|
عرار:
كم نحن في حاجة ماسة إلى معرفة الثقافة البيئية معرفة تفصيلية شاملة تمسح المكونات الجغرافية والتاريخية ووصف الجماعات البشرية وما تقوم به من أنشطة لاعادة انتاج شروط وجودها وتطورها مع الوقوف على اثر التحولات الكبرى التي حفت بالمجتمعات التقليدية ولاسيما على اثر انتشار العلاقات الرأسمالية وما يرافقها من التحول من النشاط الفلاحي الحرفي إلى العمل المأجور في الشركات الوافدة لنهب الثروات الطبيعية واستغلال السكان العاملين بها. تتصل هذه الدراسة ببلدة الڨطار المتميزة بخصائص المجتمعات الواحية المستقرة المعتمدة على النشاط الفلاحي و بعض الحرف. ثم شهدت تحولات اقتصادية اجتماعية أبرزها انخراط عدد من رجالها في العمل المنجمي لاستخراج الفسفاط من جبل صهيب- المظيلة في ظروف بالغة القسوة تودي ببعضهم إلى الهلاك موتا في الانفاق المعروفة بالداموس مثل والد المؤلف السيد محمد بن محمد الصالح ڨرباية. يأتي هذا الكتاب في شكل دراسة وصفية للحياة ببلدة القطار بالاشارة إلى الجذور البعيدة للطقوس الدينية التي شهدتها البلدة والتي تعد في بدايات الحياة الروحية للانسان فيما قبل التاريخ وإلى النشاط الفلاحي ولاسيما طريقة الري في الواحة المعتمد نظام خاص يعرف بالمكايل أضف إليها صناعة الرحي المعدة لطحن الحبوب وهي أنشطة شاقة ودقيقة يكدح القطاريون في سبيلها بجهد جهيد وعرق صبيب لتوفير المستلزمات المادية للجماعة. أفرد الباحث لطفي قرباية عناية خاصة بالاغاني الموجهة للأطفال أو مايعرف بهدهدة الاطفال التي ترددها الامهات لترويض وتنويم الأحداث في سن مبكرة وفيها تضمين لعديد الأماني والصبوات المعقودة على الطفل باعتبار ما سيكون ومن خلال تلك الأغاني الايقاعية البسيطة في كلماتها يتم ترسيخ جملة من القيم الجمالية والاخلاقية المفضلة لدى الجماعة. لاشك في أن مثل هذا العمل الميداني بالاساس له فضل لا ينكر على البحث العلمي وعلى الثقافة الوطنية في آن. إنه توثيق للذاكرة المحلية والكشف عن العناصر المكونة للثقافة الوطنية في تنوعها وثرائها. اقتصر المؤلف على تناول غرض واحد من المأثورات الشفوية وهو الاغنية الموجهة للطفل بهدف التسلية والترفيه علاوة على التوجيه والتنشئة الإجتماعية مع العلم أن هذه المهمة الأخيرة يمكن أن نعثر عليها في بعض الفنون القولية الأخرى مثل الحكاية والتي رغم اختلاف أنواعها فإنها تصب في النهاية في صراع الخير مع الشر وتفضي في خواتمها إلى انتصار الخيرين على الأشرار وكذلك الامثال التي تكثف خبرة الاجيال في حكم بسيطة مصاغة في قوالب لغوية طريفة يسهل حفظها والاستشهاد بها كلما جدت أحداث ومواقف لها نماذج كرستها الأجيال في مأثوراتها القولية. ولعل هذا البحث الذي أعد في الأصل لنيل شهادة الماجستير المهني في الدراسات العليا في الطفولة وما تستدعيه من ضوابط منهجية وتدقيق للموضوع هو الذي رسم لها الحدود وحصرها في غرض الاغنية الشعبية الموجهة للطفل. مع العلم أن المؤلف قد أضاف إلى البحث الأصلي عديد الفقرات المتصلة بالسكان والنشاط الاقتصادي مع زمرة من الصور الفوتوغرافية الأصيلة وبذلك يقدم إضافة مهمة للتعريف بتراث الڨطار والثقافة البيئية عامة. الكاتب:
مراقبة التحرير والنشر بتاريخ: السبت 25-08-2018 02:46 مساء
الزوار: 866 التعليقات: 0
|