الشاعر محمد عبدالله البريكي يكتب قصيدة بعنوان ( والــــــــــدي )
عرار:
ولدي وأنا في عمركَ كانت أمي تخفي عن عين أبي بعض جنوني وإذا التقطت عيناهُ وقوعي في فخِّ النزوةِ يجلدُ طيشي وإذا ما انتبهت أمي للسوط تنامُ على ظهري ويميلُ السوطُ عليها.
كنتُ أرى بنت الجارِ تسابقُ ضوء الشمس وتزرعُ عينيها عند الباب وعيني كاللص تراقبُها كانت ترمي القُبلةَ من يدها اليمنى والوردةَ من عينيها وحين أروح إلى الحافلة تغافلني وتصعِّدُ لهفتها في دفتر يومي وأعودُ لألقى قلبي يضحكُ في صدري وأفرُّ إلى مدرستي كالطير هروباً من سوط أبي وإذا عدتُ يحاول زرعي في الصلوات وفي المسجد حببني للمصحف في السابعة وعلمني ما يكتبهُ ابنُ العشرينَ وحاولَ أن أصعد في يومٍ منبرهُ وهربتْ الخطبةُ تعني أن لا ألعبْ وأنا لعبتيَ الشعرُ وحين ألحَّ قبلتُ ولم أجدِ المنبرْ.
كنتُ أصادق حلاق القريةِ مثلكَ أجلسُ فوق الكرسي طويلاً حتى ينعسَ من صبري الحلاقْ لكني الآنَ أنامُ وأسمعُ بعد قليلٍ من دوران العقرب صوتَ الحلاق يقول: نعيماً
كنت أغافلُ أمي وأقبِّلُ بعضَ شفاهِ الوردِ على فنجان القهوةِ كالأبلهْ وأبي حين رأى شيطنتي أهداني من أهدتك إليْ أمُّك تلك الصابرة على شغبي تسكنني وتخوّفُها أنفاسُ الكلماتْ وكبرتُ وصادقتُ الشعر فذوّبَ في دفتر بوحي بنتَ الـش.. الشيطانُ صديقٌ للغفلةِ لكنْ ليس ضرورياً أن ينصهرَ الشاعرُ في هذا الغليانْ
أتذكرُ خوف أبي والسوطْ. مع أن الحظ عنيدٌ كعجوزٍ عرجاء بعكازٍ مكسورٍ يعبرُ خط النار ولا أنهارْ. وأبي لم يهدِ السوطَ إليَّ وأهداني قلبهْ واليوم أعودُ أقبِّل تلك الكفْ وأقبلُ أمي.