أربع شهادات إبداعية في ملتقى القاهرة الدولي السابع للإبداع الروائي
عرار:
القاهرة في شهادته الأدبية التي جاءت بعنوان «فضاء افتراضي لتزييت عجلات السرد» قال الكاتب خليل صويلح، في الجلسة التي ترأسها الكاتب الحبيب السالمي بملتقى القاهرة الدولي السابع للإبداع الروائي: أن تكتبَ روايةً عن شوارع اليوم بكل عنفها وصخبها وغرائزها، دون أن تشتبك مع وسائل الميديا الجديدة بوصفها عناصر مؤثرة في أفعال شخصيات الرواية، كمن ينتظر عبور قطار على الفحم في محطة مترو. وأوضح أنه لا مناص إذًا، من اقتحام الفيسبوك أو تويتر، أو الماسنجر، المتن الروائي لتزييت عجلات السرد بوقائع ومنعطفات تختزل المسافة بين الشخصيات، لجهة التلاقي أو الافتراق، وكأن مواضع الحب والعشق والشوق واللهفة لا تكتمل إلا باستخدام هذه الوسائل، وتاليًا ضرورة الانتباه إلى آليات السرد لجهة الكثافة والاختصار في استدراج الجملة البليغة والمراوغة والمشاغبة لصوغ إيقاع متوتر وخاطف، والحال. الكاتبة ربيعة ريحان تعترف في شهادتها الأدبية بأن أول خطوة باتجاه الرواية كانت «طريق الغرام». وتوضح أن كل ما كتبته (سبعة مجاميع قصصية)، لم تكن التكنولوجيا إلهامًا يؤثث للتجربة. وقالت: كنت أستعمل الورقة والقلم لتنهض الأصوات والتصورات والأفكار. المعلومات المخزنة التي تخلط ويعاد خلطها جيدًا، من العشوائية إلى التسلسل إلى الرسائل الغرامية، عزلتها تقنيات التواصل، واكتملت دائرة التجربة الافتراضية، لتصبح عالمًا مفتوحًا على كل الاحتمالات. تضافر الخيال والتجربة والتناص. من هذا المنطلق – تقول ريحان - يمكن النظر إلى «طريق الغرام» من زاوية تأنيث الفضاء الإلكتروني، باعتباره امتدادًا لذات البطلة، تُمارس فيه سلطة الحضور الحر، والملكية الخاصة، في غرفة خاصة لا يمكن لأحد أن يلجها سواها. قدمت الكاتبة سمر نور «علامات استفهام بلا أجوبة» وتقول: لم يكن لديَّ ما أفعله سوى القراءة، طفلة هادئة بصوت خافت لا يُسمَع في كثير من الأحيان، تعشق القراءة والسينما، وتواظب على برنامج الطفل في قصر السينما كل يوم سبت وتزور مكتبة القصر قبل عرض الفيلم وبعده. في المرحلة الإعدادية صرت أختار كتبي بنفسي، خمسة كتب أستبدلها كل أسبوع من مكتبة النعماني بسور السيدة زينب، بالقرب من مدرستي، كتب المغامرات ومجلات الأطفال مع قصص تشيكوف ويوسف إدريس وروايات تشارلز ديكنز وتولستوي، مع سلسلة عالم المعرفة، كتب لا تشي بالمرحلة العمرية التي أمرَّ بها، كان صاحب المكتبة يعتقد أني أستبدل الكتب من أجلي أنا وإخوتي وأنهم بالتأكيد أكبر مني عمرًا، وكان يرشح لي أعمالاً في بعض الأحيان، مع الوقت أيقن أن تلك الصغيرة تلتهم الكتب بمفردها، حتى وإن لم تكن تعي كل الأفكار التي بين السطور، إلا أن تأثيرها في الروح والوجدان لا ينمحي، لكنه لم يكن يعرف أن الصغيرة تكتب القصص أيضًا منذ كانت في العاشرة، وأنها انتهت من أول رواية قصيرة وهي في الثانية عشرة من عمرها.لسطينية بنفس الأسلوب الرومانسي. وعن تجربتها الشخصية في الكتابة قالت الكاتبة لينا هويان الحسن: عندما تزعزعنا أيدي الذاكرة الصلبة، نكتب. نرضخ لحالة الكتابة عندما يجتاحنا اليقين الغامض أنه لا يمكننا التملُّص من عنف الذاكرة، إلا بتدوينها. نحن مذنبون واعون بذنوبنا والدليل أننا نكتبها. وأضافت: بعد تجربتي المتواضعة في عالم الأدب (عشرين سنةً بالضبط)، أتلمَّس بضع كلمات لأحكي شيئًا عن تجربتي، عن تلك اللحظة الفاتنة عندما تأتي فكرة الرواية، وفق قوانين غريبة غير متوقعة وفق قوانينها الخاصة التي أجهلها، ويجهلها الجميع، لكن لا شيء يمكنه عرقلة الفكرة عندما تأتي. لعل حياتنا «الماضية»، تخبِّئ على نحو غير واعٍ المصباح الذي نستضيء به، عندما نكتب. وأضافت: لا شك أن الحنين يجعلنا نؤوب إلى أرض الذاكرة، الكتابة هي حياتنا التي نعيشها عن اختيار، ونعيش نقيضها، عندما تعود إلى تاريخنا الشخصي المتواري في كل شيء فينا؛ في جوارحنا وتفكيرنا ومشاعرنا، لهذا بدأت من عالمي الخاص، والواسع في نفس الوقت بدأت من الصحراء. لعلِّي رأيت البدو من منظور مخالف للمعتاد، فكتبت عنهم ما اعتقدته غريبًا وسحريًّا ولافتًا، في ثلاثة أعمال: «بنات نعش» و»سلطانات الرمل» و»رجال وقبائل». لأن الكاتب يهضم كل ما يراه ويسمعه، ويغدو بحد ذاته مشروعًا منفتحًا على كل ما قد يصادفه أو يلتقيه، انفتاح الشراع على الرياح لهذا عبرت صحرائي وتلك البوادي والقفار صوب مدينة دمشق.