|
عرار:
عرار:مساء ليلة أمس وعلى خشبة مسرح شاطئ الراحة كان بانتظار ترشيح جمهور برنامج "شاعر المليون" الذي تنتجه لجنة إدارة المهرجانات والبرامج الثقافية والتراثية بأبوظبي؛ لشاعرين فقط من بين ست شعراء وهم: أحمد خالد بن جوفان العجمي من الكويت، وحامد علوي أحمد الهاشمي من الإمارات، وصالح جار الله آل كحله المري، وعبدالرحمن رده عقاب المالكي، وظاهر خالد الملغومي الظفيري من السعودية، و صهيب محمد المعايطة/ الأردن. لم يطل الانتظار كثيراً، إذ سرعان ما أعلن كل من المقدم صديق الشعراء حسين العامري والمقدمة صاحبة الإطلالة الجديدة على الشاشة مريم مبارك، وقد تم الإعلان عن تأهل كل من الشاعر الكويت أحمد خالد بن جوفان العجمي بأعلى نسبة تصويت وصلت إلى 72%، والشاعر السعودي صالح جار الله آل كحله المري بـ54%، لينضما بذلك إلى المؤهّلين في الحلقة الماضية راجح نواف الحميداني من الكويت، وسيف بن سعيد محمد الريسي من سلطنة عمان. مع الإرادة بدأت الحلقة بتقرير مصور مع الشعراء الذين قالوا آراءهم فيها، وكيف يتمكنون منها، وما الذي يقويها لديهم، وما الذي يضعفها، ثم من هو المثل الأعلى لكل شاعر من الشعراء الثمانية الذين يمثلون 6 دول. وهم: بدر نايف الكبيح/ الكويت، حامد الحويطي/ الأردن، سامي صالح العرفج التميمي، ومحمد بن هضيب، ومسلط ناصر بن سعيدان/ السعودية، ناصر الشفيري/ اليمن، ويونس العيد/ البحرين، زينب البلوشي/ الإمارات، وهي الشاعرة الوحيدة التي وصلت إلى مرحلة الـ48، ليطبعوا جميعهم الحلقة بطابع التميز، حضوراً، وأداءً، وجمالاً في الصور الشعرية وتراكيب المعاني التي حفلت بها نصوصهم من دون استثناء. لكن القول الفصل كما في نهاية كل حلقة كان لأعضاء اللجنة د. غسان الحسن، الأستاذ سلطان العميمي، الناقد حمد السعيد، الذين رشحوا الشاعر الكويتي بدر نايف الكبيح بنسبة 47%، ومثلها للشاعرة الإماراتية زينب البلوشي التي تقدمت بتصويت جمهور المسرح كذلك بدرجة 47%، فيما كان على الشعراء الست الانتظار إلى الأسبوع القادم ليصوّت الجمهور عبر الرسائل النصية لشاعرين فقط، فصبح عدد المرشحين من كل حلقة أربعةً، كما ينص قانون المسابقة في مرحلتها الأولى المتمثلة بست حلقات. الكبيح.. مغاير ومتمكن، متألق ومنبري على الهواء مباشرة عبر قناة أبوظبي الأولى وقناة "بينونة" أطل الشاعر بدر نايف الكبيح بقصيدة بأربعة أبيات مثّلت مدخل مشاركته، فأنشد متغنياً ببلده الكويت التي تحتفل بالعيد الوطني في هذه الأيام، ومستعيداً اسم "تركي" رجل الأمن الذي توفي خلال تلك الاحتفالات، فامتزجت أبيات فخره بنكهة الحزن على فقدان "تركي".. فقال: يا كويت حطّي على إيد الفخر إيدك محدن له بعزّتك يا غاليه منّه لا، لا تضيقين ياللي فرْحنا صيدك على الذي راح ينطح مخلف السّنّه تُركي رجل أمن استشهد فدا جيدك تفاخري في ولدك وسولفي عنّه كنّه يبي يفرح لفرحتْك في عيدك ما هو معك فوق عند الحور بالجنّه ثم أتبع المدخل بقصيدة المسابقة (للأسى مرسى) المواكبة للأحداث: يطيح الدمع من عين السحاب وتبتسم لَ اشجار ولا زال ف ثنايا الجرح جرح وآه مشحونه تعبنا يا الليالي ما فتحنا للعتاب زرار سعدنا لو سعادتنا مَ ندري وين مركونه ونتفاءل ولو كان النصيب من الزهر صبّار وش الحيله معَ حظٍ ل جينا غمّض عيونه ألا يا هدهد سليمان ليت تعوّد المسيار تعال وشوف واحدنا مثل لون الحزن لونه غدينا للأسى مرسى غدينا اللوح للمسمار يباغتنا القصير بلا صهيل مكشّر سنونه من أطيب رزقنا كم طيرٍ شال اللي يبيه وطار ولا جانا بعد طول العنا حتى بزيتونه ذبحنا شوف "مأربنا" يقاسم عبرته "سنجار" ويضحك ما كأن الهم متبختر على متونه ذبحنا شوف "شام" العُرب تبكي شوق للأحرار يذكرها عناد الوضع بالجرّاح وبعونه شهقناهم حوادث تزفر استشهاد واستنفار ونتعطش لماضي المجد وين اللي يصبّونه تعبنا إي تعبنا ما لقينا للخذل أعذار يَ لين إنه قلط سلمان كنّ الحزم ماعونه تقسّم بين فزعةْ دار بين أعمار دار ودار يظللها تحت بشتٍ يدين الطيب بردونه تقدم واحتدم لجله أخو مريم عزيز الجار أميرٍ لَ ابتسم للحرب جتْه الحرب مضمونه صباح النور للصاحب وللهيّه صباح النار كثر مداته اللي أتعبت ناسٍ يغبطونه وأخو شمّا يصيح: ازهل.. ذخرنا للكبار كبار جيوشٍ مع شموخ العز والطالات مقرونه يا رحلات الشتا والصيف معهم بلّش المشوار شعبنا ركابنا لْ دربن كثير اللي يهابونه كان د. غسان الحسن أول المتحدثين من بين أعضاء اللجنة، فأثنى بداية على إلقاء الشاعر، والذي ملأ الجو بالحماس، على الرغم من المأساة الواقعية، فالسحاب يقطر دمعاً، والليالي كذلك فيها تعب، والجروح مفتوحة ومشحونة، والزهر كله صبار، الأسى مرسى، وغدينا اللوح للمسمار، كل ذلك أشعرنا بالتأزم الذي نعيشه، وقد وجدنا في منتصف هذا النص أن الشاعر يذهب إلى استحضار هدهد سليمان (ألا يا هدهد سليمان ليت تعوّد المسيار )، وكان الاستحضار جميلاً جداً، لأنه جاء في موقع يمكن توظيف هذا الهدهد، أولاً من حيث ارتباطه بسبأ، ومن الناحية الثانية أن هذا الهدهد مستكشف، فدوره في القصة الاستكشاف، وهنا يكلفه الشاعر باستكشاف لون الحزن، وهذا ما في الشطر (تعال وشوف واحدنا مثل لون الحزن لونه)، ومع أن الشاعر يضع الكلام على لسان الهدهد إلا أن توظيفه جاء جميلاً، بعدها نجد أن الشاعر يذهب إلى تسمية الأمكنة بأسمائها الحقيقية، هذه اليمن، وهذه العراق، وهذه الشام، ويستذكر كيف كان الأمر أيام أبو عبيدة الجراح ومعركة اليرموك وما كان من أمجاد، ثم يتساءل (ونتعطش لماضي المجد وين اللي يصبّونه)، ليأتي الجواب في الفزعة التي قام بها الملك سليمان، وفي استجابة الكويت والإمارات، كان هذا هو الحل الذي يتمناه الشاعر أن يكون مداوياً، ويعيد الأمور من نصابها، وجميل منه في البيت الأخير (يا رحلات الشتا والصيف معهم بلّش المشوار / شعبنا ركابنا لْ دربن كثير اللي يهابونه)، صحيح أننا في رحلات صيف وشتاء، لكنها ليست جميلة، وما نتمناه أن تأتي بالخير. ثم أشار د. غسان إلى البيت (صباح النور للصاحب وللهيّه صباح النار/ كثر مداته اللي أتعبت ناسٍ يغبطونه)، وهذا نسميه في البلاغة العربية تورية، فعندنا كملة الصباح في إشارة إلى اسم الأمير، وكذلك إلى الصباح الزماني الذي نستبشر به، وسواء في صباح النور أو في صباح النار ثمة تورية قليلاً ما ترد على ألسنة الشعراء بهذا الأسلوب الجميل. الناقد سلطان العميمي أشار إلى جمال النص الذي قدمه بدر الكبيح، والذي زاده جمالاً وألقاً تفاعل الشاعر مع النص، وأضاف إليه قوة. وأضاف: في النص كثافة شعرية، ما يوضح أن الشاعر تعب في صياغة كل بيت، بما فيه من جمال تصوير ومعنى، ويبز ثقافة الشاعر. أما المرتكزات التي استند عليها الشاعر في صياغة النص وبنائه وعرض وطرح الفكرة؛ فقد انطلقت من منطلقات دينية وتاريخية وسياسية وجغرافية. ثم أشار العميمي إلى بناء النص المحكم، وتماسك الأبيات من أول بيت إلى آخر بيت، وإلى وعي الشاعر بالفكرة وبالموضوع الذي كتب فيه، وبالاستشهادات التي استحضرها، حتى بالنسبة لأسماء الأعلام، وألمح الناقد إلى التوافق في مختلف جوانب النص، والتي خلقت منه نصاً متميزاً. ومن الصياغات الشعرية التي استوقفت العميمي في النص استوقفني كثير (تعبنا يا الليالي ما فتحنا للعتاب زرار/ سعدنا لو سعادتنا مَ ندري وين مركونه)، والشطر (وش الحيله معَ حظٍ ل جينا غمّض عيونه) تصوير جداً جميل، وكذلك البيت الذي أشار فيه الشاعر إلى فزعة أخو شما (وأخو شمّا يصيح: ازهل.. ذخرنا للكبار كبار). الناقد حمد السعيد الذي راهن على بدر منذ مرحلة الاختبارات قال: إن الشاعر أدهشه منذ تلك المرحلة، لكنْ ليلة أمس كان حضور بدر مغايراً ومتمكناً ومتألقاً ومنبرياً، ويعرفت متى يرفع الصوت في الأبيات الأخيرة الحماسية. وأبدى السعيد إعجابه بنص المدخل الذي ذكر فيه الشاعر شهيد الكويت "تركي"، وبالبيت الأخير من النص، والذي قال فيه الشاعر (كنّه يبي يفرح لفرحتْك في عيدك/ ما هو معك فوق عند الحور بالجنّه). وحول قصيدة المسابقة أكد السعيد أن فيها نضوجاً شعرياً وفكرياً، وإسقاطات دينية وتاريخية، وأن الشاعر متكامل من حيث الحضور والنضوج الشعري الذي جاءت دلالاته واضحة في القصيدة سواء في واضح (غدينا للأسى مرسى غدينا اللوح للمسمار/ يباغتنا القصير بلا صهيل مكشّر سنونه ) من خلال الصورة الشعرية الحاضرة فيه، وصهيل الخيل عادة ينبئ عن معركة أو غارة أو قدوم ضيف، أما هنا فقد أورد الشاعر المباغتة بلا صهيل، وهذا دليل على أنه يكتب بوعي تجسد كذلك في: (ونتعطش لماضي المجد وين اللي يصبّونه)، وعندما قال (يَ لين إنه قلط سلمان كنّ الحزم ماعونه) قد يجد المستمع أن مفردة (ماعونه) في ذلك الموضع قد تكون غير ملائمة، لكن البيت الذي يسبقها يبرر حضورها. وختم السعيد بالقول إنه يحترم ذلك النضوج الشعري الذي يتمتع به الشاعر، والقصيدة بما فيها من رمزية جميلة من البداية وحتى الختام، وخاصة عندما قال الشاعر (مأربنا) و(سنجار) للدلالة على اليمن والعراق. قبل الانتقال إلى ثاني شعراء الحلقة طلب السعيد من الشاعر نص (تعبت أفقدك) بناء على رغبة مستخدمي التويتر، وجاء فيها: رغمين عن أنف كل طعونك العمقى بقول لك عاذرك لو ما بعد قلتي أنا تعبت أفقدك يا الأطهر الأنقى بالله كملي جميلك لا تجملتي الشاعر الأردني حامد الحويطي اعتلى خشبة المسرح ثانياً، وألقى المدخل رباعي الأبيات التي جاء فيها: يا وطنا كم وارد لك روى كم ساري لوصلك قبل صباحك دام هذي خشومنا تنسّم هوى ما تجيك مسيرة من ناب ضاحك الملثم ف مخبانا له دوا تقصّر ايدين الهوان ولا استباحك لو يفكر لو يدبر ما قوى درعك البارود ورجاله وشاحك ثم ألقى قصيدة المسابقة التي حملت عنوان (على باب انتظارك): ألا يا وقت هونك ما مداني جريح ولا احتملك جرح ثاني لوني سالين وأضحك وأسولف من اللوعات فيني ما كفاني أعزي كل مجروحٍ بجرحه وأشوف الحزن من ثوبه كساني حبيبي وانت سبة كل حاجة تعال وشوف لاحزاني مواني زرعك الوقت ف عيوني قصايد وأنا لبيت وامطرتك معاني جنيت إحساسك المرهف عذوبه وأنا مركون للصدّ وجناني رسمتك في دروب اليأس شمعة إلى من غبت يشعلها كياني يدورني على طاريك حلمي أمر من الضياع ولا لقاني تجوعك عين فَ إليك وتذارف ولا لك في مواطنها مباني متى ديمومة أوصالك ثعلها يبل أشواق ذبلت فَ المحاني على حروة مجيك فاح صدري شعلت الكون حب ولا احتواني فرشت الأرض شوق وجيت كلي بقايا دمعتي حزني حناني على باب انتظارك وانتظارك خذا من الوصل تلويحة أماني وإذا إنت أزلجت بيبان التوجد أنا من خلف بيبانك تراني نثرتك ألف ميعاد وكتبتك قصيدة تستحق أعظم تفاني الأستاذ سلطان العميمي اعتبر أن القصيدة التي ألقاها حامد محاولة جيدة للكتابة بأسلوب السهل الممتنع، فيما فيها من صياغات شعرية كثيرة في الرقة والعاطفة والشفافية، كما فيها من الصور والصياغات غير المباشرة مثل (وأشوف الحزن من ثوبه كساني) و(تعال وشوف لاحزاني مواني) و(زرعك الوقت ف عيوني قصايد)، إلى غير من الأبيات والأشطر التي تمنى الناقد لو أن الشاعر زاد منها في النص. وأشار بالعموم إلى توافر التماسك في النص، وإن كانت هناك صياغات شعرية جاهزة ومعروفة في عالم الشعر مثل (إحساسك المرهف، جيت كلّي، على باب انتظارك) وغيرها، لكن هذا لا يقلل من جمالية النص بشكل عام. ولو أن العميمي متأكد من مقدرة الحويطي الشعرية في كتابة نص أجمل من ذلك النص. الطَّرْق الذي استخدمه الشاعر هو الصّخري - نسبة إلى بني صخر - المشهور به شعراء بادية الأردن كما قال الناقد حمد السعيد، هو الطَّرْق اللعبوني في السعودية – نسبة إلى بن لعبون - الذي يقابله البحر الوافر في الفصيح، مشيراً إلى أن الجرس الموسيقي لهذا البحر جميل جداً. ورأى السعيد أن الشاعر ربما عانى في الحصول على مطلع مميز للنص، ذلك أن المطلع يحدد خط السير من حيث الوزن والقافية، لكن في النص أبيات جميلة مثل (يدورني على طاريك حلمي/ أمر من الضياع ولا لقاني)، (وإذا إنت أزلجت بيبان التوجد/ أنا من خلف بيبانك تراني)، كما أوضح أن جمع (ثعل) ثعول، أي صب المطر من السحاب، وهي من اللهجة الأردنية. وبشكل عام وصف النص بأنه جميل جداً. د. غسان الحسن أثنى على النص، وقال إن أبياته متواصلة بشكل لطيف، والوزن أعطاها الكثير من الإطراب والموسيقى الجميلة، وفي البداية ذهب الشاعر إلى تصوير الحزن، ورغم أنه شامل لكنه شخصي، لأن الموضوع الموجود في القصيدة ذاتي، كما استخدم الشاعر الكثير من الكلمات التي تدل على ذلك الحزن مثل (الجروح، جرح ثاني، اللوعات، كل مجروح، الحزن ثوبه كساني)، واستخدم الكثير من الأساليب في تجميل القصيدة والبناء عليها كشعر، وذلك عندما قال (شوف لاحزاني مواني)، وكأن الأحزان سفينة ولا بد لها من ميناء، (زرعك الوقت ف عيوني قصايد) أيضاً صورة جميلة و(وامطرتك معاني)، والصور استلها الشاعر من جهات عديدة من التفكير والمعطيات الموجودة في الواقع. وما أعجب د. الحسن الصورة الممتدة التمثيلة الموجودة في (رسمتك في دروب اليأس شمعة/ إلى من غبت يشعلها كياني)، فالشطر الأول مكون من عدة صور متداخلة في بعضها، وهذه الصور بحاجة إلى وقت طويل لتفسيرها وتفكيكها، (رسمتك) صورة، و(دروب اليأس) صورة أخرى، (شمعة) صورة ثالثة تكتمل بالعبارة (يشعلها كياني)، وكلمة (كياني)، كل ذلك يطوف في تكوين صورة تمثيلية متشابكة الأركان، فيها الحركة والضوء واللون، وفي البيت الذي يليه كان فيه جمال من نوع آخر، وفيه تجريد، (يدورني على طاريك حلمي/ أمر من الضياع ولا لقاني)، حيث قسم الشاعر الذات إلى قسمين، أي أن يجرد الشاعر من نفسه شخصاً آخر، وكلتاهما تشكلان شخصية الشاعر، وهناك صور جميلة أخرى. لكن ما لم يعجب د. غسان عبارة (أعظم تفاني) في البيت الأخير، فالقصيدة عبارة عن مشاعر رقيقة وجميلة وباح فيها الشاعر بكل ما يملك، ومع أن الشاعر حاول الدفاع عن عبارته إلا أن دفاعه لم يقنع الناقد كثيراً. البلوشي.. قدرة على المنافسة والتحدي زينب إبراهيم البلوشي ثالثة الشعراء المتنافسين في الحلقة، فبدأت بمدخل حافل بالمديح لقيادة الإمارات وجنودها قائلة: عيال زايد للشداد شدّوا وأفعالهم ما تنحصي لو عدّوا في العرق يا دم اشْهدانا تجري وجنودنا عن ثارنا ما صدّوا الله وأكبر فالوغى من نادوا قدّام يا طوال الرقاب احتدّوا لبّيك يا رعد الشمّال وحنّا قومٍ ليا من قدّموا ما ردّوا ثم ألقت قصيدة المسابقة (شموخ)، التي جاءت في الفخر، الفخر بذات الشاعرة، والفخر بدولتها، والفخر برمز الإمارات (زايد)، لتضيف إلى الحلقة جواً آخر من المنافسة، وهي التي اجتازت - كما قال الناقد حمد السعيد - اختبارات مرحلة الـ100 بدرجات عالية بين كل الشعراء. نفير يا شعر امتلا جوفي علوم بطلق نفَس (هذا) وبخلي سبيله وإن قالوا الشعّار لي حرف مسموم صح الله لساني وما فيه حيله تبّت يد أشعاري إذا ما وفَت دوم وإن ما تعزوت بالبيوت الجزيلة لا خير في قافٍ تراخت بها عزوم خيّالها ما يحكم لجام خيله لساني أقفر بس ما يشحذ غيوم والنّاس تشحذ ظلّها من نخيله تخرف رطبها يوم يتبشّر القوم والعِذْق يضحك للكفوف وتشيله أقبلت كنّي حلم في ساعة قْدوم وبرحل معاه ان كان واجب رحيله لا يرحل بروحه وانا ودّي اروم أبعد نجوم أحلامي المستحيلة أنا أمثل كل ذرة رمل يوم غيري يمثّل لابته والقبيلة في كل بقعة لي على الفزعة قروم أقطع بهم باس الدروب الطويلة صغيرهم لو يزرع الأرض يشموم تنبت مرايله وتفيض بحصيله أتعب على قول ونِعم وأخذل اللّوم وقطع لساني لو تحرّيت ميله يا بوي زايد: بنتك علومها تشوم تموت لكن ما تجيب الهزيلة حرّة إذا تفرش فضا المجد وتحوم يذبح لها جَدْيه وينحر سهيله حمد السعيد أشاد بروح التحدي التي تمتلكها زينب، التي عدّت قصيدها على طَرْق المسحوب، والذي اعتبر جرسه الموسيقي جميلاً ويناسب الموضوع الذي طرحته الشاعرة، وبدأ السعيد من البيت (أتعب على قول ونِعم واخذل اللّوم/ وقطع لساني لو تحرّيت ميله)، إذ أعجبه الإصرار لديها والتحدي، ثم أشار إلى البيت (أنا أمثل كل ذرة رمل يوم/ غيري يمثّل لابته والقبيلة) الذي يدل على الانتماء للوطن وليس للقبيلة، وهو ما تؤكد عليه زينب في البيت (يا بوي زايد: بنتك علومها تشوم/ تموت لكن ما تجيب الهزيلة)، وكأن هذا الانتماء إلى مدرسة زايد الذي ربى الناس على التحدي والبناء وصناعة المستقبل، وقال موجها كلامه للشاعرة: ها أنت تقبلين على صناعة مستقبلك بكل تحدٍّ. وختم بالإشارة إلى البيت الأخير (حرّة إذا تفرش فضا المجد وتحوم/ يذبح لها جَدْيه وينحر سهيله)، ورغم إشادة السعيد بالبيت إلا أنه اعتبر أن مفردة (تفرش) غير موفقة، وإلى البيت (أقبلت كنّي حلم في ساعة قْدوم/ وبرحل معاه ان كان واجب رحيله). د. غسان الحسن أكد أنه إذا لم يكن لدى الشاعر روح المنافسة والتحدي لن يتقدم، ويدل على عدم وجود الحافز الصحيح للتنافس، ولا بد من الشراسة في الكلام. والشاعرة منذ أن قابلتها اللجنة وهي قادرة على المنافسة طالما أنها تتحدى على المكشوف، وقد تكون زينب هي التي ستغير مسار المنافسة إن حملت هي البيرق. وأضاف د. الحسن أن القصيدة في مجملها جميلة، لكن فيها بقع متوهجة في أماكن عدة (لساني أقفر بس ما يشحذ غيوم) واعتبر ذلك في غاية الروعة، حيث الكبرياء وعدم الاستجداء والاعتداد بالنفس وبما هو موجود فيها، وأوضح مكمن الفرح والجمال في البيت (تخرف رطبها يوم يتبشّر القوم/ والعِذْق يضحك للكفوف وتشيله)، والشاعرة تمثل ذلك في قصيدتها، وكذلك قولها (صغيرهم لو يزرع الأرض يشموم/ تنبت مرايله وتفيض بحصيله)، إلى البيت الذي تقول فيه (يا بوي زايد: بنتك علومها تشوم/ تموت لكن ما تجيب الهزيلة)، إذ تبدو الشاعرة وكأنها خرجت عن السياق، لكن حقيقة الأمر (زايد) أصبح رمزاً، هو مقياس في الرضا في الأخلاق والمسيرة والمجد والعز، وإذا أراد الشخص أن يصل إلى كل ذلك فعليه أن يتمثل ما جاء به زايد وما كان يرضاه، أما البيت الأخير فقد جاء جميلاً جداً، والشطر الأخير كان الأجمل (حرّة إذا تفرش فضا المجد وتحوم/ يذبح لها جَدْيه وينحر سهيله)، ففيه تورية جميلة، فالجدي هو الكائن الذي يذبح، وهو أيضاً النجم الجدي، وختم د. غسان بأن تلك الفكرة لا يفطن لها إلا شاعر متمكن. الناقد سلطان العميمي رأى أن زينب كان متمكنة في حضورها، وتفاعلها مع الأبيات كان واضحاً، والموضوع جاء بمثابة بطاقة تعريفية بالشاعر، والقصيدة تتضمن أحاسيساً عالية بالفخر والتحدي وبالوطن وبالانتماء والتحدي. ومن أهم الجماليات في القصيدة وجود حس وطني مرتفع ومقترن بارتفاع المستوى الشعري، وما لفت نظر العميمي خصوصية التجربة من حيث الصياغات الشعرية واللهجة والبيئة والتحدي الواضحة المقرونة باحترام الآخر، وفي بعض الأبيات جاء التحدي مبطناً، وخاصة في الأبيات الأخيرة حرّة، وبنتك)، رغم أن التحدي في الأبيات السابقة كان مناكفاً لأصوات الشعراء، وصوت الشاعرة لا يقل ارتفاعاً عن أصوات زملائها، وفي القصيدة أبيات كثيرة جميلة (أتعب على قول ونِعم واخذل اللّوم/ وقطع لساني لو تحرّيت ميله). العرفج.. فيلسوف الشعر مثلما كانت ترتيب حلقة الأمس رابعة بين حلقات المرحلة الأولى، كذلك حل في ذات الترتيب في الحلقة الشاعر سامي صالح العرفج التميمي الذي أبهر اللجنة بالنص الذي ألقاه، لفرادة صوره، وللشاعرية التي فيه، وللخيال كذلك. خذني من التبغ والا صيّر لي إصبعين أهون على الأرض لا من طحت وأنا رماد يا فكري اللي تصلي بي على قبلتين أنا مجرد مجرد من لذيذ الرقاد شاعر ولا ادري أخبي خنقة الروح وين أهيم في كل واد وسعد في كل واد ينساني الصبح بجراب السهر والحنين وأقول سيف ونسوه بحضن أبوه الغماد لا تختصرني وأنا احلامي طويلة يدين ولا تختزلني م بين الشك والاعتقاد ف ان كأنك تشوفني لقمة بفمّ السنين فَ انا اللحد كل ما شفته ذكرت المهاد بينت راسي وراسك ليش عيا يبين إنك ما تنصفني أهون عندي من الحياد يسجن حيا وجهي من الصعلكة حاجتين نسيتهم وانشغلت بكيف أبكّي الجماد مليت أمل وتعبت أتعب إلين.. أي إلين بعد المدد خذني لما بعد بعد المداد وارجع بي لقبل قبل أمشي مع الراكضين طعم الكرى عنه لا تنشد خوي السهاد ما الله خلقني عشان ابكي على الراحلين وإلا عشان اكسي افراحي بلون الحداد اتركني أمد صوتي في فضاء العابرين وأميز الوجه هذا عن وجيه العباد وخلّ الليالي تنادمني على ركعتين واغفر لها كل جرحٍ ما لقى له ضماد وقل لأصدقائي ترى عذر المسافة سمين أعطوني بردة رسول الله وخوذوا سعاد وجد د. غسان الحسن أن القصيدة ذهبت إلى ما يسمى الخيال المضاعف المركب، أي ما هو أبعد من المبني على المنطق والتوليف العقلي، إلى الخيال المبني على أحاسيس الشاعر ونفسه الداخلية، ولهذا نجد في القصيدة انشطار في نفس الشاعر، حيث جاء المثنى في أكثر من مرة، وفي البداية يعاني الشاعر لكن لم تتضح للدكتور غسان معاناته، وقد تكون غالباً البحث عن الطريق الذي يوصله إلى مكانه الصحيح بين الشعراء فيما يقولون، وأشار د. غسان إلى أن أبيات كثيرة جميلة وردت في القصيدة مثل (ينساني الصبح بجراب السهر والحنين/ وأقول سيف ونسوه بحضن أبوه الغماد)، هذا شعر جميل جداً، تركيب تلك الجمل يحتاج إلى كثير من العناء، أو من العبقرية الشاعرية، وهذه صور مركبة في كل واحدة منها تركيب داخلي، فالشطر الأول صورة، والشطر الثاني صورة أخرى، وترتبط الصورتين بما يدعى في البلاغة بالتشبيه الضمني، أي يعكس الصورة الأولى على الثانية، وتكون نتيجة الثانية كما نتيجة الأولى. وفي البيت (انا اللحد كل ما شفته ذكرت المهاد) هناك انقلاب موجود بين الموت والحياة، أي صحيح أن الشاعر لديه أزمة في النفس، لكن في النهاية يستكشف الحياة قبل الممات، ولا يصل إلى حالة اليأس. وكان يتمنى د. غسان لو أن الشاعر خفف من الكلمات المكررة قليلاً، مثل (مليت أمل) و(تعبت أتعب) و(إلين إلين) و(قبل قبل)، و(بعد بعد)، وكذلك (مجرد مجرد) التي يمكن اعتبارها جناس وطباق، فالتكرار وإن كان فيه جناس تام إلا أنه يجعل العبارة مرتكزة على عبارة في نوع واحدمن أساليب القول، وبالتالي فإنها تكون نمطية، ويفقد الكلام لمعانه بسبب تكراره في الموقف ذاته. وما أعجب د. الحسن البيت الأخير (وقل لأصدقائي ترى عذر المسافة سمين/ أعطوني بردة رسول الله وخوذوا سعاد)، وهذا موقف شهير، عندما خلع الرسول (ص) بردته على كعب بن زهير بسبب قصيدته التي سميت فيما بعد (البردة). سلطان العميمي نوّه إلى حضور الشاعر المتميز، وإلى الموسم السابع من "شاعر المليون" الذي يرى فيه تطوراً من ناحية تفاعل الشعراء مع قصائدهم. وأضاف أن في النص الذي ألقاه التميمي يبين خبرة الشاعر صاحب الخبرة والخصوصية في ابتكار الصور الشعرية وفي الصياغات الحاضرة في النص، وكذلك في موضوع النص الذي يحتوي على رسالة قوية إلى طرف آخر، لكن كل ما يريد الشاعر إيصاله كان يدور حول ذاته، وهو ما لفت الناقد، أي صوت الأنا الحاضر جداً في القصيدة، سواء من خلال ضمير المتكلم (فكري، أنا، أقول)، وعندما يخاطب الآخر يقول (خذني، صير لي)، وحتى عندما وردت الصياغات التي تدل على ضمير الغائب كان الشاعر يعيدها إلى ذاته مثل (وأقول سيف ونسوه)، فالشاعر هو محور النص، وهذا يبين الخصوصية الموجودة فيه، ومدى ارتباط الشاعر بموضوعه. كثيرة هي الأبيات التي قال العميمي أنها تستحق وقفة وحديثاً (بينت راسي وراسك ليش عيا يبين/ إنك ما تنصفني أهون عندي من الحياد) في البيت رسالة واضحة ومهمة، والبيت (لاتختصرني وأنا احلامي طويلة يدين/ ولا تختزلني م بين الشك والاعتقاد) صياغات شعرية مهمة وراقية من سامي. حمد السعيد وصف سامي العرفج التميمي بأنه فيلسوف الشعر، يستطيع التلاعب بالمفردات، وهذا الأمر حرفة شاعر مخضرم كما في البيت (يا فكري اللي تصلي بي على قبلتين/ أنا مجرد مجرد من لذيذ الرقاد)، وسامي ليس غريباً عن الشعر، فهو أصلاً من بيت شعر، صياغات لا يستطيع أن يقدمها إلا شاعر متمكن، وقد أعجب السعيد بتقويس الشاعر، فالقوس الأول في البيت (خذني من التبغ والا صيّر لي إصبعين/ أهون على الأرض لا من طحت وأنا رماد)، والقوس الثاني في البيت الأخير (وقل لأصدقائي ترى عذر المسافة سمين/ أعطوني بردة رسول الله وخوذوا سعاد)، والأبيات عموماً تشع بالجمال (يسجن حيا وجهي من الصعلكة حاجتين/ نسيتهم وانشغلت بكيف أبكّي الجماد)، وهذا إبداع شعري، وشاعرية فذة. وطلب السعيد من التميمي الأبيات التي قالها الشاعر عبدالله بن رشيد في عمة جد الشاعر الشيخة لولوة بنت عبدالرحمن الرفج، فخلد بطولتها في أبيات جاء فيها: إن كان عيسى يقول الحرب للمال نفاد انشد مسود السيف وليش حانيه إن كان ما تروي سيوف بالاضداد ودوه يم العرفجية ترويه ومع الشاعر وراعي الشيلات عبيد الرجماني الدوسري راعي الشيلات اختتم الجزء الأول من الحلقة، حيث أنشد الرجماني قصيدتين إحداهما للشاعر محمد الحجاجي والأخرى للشاعر ومعيوف الدوسري. بن هضيب.. فطرية وشاعرية وشفافية من دار أبونا خادم البيتين مهيب العيّال ب عياله وصلت دار معرب الجدين المجد من عمه ومن خاله هذا خليفه عزوت الصفين مرسي القواله على فعاله أخو محمد في النهار الشين بحرٍ صفق من جاله ل جاله ماني بقايل ليت منه ثنين وإلا الله يكثر من أمثاله دام انه معافا من الحين بيكفي الحين ب لحاله بهذه الأبيات أطل الشاعر محمد بن هضيب على جمهور "شاعر المليون" داخل وخارج مسرح شاطئ الراحة، ثم قال في قصيدة المسابقة: عسى الماطر اللي يرصده خالد الزعاق مزونه ما يخطي سيلها من تحراها على يمتي يدفع بعضها بعض وتساق قبل تغسل الأرض تغسل كبدي بماها لو إن الظما قد فك بين الضلوع رواق ولا قدمت لي بيض الأيام يمناها أهنّي عيوني كل ما لاح لي براق بعرض المزون اللي على نجد مسراها وأنا ربي أكرمني بوسعة صدر وأخلاق وهي نعمة من ضاق صدره تمنّاها صروف الحياه وقولة الصبر ما ينطاق ما ترضي نفوس أهل العزايم وتملاها نعيش الغناه بحكمة المانع الرزاق ولا تغتني كفٍ ليا ما الله أغناها الأيام تكشف مثل ما تكشف الاوراق تبا تقبل الحاجه على من تباطاها ولا تنشغل فرضا المخاليق والأذوق ترا الناس قبلك خاتم الرسل مرضاها وأنا شاعرٍ يسبح خيالي مع الآفاق أترجم حروفي والجماهير تقراها أغني وأصوّر سيرة الحب والعشاق ومن حزن عنترها ومن ضحك عبلاها عشقت البداوة وجذبتني من الأعماق ولاني بْ متخيل حياتي بليّاها على شان وضحى دونها ما ثنيت الساق أوكد مضحاها وأدوّر معشاها لو انه لحقني في هواها تعب وإرهاق يطيح التعب مني ليا طاب مفلاها ترازم علي من دافع الحب والأشواق ومن لامني في حبها جعله فداها سلطان العميمي كان أول المتحدثين عن القصيدة والشاعر الذي أبدى تفاعلاً معها من دون تكلف، فجاء الإلقاء جميلاً، وفي القصيدة لاحظ الناقد العميمي الانتماء لموضوعها، وخلوها من التكلف، مثنياً على الفطرية التي يمتلكها الشاعر، وكذلك الشاعرية والشفافية التي يصور فيها الشاعر بيئته على أنها محبوبته، وبساطته كبدوي، وكذلك شموخه، وفي النص انعكاس حقيقي وصدق. أما البيتين (على يمتي يدفع بعضها بعض وتساق/ قبل تغسل الأرض تغسل كبدي بماها) والبيت (لو إن الظما قد فك بين الضلوع رواق/ ولا قدمت لي بيض الأيام يمناها) فلا يقولهما إلا شاعر يملك موهبة شعرية مميزة وجميلة. حمد السعيد بدأ من البيت (على شان وضحى دونها ما ثنيت الساق/ أوكد مضحاها وأدوّر معشاها) ومن الغزل، متحدثاً عن الأصالة التي جاء بها الشاعر في أبياته، والدعاء الذي أورده الشاعر ينم على أن هناك ظمأ وتعطش عند الشاعر لشيء ما، والدليل (قبل تغسل الأرض تغسل كبدي بماها) و(لو إن الظما قد فك بين الضلوع رواق)، والصورة هنا جاءت جميلة جداً، ثم يأتي التفاؤل والاستبشار (أهنّي عيوني كل ما لاح لي براق/ بعرض المزون اللي على نجد مسراها)، وهناك ربط بين ما يشاهده محمد في البيئة والطبيعة وبين ما يعيشه في الحياة، لدرجة أنه جعل من (البراق) عامل تفاؤل بالنسبة للشاعر ابن البادية. وقد ورد في النص مقولات مستهلكة يرددها كسول، مثل (صروف الحياة، وما ينطاق)، ولا ابن هضيب لا يؤمن بها فقد جاء في الشطر الثاني الذي قال فيه (ما ترضي نفوس أهل العزايم وتملاها). ما أعجب السعيد رغم بساطة التركيب (وأنا ربي أكرمني بوسعة صدر وأخلاق/ وهي نعمة من ضاق صدره تمنّاها)، فثمة عمق في المعنى، كما أعجبه البيت (الأيام تكشف مثل ما تكشف الاوراق/ تبا تقبل الحاجه على من تباطاها)، إلى أن وصل الشاعر إلى البيت (أغني وأصوّر سيرة الحب والعشاق/ ومن حزن عنترها ومن ضحك عبلاها) حيث رمزية شعر الحب والفراق، والبداوة التي تمثلت في البيت (عشقت البداوة وجذبتني من الأعماق/ ولاني بْ متخيل حياتي بليّاها). تبدأ بصورة جميلة القصيدة كما قال د. غسان الحسن، وهي صور المطر والظمأ والتبادل بينهما وبين العطش، ورأى أن القصيدة مقسومة إلى ثلاثة أقسام، الظمأ، ثم الحكمة وتصرفات الإنسان وأخلاقه، والقسم الثالث عن البداوة وما فيها، وهنا لا بد من البحث عن الربط بين تلك الأقسام، والرابط فيها هو الشاعر ذاته، فالشاعر في المقطوعة الأولى المكونة من أربعة أبيات يرتجي المطر ويفرح له، وعندما يهطل المطل ليست فقط الأرض التي تنغسل ويعمها الخير، إنما ذات الشاعر الداخلية تفرح وتتجدد مع ذلك التجدد، بعد ذلك يدخل الشاعر على المعطيات التي فيها من الحكمة والوصايا الكثير ومن التوصيف للسلوك الطيب نابع من ذات الشاعر، وهذا ما تمثل في الأبيات الخمس التالية، أما القسم الثالث من الشطر (وأنا شاعرٍ يسبح خيالي مع الآفاق) فيها نوع من الذات شاعرية، وفيها الشاعر يتحدث باسم العشاق جميعاً، وليس عن تجربته الخاصة، ويصور سيرة الحب والعشاق (أغني وأصوّر سيرة الحب والعشاق). بن سعيدان.. عمق التجربة والفكر مسلط ناصر بن سعيدان جاء سادساً بين الشعراء على خشبة المسرح، ومع أن موضوع قصيدته يتشابه مع موضوعات بعض الشعراء السابقين؛ إلا أن كل شاعر يأتي بموضوعه على طريقته، ومسلط - كما قال الناقد حمد السعيد – أتى بنص جميل، وكان له حضور راقٍ يفيض به المساء الذي قال فيه: يشوّه تضاريس الحقايق ضعاف عقول وتفاصيلها تكتب بريشة جناح غراب بداياتنا ما نبتكر للصعاب حلول وصرنا مع الأيام نلقى الحلول صعاب تجمع علينا أحزاب وحمول فوق حمول وحنّا على آية حال متقسّمين أحزاب عرفنا الكتاب سلاحنا ساري المفعول وغفلنا وبعنا الفاس لليل والحطّاب عددنا بدون حساب نرتاح والمحصول تعبنا من الراحة وصرنا بدون حساب أخي المسلم الواعي بقى لك ثلاث فصول ربيعك سحابه شحّ بالما ونبته شاب تجاعيد وجه الوقت تنبيك عن ما قول عش بواقعك واتعب على أحلامك الغيّاب وإذا حاضرك قاسي ومستقبلك مجهول شوف الماضي اللي يعجبك عن طريق كتاب يا كفّيني التؤام رفعتك ودار الحول وتلاشى الظلام وشفت لحقوقنا طلّاب نوى الحزم سبع المملكة وأرسل المرسول وجا الرد من سبع الإمارات بالترحاب طلع من غماد الصمت سيف الله المسلول وجينا نقود السرب ونجري الهيّاب مضى عام والفضه ذهب والكلام فعول وصارت محطات التفاني محط إعجاب قيمنا هي اللي نزّلت قيمة البترول صنعنا من أسباب الفشل للنجاح أسباب مسيرة سنه يحيا بها حلمنا المقتول وندخل بْها المجد مخلد من أشرف باب توقف الناقد حمد السعيد عند عبارة (يشوّه تضاريس)، ثم عند (وتفاصيلها تكتب بريشة جناح غراب)، حيث رأى أن السوداوية بدأت من (جناح غراب)، وكذلك الحزن والألم في القصيدة التي تناول فيها الشاعر الفتن والأحزاب والصراعات في الشرق الأوسط، وبدت النصائح واضحة من البيت (أخي المسلم الواعي بقى لك ثلاث فصول/ ربيعك سحابه شحّ بالما ونبته شاب)، كما أن التلاعب بالمفردات جاء جميلاً في البيت (بداياتنا ما نبتكر للصعاب حلول/ وصرنا مع الأيام نلقى الحلول صعاب)، وفي البيت (تجمع علينا أحزاب وحمول فوق/ مول: وحنّا على آية حال متقسّمين أحزاب)، والطباق جميل في (عرفنا الكتاب سلاحنا ساري المفعول/ وغفلنا وبعنا الفاس لليل والحطّاب)، أما المحسنات البديعية فهي منتشرة في النص، وفي البيت الذي يقول فيه الشاعر: (وإذا حاضرك قاسي ومستقبلك مجهول/ شوف الماضي اللي يعجبك عن طريق كتاب) كأنه يسلط الضوء على الماضي والمجد وما كان لنا. وبالنسبة لدخول مسلط على عاصفة الحزم كان بعد الدعاء (يا كفّيني التؤام رفعتك ودار الحول/ وتلاشى الظلام وشفت لحقوقنا طلّاب)، وانتهى ذلك بعاصفة الحزم التي كان دخولها مفاجئاً في الموضوع ، (نوى الحزم سبع المملكة وأرسل المرسول/ وجا الرد من سبع الإمارات بالترحاب) بيت جميل جداً، لاحقاً جاءت أبيات جميلة جداً بدأت بالبيت(طلع من غماد الصمت سيف الله المسلول)، ثم (مضى عام والفضه ذهب والكلام فعول)، وختمها بالبيت (قيمنا هي اللي نزّلت قيمة البترول/ صنعنا من أسباب الفشل للنجاح أسباب)، وفي الشطر الأول منه معنى وعمق، أما اختصار كل ما جاء في النص فقد تجلى في الختام (مسيرة سنه يحيا بها حلمنا المقتول/ وندخل بْها المجد مخلد من أشرف باب). د. غسان الحسن قال إن القصيدة متماسكة جداً، ذات موضوع موحد ومدروس في كيفية التوغل فيه من أوله إلى آخره، وهذا ينم عن تجربة شاعر ومتمكن، وليست تجربة شاعر محدث، وقد وجدت أن الأمور حتى من الناحية المعنوية مرتبة، وطريقة التداول في اللغة لها سمات معينة. أما عبارة (يشوّه التضاريس) فكأنها تدل على أن الحقائق تداخلت، وباتت الصحيح غير معروف. وهناك ظاهرة لغوية سادت القصيدة كلها، وهي ظاهرة تجلت في (للصعاب حلول.. الحلول صعاب)، ومثلها (تجمع علينا أحزاب.. متقسّمين أحزاب)، وكذلك (عرفنا.. غفلنا)، و(عددنا بدون حساب.. صرنا بدون حساب)، و(صنعنا من أسباب الفشل للنجاح أسباب)، وقد أبدى د. غسان الحسن بطريقة الشاعر تلك، والسبب لا يعود فقط إلى أن ما سبق يأتي في سياق المقابلة، أي معنى ضد معنى، إنما لذهاب الشاعر إلى توصيف الواقع العربي مثلما كان، ثم استهنّا به، ولم نفعل أي شيء لنرتكز عليه فيما بعد (بداياتنا ما نبتكر للصعاب حلول)، لنترك كل شيء على ما هو عليه، وبعدها انقلبت علينا الأمور (وصرنا مع الأيام نلقى الحلول صعاب)، وهذا الانقلاب اللغوي تمثل في الانقلاب المعنوي. مشيراً إلى أنه بإمكان المستمع أو القارئ أن يلتمس أو يستشعره هذا الانقلاب في شكل الكلمات ومعناها، وشتّان بين المعنيين رغم أن اللفظ واحد، وكذلك عبارتي (تجمع علينا أحزاب) و(متقسّمين أحزاب) بما فيهما من دلالة على أننا وقعنا فيما كنا فيه. وهنا ييذكر د. غسان الحسن بالمقول (النتيجة من جنس العمل)، فالشاعر يلعب على هذه الفكرة، وقد أحسن بالتعبير عنها بلغته وبعباراته التي اختارها بشكل جميل للغاية. ولذلك وجد الحسن أن هذا المعنى ينتشر في القصيدة كلها، وخاصة في توصيف الحال قبل أن يأتي الحل الذي تمثل في "عاصفة الحزم" وفيما تلاها. وقال د. الحسن إنه لا يريد تتبع مثل تلك الجماليات في القصيدة، بل انتقاء بعض النقاط الجميلة التي تدل على عمق تجربة الشاعر وعمق فكره، فعندها قال (نوى الحزم سبع المملكة وأرسل المرسول/ وجا الرد من سبع الإمارات بالترحاب) في كلمتي سبع (المملكة).. سبع (الإمارات) فيها لعبة لغوية، فالأولى أتت بمعنى القوة والجبروت، والثانية بمعنى العدد أو القوة، وهنا توجد تورية على جناس في ذات الوقت، أي أن عدة محسنات جمالية تجتمع في الكلمة الواحدة، أما في الشطر (مضى عام والفضه ذهب والكلام فعول) فقد جعل الشاعر الفضة ذهب، في حين أن القول الدارج هو "إذا كان الكلام من فضة فالسكوت من ذهب"، وبالتالي فإن اللعب بالعبارات الموروثة بهذا الجمال هو في غاية الجمال. حضور متألق للشاعر، ونص جميل بما يحمل من جماليات وتصوير شعري رائع ومميز، ومحسنات بديعية كثيرة، هذا ما قاله سلطان العميمي، لافتاً إلى امتداد الصور الشعرية في بيتين أو ثلاثة أبيات، حيث الصورة الشعرية ترتبط بجزئية أخرى من البيت، ومتسلسلة بصورة سلسة وهذا ما خلق تماسكاً في القصيدة. وأشار العميمي إلى الشطر الأول في مطلع القصيدة (يشوّه تضاريس الحقايق ضعاف عقول)، ورأى أن (ضعاف عقول) ليس قوية بما فيه الكفاية لتبرير الجزء الأول من الشطر، فالتشويه متعمد وقصديّ، لكن هذا لا يقلل من جمالية النص. ومن الأبيات التي جاء فيها تصوير بديع (عددنا بدون حساب نرتاح والمحصول/ تعبنا من الراحة وصرنا بدون حساب)، (يا كفّيني التؤام رفعتك ودار الحول/ وتلاشى الظلام وشفت لحقوقنا طلّاب)، وإشارة الشاعر إلى موضوع مهم الحديث ، وهو التحزب، وذلك في البيتين (بداياتنا ما نبتكر للصعاب حلول/ وصرنا مع الأيام نلقى الحلول صعاب)، والبيت (تجمع علينا أحزاب وحمول فوق حمول/ وحنّا على آية حال متقسّمين أحزاب). الشفيري.. قصيدة شامخة كشموخ اليمن بدأ ناصر الشفيري بأربعة أبيات مدح فيها الإمارات والشيخ زايد، ما يؤكد مكانتها في قلبه، وفي فكره كذلك، فقال: يا بلاد الخير والخير (زايد) الوفا والطيب منكم ومنّا من سعى ما بيننا بالنقايد والله إن يبطي ولا نال منّا ثم أهدى قصيدة المسابقة إلى ابنه علي، بادئاً نصه بالأبيات التي يوجهها مباشره له: علي ناحت بلادي بقربي وأنا ف عجمان من الشوق ما كنّ المسافات موجوده قلوب النشامى تضم بكفوفها الأوطان وأحس اليمن مستوطنة فيني حيوده لا مرّيت قصر (الحصن) يطري قصر (غمدان) وطيورٍ على دمتْ أول تحيّي وْرُوده وفي أبيات لاحقة يوضح الشاعر ما كانت عليه اليمن قبل أن يصيبها الخراب: حمامٍ مسالم كان يسجع على الأغصان جفا داره اللي من يدا الخوف محصوده تطيّر من أشجاره وحلّق يبي جدران لقى أسوار دمّاج القديمات مهدوده هدمها الخبيث اللي تواصى مع السرقان ونبي الله يوصي على النملة جنوده وعن العدو الذي يحاول تفتيت اليمن والسيطرة على ما فيه، ومن ثم ما قام بيصه أسود الخليج لإنقاذ اليمن من حاله، فأضاف: ثلاثين عامٍ والوطن صايرٍ دكان ولا زال الثعيل يحاوط أطراف عنقوده لفت نخوة اللي خصمهم يتّقي ما بان أسود الخليج اللي تبي فارس تسوده تسابِق أياديهم على نجدة الغرقان قبل لا يمجّس دارنا خاين عهوده وتحزّم لها سلمان بالمحزم المليان وعسف بنت حزمٍ من هقاويه محموده تعزوى خليفة قال أنا خوك يا سلمان ترى نوقها اللي وخذت اليوم مردوده حصونٍ أجتها بعد ربي ذرى وكنان تداوي جريح وتمسح دموع مضهوده ثم يدعو ابنه علي إلى التفاؤل بما سيحمله المستقبل لليمن: تِفاءل أحس إن الشريفين في (سنحان) بتسمع لهم (زامل) وعرضة وتغروده تبسّم ولو جيد السماء قلادته دخان ترى الله من البهجة بيكسبه بعقوده علي لو تكدّر صفو دارك يبوك أزمان بفضل الله بتضحك قريب ولنا عوده د. غسان الحسن شكر الشاعر على النص الذي ألقاه، وعلى تفاعله مع الأبيات، كما لفت إلى مخاطبة الشاعر ولده، ورأى في ذلك تحميلاً للطفل المسؤولية في المستقبل، لأن عليّاً يمثل الجيل القادم، وهذا ما اتضح في الشطر الأخير (بفضل الله بتضحك قريب ولنا عوده). أما في بداية النص فإن الشاعر يؤكد انتماءه إلى اليمن، وهو الذي كلما مرّ إلى جانب قصر الحصن تذكر قصر غمدان في بلده (لا مرّيت قصر (الحصن) يطري قصر (غمدان)/ وطيورٍ على دمتْ أول تحيّي وْرُوده)، والجمع بين المكانين في بيت واحد جاء على سبيل المجاز المرسل بعلاقته المكانية بين الإمارات واليمن، وفي النص لفتة جميلة إلى الماضي والحاضر، وما كان فيه من سلام وجمال، حيث جعل الحمام هو السبيل للربط بين الماضي والحاضر، وجميل أن يتم تحميل ذلك للطائر الذي تشرد مع أنه يرمز إلى السلام. فقال الشاعر في بيتين متتاليين (حمامٍ مسالم كان يسجع على الأغصان/ جفا داره اللي من يدا الخوف محصوده)، (تطيّر من أشجاره وحلّق يبي جدران/ لقى أسوار دمّاج القديمات مهدوده)، كيف كان وأصبح وتشر الحمام. وعندما قال الشاعر (ثلاثين عامٍ والوطن صايرٍ دكان/ ولا زال الثعيل يحاوط أطراف عنقوده)، فإنما يصف ما آل إليه اليمن خلال تلك الأعوام، وهذا مؤسف جداً. ثم جاء البيت (لفت نخوة اللي خصمهم يتّقي ما بان/ أسود الخليج اللي تبي فارس تسوده) ليعتبر فيه الشاعر أن الحل سيكون مع أسود الخليج، صحيح أن عبارة (اللي تبي فارس تسوده) جاءت عاجلة وخارجة عن النص، لكنها وصلت بشكل قوي إلى المستمع. سلطان العميمي من جهته وجد حضور الشفيري لافتاً، وموضوع قصيدته مميز، والمكتوبة بحرفة شاعر هو خير ممثل لبلده، والقصيدة شامخة كشموخ اليمن في وجه العدوين الداخلي والخارجي. أما سيناريو بناء النص فهو جميل وجديد برأي العميمي، من خلال الحوارية مع الابن، ثم ربط اليمن بالخليج والتاريخ والجغرافيا والبيئة، وكل ذلك تمثل بأسلوب شعري جمالي مميز، حتى السياسة كانت حاضرة بصور شعرية مميزة، والجميل في القصيدة – كما أضاف العميمي - التفاؤل بالنصر في آخرها القصيدة لتعود اليمن قوية وآمنة. من ناحيته أثنى حمد السعيد على الشفيري ممثل اليمن في الشعر، وعلى نصه الشامخ الذي كتبه بإحساس لا يغادر بلده (علي ناحت بلادي بقربي وأنا ف عجمان/ من الشوق ما كنّ المسافات موجوده الأول)، كما إن توظيف معالم اليمن في النص أعطاه النص خصوصية مثل، فلم تأتِ تلك المفردات كبصمة لمجرد البصمة، إنما جاءت لتؤكد نضوج الشاعرية لدى ناصر. وأضاف: قد يسمع المتلقي (دكان) فلا يتقلبها، لكن عبارة (ثلاثين عام) توحي للمتلقي بعمق المعنى. أما بالنسبة لاستعراض (الزامل والعرضة والتغرودة) فهو دلالة على كل من اليمن ونجد والإمارات، وعلى النصر الذي سنعيشه، وبهذا يكون الشاعر قد استحضر فنوناً جميلة بدلالة واضحة. وختم السعيد بإعجابه بالبيت الأخير الذي يدل على الاستبشار والأمل والتفاؤل. لكن لم يختم الشاعر إلا مع قصيدة (لبنان) التي طلبها الناقد السعيد. العيد.. نص محمل بالإنسانية والقومية ختام الشعر وليلة الشعر كان مع يونس العيد القادم من البحرين، والذي فوجئ بحضور والده في المسرح، فقد جاء كي يعاين اللحظات التي سيكون خلالها يونس على خشبة مسرح شاطئ الراحة، ويقدم نصه الذي أسماه (إلى معاذ الكساسبة) لعلّ الفكر باخع شعوره على الآثار إذا حاول يفسّر مضامين مدفونه يمر الشِّعر بيت الشَّعر دون سبق أعذار بآهات مكنونه ودمعات محزونه كأن الشعور المر في حالة استنفار وأحاسيس صدر البيت بالعجز مرهونه وليا مرت الافكار في سكة الأخبار تداعت لنا ذكرى من العام مغبونه حمامة سلام تْعيذها حنكة الطيار حملها دعاء الناس بالعز مصيونه تواضع بها للرّقّه وشاءت الأقدار يضحي وهم الدين ما ثقل متونه وسيقت خطاويه على وقع خط النار وحرقوا قلوب الناس من نظرة عيونه وأمه تنادي: ما أبي من يرد الثار ولكن شهيدي جثته وين مدفونه؟ يقولون دمع الأم حالة شعر وشْعار وأنا أقول دمع الأم أبيات موزونه يا ليت انها حطين أو ليتها ذي قار ولكنها أفكار بالجهل مقرونه أماني شباب اليوم قناصها مكار يحسب الجنان بْأمر واليه مضمونه تعكز خطر داعش على ديننا إنذار علينا نقيم الحد ونزعزع ركونه ورعد الشمال بْحكمة القاده الأحرار رساله إلى المهتم يهتم بشؤونه زكاة الحياه نْموت من شان تبقى الدار وزكاة القصيد أحيان أقلام مسنونه ودين السلام مْن الفتن ضايق ومحتار كظيمٍ على ما صار وابيضّت عيونه وآخر ما قاله الناقد سلطان العميمي في تلك الحلقة، إن نص ناصر جميل ومميز، يثبت لنا أننا لن ننسى شهداءنا، وما أعجب العميمي في النص تمسك يونس بالشعر وهو يصور أسرة الشهيد، وكذلك تقديمه صياغات شعرية متميزة مثل البيت الذي قال فيه (أماني شباب اليوم قناصها مكار/ يحسب الجنان بْأمر واليه مضمونه)، والبيت (تعكز خطر داعش على ديننا إنذار/ علينا نقيم الحد ونزعزع ركونه) الذي ينبه إلى مسألة التغرير بالشباب بالجنة فقتلوا إخوانهم، كما يشير الشاعر إلى "رعد الشمال" من خلال البيت (ورعد الشمال بْحكمة القاده الأحرار/ رساله إلى المهتم يهتم بشؤونه). فيما وصف الناقد حمد السعيد نص يونس بأنه شامخ، وأن اللجنة عندما اختارته ضمن الشعراء الـ48 فقد جاء اختيارها في محله، حيث جاء النص محملاً بحس المواطن العربي الذي يحذر من داعش التي باتت هاجساً ومصدر قلق للأمة الإسلامية. وقد تمكن الشاعر من ربط الماضي بالحاضر، ومن ربط الحدث بالحدث، أي اختيار النص للشهيد الذي قتلته داعش قبل سنة، ثم أشار السعيد إلى (ورعد الشمال بْحكمة القاده الأحرار / رساله إلى المهتم يهتم بشؤونه)، وأن ذلك البيت يمثل رسالة تحذيرية لكل من يتدخل بشؤون المنطقة العربية بشكل سافر. وقال السعيد: أما ختام القصيدة فقد كان مسكٌ، عندما قال الشاعر (ودين السلام مْن الفتن ضايق ومحتار / كظيمٍ على ما صار وابيضّت عيونه)، وكلمة (كظيم) فيها من قصة سيدنا يعقوب. آخر المتحدثين في الحلقة كان د. غسان الحسن، وقد أشار إلى مواطن الجمال في النص، بما فيه شعر وشاعرية، وإلى التقاطة الشاعر موضوع النص، وتوظيفه الحدث بتلك الصورة التي جاء عليها النص، ليطوف به قومياً وإسلامياً بمنتهى الجمال. وقد دخل الشاعر في الموضوع بشكل ممنهج وجميل، وبصورة مغلفة وملفوفة بالشعر والوعي، حتى وإن كان الحزن حاضراً فيه. فقد كان يونس يتحدث بذاتية، وهو الذي اختار قوافٍ تؤكد ذلك، مثل: (مدفونه، محزونه، مغبونه)، ومثل ما فيها من تشابه لفظي، كذلك فيها تشابه لبيان المشاعر المرّة والآهات، إذ أنها تعبر عن الشاعر، الذي هو الشخصية الأولى في النص. بعدها انتقل الشاعر للحديث عن الحمامة، وهي كناية عن الطيار ومع ما يتناسب مع الموضع الذي سيذهب إليه أي (الرقة)، وذلك من خلال مهمته العسكرية، لتأتي كلمة (يضحي) مفاجئة، ولكنها مع ذلك كانت جميلة، ليبرز الشاعر البعد القومي في نصه، وكذلك البعد الإنساني المتمثل في الأم التي تسأل عن جثمان الشهيد، وهذا تعبير جميل عن إحساس الأم، أما في البيت (يا ليت انها حطين أو ليتها ذي قار/ ولكنها أفكار بالجهل مقرونه) فنجد بعداً إسلامياً. وعلق د. غسان على البيت الأخير، متمنياً لو أن الشاعر لم يقل مفردة (أحيان) فيه: (زكاة الحياه نْموت من شان تبقى الدار/ وزكاة القصيد أحيان أقلام مسنونه). غير أن النص بمجمله جميل، ومحمل بعدة أبعاد. اختتمت الحلقة، وأغلقت بوابة مسرح شاطئ الراحة إلى أسبوع قادم، ومع ثمان شعراء جدد سيحلقوا بالشعر مجدداً ليستمروا في حلقات المرحلة الأولى من مراحل حلقات البث المباشر، ليقف على خشبة المسرح يوم الثلاثاء القادم كل من إبراهيم سعيد عبدالهادي العجوري، ضاري مشعل خليفة بوقان الرميح، طلال سعيد نشيره المري، فهد الشهري، محمد بن عمر السكران، مسهوج عبدالله الشمري، مطلق محمد سعد الفزران، منذر علي محمد الفطيسي. الكاتب:
اسرة التحرير بتاريخ: الثلاثاء 15-03-2016 02:59 مساء
الزوار: 3799 التعليقات: 0
|