|
عرار:
في سادس حلقات "شاعر المليون" الجمهور يؤهل السعودي متعب الشراري بـ66%، والإماراتي علي الهاملي بـ57% وشعراء الحلقة يمجدّون الأبطال والشهداء في قصائدهم العماني حسن المعمري تؤهله اللجنة بـ49 درجة و"شيهانة الشعر" زينب البلوشي تلقي قصائد فخر في جنود الوطن وشهدائه ليلة الأمس استطاع شعراء الحلقة الخامسة الشاعر السعودي متعب الشراري و الإماراتي علي سالم الهاملي كسب الجمهور إلى صفهم، حيث حصل الشراري على أعلى درجات التصويت التي وصلت إلى 66%، كذلك الأمر بالنسبة للإماراتي علي سالم الهاملي الذي حصل على ثاني أعلى الدرجات 57%، لينتقلا بذلك إلى المرحلة الثانية من مراحل "شاعر المليون" وينضما إلى زميلهما الشاعر عبدالله الطائي من سوريا، والذي سبقهما في التأهل إلى ثاني مراحل المنافسة في الحلقة الماضية حين حصل على بطاقة لجنة التحكيم. جاء ذلك في بداية أحداث الحلقة السادسة من حلقات "شاعر المليون" التي انطلقت تمام الساعة العاشرة بحضور سعادة الدكتور علي بن تميم مدير عام شركة أبوظبي للإعلام، وعيسى سيف المزروعي نائب رئيس لجنة إدارة المهرجانات والبرامج الثقافية والتراثية ، وعضوي اللجنة الاستشارية للبرنامج الشاعرين والكاتبين بدر صفوق وتركي المريخي، وضيفة الحلقة الشاعرة زينب البلوشي التي تميزت في الدورة الماضية من البرنامج وحلت سادسة فيها، بالإضافة إلى مجموعة من الإعلاميين، وجمهور الشعر حضر مشجعاً للشعر الجزل الجميل. ثم اجتمع ستة نجوم آخرين على خشبة مسرح "شاطئ الراحة" معلناً كل من حسين العامري وأسمهان النقبي عن بدء المنافسة الشعرية فيما بينهم، وهم ياسر الزلباني من الأردن، حسن علي المعمري من سلطنة عمان، حمد الجودان العازمي من الكويت، راشد بن قطيما وعكّاش العتيبي من السعودية، وسالم بن كدح الراشدي من الإمارات. فقدموا باقة قصائد انحاز أكثرها نحو الوطن، وغلب عليها الفخر والمجد بالجنود الأبطال الذين يقاتلون في اليمن الشقيق لإبعاد الشر عنه. وألقوا على المسرح على الهواء مباشرة عبر قناتي بينونة والإمارات قصائدهم جزلة تحمل في طياتها تصاوير شعرية لافتة، ومعانٍ بعضها مباشر وبعضها الآخر رمزي. غير أن بطاقة التأهل كانت من نصيب الشاعر العُماني حسن علي المعمري الذي تمكّن من كسب بطاقة لجنة التحكيم ممثلة بالدكتور غسان الحسن، والناقد والكاتب سلطان العميمي، والشاعر والإعلامي حمد السعيد، إذ منحوه 49 درجة. أما بقية الشعراء فلم يكن عليهم سوى بدء رحلة الانتظار أسبوعاً كاملاً حتى تظهر نتيجة تصويت الجمهور، ويتأهل اثنان منهم. بعد أن منحت اللجنة راشد بن قطيما 45 درجة، كما منحت ثلاثة متنافسين ذات الدرجة 43، وهم ياسر الزلباني وحمد العازمي وسالم بن كدح الراشدي الذي حصل على أعلى تصويت من جمهور المسرح، فحاز على 48%، أما عكاش العتيبي فحصل على 42 درجة. زايد والتراث وجولة في المرزوم تضمنت حلقة ليلة أمس تقريرين موضوعهما التراث والبيئة، أولهما تقرير استعاد أقوال للمغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان عن التراث، ودعوته للتمسك به والحفاظ عليه، خاصة وأنه يعتبر جزءاً أساسياً في تاريخ دولة الإمارات، وتكويناً هاماً في هوية أبناء دولة الإمارات. ثم قدم البرنامج تقريراً مصوراً عن زيارة الشعراء المشاركين في الحلقة السادسة إلى محمية مرزوم التي تأسست بتوجيهات صاحب السمو الشيخ خليفة بين زايد آل نهيان رئيس الدولة حفظه الله. وفي المحمية رحب أحمد بن هياي المنصوري مدير المحمية بالشعراء الذين عاشوا تجربة فريدة في ركوب الإبل وصيد الصقور، وإبداع الشعر في رحاب الصحراء المترامية. شيهانة الشعر وفي مسرح "شاطئ الراحة" حلت ضيفة على الحلقة الشاعرة زينب البلوشي، والتي كان قد أطلق عليها الإعلامي حمد السعيد لقب "شيهانة الشعر". وبحديثها عن الألقاب؛ قالت إنها إضافة جميلة في مسيرة أي شاعر، لكن يبقى الشعر وما يقدمه الشاعر من إبداع هو الأهم. وفي ردها على سؤال حسين العامري حول الدعم الذي تحصل عليه الشاعرات الإماراتيات، أكدت أن جميع الجهات المعنية تمنح الدعم للشاعرات، غير أن المطلوب منهن الإبداع في نتاجهن الشعري. وهنأت البلوشي قيادة دولة الإمارات بسلامة الشيخ زايد بن حمدان بن زايد آل نهيان وبعودته إلى الوطن، ورحبت به في أول قصيدة ألقت، وقالت: يا مرحبا مليون يا حيّا الله وشرّك غدا أرضك سما ما تمطر إلا جند وافي وشهدا يا مرحبا بك يا سميّ ابوي زايد مرحبا كنّك من الجنة تزفّ الحق ويردّ الصدا والله ما من شر دام أمثالك لهذا الوطن عند اللزم؛ تارد حياض الموت وترد العدا رد الخبر طيّب حفيده العود ما عوّد خلي من دون أمن اليار لا رد البلاد ولا هدا للأرض للإنسان للتاريخ للحق ونِعم تتأصل بنا تربية زايد ولا راحت سدى يا سيدي محمد لنا قدّام وعدانا ورا لبّيه لا ثار الندا ولبّيه من قبل الندا يا سيدي حمدان قرّت عينك وعين الوطن رد ببياض الويه زايد طيب وشره غدا يا مرحبا والمجد من بونا هنا راعي محل لا هود في دربه ولا يلحق في داره هدا ومن قصيدة ثانية قالت: ألا يا مرحبا باللي كرامتهم كرامتنا من تراب الوطن لغيمه المضياف هلّينا على أرض السلام الطول للوافين مدّتنا أصالة دار زايد قبلة التاريخ والمينا نبض عرق التسامح وارتوت أرضه بوحدتنا لجذر الخير فينا انتماء يطوّل ايدينا لنا قدام وطوال الدروب تعرف وقفتنا ولا به درب فرّق حاضرنا وماضينا وختمت بمجموعة أبيات جاء فيها: من خاطري جيت اهنّي وآخذ اخبارك فيني من الشوق ما يخلف بي ظنونك عنّيت لك عوق وتعنّيت لي دارك وانت تخاف نتواجه وانخطف لونك كل عام والجرح الأقشر منك يتْبارك كل عام وانت تخون وما أقدر اخونك تناص مع المتنبي "زايرة ليلي" كانت فاتحة المسابقة بين الشعراء، والتي ألقاها الشاعر ياسر الزلباني، وقال في مطلعها: كل ما التقتت خيوط الشمس حول غروبها عاد هاجوس طويته في كتاب االبارحه وكل ما جا الليل يلبس هالمدينة ثوبها يشتعل فانوس طيف الذكريات القارحه ضاقت صدور المباني واشتكى لي طوبها واختنق كل الفضا من هالقلوب السارحه وارتفع صمت انتظاري دوبها يا دوبها وين؟ ليه؟ مدري ياالنفوس المارحه كن جلباب الظلام من الحيا بجنوبها جت ومعها ما يقض المهجع اللي تطارحه د. غسان الحسن قدم أولى القراءات النقدية للقصيدة، ومما قال للشاعر: كانت مسيرتك في المراحل الأخيرة من المسابقة وقبل حلقات البث المباشر جميلة جداً، ووصلت إلى أرقى الدرجات في جميع جولات واختبارات الـ100. أما قصيدتك تلك فهي مليئة بمفردات الضيق المعنوي والمادي الذي بان في مفردات وعبارات مثل (الليل، هاجوس، صمت) وغيرها من المفردات التي لا يكاد أي بيت يخلو منها. وهي قصيدة مقترنة بالمسيرة التي تتكرر وتتردد بين يوم وليلة وباستمرار. وفي عبارة (زايرة ليلي) وما طرحت فيها من أفكار ذكرتني بقصيدة المتنبي "الحمى" التي قال في أحد أبياتها (وزائرتي كأنّ بها حياءٌ/ فليس تزور إلا في الظلامِ) وهذا الأمر عبرت عنه في القصيدة بشكل واضح، وفي تناص قوي جداً بين النصين على مستوى الجو العام والجو النفسي للقصيدتين، كما في البيت (ضاقت صدور المباني واشتكى لي طوبها/ واختنق كل الفضا من هالقلوب السارحه)، ويقابله بيت المتنبي (يضيق الجلد عن نفسي وعنها/ فتوسعه بأنواع السقامِ). في حين ظهر التناص بشكل واضح جداً بين بيتك الذي قلت فيه (من وفاها ولا توخر عن وعد محبوبها)، والبيت الذي قال فيه المتنبي (ويصدق وعدها والصدق شرٌّ/ إذا ألقاك في الكرب العظامِ)، وهذا التناص الذي أحسنت فيه أعطى القصيدة جمالاً. سلطان العميمي قدم بدايةً التهاني لصاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، ولصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد ولي عهد أبوظبي، وسمو الشيخ حمدان بن زايد آل نهيان ممثل الحاكم في منطقة الظفرة؛ بعودة الشيخ زايد بن حمدان بن زايد آل نهيان من رحلة علاجه بعد مشاركته في معركة الكرامة والشرف. ووصف الناقد القصيدة بأنها تحمل الكثير من الإبداع، وقد تألق الشاعر أثناء إلقائها، وهي التي تتقارب مع موضوع قصيدة المتنبي. لكن ياسر ذهب إلى أطراف أخرى من الصراع مع تلك الزائرة، وأولها الصراع بين الليل والنهار، لأن الشاعر في البداية تحدث عن غياب الضوء وحلول الظلام وبدء صراعه مع الزائرة، ثم انتهاء الليل وولوج الصباح، لتبتلع القصيدة نفسها والفكرة، ولتضع الشاعر في صراع مستمر لا ينتهي، وكان هذا التأطير موفقاً. خاصة وأن ذاك المشهد نراه من زاوية سينمائية واضحة من نواحٍ عدة تتمثل في الأضواء والإنارة، والزمان والمكان، والحوار والحالة النفسية، والضيق والهم. ولفت الناقد أيضاً إلى استخدام الشاعر مجموعة من المفردات الدالة على اللباس، مثل (خيوط الشمس، ثوب المدينة، جلباب الظلام، التاج، الصبح يلبس. الناقد حمد السعيد، وقبل أن يقدم قراءته النقدية للقصيدة؛ هنأ الإمارات بعودة الشيخ زايد بن حمدان بن زايد آل نهيان، كما ألقى عدة أبيات، من بينها: يا فرحة الإمارات برجوعك يا بو سلطان رجوعك يغيظ عداك وأفرح محبينك شهد لك عدوك قبل لا يشهد الميدان شجاع نهياني والأمجاد في جينك وقدم عزاءه أيضاً للشعر والأدب والكويت برحيل الشاعر الجزل محمد خلف الخس أحد أهم أعمدة الشعر في الجزيرة العربية والوطن العربي، صاحب لقب "البستان" الذي أطلقه عليه الملك الراحل عبدالعزيز آل سعود. وعودة إلى النقد قال السعيد إن الشاعر ياسر في نصه هذا يذكرني بقصيدة "عْصِيْر" للشاعر محمد بن فطيس. ووصف ياسر بأنه أحد أهم شعراء الأردن، ومن بيئة مليئة بالشعر، ولهذا أتى بنص مترابط جداً تحدث فيه عن الضيق، وتناص فيه مع قصيدة المتنبي. متمنياً لو أن الشاعر وضع المتلقي في سبب ذاك الضيق شعراً، لكان النص أقوى. طير حر ونص مدهش "الفجر الأخير" عنوان القصيدة التي ألقاها الشاعر حسن علي المعمري، وتأهل بسببها، ومما ورد في أبياتها الاستهلالية: يا حرفي الناهل سقط من وجهي الناهل قناع جمّل تراني ذاخرك بندق وبارودك سعير سريتني مسرى الذياب الرمد ودورب السباع وأنا قنيبي يرهب القمره ويفلقها الزئير من عقب ما فكيت صمتي من مخاليب الضياع أقبلت وعزومي يخيطن جرحي بخيط الحرير كنت الحزين المرتمي في قعر جب الاقتناع حين تدلت لي حبال الحلم واكملت المسير سلطان العميمي أشار إلى إبداع حسن في القصيدة وفي تصوير العلاقة مع والده، وخاصة في تصوير مشاهد من حياة الأب، إلى جانب مشهد وفاته الذي يحمل ألماً كبيراً. ولفت انتباه السعيد موضوع القصيدة عن الأب، والذي سبق للشاعرين سيف المنصوري وعايض الظفيري بالكتابة عنه، فقدما قصائد لا تمحى من الذاكرة عن والديهما. وبيّن الناقد جمال النص بدءاً من الاستهلال (يا حرفي الناهل سقط من وجهي الناهل قناع/ جمّل تراني ذاخرك بندق وبارودك سعير)، وفيه أشار الشاعر إلى قناع واحد، لكن فيما بعد جاء ما يدل على وجود عدة أقنعة، أبرزت التحولات المستمرة للشاعر في قصيدته بطريقة لافتة ومبدعة، منذ أن قال تراني ذاخراك بندق، ثم أصبح ذئباً، وسبعاً، وجريجاً، وحزيناً، ليسقط بعدها في بئرٍ؛ مستحضراً صورة النبي يوسف. ليتحول في الخاتمة إلى طير (أنا هنا بسمتك أفل جناحي الأشقر واطير). ومما أشار إليه العميمي كذلك البيت الذي قال فيه الشاعر (ما كنت أظن الموت يلوي ساق ويهدّ الشجاع/ والنجم ما كنت أحسبه يفنى على كف السرير)، وخصوصاً الشطر الثاني المليء جداً بالإبداع. وأكد الناقد حمد السعيد على حضور الشاعر المتمكّن على المسرح، وهو الذي كتب نصاً احترافياً مترابطاً استحضر فيه قصة النبي يوسف التي استمرت في عدة أبيات خدمت معنى الشاعر، وهي: (علمني أقبل راهٍ يكسر ورى وجهه فقير/ كان الصعب في منهج الدنا معاه الانصياع)، (إلا لرب شاف فيه الزهد مسباح وحصير/ وهوه يمينه محمل السنبوق ويسار شراع)، (عن طاميات الموج أبحر بي بعالم مستثير/ مشتاق له كثر الشعور اللي شرى فيني وباع). وأشار السعيد إلى مقدرة الشاعر على الإبداع في توظيف صفات والده، لافتاً إلى الشطر الذي اعتبره من أجمل ما في النص، والذي قال فيه حسن: (والنجم ما كنت أحسبه يفنى على كف السرير) رغم ما فيه من حزن وألم. وإلى البيت (يا بوي فيني عيش دام اني تقدّيتك طباع/ أنا هنا بسمك أفلّ جناحي الأشقر واطير)، موضحاً أن اللون الأشقر هو لون الطير الحر، والشاعر كذلك طير حر وضع المفردة في موضعها الصحيح، إلى أن ختم بقوله (من فوق هامه ما بها زيف وتكلّف واصطناع/ قابلتني وحساس بوحي يعسف الكوس ويغيّر). د. غسان الحسن قال إن النص جميل ومدهش بمعنى الكلمة، من ناحية الحرفة الشعرية الواضحة، وكيفية البناء، وكيفية اختيار المفردة، وتوظيف الصورة في خدمة المعنى لتظهر بصورة أقوى من المباشرة. فالنص في بنائه الفني يقع بين الخطاب الموجه للشعر، ثم الحديث عن المسابقة والمشاركة فيها، انتقالاً إلى الوالد. مشيراً د. الحسن إلى مفردات المعنى التي تكررت ومثلت المعاني الجزئية، وإلى الشاعر الذي تحول من موضوع إلى آخر بطريقة جيدة ومدهشة. وأضاف أنه كان محمولاً على جناح من الطرب وهو يستمع إلى الانتقالات بكل كفاءة وسلاسة، وهذا يحسب للشاعر في البناء الموضوعي، حيث تطرق إلى موضوعات كثيرة دمجها بشكل جيد. وذكر د. الحسن أن مفردات النص في البداية كانت مليئة بالعنف (بندق، بارود، السباع، الزئير، مخاليب الضباع) لكنها أتت بصورة متناسقة بما فيها من هجومية، بعدها انتقل الشاعر مرة واحدة إلى الرقة والدّقة حينما قال (أقبلت وعزومي يخيطن جرحي بخيط الحرير)، ويبرر ذلك المعنى الموجود في النص. وعلق الناقد على الشطرين (وهوه يمينه محمل السنبوق ويسار شراع) و(عن طاميات الموج أبحر بي بعالم مستثير)، وقال إنهما يدلان على الواقع، وإما أن الوالد كان بحاراً، أو أن الشاعر استجدى تلك الصورة من عالم البحار ليقول إن والده كان جاداً وعلّمه بإتقان، وهذا يعني أن الشطرين يصلحان للواقع وللتصوير، وتلك حرفة الشاعر الذي دخل في موضوع في غاية في التطور الشعري والدقة عندما أتى بمشهد الموت، فتشابكت الأمور فيه، واختلطت الأضواء والظلام والأنواء والإحساس والفناء والحياة. وأخيراً لفت الناقد إلى كلمة (تم) في الشطر (تم الحياة الفانية في مشهد الفجر الأخير)، موضحاً أنها لم تأتِ بمعناها الدارج، بل بمعنى الكمال الذي يأتي بعده نقصان، وهذا إيحاء بالموت يحمل معنى راقٍ شعرياً. تصويرات وخيال شعري ثالث شعراء الأمسية كان حمد الجودان العازمي، والذي قال في مطلع قصيدته: فكّيت للحرف باب وفك فالجو باب ما عادت الأرض لحروف المشاعر رجوب في ليلتن توحش الطرقي بليّا زهاب كن المدينة حطب واهل المدينة شبوب تعانق البرق ما بين السما والتراب هب الهوا من شمال وضم وغيم الجنوب زفيت المستقبل أيامي لمتن السحاب ورميت ما فات من عمري بوجه الهبوب إن عشت بكره تبين الشمس والقى جواب وان كمل الليل حتى الشمس وقت وتذوب حمد السعيد من جهته وجد مدخل القصيدة التي تليق بالمسابقة والمضمار في غاية الروعة، وكأن الشاعر أشرع باب الشعر هذا المساء، والأرض لم تعد تتسع لمشاعره، وخاصة حينما قال (في ليلتن توحش الطرقي بليّا زهاب/ كن المدينة حطب واهل المدينة شبوب)، وكذلك عندما قال فيما يليه (تعانق البرق ما بين السما والتراب/ هب الهوا من شمال وضم وغيم الجنوب)، حيث تجلت صورة جميلة استمرت حتى البيت الثالث (زفيت المستقبل أيامي لمتن السحاب/ ورميت ما فات من عمري بوجه الهبوب). وبدا للسعيد أن الشاعر غلّف بعض أبياته بطريقة رائعة، وأورد صوراً جميلة مثل ما في (والفرصة اللي تمر سنين مثل السراب/ صافحتها من غلا واكرمتها من وجوب)، وفي البيت (في عينها تسقى اطراف الفياض الهضاب/ ولعينها أسرجت من بد الأصايل ركوب). مبدياً إعجابه في الختام (إن طحت من دونها قد طاح قبلي ذاب/ وغن جيت في وصفها فاسمي يسد وينوب). من جهته أكد د. غسان على جمال النص بأبياته المفعمة بالشاعرية وبالتصوير والخيال الشعري اللافتين، وهو ما استقاه الشاعر من مشارب متعددة. وقد يكون النص عن المسابقة كما يوضح النصف الثاني منه، والذي يدلل عليه (والفرصة اللي تمر سنين مثل السراب/ صافحتها من غلا واكرمتها من وجوب) وكأن ما قبلها كان سراباً، فلم يكن في السنين السابقة أي فائدة. مؤكداً على أن في كل بيت من الجمال ما يكفي، كحال البيت (تشوفني فارس لافرعت لا يهاب/ وأشوفها توبة تغسل جميع الذنوب)، وفي: (إن طحت من دونها قد طاح قبلي ذياب/ وإن جيت في صفّها فاسمي يسد وينوب)، حيث هناك تراسل مع سيرة أبي زيد الهلالي. ويبرز الجمال في (زفيت مستقبل أيامي لمتن السحاب/ ورميت ما فات من عمري بوجه الهبوب)، وهو الدّال على الارتقاء بالنفس وبالموهبة الشعرية. وختم د. الحسن بقوله: مثل هذا التعبير والأسلوب الراقي في الشعر يجعلني أشيد بالنص. من جهته أكد سلطان العميمي على أن القصيدة تحمل تصاوير شعرية جميلة أظهرت أسلوب بناء النص. وما أثار انتباه الناقد الشطر (وعلقت نفسي على الآمال من كل صوب) بما فيه من خيال وسريالية عجيبة. ففي مطلع القصيدة تعامل الشاعر بدايةً مع الحرف، إلى المشاعر، ثم القصيدة، وفي ذلك تدرّج جميل. ولم يجد الناقد أن البيت (ليه التفت في مشاريه العرب والعتاب/ وأنا على نفسي أخطي كل مرة وأتوب) مرتبطاً بموضوع القصيدة. وعلق على ما في (حجم المسافات ما بين الخطا والصواب/ أقصر من الوقت ما بين الشفق والغروب)، فرغم جمال الصورة إلا أن الوقت بين الشفق والغروب لا يدل على السرعة، وتقدير الزمن بينهما نسبي، كذلك الأمر بالنسبة للشطر (أنعم من الورد لا خيّم عليه الضباب). ومع ذلك فإن النص ممتلئ بالجمال. تميز لغوي مشروع النص الذي ألقاه راشد بن قطيما كان محملاً بالرمزية المغلّفة، والتي لا يستعصي فهمها على المتلقين بما حملت من رموز ودلالات تتحدث عن راهننا، وقال في أبياته الأولى: صبرنا ما هو سوا الحلم والحكمه تقول الخساير في قرابه ولابه وقصـرى يا بعيرٍ جنبك اجرب وزوّال وعيول لا تدوّر غير شبه الجزيره لك ذرى عذرك انك لك سياده وكل ٍله ميـول اثرنا ربعٍ تبارى ولا حن بخشرى ايتراوى لك جموعٍ على قرع الطبول وقمت من خوفك تهذري بشي ٍ ما طرى تبتسم لاجيت والقلب حاقد ومغلول ضحكه وضمه وغمزه وطعنه من ورى تظلم الروس العزيزه وترفع لك ذيول كل جرح يطيب ياكون جرحك ما برى أشار د. غسان الحسن بداية إلى أن موضوع النص سياسي راهن. وأن الشاعر ذهب فيه إلى الرمز اللغوي الذي ظهر في مفردة (مطر) التي تتقارب مع مفردة أخرى، وهو عادة من أكثر الرموز شفافية، فلا يبتعد بالذهن كثيراً، إنما يكشف بسرعة عما يريد الشاعر أن يكون المقصود مكشوفاً. ودلّ على وجود جمال كثير في الأبيات، وإلى استحضار شخصيتين من التاريخ الإسلامي خلال حروب الردة، وهما سجاح ومسيلمة، ولا شك أن اختيارهما كان موفقاً. وفي الموضع ذاته ثمة انقلاب وارتداد وعبث في الاتجاه الذي يجب أن يكون، فوظفهما الشاعر بطريقة محترفة. ليذهب في الأبيات الأخيرة إلى بيان طرف آخر في الساحة وفي ذات السياق، وبترميز بسيط. فيما أكد الناقد سلطان العميمي على تفاعل الشاعر المميز مع القصيدة التي تحمل الوعي الذي تمثّل بأكثر من وجه، سواء في الفكرة بكافة أبعادها، وبكيفية الطرح وخلق التوازن بين الشعر والموضوع، مشيراً إلى أن الشاعر قال ما يريد باستخدام الترميز والتغليف، في حين بُنيت الصور على مرتكزات واضحة من المطلع وحتى الخاتمة، وحضرت المحسنات البديعية من جناس ناقص وطباق. وما لفت العميمي تصوير المطر والربيع بمعنى غير المعنى الذي نعرفه. كما في القصيدة ما يشبه سقوط المطر، وهو ما تمثل في الشطر (كلنا سجيل أبابيل دون أم القرى). ثم إن الشاعر استحضر إلى جانب سجاح ومسيلمة شخصية ثالثة حضرت بصورة غير مباشرة، ممثلة بأبرهة الحبشي، من خلال تأمل الصورة الشعرية. ووصف الناقد حمد السعيد راشداً بأنه شاعر جزل، وهو الذي ينتمي إلى مدرسة السهل الممتنع. وهو الذي استغل الشاعر الفرصة لطرح موضوع سياسي حساس برمزية عالية وباستخدام مفردات دالة على ما يرمي إليه، مثل (حمر طرابيش، سجاح، جنبك أجرب)، أما المدخل فكان ذكياً جداً، وهيأ المتلقي لبقية النص، مستدلّأً الشاعر بمفردات مثل (قرابه، لابه). وكان الختام موفقاً (دون حد البيت يا سارق آثار الرسول/ كلنا سجيل أبابيل دون أم القرى)، واختتم بقوله: المطلوب من الشاعر أن يدافع عن بلده ووطنه ومقدساته. صور جميلة نص "الحزم التليد" الذي ألقاه الشاعر سالم الراشدي ينتمي إلى الشعر السهل الممتنع، بما فيه من دلالات شعرية، ومما جاء فيه: مساء العيد يا حضن القصيد وعاصمة للاهام مساء المجد ما خبت ركابه وانتي أليمة ولو ما طاولت قدرش قصائدنا فلا تنلام تراش أصلا تعديتي مدا لدراك فالقمه حضرتي شاعرش وانتي حضورش دائما قدام نزلتي في صميمه واستبحتي روحه ودمه يدور الوقت وعجاف الليالي تطحن الأيام مثل ما تنطحن حب الرحا فردي وملتمّا علينا غيّمت من شاشة الفتنه غيوم أوهام كساها الليل بشته واستبدت الغمّه رأى الناقد سلطان العميمي أن القصيدة جميلة رغم تقليدية موضوعها، ومليئة كلها بالصور الشعرية. وكان انتقال الشاعر من مطلعها إلى موضوعها سلس جداً، وفيها سهولة ممتنعة تجعلها تصل إلى المتلقي. وما لفت انتباه العميمي البيت (ندب له خير ما ربي عرين الذيب والضرغام/ مثل زايد ومثل ذياب وإلا من بني عمّه) في إشارة إلى الشيخ حمدان بن زايد وذياب بن محمد، وهما من أبطال الإمارات، ونموذجان يحتذى بهما من قبل أبناء الإمارات في ساحة المعركة. فيما وصف حمد السعيد حضور الشاعر بالمتميز، وكذلك نصه الذي تناول فيه موضوعاً يشغل الساحة بنضج فكري وذكاء، حيث الحديث عن أبوظبي، بعدها انتقل الشاعر للحديث عن التحالف السعودي الإماراتي ومبرراته. مشيراً السعيد إلى الصورة الجميلة في (يدور الوقت وعجاف الليالي تطحن الأيام/ مثل ما تنطحن حب الرحا فردي وملتمّا)، والصورة الواضحة - رغم رمزيتها - والتي جاءت في البيت الذي يليه (علينا غيّمت من شاشة الفتنه غيوم أوهام/ كساها الليل بشته واستبدت الغمّه). وعن القنوات التي تسوق للفكر الموبوء أورد سالم بيتاً قال فيه (حصيلتها فكر ينبت على كل الدروب ألغام/ وسيلٍ كل ما حدر على وادي أمل طمّه)، ليأتي الختام جميلاً جداً (على عد الكرامه وردهم كنّه ورود حيام/ تقفتها سموم وشوقتها بارد اليمّه)، بما يحمل من دلالة على البطولة والكرامة. د. غسان الحسن أشار إلى أن الشاعر ذهب إلى موضوع الساعة، وما يدور في الساحة من أحداث وتفاعلات غالبها سلبي، فأحسن في شرح متاهاتها، كما أحسن في ذكر (حضن القصيد) وأبوظبي في ثلاثة أبيات، لينتقل بعدها إلى (يدور الوقت عجاف الليالي تطحن الأيام)، لكن الانتقال كان مفاجئاً وغير سلس أو مبرر بعد الحديث عن أبوظبي، فالانتقال المفاجئ يصنع شرخاً في بناء القصيدة. أما الموضوعين الآخرين المرتبطين بتشخيص الحالة وما تبعها من علاج وفزعة؛ فبينهما تداخل وتمازج جيد، فدخل الشاعر من موضوع إلى آخر بسلاسة، وخدم أبياته شعراً وتصويراً. وعلق د. الحسن على ما ورد في آخر القصيدة (يا تاريخ العرب نام وتهنى في ذار الحكام)، وقال إن تاريخ العرب من الماضي، وهو نائم أصلاً، وبالتالي لا بد أن يخاطب الشاعر ما في الواقع، وكذلك الأمر بالنسبة للبيت (توارى ليلك وأسفر صباح الضاد والإسلام)، فالمشكلة ليست في لغة الضاد إنما في العرب. بين المباشرة والشاعرية عكّاش العتيبي كان آخر شعراء ليلة أمس، وحسب د. غسان الحسن فإن بعض أبيات الشاعر وصلت إلى حد عالٍ من الشاعرية، ومما قال: أثقلي يا شمس الإبداع ما حان الغروب أمهليني لين أصورك من راس النبا يعلم الله لو تغيب راضي ومغصوب الوضيحات صيد القريحة والظبا منطق الرجّال عن كل معرفته ينوب الكلام يفرّغ الغمد ويبين الشبا إلى أن يقول في ختام النص: ما نجوّل وانعرض قصدنا اللحن الطروب قصدنا لا دخّن العود هبّينا صبا إن تعزوينا بنوره قبسناها شبوب وان تعزوينا بشمّا يصير اللي نبا وقد أوضح د. غسان الحسن أن موضوع النص دار حول ما يشغل الأمة والناس من أحداث وخطوب تعتبر مصدر إلهام. غير أن ذاك النص تراوح بين المباشرة والشاعرية، فاتضحت المباشرة في عدة أبيات ليس فيها من الشعر شيء، وتمثلت في (جيتكم مديون والدين محصى ومحسوب/ من شهادات ووطن من قبيلة وأقربا)، وأيضاً في (كلمة الواجب تبدّا وفرضها الوجوب/ مثل ما فرض أبقاكم الله بعد يا مرحبا)، والبيت (رغم ذلك جمع الابطال ما هو بمغلوب/ اليقين اللي على واس في وام وسبا). وفي المقابل جاء الشاعر بأبيات وصلت إلى حد عالٍ من الشاعرية والتصوير الجميل في (الخيانة غاية الكذب وقيود الدروب/ اللسان اليا عثر والحصان اليا كبا)، وفي (منطق الرجّال عن كل معرفته ينوب/ الكلام يفرّغ الغمد ويبين الشبا) ، كما أشار إلى بيت آخر جميل وهو (ما نجوّل وانعرض قصدنا اللحن الطروب/ قصدنا لا دخّن العود هبَينا صبا). ومن جهة أخرى أشار د. الحسن إلى إعجابه بقدرة الشاعر على توظيف العرضات والجولات والعزمات التراثية المرتبطة بالحماسة. فيما أبدى الناقد سلطان العميمي إعجابه بمطلع القصيدة الذي وجده مميزاً جداً، مشيراً إلى تقليدية موضوع القصيدة التي انقسمت إلى قسمين، قسم أول ارتبط بالمسابقة، وقسم ثانٍ تحدث فيه الشاعر عن التحالف. في حين أن المعاني التي حملتها القصيدة جاءت محملة برسائل مهمة، وتراوح التصوير الشعري بين الخفوت والرقي، إذ استخدم الشاعر الكثير من القوالب الجاهزة، مثل (سلم وحرب، جنان الخلد)، موضحاً أن الشاعر كلما قلّل منها ارتفعت الشاعرية. أما الخاتمة فهي من أجمل الأبيات (إن تعزوينا بنوره قبسناها شبوب/ وان تعزوينا بشمّا يصير اللي نبا)، بما فيها من تصوير رائع وكناية متميزة. شعراء الحلقة السابعة ومع ست نجوم آخرين سيكون للجمهور موعد في الحلقة السابعة من البرنامج، ليلقي الشعراء على مسرح "شاطئ الراحة" قصائدهم الذي سيتنافسون من خلالها، لينتقل ثلاثة منهم إلى المرحلة التالية، وهم: بتول آل علي من الإمارات، حذيفة العمارين من الأردن، صالح العنزي و نجم بن جزاع الأسلمي من السعودية، عبدالله البدري من العراق، ومبارك بن غاطي من الكويت. الكاتب:
مراقبة التحرير والنشر بتاريخ: الثلاثاء 20-02-2018 08:24 مساء
الزوار: 2316 التعليقات: 0
|