الهلالي التي تحمل جمالاً وذكاء، فابتعدت عن الربيع العربي، واقتربت من مشاعر حواء لتدغدغها، واللافت في القصيدة ـ كما قال ـ حضور ووضوح اللهجة اليمينة، والأبيات الجميلة الكثيرة من مقام (هز جذع الحب يتساقط هنا أروع مثل/ داعب الأشواق واطربها بصوت تردده)، تلك الصور التي أسست بين عمق الشعر والكوميديا. د. الحسن وجد أن القصيدة رقيقة، وهي رسالة لتحسين العلاقات بين الأزواج، أما فنياً فدل الموضوع على أفق الشاعر الواسع جداً، حيث لم يمر على الدكتور طريقة جميلة كالتي صاغها الشاعر في طرح خطابه الذي لم يخص جنساً بعينه، إنما كان للجنسين معاً، كما خص الشاعر نفسه ببيت قال فيه: (قلتها والشعر ترجمني لخلي من قبل/ بعضها للخد والباقي لعينه تسعده)، وقد حفلت القصيدة بأبيات جميلة ولطيفة مثل (احبكي البسمة على روض الخزامى والنفل)، وبعبارات متوالية، وبمأثورات دينية وتراثية موظفة بشكل جيد، مثل (هز جذع الحب)، (فلا جميل اليوم)، (روحت الأفكار)، (قوارير العرب)، وكلها توظيفات مسبكة ولها دلالاتها. الشمري.. حرفية بقافية مركبة للعروبة وللثورة نصيب في الأمسية من خلال قصيدة الشاعر القطري ناصر الوبير الشمري المتفائل والسعيد والمخلص والهادئ، والمتواضع، والمضياف، والساخر أحياناً، والمركزي في قراراته، ومما جاء في نصه: تبسّم عقب طول الليالي حزين الضاد تكلم في اكثر وقت نحتاج نسمع له بحرية المنفى ولا في وطن أصفاد تركنا السكوت ولا بقى خوف نرجع له هي الثورة الثروة وإذا يصدق الإنشاد هي أجمل حنين لكل تاريخ ندمع له تهز الكرامة كل عرش وتطيح أسياد وتثبت عروبة عزة النفس تدفع له وفي البداية أشاد حمد السعيد بالشاعرية الموجودة في النص، وبالطرح الجميل للموضوع الذي يؤكد أنه يثبت حرفية شاعر، وخصوصاً ما ظهر في الشطر الأول من البيت الأول (تبسّم عقب طول الليالي حزين الضاد)، ومن خلال (وانا من بلاد لنصرة الثايرين بلاد) في إشارة إلى دولة قطر الشامخة بأفعالها، كما كان انتقال الشمري من المواقف العربية إلى الثورة الداخلية في الخليج (الثورة العورة) سلساً محملاً بالنقد، ومن الصور التي لفتت انتباه السعيد (وكأن الفرج طير على الغصن يسجع له)، بالإضافة إلى القافية المركبة. ما وجده د. غسان في النص الكثير من الإشارات التي تدل على وجود شاعر ناضج التجربة، ينحت في الصورة الشعرية مما هو ليس بدارج، كما الحال بالنسبة لـ (حزين الضاد) وهي كناية رائعة لها أبعاد في النفس، بالإضافة إلى (كل تاريخ ندمع له)، (وتطيح أسياد)، وكلها صور جميلة جداً، وتمتد إلى أبعاد كثيرة مستقاة من معانٍ عديدة أثرت بشكل رائع على بناء القصيدة، كما رأى في عبارة (الثورة الثروة) جناساً ناقصاً لم يوفق الشاعر فيه، أما (الثورة العورة) فقد كانت تعبيراً جميلاً جداً بما يبطن وبما يظهر. من ناحيته أشار سلطان العميمي إلى تماسك النص الذي يحمل وعياً شعرياً ووطنياً صادقاً وجميلاً وشاعرية مرتفعة، حيث امتزجت ذات الشاعر مع أبناء الوطن والخليج، أما في (نوايا وطن آخر لها يدين تزرع له) فثمة إشارة واضحة لخطورة ما يأتي من الخارج، في حين تحمل الصور الشعرية المتوازنة الواردة في النص جمالية في الصياغة وفي السبك الشعري، وعمقاً في المعنى، وهذا لا يتوفر إلا عند القلة، وقد ساهم كل ذلك في نضوج النص. الدوسري.. تماسك ودلالات مرة أخرى وقف على خشبة المسرح شاعر سعودي آخر هو نايف بن مسرع الدوسري العاطفي والاجتماعي والواثق من ذاته والحماسي؛ وألقى نص "الزفرة" الذي قال في مطلعه: الصمت في بعض الأمور يكون خير من الكلام إلا إلى وصلت كرامتنا فهو عذر التذليل عليك مني يا نديم الليل والغربة ملام إن ما ذبحت الصمت من يمناك وأشعلت الفتيل أما حضور يلبس الرجال لا وقّف وسام ولا غياب يعفي الرجال عن كشف الحصيل سلام يا عكاظ العرب ولسانها بين الأنام يا أرض الحكيم اللي تباكته العروبة جيل جيل وهو نص ذو معانٍ جميلة، وأبيات متماسكة، حسبما قال د. غسان الحسن، أما العبارات الشعرية فقد توافرت في كل بيت، ومع ذلك لم يكن هناك أي حشو، فكل كلمة كان لها مكانها لتتضافر مع ما يليها ومن دون تكرار، إلا في البيت (والبارحة ما أغرى سموعي صوت ساجعة الحمام/ اللي على أطراف المدينة جا لها نوح وهديل)، ومع أن الأصوات التي ذكرت فيه تعود لطائر الحمام، إلا أن ذلك لم يؤثر على البيت سلباً، حيث كانت لكل مفردة دلالتها، وأردف د. غسان بالقول: لقد حمل النص محسنات جميلة، وتقسيمات سجعية لافتة مثل (يطرب على صوت العزاوي والنخاوي والصهيل)، و(أسر به.. وأضر به.. وأطول به حد الغمام)، فمثل تلك المفردات والصور ساهمت بالفعل في تجميل القصيدة التي لم يظهر فيها أي تكلّف، لا بل أدت وظيفة معنوية وشكلية، ثم إن توظيف المأثورات مثل (أنحت اسمي) الصورة التي جاء بها جرير والفرزدق، و(تداعت حول قصعتنا) التي مصدرها من الحديث الشريف؛ زادتا من جماليات النص، إلى جانب المأثورات الأخرى. سلطان العميمي أكد أن تلك القصيدة عزفت على وتر العروبة، وكانت مليئة بالشموخ، واتضحت فيها ثيمة الصوت من خلال وجود مفردات معينة مثل (الصمت، الكلام، تباكت، العزاوي، النوح) مما أضاف إلى النص حيوية وجمالاً وتميزاً، والجديد هنا هو الصور الشعرية التي تحسب للشاعر، وكذلك الأبيات اللافتة للانتباه (رسالة ماطت عن أحلام الملايين اللثام)، و(نطرد ورا حلم السلام إلين فارقنا السلام)، و(ما دام واقعنا هزيل)، وقد كان انتقال الشاعر في الموضوع موفقاً، أما البيت الأخير (رحنا ضحية: طال عمرك وضعنا كله تمام/ وعاثت بنا: ابشر بالسعد لكن ما يخدم بخيل) فلم يأتِ في مكانه الصحيح. فيما قال حمد السعيد: إن نايف بطل شعر، وقد ألقى نصاً جميلاً، وكان حضوره متميزاً مما ساهم في إبراز مسيرته الشعرية، وفي إثبات شاعريته الفذة، كما رأى السعيد الطرح الجريء في النص، وتحديداً في البيت الأخير(رحنا ضحية: طال عمرك وضعنا كله تمام)، متمنياً له البيرق. نور.. نص عاطفي والختام كان مسكاً مع الشاعرة الأردنية نور راتب أبوزيد التي وصفتها د. ناديا بأنها مبدعة وغير مباشرة، وشجاعة ومتحمسة، لكنها منغلقة وعاطفية، وخلال السهرة ألقت قصيدتها "حلوة البلدان" فبدأتها بـ: القهوة اللي هيلها فيه نقصان ما تنذكر داخل بيوت الاصايل شروة الشعر لا فارقه قوم نهيان مثل العدم ما له وجود ودلايل يحلى الشعر في حضرة اللي لهم شان واللي شراة عيال زايد قلايل من مثل النهيان يا ناس عربان ما لقى لهم فوق الثريا مثايل سلطان العميمي نوّه إلى كم الحب والعاطفة والشاعرية المتوافرة في النص الجميل الذي جاء متماسكاً في كثير من أبياته، وتميز بالصورة الشعرية المتعلقة بالغافة التي جاءت في البيت (وإن ملت للغافة وداعبت الاغصان/ ألقى النخل صوبي بالاشواق مايل). كما أكد حمد السعيد على كمية الحب والوفاء التي تحملها نور للإمارات التي عاشت فيها بعض سنوات عمرها، وتحدث عن الحضور الجميل والمميز للشاعرة على المسرح. وعما قدمته نور قال د. غسان: حملت نور حباً كبيراً للإمارت بحكم نشأتها فيها، وهذا ما عبرت عنه في قصيدتها ذات الإشراقات الكثيرة، لكن الشاعرة بالغت حين قالت (قبل انولد حبج وسط خافقي بان)، وكذلك في (هذي وصاتي لحظة أصير جثمان). وقبل ختام حلقة الأمس الحافلة بالشعر وبالشعراء التقى عارف عمر مُعد البرنامج بالشاعرين المتأهلَين عن الحلقة الماضية بفضل تصويت الجمهور، وهما الكويتي فالح بن علوان العجمي، والسعودي سيف مهنا السهلي اللذين أشارا إلى صعوبة المنافسة في ظل وجود أصوات قوية، ليس فقط على مستوى الأداء، إنما على مستوى الجمهور كذلك، غير أن التفاؤل والأمل كانا رفيقيهما. - أما الشاعران اللذين تأهلا من خلال لجنة التحكيم فهما: السعودي نايف بن مسرع الدوسري واليمني محمد التركي الهلالي بحصول كل واحد منهما على درجة 47 من أصل 50. - فيما حصل إبراهيم الرشود على 44 درجة من لجنة التحكيم و10% من جمهور المسرح، أما عبدالرحمن الرشيدي فمنحته اللجنة 43 درجة وجمهور المسرح 9%، علي الغامدي أعطته اللجنة 46 درجة، وجمهور المسرح 12%، فيما حصل غازي العتيبي من لجنة التحكيم على 43 درجة وعلى 8% من جمهور المسرح، في المقابل حصل ناصر الوبير على 46 درجة من اللجنة وعلى 21% من جمهور المسرح، وأخيراً منحت اللجنة وجمهور المسرح نور أبو زيد 40 درجة و 40% من جمهور المسرح. الكاتب:
اسرة التحرير بتاريخ: الأربعاء 25-01-2012 07:48 صباحا
الزوار: 1756 التعليقات: 0
|