|
عرار:
أكّد الأستاذ الجامعي في اللغة العربية واللسانيات بكلية الآداب والفنون والإنسانيات بمنوبة، محمد صلاح الدين الشريف لوكالة تونس إفريقيا للإنباء أّن اللغة العربية ليست في حال احتضار، كما يشاع في شأنها، بل هي اللسان الوحيد الذي فرض نفسه بقوّته الحضارية والتاريخية ليتبوّأ المركز الرابع عالميا بعد الصينية والأنليزية والإسبانية، من جملة ما بين ستة وسبعة آلاف من الألسن الحية. وذكر الأستاذ محمد صلاح الدين الشريف، في محاضرة حملت عنوان « اللسان العربيّ: ما هو؟ وما هيّ منزلته الحقيقية في الزمن البشريّ؟ »، نظمها مساء الاثنين المجمع التونسي للعلوم والآداب والفنون « بيت الحكمة » بمناسبة الاحتفال باليوم العالمي للعربيّة الموافق ل18 ديسمبر والذي أقرته منظمة اليونسكو منذ 1973، أنّ العربيّة ليست اللسان الوحيد المشتمل على تنوّعات لهجيّة، بل جميع اللسانيات متعدّدة اللهجات، كما أنها ليست بعيدة عن الشبكات الرقمية، وليست لسانا معقّدا صعب التعلّم، كما يشاع. وأبرز أن العربية، كأغلب اللسانيات الكبرى، تتميّز بثراء لهجيّ يساعد على بقائها وديمومتها وتوسّعها، على غرار الصينية والألمانية وغيرها من اللسانيات التي تدور لهجاتها حول دارجة مشتركة. وأضاف أنّ العربيّة استطاعت المحافظة على صبغتها الأممية المميّزة للسانيات العالمية والحضارية الكبرى المازجة بين الشعوب كالإسبانية والأن?ليزية، معتبرا أن « المتكلّمين بالعربيّة ليسوا كلّهم عربا أو مسلمين، فالمسيحيّون واليهود في العالم العربي يتقنون العربيّة أيضا ». كما دحض الأفكار التي تربط العربيّة بالنزعة القومية أو الدينيّة، معتبرا إياها لسانا حضاريا. وشدّد على أن الخطأ في تزمين العربيّة لا يوافق حتّى التزمين الحضاري العام، معلّلا موقفه بوثائق قديمة قال إنها تشير إلى أن العربيّة ظهرت منذ القرن الثامن قبل الميلاد. وبيّن أن القرآن الكريم لحق العربيّة في فترة متأخرة جدّا. ولفت الأستاذ محمد صلاح الدين الشريف، في محاضرته التي أدارها الدكتور حمادي صمّود، إلى أن العربيّة منذ ذُكرت في الزمن الحضاري إلى الآن هي متنوعة اللهجات. وهذه اللهجات كانت تتحقق في « دارجات » مشتركة تيسّر على العربانيين التفاهم بينهم. واعتبر أن انتشار اللسان العربي هو سابق للدارجة المشتركة المعيارية، مضيفا أن التنوع الحالي ليس حدثا طارئا على العربية. ولاحظ أنّ اللغة البشرية تميل إلى التقليص اللهجي، كنتيجة لهذا التقارب التواصلي الذي يعمل لعقود على تقريب اللهجات. وقد اعتبر هذه الظاهرة « ظاهرة لغوية كونية بشرية في جميع الألسن الكبرى ». وأشار إلى أن « الحركة الطبيعية للغة البشرية سائرة نحو التقليص، وذلك بعد عهود من التنوع الألسني ». أمّا في ما يتعلّق باندثار بعض اللهجات أو المهدّدة بالاندثار، وفق ما رصدته منظمة اليونسكو، فقد فسّرها بأنها لسانيات غير محاطة بتنوّع لهجيّ كاف ولا تتمتّع بتاريخ ثقافي ولا بمتكلّمين ذوي حيوية مخصوصة. وأكّد، استنادا إلى مجموعة من الدراسات المختلفة، أنّ العربيّة أخذت صبغة اللسان الرسمي في تونس، منذ تأسيس البربر لدولتهم الأولى، كما استند في موقفه إلى ما أسماه بـ « أسطورة الأصل اليمني للبربر »، وهي أسطورة قال إنها « مازالت منتشرة في الجنوب التونسي إلى اليوم »، نافيا أن تكون العربية هيّ اللسان الرسمي لتونس بعد الاستقلال أو في عهد حمودة باشا الحسيني، مبرزا أن الباي حمودة باشا الحسيني أعاد العربيّة للبلاد بعد أن كانت تركيّة. وبيّن أنّ الدولة العربية الوحيدة التي حكمت إفريقيّة هيّ الدولة الأغلبية، أما بقية الدول التي لحقتها على غرار الدولة الصنهاجية والدولة الموحدية والدولة الحفصية فحكامها من أصول بربرية لا عربية، وفق تقديره. ويفسّر الأستاذ محمد صلاح الدين الشريف، عودة اللغة العربية إلى ما كانت عليه من أهمية في القرن السابع عشر، إلى ارتكازها على « القوة الكمية أكثر من قيامها على القوة الكيفية » لكونها من الألسنة الأكثر استخداما عند المتكلّمين بغيرها والأكثر حظوة في التعليم اللغوي. وللمحافظة على هذه المكانة التي تبوأها اللسان العربي، أوصى الأستاذ محمد صلاح الدين الشريف بتوثيق الصلة بين العربية والمعارف والفنون، والتصدّي لمخططات انتشار الألسنة الاستعمارية على حساب العربية في المجالات الحيوية، إلى جانب تفادي أخطاء الانقسام اللغوي الذي طال عددا من شعوب القارة الأوروبية والإفريقية. ومن جهته، أبرز رئيس المجمع التونسي للعلوم و الآداب و الفنون « بيت الحكمة »عبد المجيد الشرفي في كلمته الافتتاحية بمناسبة الاحتفال باليوم العالمي للعربيّة، أن هذا الاحتفال يحمل أكثر من مغزى، سيّما في طرح المشاكل التي تعرفها العربية والمتعلّقة بمساهمة أهلها في إنتاج المعرفة العلمية في عصرها. متابعة مكتب مؤسسة عرار بتونس : العوني لعجيل / فيروز اللافي الكاتب:
اسرة التحرير بتاريخ: الأربعاء 20-12-2017 10:14 مساء
الزوار: 1600 التعليقات: 0
|