عمان : إن كل ما على الأرض متحرك حتى وإن تبين لنا أنه مستقر فإنه في حركة ذاتية وداخلية، وكذلك في حركة مع دورانية الأرض والحركة من مؤشر الحياة في الكائنات، بهذه الكلمات يقدم التشكيلي الجزائري حمزة بونوه معرضه الجديد في جاليري وادي فينان والذي أفتتح أمس الأول برعاية الأميرة رحمة بنت الحسن المعظمة، وبحضورحشد من التشكيليين والنقاد، حيث يقدم فيه عدد من أعماله الحروفية الجديدة، ويستمر المعرض حتى الخامس والعشرين من الشهر الحالي.
ويتابع بونوه حول معرضه»إن هذه الحركة الكونية تجعل كل شيء في الوجود يتحرك ويتغير في صيرورة مستمرة وتتسم الحركة بتجانسية كبيرة واقتران الحركة مع الضوء يعمل على تحطيم المادة (أي الأشكال) لتكشف عن جوهرها ، وتكون في حالة اندماج الحركة جزءا جوهريا بالنسبة لي وهي تتضمن فكرتين إحداهما تتصل بالتغير والأخرى تتصل بالزمن، وسوف أحاول ربط إنشائية العمل بالحركة مباشرة وذلك باعتماد اللغة الفنية المعاصرة باستعمال مواد جديدة مثل البلاستيك الزجاجي وصيغ تشكيلية متجددة ومستوعبة لمفهوم وأبعاد الزمن والحركة الممتدة والمتواصلة وتتمثل ذلك في بحثي عن جوهر الإيقاع الداخلي للحرف دون أن يتأثر الشكل ذاته لينتج الحركة اللاصوتية من خلال عملية التوليد بين شكل الحرف وشكل الحرف الآخر؛ فعندما يتداخل شكلان في التركيب نفسه ينتج عنهما شكل ثالث وهذا ما يولد الحركة الذاتية والداخلية في البنية التأليفية، وهي حركة مرئية تنتج من الأشكال والألوان أيضا، كما أن متضادات الألوان يتولد منها لون ثالث مثالي، وهذا ما نعنيه بمفهوم معرضنا الحروف في حركة».
يستثمر الفنان بونوه في لوحاته الطاقة الجمالية للحرف العربي في تشكيل تكوينات ومفردات بصرية ذات صبغة تجريدية ينطلق بها نحو العالم، ويقول حول تجربته: «نحن نمتلك ذخيرة ثقافية وفكرية وتراثية عظيمة، إذا تمسكنا بها وعملنا عليها يمكننا أن نصل إلى جميع أنحاء العالم، وهذا ما ألمسه من خلال التفاعل الكبير من الجمهور من جنسيات مختلفة مع أعمالي، رغم أنها ذات هوية عربية حروفيات بونوه التي تغطي فضاءات لوحته ليست زخرفية، فهي تشكل كيانا بصريا مستقلا له إمكانياته التعبيرية الكبيرة على سطح اللوحة، وهو يخرج الحرف من إطار المضمون والمعنى ليصبح عنصرا فعالا ضمن لغة تشكيلية عالمية تتجاوز حدود الثقافة المحلية، ويرسم حروفياته باتجاه عمودي، حيث يعود باللغة إلى أصلها السماوي فيمنح أعماله أبعادا روحية، كما يتكرر الجسد الإنساني في لوحة بونوه في مسعى منه للتعبير عن روح العولمة الجديدة التي باتت تجمع كل الناس من شتى الأديان والمذاهب والأعراق أو الخلفيات السياسية، ويتجه الفنان لحصر أعماله في استخدام الزجاج البلاستيكي، لاجئا لنوع من ألوان الأكريليك شديد الثبات، ويدخل مواد مختلفة في اللوحة بطريقة (الكولاج) وغيرها من التقنيات التجريبية.
ولد حمزة بونوة في الجزائر عام 1979، ودرس في معهد الفنون الجميلة في الجزائر، واستلهم أعماله من البربر والأندلس والفن الإسلامي. عرضت أعماله في الكويت والبرازيل وكندا والأردن والبوسنة والبحرين وفرنسا وانجلترا وقطر والامارات العربية المتحدة. نال الجائزة الأولى في فعاليات  جائزة فنون البحر الأبيض المتوسط  في مرسيليا عام 2001، ومؤتمر الفنون الأوروبي الجزائري الدولي  في بلجيكا عام 2001 .وفي عام 2007، أقام حمزة معرضاً منفرداً في  متحف الفنون الحديثة  في الجزائر، احتفالاً بالجزائر باعتبارها عاصمة الثقافة العربية، كما أقام عددا من المعارض في عمّان، وشارك العام الفائت بالملتقى التشكيلي العربي الأول في الدوحة، كما شارك هذا العام في «ملتقى الخط» في الشارقة.
يقول الناقد التشكيلي محمد الربيع عن تجربة بونوة «ولا ينفك الفنان حمزة عن استخدام أسلوبه الارتجالي في التعبير عن آرائه الشخصية في بعض القضايا وترجمتها في لوحات تشكيلية وشخصيات حروفية ذات أشكال وهمية تعبر عن آمال وتطلعات وأحلام الكثير من الناس. تشكل أعمال الفنان حمزة بونوة وأسلوبه الفريد أداة مهمة في إيصال العديد من الرسائل، وتسليط الضوء على نقاط حساسة في مجتمعاتنا، بالإضافة إلى جماليتها ودقة تنفيذها والقيمة الفنية المضافة للمشهد الفني المعاصر في المنطقة. ويقول الكاتب الأردني رسمي الجراح عن شخوص الفنان: تحضر شخوص الفنان الجزائري حمزة بونوة في لوحاته إما فرادى أو بشكل ثنائي أو ثلاثي أو مجاميع، وهم في جميع الحالات شخوص هشة ومستلبة فاقدة لقدرتها، منقوصة مهزومة ومنكسرة، اذ تعبر عن واقع محيط بها.».