لكن هذه الرغبة لا تشهد نموا يذكر في مصر والمغرب؛ إذ لا يتجاوز معدل 5 في المائة، مقارنة بتونس ولبنان وسوريا، التي يتضاعف فيها معدل الرغبة المؤكدة في الهجرة ويقترب من نسبة 20 في المائة.
ويُعدّ الأردن الاستثناء الوحيد من بين دول المنطقة التي شملتها الدراسة، الذي يُسجَّل به تراجعٌ كبيرٌ في معدل الرغبة المؤكدة في الهجرة لدى الشباب، وهو ما يجد تفسيره في إحساس الشباب بأن لديه فرصاً في بلاده، وبأنه لا يشعر بدرجة إقصاء أو تهميش كبيرة.
كما يرصد الباحثون ظهور نوع من ثقافة «الاعتياد على الهجرة» لدى الشباب في مجتمعات الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، بيد أن الدراسة تسجل أيضاً تحولاً مهماً في البلدان أو المناطق المقصودة لدى الشباب، اعتماداً على تجاربهم الشخصية في الهجرة. إذ تأتي دول الخليج العربي في المقدمة بنسبة 14 في المائة، مقابل 9 في المائة بأوروبا، وبنسبة 6 في المائة في آسيا، ونسبة 3 في المائة في أمريكا الشمالية ودول جنوب الصحراء.
وشارك في الدراسة 11 باحثاً وباحثة من ألمانيا من تخصصات أكاديمية وحقول متعددة من مناهج العلوم الاجتماعية، كما تمت الاستفادة مما يزيد على مائتي عنوان كتاب ودراسة لباحثين ومراكز دراسات ومؤسسات دولية، حول أوضاع الشباب في العالم العربي.
ويمزج مؤلفو الدراسة في أبحاثهم بين أدوات البحث التجريبي والواقعي لأوضاع الشباب الشخصية والمجتمعية والتحليل الموضوعي للظواهر والسياقات التي يعيشون فيها محلياً وإقليمياً. وهو ما يضفي على هذا العمل البحثي ثراءً في المعلومات والمعطيات عن تضاريس حياة الشباب في الدول العربية، مدعمةً بعشرات الرسوم البيانية، ونظرة تحليلية معمقة لاتجاهات التطور في الأفكار والقيم والعلاقات في المجتمعات العربية.
وتتبع الدراسة عملاً بحثياً سابقاً كان بحجم أقل تم إنجازه في سنتي 2016 و2017؛ وهو ما يشكل أرضية مناسبة برأي المشرفين على الدراسة لإجراء مقارنات واستنتاج اتجاهات تطور الأوضاع في المجتمعات العربية.