|
عرار:
عمان :- تقوم علاقة الفنان التشكيلي الأردني سلام كنعان مع مدينة عمّان على ترابط قوي ووشائج تتداخل فيها صور تختزنها الذاكرة والخيال أو الانطباع الشخصي للفنان ومشاعره وأحاسيسه تجاه المدينة التي احتضنت تجربته وتفتحت فيها ثقافته التشكيلية، فأبدع مجموعة كبيرة من الأعمال وثقت جماليا أبرز معالم عمان العمرانية وأجواء الحياة الشعبية فيها، لاسيما في البقعة القديمة من العاصمة أي وسط البلد بما يضم من شواهد تاريخية كالمدرج الروماني والاوديون وسبيل الحوريات، وكذلك جبل عمان واللويبدة والاشرفية وغيرها. ان اهتمام سلام كنعان بعمّان تحديدا يعكس ارتباطه العضوي فيها كإنسان أولا ثم كفنان ثري خصب الخيال، بارع دوما في تحويل المشهد الحقيقي الى مادة فنية ترتقي بذوق المتلقي وخيالاته وتدمجه في أجواء اللوحة وموضوعها، كما ان السلاسة التعبيرية التي تترجمها ريشته بألوان مائية عالية الشفافية تقرب لوحته من فضاءات قصيدة لونية تحتفي بالمكان وجمالياته وروحه الأليفة، فهو ينتمي لمدرسة فنية قائمة على التأمل في المكان واسترجاعه دوما وإعادة صياغة تفاصيله برؤية حداثية والتعبير عن علاقة الفنان صاحب اللوحة عمّا ترك المكان في نفسه ووجدانه من أثر أو حالة شعورية قابلة للاستعادة دوما وإعادة الانتاج والترجمة عبر الريشة والألوان. ولأنه عاشق عمّان القديمة وناسها وبيوتها وشوارعها العريقة، فقد اختار الفنان سلام كنعان أحد أعرق المواقع في عمان وهو شارع الرينبو لإقامة جاليري ومقهى فني يضم مجموعة كبيرة من أعماله التي تستنطق روح عمّان، إضافة لأعمال عديدة تجسد معالم القدس العربية والبتراء ونابلس والسلط وغيرها من مدن الأردن وفلسطين العريقة، تلك الرسومات تزين قاعات وغرف العديد من المؤسسات الخاصة والفنادق الفخمة في عمّان نظرا لفرادتها وما تضفيه على المكان من جماليات متعددة المستويات. يقول الناقد العربي عبد الله أبو راشد عن أعمال كنعان «الطبيعة الصامتة والمتحركة الخلوية الغناء بجميع مكونات الحياة اليومية والبيوت القديمة والحديثة العامرة بالخضرة وتقاسيم الورود والأزهار، لها حصة وافرة في عموم رسومه وتصويراته المائية متعددة التقنيات. تضع المشهد البصري المرسوم في حالة تعبيرية لافتة، مستقطبة عيون متذوقيها بما فيها من أصول حرفة تقنية ولمسة أكاديمية صريحة، تشي بحقيقة الأماكن التي ترصدها، متوالدة من حافة مدينة أو بلدة ريفية داخل الأردن وخارجها، معنية بإثارة بصرية للعمائر القديمة وتجليات التاريخ العربي المتواصل». وعن العنصر البشري في أعماله يقول «الإنسان مفردة شكلية متواجدة في كثير من رسومه ولوحاته، يحتل موقعه الطبيعي في متن النصوص المسرودة، في جماليات الهيئة والتعبير العاكسة لانفعالات الفنان في لحظات التجلي، ومنحازة لرسم معالمها الفنية التشكيلية وفق معايير الاتجاهات الواقعية التعبيرية الراصدة لمواقف الحياة اليومية المتنوعة، سواء أكانت في المرسم الشخصي للفنان، أو الحقل ورصد جماليات الحصاد وحركة الفلاحين، أو في السوق وتوثيق مشاهد حيّة من حركة التجار في متاجرتهم العامرة بالخيرات، أو معنية بحركة العابرين في أروقة المدن والأسواق والأحياء». ولد سلام كنعان في الثاني من نيسان عام 1963 في مدينة أربد، وأكمل دراسته فيها، ثم التحق في دراسة الفنون الجميلة وحصل على البكالوريوس في جامعة اليرموك في أربد 1987. عمل في برنامج ماجستير الآثار في معهد الآثار والانثروبولوجيا في جامعة اليرموك وفي عام 1989 التحق في منحة لدراسة الفنون الجميلة في المدرسة الوطنية العليا للفنون الجميلة في باريس.وحصل على الدبلوم العالي منها في عام 1993 ثم عاد إلى عمان ليرسم في مرسمه لهذا اليوم، أقام العديد من المعارض في الأردن ومدن عربية وأجنبية. الكاتب:
مراقبة التحرير والنشر بتاريخ: السبت 08-12-2018 06:59 مساء
الزوار: 1044 التعليقات: 0
|