عرار:

ها قدْ تداعَتْ عَلى أشْلائِنا الأُمَمُ - ونحْنُ في ظُلَمٍ مِن فوْقِها ظُلَمُ
ونحْنُ كالصَّخْرِ لا رُوحٌ ولا عَصَبٌ- ونحْنُ كالمَيْتِ لا حِسٌّ ولا أَلَمُ
تلطَّخَتْ بسَوادِ العارِ جبْهَتُنا - وفِيْ المَذَلَّةِ قدْ غاصَتْ بِنا القَدَمُ
وكُلُّ ما كَتَبَ الكُتَّابُ لَيْسَ لَهُ - وَزْنٌ فَلُذْ بِظَلالِ الصَّمْتِ يا قَلَمُ
فشِعْرُنا لا يُساويْ وزْنَ خَرْدَلَةٍ - ونَثْرُنا مِثْلُهُ بِالهَذْرِ مُتَّهَمُ
وإِنَّما هُوَ حِبْرٌ جَفَّ في وَرَقٍ - كَالطَّبْلِ ما فِيهِ إِلَّا الرِّيحُ والوَرَمُ
كُلُّ المِدادِ الذِيْ فيْ الأَرْضِ يَفْضُلُهُ - مِنَ الشَّهِيدِ بِساحاتِ النِّضَالِ دَمُ
دَعِ الهُتافَ فما يُجْدِيْ الهُتافُ فَتَىً - فَلَيْسَ يُجْدِيهِ إِلَّا الصَّارِمُ الخَذَمُ
حَيِّ الشَّهِيدَ الذِيْ ضَحَّى بِمُهْجَتِهِ - ومِلْؤُهُ النُّبْلُ والإِيثارُ والكَرَمُ
حَيِّ الشَّهِيدَ الذِيْ أَعْطَى الدُّرُوسَ لَنَا - ومَنْ نُجِلُّ ومَنْ نَفْدِيْ ونَحْتَرِمُ
إِنْ يَسْقُطِ الجِسْمُ مِنْ غَدْرِ الرَّصاصِ بِهِ - فَإِنَّ مِنْ يَدِهِ لَمْ يَسْقُطِ العَلَمُ
يا قِمَّةً لَيْسَ لِلشِّعْرِ الوُصُولُ لَهَا - أَنَّى تُطَاوِلُ هَذِيْ القِمَّةَ القِمَمُ
ما قِيمَةُ النَّذْلِ لَوْ كَانَ الحَرِيرُ لَهُ - ثَوْبًا وَحَفَّتْ عَلَى ذُلٍّ بِهِ النِّعَمُ
ليْسَ القَوِيُّ الذِيْ تَمَّ العَتَادُ لَهُ - بَلْ مَنْ تُتَوِّجُهُ الأخْلاقُ والقِيَمُ
حَضارَةُ الظُّلْمِ والطُّغْيانِ غَايَتُها - إِلَى فَنَاءٍ ومَأْوَى زَيْفِهَا العَدَمُ
لا يَخْدَعَنَّكَ لا زَيْفٌ ولَا كَذِبٌ - فالحَقُّ مُنْتَصِرٌ والشَّرُّ مُنْهَزِمُ
انْظُرْ إِلَى صُحُفِ التَّارِيخِ أَيْنَ مَضَى - مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَنَا الرُّومانُ والعَجَمُ
فلَا بَقَاءَ لِمُحْتَلٍّ وَمُغْتَصِبٍ - ولَاَ دَوَامَ لِمَنْ جَارُوا ومَنْ ظَلَمُوا
وحَقُّنا وَاضِحٌ كَالشَّمْسِ فِيْ كَبِدِ السـّْ - ـسَّمَاءِ تُنْكِرُهُ عَيْنٌ بِهَا سَقَمُ
ولا نُفَرِّطُ بِالحَقِّ الصُّرَاحِ وَلَوْ - لَمْ يَبْقَ حَيًّا بِنَا طِفْلٌ وَلَا هَرِمُ
وذَرَّةٌ مِنْ تُرَابِ القُدْسِ أَثْمَنُ مِنْ - أَمْوَالِ قَارُونَ فِيْ المِيزَانِ لَوْ عَلِمُوا
فَإِنَّهَا بِدَمِ الأَبْطَالِ قَدْ مُزِجَتْ - فَأَزْهَرَ المَجْدُ فِيهَا وازْدَهَى الشَّمَمُ
فَهَلْ عَلَى أَقْدَسِ الأَقْدَاسِ يُمْكِنُ أَنْ - نُسَاوِمَ الخَصْمَ تَبًّا سَاءَ مَا حَكَمُوا
والقُدْسُ عَاصِمَةُ الدُّنْيَا تَظَلُّ لَنَا - وَلَا يُخَانُ لَهَا عَهْدٌ وَلَا قَسَمُ
ومَنْ أَحَقُّ مِنَ القُدْسِ الشَّرِيفِ بِأَنْ - تُصَانَ مِنَّا وَأَنْ تُوفَى لَهَا الذِّمَمُ
عَهْدٌ عَلَيْنَا أَمَامَ اللهِ نُقْسِمُهُ - أَنَّا مِنَ الخَصْمِ يَوْمًا سَوْف نَنْتَقِمُ