|
عرار:
لن يغيب عن ذاكرتنا صورة ذاك البدوي وهويحمل في يده عصاً مخصّرة بالعقد يعلوها مقبض عريض ، فيربت عليها بحركة توحي بنشد الحماية والعون ، فيسير أمام بيت الشعر وهو ينظر إلى السماء وكأنه يحاكيها بلهفة شديدة ، ويسألها عن نجومها ، ويخصّ في نفسه الثريا وسهيل ، فالصيف بدأ يشدّ الرّحال. فيبحث عن نجم سهيل في أواخر أغسطس (آب) إذ يقال: "إذا طلع سهيل لا تأمن السيل". جاك الفرج يامنتظر طلة سهيل .. وقد أطلقت العرب في الجاهلية عدة أسماء على سهيل مثل: الوزن، وسيم، لامع، النبيل، المجيد، من السهل الجارية ، في سهولة وسلمية وتصغير لكلمة سهل. كما قال العرب قديمًا: "اذا طلع سهيل طاب الليل ورفع الكيل وللفصيل الويل" والفصيل هو ابن الناقة ويسمى أحيانا (بالمفرود) حيث يفطمونه ويمنعونه عن الرضاعة . ويُطلق على بدايته الطرفة أو (سهيل الصفري) وعدد أيامه (13) وهو النجم السابع من نجوم الصيف والنجم الأول من نجوم الصفري أي بمعنى أنه بداية نجم سهيل الذي يرى بالبصر وعدد أيامه ( 53 ) يوماً ، ثم (الجبهة) وتمتد لمدة 13 يوماً وهي أول نجوم فصل الخريف ويبرد الليل ويتحسن الطقس نهاراً، تليها (الزبرة) وتستمر لمدة 13يوماً وفيها تزداد برودة الليل إلى درجة ينصح بعدم النوم تحت أديم السماء، ثم (الصرفة) وهي آخر نجوم (سهيل) وتمتد لمدة 13يوماً وسميت بذلك لانصراف الحر عند طلوعها. فيذكر البدوي أنّ موسم الصفري والسحب فيه تدلل على موسم الشتاء هل هو ممطر أو مجدب حسب لون السحب، فإن كان لونها يميل إلى اللون البني أو الأسود فهذا يبشر بأن السنة ستكون سنة ممطرة ، أما إذا كانت السحب في (الصفري) بيضاء شديدة البياض فهذه نذر أن الموسم مجدب قليل الأمطار. كما ويذكر البدوي سبب تسميته (بالصفري) لأنه يسم وجه السماء بالصفرة ويجعله كدرًا نتيجة للغبار العالق في الهواء ، وهناك سبب آخر هو كثرة الطيور المهاجرة الملونة فيه ، ويحذرنا ذاك البدوي أيضًا من النوم في العراء لأن الأجساد تصاب بالمرض في هذا الموسم. ومع بداية سهيل يبدأ منخفض الهند الموسمي بالتراجع جنوباً وتبدأ الرياح القوية هبوبها حيث يطلق عليها (هبايب سهيل) حيث تعمل على تلطيف الجو ويبدأ الغزو النسبي الحاد للرطوبة المرتفعة من بداية أغسطس وتستمر إلى منتصف سبتمبر ويطلق عليه وعكة سهيل وفيه يطول الليل ويقصر النهار. كما أنّ هناك نبته تنبت في الأرض تسمى (عود الري) فإن نبتت هذه النبته ورأها البدوي إستدل بأنّ نجم سهيل قد ظهر وأن السنة تبشر بخيرٍ كثير ومطرٍ وفير. فيذكر البدوي (قران) نجوم الثريا والقمر في 19 ويسمى قران تسعة عشر «سبتمبر - أيلول» فيقال : «أيلول سيروا ولا تقيلون» كناية عن لطافة الجو، وفي الشهر التالي تقارنه في 17 ويسمى قران سبعة عشر «أكتوبر - تشرين الأول» وفيه يكون الوسم الذي يستبشرون فيه عند نزول أمطاره بموسم ربيعي جيد. أمّا المطر الذى يسقط فى أول فترة الوسم أي فى النصف الثاني من شهر اكتوبر الى 30 أكتوبر يسمونه (مطر قلايد الوسم) أو (المطر الخريفي ) . أما المطر الذى يعقب مطر الوسم أي الذى يسقط بعده فى شهر ديسمبر يسميه البدوي مطر (الولي) أي الذى يلي مطر الوسم وهو مفيد جدا للاعشاب (حرار العشب) وللاشجار المعمرة والشجيرات الحولية ، ولكن اذا لم يسبقه مطر (الوسم) فان مطر (الولي) لن ينبت (حرار العشب) . إلا أنّ نجم سهيل يختفي كمعظم نجوم السماء عن الأنظار فترة من السنة ثم يعود إلى الظهور فترة أخرى (حسب حركته السنوية الظاهرية في السماء). ويبقى ذاك البدوي في ترقبٍ مستمر لحركة النجوم ليحدد أين وجهته وإبله وغنمه ، ويبقى يتدارس ذلك مع (قصراه) من البدو وهم يشربون قهوتهم التي هي دوماً على نارٍ متقدة. أمنياتنا لك أيّها البدوي بسنةِ خيرٍ وفير لك ولإبلك وأغنامك بإذن الله. الكاتب:
اسرة التحرير بتاريخ: السبت 08-09-2018 01:16 مساء
الزوار: 1235 التعليقات: 0
|