|
عرار: في الحلقة الأولى من "شاعر المليون 5": صقار العوني ومنصور الفهيد من السعودية تؤهلهما اللجنة وينتقلان إلى الدور الثاني ..درجات متقاربة.. وحضور لافت لجميع الشعراء.. .. "رحيل المزن" القصيدة الفريدة.. وأبو هاجس الشاعر الحماسي .. عرار : انطلق مساء اول من أمس ومن مسرح شاطئ الراحة بأبوظبي برنامج "شاعر المليون" في موسمه الخامس بمشاركة 48 شاعرا ً، وهو مسابقة كبرى في الشعر النبطي أطلقتها سنة 2006 هيئة أبوظبي للثقافة والتراث في إطار استراتيجيتها لصون التراث والترويج له، وتحظى المسابقة منذ موسمها الأولى وحتى اليوم بجماهيرية واسعة غير مسبوقة، وبمتابعة لم تشهدها أية مسابقة عربية أو دولية أخرى. حشد من الشعراء.. حضور جماهيري.. أضواء ألهبت المسرح جمالاً.. ووردة صحراء زينت الخشبة التي باتت تجذب إليها آلاف الشعراء من شرق الأرض ومغاربها. فبعد سنتين من الانتظار بثت قناتا أبوظبي الإمارات وشاعر المليون ليل أمس الثلاثاء الحلقة الأولى من "شاعر المليون"، وهي المسابقة التي استطاعت وبجدارة أن تكتسح الساحة الشعرية النبطية، وأن تجد لذاتها موقعاً لم تستطع أي مسابقة شعرية أن تنافسها عليها، أو تسحب من تحتها البساط الذي نسجته، فـ "شاعر المليون".. فوز.. وملايين المشاهدين.. والأهم من ذلك نجومية تبدأ بتحقيق أول حلم بالصعود على خشبة شاطئ الراحة، وتنتهي ببيرق يرفعه الفائز عالياً. بداية أطل الإعلامي عارف عمر وبصحبته فرج صباحي محرر الشعر الشعبي في صحيفة الرأي الكويتية، وبندر العتيبي المدير التنفيذي في قناة أماكن، فسألهما عن "شاعر المليون" باعتبارها المسابقة التي استطاعت احتضان الشعراء النبطيين من المحترفين والهواة، وعن علاقة الصحافة بها، فقال فرج صباحي: (إن المسابقة في دورتها الحالية ما هي إلا امتداد للتوهج الذي بدأت بصناعته على مدى أربعة مواسم سابقة، وأعتقد ومن خلال متابعتي للجولات فإن السنة تبشر بشعر مستواه أعلى من الشعر الذي طُرح في الدورات السابقة، كما تبشر بتنافس أكبر بين الشعراء، ثم إن المسابقة باتت رافداً مهماً للإعلام المتخصص الشعبي، فنحن نستفيد من كل دورة، منذ الإعلان عنها، وحتى إلى ما بعد اختتامها، ولهذا باستطاعتي القول أنها عامل داعم للصحافة). ومن جهته قال بندر العتيبي: (اعتدنا على توهج "شاعر المليون" وعلى ازدهاره، كما اعتدنا على المفاجآت، فالمسابقة استطاعت رسم خارطة الشعر الشعبي، وبالتالي إبراز شعراء لم يسلط عليهم الضوء سابقاً، ونتيجة النجاح الذي تحقق فقد أصبحت المسابقة مهوى أفئدة الشعراء، ثم إن "شاعر المليون" يقدم مادة جميلة للقنوات المعنية والمتخصصة بالشعر الشعبي، ومن هنا فإنني أحرص على ما معرفة ما تفرزه المسابقة لتغذية القناة به ومن خلاله). فيما اعتبر صباحي والعتيبي بأن إضافة فقرة التحليل النفسي التي تقوم به د. ناديا بوهنّاد للشعراء والشاعرات الواصلين إلى مرحلة الـ48، إنما هي خطوة جرئية من قبل إدارة المسابقة، لأنهم سيكونون في مواجهة أخرى غير مواجهة اللجنة، مما سيشكل عامل ضغط آخر عليهم، لكن على قائمة الـ48 أن تتقبل أي خطوة تضاف إلى البرنامج، لأنها ستكون في صالح الشعراء. ومن الاستوديو إلى الصحراء عرض البرنامج تقريراً مصوراً عن وردة الصحراء التي كانت ملهمة لمهندس الديكور الذي زين قلب المسرح بها، وهي التي تلفت الأنظار، وتأسر الألباب. إلى المسرح ذهبت الكاميرا وجالت بين جمهوره وعلى خشبته، وما هي إلا ثوانٍ حتى تقدم حسين العامري وحصة الفلاسي ـ اللذين لقيا قبولاً عند الجمهور ـ للترحيب بالجمهور ومن ثم بلجنة التحكيم المؤلفة من سلطان العميمي، ود.غسان الحسن، وحمد السعيد، وفي كلمة مقتضبة رحب العميمي بالجمهور الحاضر في المسرح، وبالمشاهدين، وتمنى لهم قضاء موسم ناجح يرتقي إلى طموحاتهم، في ظل وجود شعراء وشاعرات يحملون مواهب عالية، ورسائل شعرية لا بد أن يقدموها بأفضل ما يمكن. ومع ختام كلام العميمي بدأت رحلة البحث عن شاعر المليون في الموسم الخامس من المسابقة، فأطل الشعراء والشاعرات الـ48 على الجمهور من خلال تقرير عرض أسماءهم، والدول التي ينتمون إليها، ثم طرح حسين العامري آلية التنافس التي ستمتد مرحلتها الأولى على 6 أسابيع سيتم تأهيل 24 شاعر منها، وبعدها تبدأ المرحلة الثانية وستكون خلال 4 أسابيع سيتأهل منها 6 شعراء، لتجمعهم المنافسة فيما بعد على البيرق. الحلقة التي قدمت ليل أمس كانت قد ضمت 8 فرسان هم أبو هاجس الهَرُوبي من اليمن، أمجد بركات الصخري من الأردن، سعيد الحفيتي من الإمارات، صقار العوني ومنصور الفهيد الشمري من السعودية، عبدالله بن عطية العمري من عمان، فلاح بن ذروه الهاجري ومبارك حجيلان العازمي من الكويت. وقبل أن يعتلي الشاعر الأول خشبة المسرح عرض د. غسان الحسن معايير التنافس في الحلقة الأولى، حيث باستطاعة الشعراء طرح القصائد الحرة وزناً وقافية وموضوعاً، على أن تتراوح كل قصيدة بين 10 أبيات و18 بيتاً، لكن مع تتابع الحلقات سوف تتعقد الأمور كما قال. مغرور.. وجميل أبو هاجس الهَرُوبي من اليمن كان أول الشعراء الذين تقدموا للاختبار، وهو الذي كان قد شارك في المسابقة من خلال جولة الأردن التي ألقى فيها نصاً استدعى اللجنة لوصفه بالغرور، أما النص الذي ألقاه على مسامع اللجنة والجمهور فكان مؤلفاً من 17 بيتاً، تحت عنوان "يماني وافتخر"، فقال في مطلعه: أنا يماني وافتخر باسمي وأصلي والنسب من حاضر سام العريقة موطن العرب الأصيل حضرت شاعر مبتغاه الفوز واحراز اللقب وهاجسي لا هبت رياحه تجيب المستحيل والشعر عندي فطري التكوين ما هو مكتسب فطرة خلقها الله فينا جيل يلحق بعد جيل لا حد من الفضة صنع شعر صنعته من ذهب ولا حضر شعري يكفي من معاانيه القليل وقد أثنى د. غسان على إلقاء الشاعر، فقال له: إلقاؤك جميل جداً، وفيه حماس واضح وتفاعل مع النص، وهذه شيمة الشاعر العربي عبر الأزمان، ثم ذهب د. غسان إلى نقد الناحية الفنية فقال: هنالك إضاءات غاية في الجمال في وصف اليمن تمثلت بقول الشاعر في أحد الأبيات (أرضاً كساها الله بازهار الثقافة وأدب/ ومن نسايمها ربيع الشعر يرشف سلسبيل)، فجاء البيت محملاً بالصور الجميلة والرائعة، بالإضافة إلى صورة أخرى وهي: (كأنها في مجمع البحرين بسمة للعجب/ والبحر يحضنها كما يحضن على الصدر الخليل)، وتدل مفردة البحرين على وعي الشاعر بكيفية مدح البلد وطريقة محبتها بصورة مباشرة أو غير مباشرة، أما الوزن الذي اختاره الهَرُوبي هو وزن طويل جداً، وهذا الطول جميل جداً في الإيقاع، وهو على وزن (مستفعلن/ مستفعلن/ مستفعلن/ مستفعلن)، لكن هذا الوزن بحاجة إلى فكرة مطولة حتى يتم ملء الفراغات اللفظية والصوتية، والشاعر لم يستطع فعل ذلك جيداً، فذهب إلى التكرار والحشو الثقيل، كما في صدر البيت الثاني (حضرت شاعر مبتغاه الفوز واحراز اللقب)، وصدر البيت الثالث (والشعر عندي فطري التكوين ما هو مكتسب)، (جيل يلحق بعد جيل)، (فطري ما هو مكتسب)، (وأرض اليمن روحه واحساسه وحبه ميل ميل)، ولم يساهم التكرار في تطوير المعنى فيها، وما جاء فقد كان بمثابة تنويعات لملء الفراغات. سلطان العميمي أثنى من جانبه على حضور الشاعر المنبري المميز، واعتبر أن النص إنما هو بطاقة تعريفية عن الشاعر وعن بلده اليمن، وكان يتمنى أن يلقي أبو هاجس نصاً آخر يحمل تجربة شخصية، أو نصاً يتحدث عن قضية، لأن فكرة النص الذي طُرح المكررة، وهنا أشار العميمي أنه لا يبخس النص حقه، فالنص مستواه وسط، وقد طرح خصوصية الهوية المكانية من خلال مفردات معينة مثل (البن، البحر الأحمر، الأرض السعيدة)، وهذا أمر جميل في مثل هذا النوع من القصائد، كما أن البيت (إذا ابتسم للبحر الأحمر عاتبه بحر العرب/ وان مالت النظرة لواحد بعده الثاني يميل) غاية في الروعة. أما حمد السعيد فقد قال عن أبو هاجس: شاعر جميل، وله حضور حماسي، دخل إلى النص بفخر واعتزاز، وهو يمتلك غروراً جميلاً، ومن خلال مفردات جميلة عرض لوحة من طبيعة اليمن الساحرة، فيما حمل البيت الأخير روح المواطن اليمني الأصيل، وتمسكه بترابه وبأرضه، وتعليق السعيد الأوحد على البيت (أقسم برب العرش والكرسي وما عنا احتجب)، معتقداً أن طول الأبيات دفعت الشاعر لوضع كلمات ليست في محلها. حذر.. لكنه شامخ أمجد بركات الصخري من الأردن ثاني الشعراء الذين وطأوا خشبة المسرح، والذي اعتبرته اللجنة حين تقدم في جولة الأردن متميزاً في اختيار الموضوع وفي صوره الشعرية، أما القصيدة التي ألقاها أمس على الهواء مباشرة فجاءت تحت عنوان (صدّع جليد)، وقال في أبياتها الأولى: كل ما رقا بي هاجسي رحت سلطان خارج من أقطار الظلام لضياها أذرع فضة ويفكّلي عقدة لسان من متسع فاسح لوجهي مداها افرش له احساسي صدق لين غلطان ببساط حاكه من معالم نباها وجه الشبه ما بينها كنّه اخوان ينبع بها صوتاً وانا اغرف صداها وقد اعتبر سلطان العميمي أن النص كان حذراً في التعاطي مع السياسة، وقد حاول الشاعر إمساك العصا من الوسط، مع المحافظة على الصور الشعرية بعيداً عن المباشرة و عن الرمزية الغامضة، لكن النص بشكل عام جيد، وفيه صور شعرية جميلة مثل (أنّات دمعٍ معتقل بين الأجفان/ حرّم على خده يسيل لبكاها)، والشاعر في النص وظف مفردات ـ تعطيها الدلالات الصوتية والحركيةـ صورة مكثفة. فيما قال حمد السعيد: يحمل النص نفساً قومياً وعربياً، ويتحدث عن الربيع العربي، ورأى السعيد أن قافية العجز (الهاء) على الرغم من رحابتها إلا أنها قد تضيع على الشاعر معانٍ جميلة، وأشار إلى التسلسل الجميل في النص، وإلى تميز مدخله، أما الختام فكان ذكياً وجيداً، حيث تم ضرب مثلٍ من الواقع، وهذا النص الشامخ ـ كما قال عنه ـ هو رسالة تعالج قضايا تهم المجتمع. د. غسان الحسن رأى أن النص فيه استقراء للواقع، ووصف لتطلعات الشعوب، ومن الناحية الشعرية النص متماسك، وفيه تطور جميل في توالي جزئيات المعاني منذ بدايته وحتى نهايته، حيث أن كل بيت جاء في مكانه، كما وجد د. الحسن جمالاً في التصوير، وتحديداً في (آلام شعبٍ يمطر الضاد باحزان)، أما قلب القصيدة فقد كان جوهرها الجميل، وكانت الشاعرية فيها متألقة (صدّع جليد وثار بالحيل بركان/ يقذف حمم يسقط عروشٍ بناها) ففي هذا البيت أربعة أفعال متوالية، كل فعل منها مسند للفعل الذي يليه، وإن المجيء بتلك الأفعال في بيت واحد دليل على سرعة ما حدث، وعلى تواليه بشكل منطقي، أما في صدر البيت (في صرختٍ نادت حياته للإنسان) ثمة إضافة من الشاعر وهي اللام، وكذلك اللام التي جاء في كلمة لنداها في عجز البيت (رد القدر كله يغيث لنداها)، لكن القصيدة في مجملها جميلة. مقدرة شعرية الشاعر سعيد الحفيتي من الإمارات، كانت قد وصفت اللجنة نصه الذي قدمه في جولة أبوظبي الأولى بأنه متميز، ومليء بالصور الشعرية، وهاهو اليم يلقي قصيدته الجديدة التي يقول فيها: الحمد لله لي مكرمني بديني دمي وطن زايد ولنفاس ايماني "حفيتي" ومغني اخواني ويكفيني لو قلت "كلنا خليفة" يرتقي شاني عمري مسافة رجا.. والوقت يمشيني كم عين تشتاق لي واعيون تنساني أحدٍ بكا لي وفى لين أضحك سنيني وأحدٍ ضحك لي لعانة لين بكاني حمد السعيد رأى أن قافية النص بين الصدر والعجز متجانسة، وقليل من الشعراء من يحرص على ذلك، وهو نص يأتي تحت خانة السهل الممتنع، فبدت القصيدة كالهرم، كلما تعمقنا فيها كلما بدت الشاعرية وظهرت عذوبة النص الشعري، إلا أن إيراد الحفيتي كلمة خبل في نصه (وضحكت مثل الخبل من قسوة احزاني) لا تناسب رقي الشاعر، وفي البيت (أسرج خيول الأمل واشطب عناويني) وجد السعيد عدم تجانس الصورة الشعرية مع كلمة (أسرج)، وفي البيتين (ياللي غيابك غيابي بنشدك ويني/ يتيم في دربك وحزني بكاني)، (اليا متى وانت تقراني وتمحيني/ من بعد ما كنت تكتبني وتقراني) فقد تفاعل معهما الجمهور، وليت كانت كل أبيات القصيدة بهذا المستوى، ـ كما قال، ثم ختم بالقول: أنت شاعر جميل. د. غسان الحسن أشار إلى البيتين الأول والثاني اللذين يشكلان موضوعاً آخر غير موضوع القصيدة، وهذا ما كان سبباً في وجود فجوة بين البيتين الثاني والثالث، لكن القصيدة مليئة باليأس والقنوط والبوح وسوء الحظ، بحيث لم يجد الشاعر فسحته إلا في طيف الأماني، وكأن الشعر هو المنفذ الوحيد أمامه للبوح، ومن الناحية الفنية فقد وضع الشاعر كلمات إلى جانب كلمات أخرى ليس من المعتاد أن تكون رديفتها، مما ساهم في تكوين صور شعرية جميلة، كما لعب الخيال الشعري دوراً في ذلك، وتلك الناحية موجودة من بداية القصيدة وحتى نهايتها، واستخدم الشاعر كذلك أسلوباً آخر هو الطباق، مثلما في (بكيت من فرحتي)، (ضحك لي وبكّاني)، والقصيدة بمجملها مليئة بهذه المسالة التي يطلق عليها في علم البلاغة "المحسنات"، وهي أقل قيمة من بناء الصورة، لكنها تجمل النص. سلطان العميمي وجد في موضوع النص ارتباكاً، وكذلك في الصور الشعرية، ففي النص حالات من التردد والانكسار واليأس ثم الغرور، ولم يكن ذلك في صالح النص، لكن الشاعر استخدم صوراً شعرية جميلة وجيدة، كما في (الياس من غفوة احلامي يصحّيني/ والحظ ماخذ ملامح وجه عدواني)، وكذلك في عجز البيت الأخير (ولا مر طيف الأماني غير قيفاني)، والنص بشكل عام يدلل على مقدرة الشاعر الشعرية. صقار المعاني والشعر رابع الشعراء الذين قدموا أنموذجاً عن إبداعهم كان صقار العوني من السعودية، والذي قالت لجنة التحكيم عنه خلال الجولات إنه مبدع، أما في الحلقة الأولى المباشرة فقد ألقى نصاً بدأه بـ حزين وممتلي صدري حزن ما سال بكتابي يمنيته يسيل بدفتري واثره يريد بكاي إلهي معترف بذنوب من فعلي وبسبابي وأنا خايف عذابك بالأمل عايش على رجواي إلهي ما طلبت غير عقوك انته أداربي تعرف اللي مضى لي يا عليم وتعلم اللي جاي بعيد عن الخيال ولي من الواقع كثر ما بي من الدرب الطويل اللي تعبت أسايره بخطاي بداية شكر د. غسان الشاعر على تفاعله وحماسه مع النص، ثم قدم وجهة نظره النقدية على القصيدة من الناحية المعنوية، فنبّه إلى أن الموضوع عبارة عن نقاش وجدال حول اتهام الأمة بالإرهاب من دون دليل، وقد كان النقاش عالياً ومرتفعاً ومقنعاً، أما من الناحية الخيالية فقد بدأ الشاعر بأبيات مسطحة عادية ثم ذهب إلى الدعاء، وبعد الأبيات الأربع الأولى صار هناك تحليق كبير في الشاعرية في 4 أبيات أولها (يجي للبوح وقت لو حسبته ضقت بحسابي/ قدر ما يشرب العصفور في ظماه الماي)، وآخرها (عن العذر السمين اترك حضوري يذبح غيابي/ تصافحني همومي مقبله وامد لك يمناي)، وهي في قمة الشعر والشاعرية، ثم خفتت تلك الشاعرية إلى نهاية القصيدة، ولكن الشاعر في تلك الأبيات ذهب إلى ألوان أخرى من البديع، والجناس، والجناس الناقص ، والسجع، والكناية، كما ذهب إلى التشبيه الذي ينتمي إلى التخييل، والقصيدة في مجملها مؤثرة وقوية. سلطان العميي أكد على جمال النص وتماسكه من ناحية الموضوع المميز وطريقة الطرح والنقاش، وأشار إلى التكثيف الواضح للصور الشعرية، كما أثنى على البيت الأخير (هذا الواقع أكون محمدي لو قيل وهابي/ بعيد عن التطرف والظلام وخطة الغوّاي) لما فيه من دعوة للابتعاد عن التطرف والإرهاب، ونوّه إلى الالتقاطات الشعرية الجميلة كما في البيت: (يجي للوقت بوحٍ لو حسبته ضقت بحسابي/ثدر ما يشرب العصفور في حزة ظماه الماي). حمد السعيد وصف الشاعر بأنه صقار المعاني، وصقار الشعر كذلك، والقصيدة شامخة في موضوعها كونها تطرح قضية جدلية، والنص يعبر عن وجهة نظر الشاعر ويدل على نضوجه الفكري، أما البيت الأول (حزين وممتلي صدري حزن ما سال بكتابي/ يمنيته يسيل بدفتري واثره يريد بكاي) فهو يمنح السامع انطباعاً عن الشاعر ذاته وعن شاعريته الفذة، ثم إن الحبكة الموجودة في النص لا يحبكها إلا الشاعر المتمكمن، وفي البيت الـ9 (أنا اللي من يسمونه بالارهابي ووهابي/ تحدد اسمي الجغرافيا كنّي عديم الراي) يكمن صلب الموضوع والنقاش حول القضية بطريقة جميلة، لكن السعيد عاب على كلمة (العراب) في البيت (أنا مسلم وأبا القاسم رسول الله عرابي)، كونها لا تليق بالرسول عليه الصلاة والسلام، ومع ذلك النص جميل جداً ومليء بالمعاني، والمسرح لا يتنفس إلا مثل هذا الشعر. نص متماسك عبدالله بن عطية العمري جاء من سلطنة عمان، والتقى اللجنة خلال إحدى جولتي أبوظبي، وحينها وصفت قصيدته بالجزالة وبتميزها من ناحية البحر المرتبط والمميز للبيئة العمانية، كما أثنت على أدائه وعفويته، أما في أمسية الثلاثاء فقد قدم المعمر قصيدة بعنوان "تشتت وانبعاث" بدأها بـ: ما يفرقني شتات لو بدا لغير كثاث الرماد غبار نارن والشر ما مسّني ما يغالب طول بالي رغبةٍ لي وانبعاث والزمان إن منثنالي وإلا أناله منثني وما عليه إن ضاع عمري بتبعه دون اكتراث لين ما أذل النفس فيني قبل ما هي تذلني تابعٍ كل التقاليد الحميدة والتراث في زمان لو تبعته للمظالم شدني ومن الإشارة إلى الحضور والنص الجيدين بدأ سلطان العميمي كلامه، وأشار إلى أن الموضوع ليس تجربة مباشرة، إنما خلاصة تجارب، وحسب العميمي فإن القافية تحتاج إلى البحث عن مفردات، مما قد يوقع الشاعر في الحشو، لكن ثمة مفردات لم تضف للنص أي شيء، كما في البيت (ايه يبن آدم يزين البيت ترتيب الأثاث/ والقلوب يزينها ساعة لربك تنحني)، ومع ذلك في النص صور شعرية جميلة، وصياغات متميزة. وتأكيداً على ما تحدث به العميمي بشأن القافية قال حمد السعيد: إن القافية أتعبتني وأنا أبحث عن معاني بعضها، ولهذا على الشاعر مراعاة الملتقين بجميع أطيافهم، وبرأيه أن القافية تجبر الشاعر على اختيار كلمات قد لا تخدم الصورة الشعرية، وعلى الرغم من الحزن الكبير في النص إلا أن حمد طلب من عبدالله قصيدة كوميدية، كون العمري معروف بأنه شاعر يجيد كتابة النص الكوميدي، فأسمع الحضور قصيدة (يا معذبني عشان اني سمين). من جانبه أثنى د. غسان الحسن على تماسك النص وعلى الفكرة، فالفكرة التي تكاد تكون مطروقة إلا أن التفاصيل التي استخدمها الشاعر أضفت على النص نوعاً من الجِدَّة، ذلك النص المليء بالإشراقات الشعرية، كما في البيت (شح ماها دون مجني من محاصيلي جني/ الشجر بعضه يباس البعض بين العثاث)، وفي المقابل هناك أبيات جاءت خالية من الشاعرية، وهي تتشابه مع ما يقوله عامة الناس مثل (يمدح بوجهي شجاعة وان مشيت يذمني)، (وكم جاني من كلامه سقم وحروفه غثاث)، ثم إن ورد بعض الأبيات في غير مكانها أدى إلى قطع تسلسل الأفكار. لقطات شعرية.. فلاح بن ذروه الهاجري من الكويت نال الإجازة بالإجماع أثناء جولة الكويت لأنه متميز ومتمكن، ولكن للجنة أراء أخرى في نصه الذي ألقاه أمس: يد القلم لا صافحت يد الاوراق ترفع مقام الطرس قدر ومهابه سقيه مزن الحبر لا ناض براق وتخضر بالقيعان روح الكتابه كنها تقول الله ولا قطع الارزاق هلي علينا بالمطر يا سحابه شاعرك يا غيمة تحلى بالأخلاق لا من حضر جمل بحضره جنابه بدأ الحديث حمد السعيد بالقول: حضور الشاعر جميل وهو واثق من ذاته، لكن عندي ملاحظات على النص فلم يكن فيه ترابط مرضٍ، ومع ذلك فهو لا يخلو من اللقطات الجميلة، مثل (يد القلم لا صافحت يد الاوراق)، ثم إن ترابط القصيدة له دور كبير في عدم تشتيت المتلقي، ومن ناحية أخرى أجد أن استخدام عبارات متداولة بين العامة مثل (إن لم تكن ذئباً كلتك الذياب) يضعف الصورة، مع العلم أنه من حق الشاعر توظيف ما هو متوارث. فيما رأى د. غسان أن النص مسبوق في فكرته، وفيه كثير مما هو متاح للآخرين من عبارات، مثل: (براق، الأرزاق، يا سحابة، الفضا ضاق، جريٍ على ساق، إن لم تكن ذئباَ)، فتلك المفردات المقترضة من الساحة الشعرية ومن العامة لم تزد النص جمالاً، إنما أضفت عليه شيء من الهُجنة. وأكد سلطان العميمي أن الصور الشعرية والصيغ في النص غير تقليدية، حتى وإن كانت مباشرة، ففي بداية النص كانت مميزة، وتمنى على الشاعر لو استمر بذات الأسلوب، ولو أنه ختم القصيدة ببيت أجمل من الذي أورده الشاعر والذي يقول فيه: (جاد السحاب بوابل منه دفاق/ غنى على المسحوب قوس الربابه) بوعزيزي.. رحيل المزن مبارك حجيلان العازمي من الكويت كان متميزاً في القصيدة التي ألقاها في تلك الأمسية مثلما كان متميزاً أثناء جولة الكويت، حيث ألقى قصيدة عن بوعزيزي تحت عنوان "رحيل المزن" فقال: أكبر نحيل الجسم مكبوت من قل مال والمال قيد الكسالى والنشيط كسره يدفع من الضيم رزقه والكاسب حلال ووسيلة النقل عنده من غصون شجره ما حاسبه قاضي الدعوة بجرم احتيال مكاسبه من يدينه وانحناء ظهره أقبل وراه العيال وقوتهم من خلال بضاعته، والدعا بليل تم سهره أشاد د. غسان بالنص، ووصفه بأنه جميل، ويكمن جماله في الأسلوب والتناول وطرح الفكرة، فالشاعر لم يذهب إلى ما هو مألوف من تحسينات وتجميل الأبيات بصور شعرية، مع العلم أن ذلك موجود فيها، فقد ارتأى الشاعر أن يكون التركيز على الموضوع الدرامي الذي جاء بمثابة حكاية مبنية على ما حدث، الأمر الذي يؤثر في المستمع، ومعروف أن الشاعر ينجح إذا تطور بالحدث بشكل سلس وسليم، وفي البداية كان العازمي يعرفنا بالشخص وبمعاناته وبتصالحه مع الوضع، لكن هذا لم يستمر، حيث أن أسباباً خارجية كسرت صمته، وقطعت الشعرة التي كانت موجودة بين القبول والقنوط، وهكذا بدأت الأحداث تتوالى في النص بشكل سريع في النصف الثاني منه، (رحتْ، حرقت، زعلتْ تونس، رحلت)، ومن هنا فالنص جميل وفريد. لكن ثمة نقاط أخرى أشار إليها د. غسان وتحديداً البيت الأخير وما قبله، فقد حمل هذين البيتين عبرة (الأمن ما هو مجازر طاحنة واغتيال/ ولا بضر من جار الزمن وجبره)، (بعض البشر لو توفى ما هو براس مال/ والبعض حتى موته للشعوب ثمره)، في حين أنه ليس من حق الشاعر الذي يكتب بطريقة درامية أن يعطي النتيجة للمستمع، إلا إذا اختار أسلوباً آخر، فالعبرة لا تجمّل القصيدة بل يهبط بها. فيما أثنى سلطان العميمي على فكرة النص، وعلى تماسك وجودة بنيته، وأشاد كذلك بالبناء الدرامي الذي خدم النص، في ظل وجود صياغات صياغات شعرية متميزة. أما حمد السعيد فقد وصف النص بأنه شامخ وجزل ومترابط ومتسلسل، ومن هنا فهو نص محترف يبدأ بتوصيف جميل لبوعزيزي، ذلك التوصيف الذي هيأ المتلقي وفتح أبواب التساؤل، لكن في بيت (يا لبوعزيزي عرفنا كيف قهر رجال/ ثارت ملايين بصفعة مرة بصفعة مرة) لم تكن الصفعة سبباً مباشراً في موت الشاب، وختم السعيد كلامه مع الشاعر بالقول: أنت بطل في النص، ونحن فخورين بمثل هذا الطرح الراقي. غموض ومفاتيح الشاعر الثاني الذي مثّل السعودية في الحلقة الأولى من "شاعر المليون" كان منصور الفهيد الشمري، الذي كان له حضور متميز في جولة أبوظبي الثانية، وفي حلقة أمس ألقى قصيدة جاء في مطلعها: ثورة أقلام ومحابر واعتصام الصدر ميدان ثوّاره شعر في عيونه لا كفخ ذروة سنام وفي مسيره ما يعشق إلا القفر ضاوي.. برمي شعودره للعتام لين ما يكمل احساسه بدر يا وطن والحب عداه الملاه لي طفل في عمره الداله كبر وعن حضور الشاعر بداية قال سلطان العميمي أنه كان جميلاً، كذلك كان وضع النص، مشيراً إلى الذكاء في الطرح، حيث تناول الشاعر صياغات شعرية شاعرية، لكنها كانت في بعض الأبيات حذرة، وبينما تم طرح الرمزية فإنه في المقابل طرح المفاتيح أيضاً، ولهذا لا بد مت إعهادة التأمل في أبيات القصيدة. كما أشار حمد السعيد إلى أن الحديث ذو شجون، فالنص جاء من شاعر جريء طرح أسئلة صريحة، مثلما جاء في عبارته (الفقر كثر الحرام )، وقد بدأ الشاعر قصيدته بالعتب، لكن بشكل عام جريء، وطرحه قد يؤَّل كثيراً، أما الجماليات الكثيرة الموجودة فيه فتنم على احتراف كاتبه. من جهته أكد د. غسان على جمالية النص والفكرة التي تبرزها تجربة الشاعر العمقية في الكتابة، فالجمال في الفكرة يتمحور حول الوطن، لكن الجزئيات تأخذ مساراً فريداً، وهي تتمثل بالأبيات المتماسكة بشكل جيد جداً، كما يبدو النص وكأنه حوارية، لكن الطرفين فيها هو الشاعر.. نعم إنها قصيدة تقف على عتبات الغموض، لكن الشاعر أبقى مفاتيحها. تحليل نفسي الجديد في الموسم الخامس من "شاعر المليون" فقرة التحليل النفسي للشعراء، وفي لقاء أجراه عارف عمر مع د. ناديا بوهناد حول تلك الفقرة، قالت إنها ستدرس انفعالات الشعراء المشاركين، فقراءة لغة جسد إنسان مهمة في معرفة الحالة النفسية التي تسيطر عليه، سواء كان خائفاً أم متوتراً أم قلقاً، تلك الحركات التي لها علاقة بالسلوك الحركي، مشيرة إلى أنه ثمة أشخاص قادرون على التحكيم بحركاتهم الجسدية. وترك عارف عمر بقية التفاصيل المتعلقة بالتحيليل النفسي للشعراء إلى الحلقة الأولى من برنامج المغاني الذي سيعرض اعتباراً من اليوم الأربعاء في الساعة العاشرة ليلاً. السعودية أولاً.. في ختام الحلقة الأولى من مسابقة "شاعر المليون" بدورتها الخامسة تم التعرف على العلامات التي منحها المشاهدون للشعراء الثمانية من خلال الموقع الرسمي لـ "شاعر المليون"، وجاءت كمايلي: أبوهاجس الهَرُوبي 19 درجة، أمجد بركات الصخري 9 درجات، سعيد الحفيتي 10 درجات، صقار العوني 20 درجة، عبدالله العمري 11 درجة، فلاح بن ذروه الهاجري 9 درجات، مبارك الحجيلان العازمي 9 درجات، منصور الفهيد الشمري 13 درجة. أما الشاعران اللذان أهلتهما اللجنة وبذات الدرجة (45) فهما صقار العوني من السعودية، ومواطنه منصور الفهيد الشمري. في حين منحت اللجنة العلامات التالية للشعراء الـ6، وهي: أبو هاجس الهروبي 37، أمجد الصخير 42، سعيد الحفيتي 39، عبدالله العمري 40، فلاح الهاجري 37، مبارك العازمي 44 . أما تصويت جمهور المسرح فقد جاء كمايلي : أبو هاجس الهروبي37، أمجد الصخير 10، سعيد الحفيتي 16، عبدالله العمري 15، فلاح الهاجري 5، مبارك العازمي 17. الكاتب:
اسرة التحرير بتاريخ: الخميس 05-01-2012 01:43 مساء
الزوار: 1770 التعليقات: 0
|