|
عرار:
عمان : الشاعر محمود الأفغاني كتب في ستينيات القرن الماضي للشاعر راضي صدوق حين كان رئيسا لتحرير مجلة الأفق الجديد: لقد أهداني جلالة الملك الحسين بن طلال مسدسا، سأجربه بك إن لم تتوقف عن نشر قصائد التفعيلة. يقول الناقد كايد هاشم: لا يمكن للشعر أن يقدم كوصفة جاهزة كما يفعل بعض الشعراء عند إلقاء قصائدهم؛ فيبدأون يشرحون للسامع أو المتلقي بعض الألفاظ ومعاني بعض الصور في شعرهم؛ كأن الشعر قارورة دواء تحتاج نشرة مرفقة يدرك من خلالها المتلقي تركيبة المستحضر. اكتشفت لدى إعدادي بعض المعاجم والكتب المعنية بتراجم أدباء الأردن، أن كثيرين منهم حصلوا على درجة البكالوريوس في أثناء حياتهم العملية، كما فعل الشاعر نضال برقان، لكن بعضهم درس في الجامعة أكثر من تخصص، مثلما فعل د. سليمان الطراونة الذي درس الهندسة إرضاء لوالده، ودرس الأدب العربي إرضاء لموهبته. اكتوى عدد كبير من مبدعي المملكة بالغربة، لظروف مختلفة، كان منهم الأديب علي عبيد الساعي، ابن الخالدية/المفرق، الذي أقام في صحراء الامارات في تسعينيات القرن الماضي، وبينما هو في وحدته الموحشة شاهد في تلك الصحراء سيارة عليها رقم اردني، وما ان وصلت ونزل ركابها منها، حتى جلس فيها يشتم عبق عاصمة الأردن، وهنا بزغت قصيدته التي غناها فارس عوض (عمان يا دار المعزة والفخر..الخ)، وفي المفرق عشرات الشعراء النبطيين وشعراء الفصحى، الذين يهيء لهم فيصل السرحان أجواء خاصة عبر بيت الشعر، فيتألقون ومنهم: خالد الشرمان وجاسر البزور وعاقل الخوالدة ومحمد العموش الذي أراه كبيرا في شعره بحجم عرار وحبيب الزيودي. في سيرته الروائية، ومذكرات معلم التي ينشرها الأستاذ محمد داودية في الدستور، تظهر أهمية التعداد في كشف النقاب عن البيئة، التي تعتبر من أهم متطلبات المنهج النفسي في الأدب، يقول داودية مثلا: (عملت في عدة قرى في وسط الأردن وفي جنوبه وفي شماله، في ظروف غاية في القسوة عانى منها المعلمون والمعلمات كافة في الستينيات والسبعينيات، قرى كان فيها مدارس ومعلمون ومعلمات فقط، لم تكن فيها كهرباء ولا طرق ولا سيارات ولا بنوك ولا أي.تي.ام. ولا مخابز ولا ملاحم ولا مطاعم ولا عيادات صحية ولا مراكز طبية ولا صيدليات ولا محطات وقود ولا مساجد. وبالطبع لا مقاه ولا كوفي شوب ولا بيرغر كنج ولا بيتزا هت ولا مكدونالد ولا دور سينما ولا مسارح ولا مكتبات ولا هواتف ولا تلفزيونات ولا لاب توب ولا فيسبوك ولا واتس اب). ولا تخلو كتابات المفكر د. ماهر الصراف، الذي يُعتبر في طليعة المشتغلين في فلسفة العلم بعامة، وفلسفة بيولوجية الجسد بخاصة، من طرائف مدهشة، ومنها أن الفيلسوف العظيم «نيتشه» كان قد أودع مستشفى الأمراض العقلية؛ لسنين طويلة؛ بالتشخيص المكرر؛ لكثير من المرضى؛ وهو (الجنون)، ولا بد أنه مثل غيره؛ قد ربط بالأصفاد والحديد؛ واتهم بدخول الأرواح الشريرة إلى رأسه، دواء نيتشه اليوم؛ بعد أن تبين أنه كان يعاني من السفلس؛ هو أربع حبات دواء؛ او إبرة واحدة. وأذكر هنا أيضا أن د. أحمد ماضي اختلف مع د. سلطان القسوس حول كيفية كتابة «جاءوا» فكانت وجهة نظره أنها تكتب «جاءوا»، أما د. سلطان فأصر على أنها تكتب»جاؤوا»، وبعد أن اتفقا على أن يُحضر الخاسر الكنافة للهيئة الادارية، أو حلوانا من نوع آخر لم يذكرانه يومها أمام زميلتيهما في الهيئة الادارية «روضة الهدهد، هند التونسي»، اتصل د. ماضي، بأستاذه د. ناصر الدين الأسد، فقال يجوز الوجهان، فكسب كلاهما، وخسرت الهيئة الادارية في ذلك الاجتماع أكل الكنافة. بعض الذين يتوافدون على الهيئات الثقافية، أصناف، منهم من يقضي حاجته ويُغادر، ومنهم من يُجالس أقرانه من الكـُتـّاب فيها لوقت محدد ثم يمضي، ومنهم من يدخلها فقط لغاية حضور بعض الأنشطة الثقافية، لكن بعضهم يمتلك الطاقة التي تؤهله أن يحضر لتلك الهيئة قبل موظفيها صباحا، ولا يغادرها إلا بعد مغادرته ليلا، ويبقى مقيما فيها لسنوات على هذا النحو دون كلل أو ملل، ومع دعائي للعلي القدير أن «يُطوّل روح» رئيس رابطتنا محمود الضمور، على زوّاره الكثر بحكم دوامه اليومي الطويل في الرابطة، أتذكر مكتب د. علي عقلة عرسان رئيس اتحاد الكتاب العرب في دمشق والأمين العام للإتحاد العام للأدباء والكتاب العرب، حين كان مكتبه في ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي عامرا بالأدباء والكتاب من معظم أرجاء الوطن العربي، لعله كان يمتلك صبر أيوب، على مطالب معظم هؤلاء، لكنه كان بحاجة إلى صبر أكثر على من زاره ليتسلى أو للضيافة أو لاضاعة الوقت وسط هذا الزحام، ولأن العلاقات بين الأدباء والكـُتـّاب غالبا ما تكون هوائية، أو مرتبطة بالمصالح، فإن هذا القيادي المضياف، سيخسر كثيرين من هؤلاء بعد أن غادر موقعه. الكاتب:
مراقبة التحرير والنشر بتاريخ: الأربعاء 23-05-2018 10:45 مساء
الزوار: 1452 التعليقات: 0
|