صديقي الأستاذ والكاتب المبدع مطلب العبادي،صاحب كتاب خواطر ومواقف في حياة معلم الذي لخص فيه مسيرة حياة تربوية،اجتماعية ،سياسية حافلة..هذا الصديق إتصل بي ليخبرني تفاصيل ما جرى فقال:-
كلام الدكتور عبد الله النسور كان كمن يرش رذاذ الماء البارد فينزل على الناس عذوبة وروعة..يطفئ الغضب ويهدئ النفوس، ومما قاله الدكتور عبد الله :-"نحن الأهل والجيرة والمصاهرة..بناتكم في أحضان شبابنا وبناتنا في أحضان شبابكم..في إشارة إلى النسب والمصاهرة الطيبة.
فيقول صديقي مطلب-كم تمنيت أن أكون في المنزل..فعدت بأقصى سرعة ممكنة.
سألته لماذا.؟ فقال:- احتضنت زوجتي الغالية أم قيس وأنا أقول لها"حبيتي السلطية ..تعالي بحضني".
هو صاحب الحس المرهف والذوق الراقي والتفكير الحضاري الرائع.
الرواية الثانية:-
هي رواية والدي رحمه الله عبد الله العلي العمايرة..القاضي العشائري على مستوى المحافظة وعلى مستوى المملكة..فارس الخيل..وفارس الشعر البدوي.
فقال عنه الأستاذ الدكتور حسن سعود النابلسي:- "هو من علمني فن الفروسية وفن الشعر البدوي الجميل".
كان حين يعود إلى البيت ولا يجد والدتي رحمها الله،لا يهنأ له بال ،ولا يرتاح..يذرع البيت جيئة وذهابا..يخرج أمام البيت يتفقد بعض الشجيرات الجميلة التي زرعها،ثم يعود ليسألني ربما سؤاله للمرة العاشرة :-
"هي أمك وين راحت يا ولد؟ مطولة ترجع؟ زمان راحت؟......
فأجيبه بأنها قادمة..هي في بيت عمي..لا تقلق يا أبي.
كان لا يرى سواها في البيت..لا يرانا .. لا يحس بوجودنا..هي كل حياته.
والدتي رحمها الله من عشيرة أبو خروب/الزيادات من الصبيحي..أحبها أبي وأحب المكان وأهله.
أسأله:- يا بوي هو ما فيه غير أمي بحياتك..وإحنا مالنا؟؟.
فينشد قائلا:-
عباد منبع الكرم والطيب من قديم الليالي  //        عباد حصن تراجد أصلها من خيل العبيات
***
يا بوي تاري العرب من دون مرج الموالي    //      حلــو المبانــــي والمقاديــــــم حشمــــــات
***
وتشتاق لشفت النجـــــــــر والــــــــــــــــــدلال    //    ومناسف يابــــوي للضيـــــف عجـــــلات
هذه رؤيته للنسب والجيرة عباد..رؤية الكرامة والطيب والأصل وعز النسب.
فحبه لوالدتي تجاوز حدود المكان ليصل هناك عند الأهل والأخوال" حلو المباني والمقاديم حشمات".
فكانت التركة الكبيرة التي تركها لنا..حب الأخوال وتقدير الجيرة والخؤولة الطيبة.
هي الرسالة للأهل"الآباء والأمهات"رسالة الاحترام للآخر وللجيرة ونقل هذا الاحترام والحب للأبناء..لا أن نعلمهم فن إيذاء الآخر والنزول إلى الشارع وترك قيمنا الجميلة..هي رسالة الصدق معهم في نقل ثقافة المنازل ، التي إن كانت سلبية تفسد الأبناء..فلا يجوز أن نكون مزدوجي الثقافة،في المنزل شيء وأمام الرأي العام شيء آخر.
فثقافة المنازل الهابطة المسيئة، التي ننم فيها على اخواننا وأبناء عمومتنا وجيراننا وأهلنا من شتى المنابت والأصول سوف تظهر في الشارع وفي الملاعب الرياضية والجامعات والمدارس..وقد ظهرت.
فهذا الجيل ربما تشرب هذه الثقافة المؤسفة ووصل لمرحلة لم يعد بينهم ما يسمى " الحجيز" الذي يفصل بين الأطراف المتصارعة ويهديء النفوس ويصلح بينهم..فقط الفزعة بدون معرفة الأسباب والدخول في المعركة مع أحد الأطراف.
أين هم الشباب العقلانيين الحضاريين المثقفين الذين سماهم جلالة الملك عبد الله الثاني بن الحسين فرسان التغيير؟؟ أين أنتم؟؟.
* خالد عمايرة
khalidalamaireh@yahoo.com
====================================
- عضو قسم الإرشاد التربوي/ مديرية تربية السلط.
- نائب رئيس المنتدى الثقافي العربي / زي.