وللزجل حضوره هذا العام في مهرجان جرش 2017، وهو لون مهم وراقٍ بما يبتدعه الزجّالون من حوارات غنائيّة شعبيّة موزونة في أبياتها ومقتصدة في ألفاظها بوجود لازمة يرددها الجمهور وتتغير تباعاً لتستحث الشعراء على المزيد من المناكفة والإبداع.

ففي أمسية لجوقة البيادر للزجل الشعبي الفلسطيني التي أمتعت جمهور الساحة الرئيسية للمهرجان أول من أمس أضفت الأشعار المغنّاة التي رافقها الدّف والموسيقى المصاحبة جانباً من المرح ومتابعة النفس الطويل للشعراء في مساجلاتهم التي كانت تحمل فكرةً وطنيّةً أو ذاتيّةً أو إنسانيّة، وتتخذ من أسلوب الرد وسيلةً لأن يقنع كل شاعر الآخر بجدوى فكرته أو مذهبه في الحياة.

زجالو الفرقة، وبعد أن استهلّوا حفلتهم بمقطوعات عذبة في الغناء لجلالة الملك عبدالله الثاني ومعالم جرش وربوع الأردن والرابط الأخوي والإنساني الذي يجمعه بفلسطين، ناقشوا فكرةً اجتماعيّة دينيّة مهمّة تُعدّ حديث الساعة، وهي احترام الإنسانيّة والتنوّع الحضاريّ والثقافي، في نوع من الحوار بين «العلمانيّة» و»التعصّب»، باتجاه أن يتفق الشعراء في النهاية على حريّة العبادة والمذهب والوسطيّة في كلّ هذه المواضيع دون إرهابٍ أو مغالاة.

على المستوى الفنّي، كانت بديهة الشعراء، وتحديداً توفيق الحلبي ومحمد الزعبي، حاضرة مع شبه التزام بـ»القاف» الفلسطينية الفصيحة في إطار الكلام العامي الموزون، الذي يتشابه كثيراً مع زجل لبنان وبلاد الشام على وجه العموم.

كما برزت مقدرة الشعراء على أن يغنّوا أشعارهم وأن يكون «الأوف» مفتاحاً أو استهلالاً للرد الآني الذي لا يحتمل التأخير أمام جمهور مشارك ومتابعٍ وذواق.