عرار:

أسدل المسرحيون العرب الستارة على فعاليات مهرجان القاهرة التجريبي في دورته 24 ، وسط طموحات كبيرة في أن يعود المهرجان في دوراته القادمة بتجارب أكثر نضجا وتجريبا بعد أن تعالقت في هذه الدورة الأفكار والرؤى والمشهديات المختلفة.

وكانت تسابقت العروض المسرحية التي توالت على مسارح القاهرة نحو تقديم ما هو لافت ومغاير، محاولة الاشتباك مع التجريب كفكرة لتشكيل خطاب واضح ينبني عليه فعل التجريب كمشروع له منطقه الخاص وأساسه الجمالي، واحتمالاته اللانهائية.

وعلى مدار أيام المهرجان الذي جاء بعنوان تحاور وجرّب تناولات مسرحية متنوعة تستند الى ثقافات وفضاءات عالمية اختبر فعل التجريب عربيا بما حمله من اسئلة وصياغات جمالية ورؤى دينامية مختلفة، وقدمت بعض العروض العربية خلال هذا المهرجان نماذج مسرحية يمكن المراكمة عليها لتعميق فرصة التجديد والتحول بعيدا عن القوالب الجاهزة والاسئلة المعلبة والاجابات البعيدة عن الواقع.

واسهمت عروض التجريبي والمعاصر في دورته 24 بالتأسيس لوعي جديد ومغاير واكثر جمالية فيما يتعلق بالعديد من قضايا المرأة من خلال اثارة الجدل وتحريك الساكن وخلخلة الثوابت لتطور الوعي لدى المتلقي في سياقات البحث عن الممكن.

وكانت العروض العربية انطلاقا من «ظلال انثى» ، ومرورا بعرض «يوم أن قتلوا الغناء»، وعرض «السفير» و»شامان» و»خريف» و»الجسر» و «انفرادي» و»نساء بلا غد» و»عربانة» و»ليلة خريف» و»نساء في الحب والمقاومة» وليس انتهاء بعرض «قواعد العشق» وعرض الختام «التجربة» حاولت ان تؤصّل وتجرّب وفق ما يتساوق وقدرة المتلقي على التجاوب، وتحت سطوة التصالح مع التراث او تدميره لصالح مستقبل مفتوح على كل الاحتمالات، وبدون ان تستند لفلسفة واضحة وانما لافكار فردية غير مستندة لجوهر التجريب الذي هو عملية مرتبطة بالرؤية الفلسفية التي تحدد الرؤية الجمالية لمجمل العرض، أدبيا وفنيا وتقنيا وعلاقته بالجمهور.

ورغم ما سبق فقد حققت غالبية العروض العربية شروط التجريب بما فيها من موهبة، ومعرفة ورؤية، واشتغال على اللغة الدرامية، وتفكيك القضية وتحويلها إلى إشكالية تؤثر في المتلقي، وهو ما يؤكد ان هذا المهرجان كعادته كشف عن مسرح تجريبي متميز بخصوصياته وتفرده، فهناك محاولات متميزة لكن هنالك محاولات لاتزال تبحث عن خطاب يفتح لها طريق التصالح مع متلقيها.

في حفل الختام، الذي اقيم على مسرح الجمهورية قدمت أوركسترا «بيت العود» التابعة لقطاع صندوق التنمية الثقافية في وزارة الثقافة مقطوعات موسيقية غاية في الجمال من تأليف عازف العود العراقي نصير شمة، المشرف على الأوركسترا، والبعض الآخر من أشهر الأغاني العربية، ومنها: «زمان النهاوند» و»شقلاوة» وأوبريت «الوطن الأكبر» للموسيقار الراحل محمد عبد الوهاب.

وأكد رئيس المهرجان، د.سامح مهران، في كلمة الختام، الذي قدمته الفنانة الاردنية امل الدباس والفنان المصري محمد عادل على ان هذا المهرجان افسح المجال لتلاقح الثقافات والافكار على خشبات مسارح القاهرة، مؤكدا على ان القادم سيكون افضل بكثير، خاصة وان الدورة القادمة او دورة اليوبيل الفضي ستكون محطة فارقة في عمر مهرجان القاهرة.

واضاف مهران: لقد شهدت هذه الدورة تجارب مميزة في المسرح التفاعلي والنسوي وغيره، والإستفادة من فنون الرقص والأكروبات، وهي الدورة التي تألق فيها الحوار بين التراث والمدينة وتفكيك الفرديات الثقافية.

وعرض في ختام الحفل مسرحية «التجربة» لفرقة مسرح مكتبة الإسكندرية عن نص للكاتب والمترجم النمساوي «بيتر هاندكه» ومن إخراج أحمد عزت الألفي   .