الكتّاب الباحث د. موفق محادين أول من أمس في قاعة غالب هلسا داخل فضاءات الرابطة في جبل اللويبدة، مناخات سابقة للباحث فوزي منصور بأدوات معرفية وقراءات جديدة مستخدما ثلاثيات المفكر المغربي الراحل محمد عابد الجابري: ثلاثية العقل البياني والعرفاني والبرهاني. وكذلك مقاربات أقرب إلى الزمن الدائري كما هي عند أفلاطون وفيكو وابن خلدون.
فالتاريخ العربي، حسب محادين، مر بمحطات: الدولة القومية (البدائية ) التي سبقت الإسلام عبر نمط الإنتاج الآسيوي، ثم الدولة الإمبراطورية عبر ما سماه الباحث بنمط الإنتاج الإيلافي والطرق التجارية الطويلة قبل أن يدخل في زمن الركود الطويل بعد تحول طرق التجارة والثورات الفلاحية في الأطراف، وكذلك بسبب الاتساع الإمبراطوري، وما استدعاه من فتح الجيش أمام خؤولات أبناء الرشيد، الفرس والأتراك الذين سيطروا على الدولة آخر الأمر.
هذه المحطات وأنماط الإنتاج، ترافقت، كما يرى محادين، مع أنماط معرفية اتسمت بتعايش الرواسب الثقافية لأنظمة الاستعارة والتشاكل (السببية البدائية) مع خليط من العقل البياني والعرفاني والبرهاني.
هذا عن التاريخ العربي قبل الثورة الصناعية البرجوازية، أما ما بعدها فقد عاش العرب، يقول الباحث، حالة من التواصل والانقطاعات داخل التاريخ وخارجه.
وذلك تحت تأثير التحولات الإقليمية والدولية والموجات الاستعمارية الجديدة وما رافقها من (حقب) اقتصادية: الحرير في سوريا ولبنان، ثم القطن في عهد محمد علي وإسماعيل باشا، ثم النفط ، والآن الغاز.
وبالمحصلة ثمة تأثيرات، بحسب محادين، متعددة داخلية وخارجية، منعت العرب من إنجاز ثورتهم القومية الديمقراطية لا عبر دولة السوق القومي، ولا عبر النموذج الاشتراكي، وظلت الدولة القطرية ناظماً مركزياً خارجياً لمجاميع طائفية وعشائرية لم ترتق إلى مستوى الانصهار والمجتمع المدني، مما جعل من آفاق التغيير تحت ضغط حفظ الحراك الشعبي مفتوحة، كما يختم محادين، على مخاطر (الثورة المضادة) والفوضى الطائفية.