عرار:

وقع الشاعر والروائي والناشر جهاد أبو حشيش أول من أمس روايته "ذئب الله"، الصادرة عن دار فضاءات للنشر والتوزيع، وذلك في نادي الأردن، بمشاركة كتاب وناشرين اصدقاء لأبو حشيش، الذي قال إنه يكتب كما يحيى ويتنفس، "أكتب لأنني أحتاجُ إلى من يشاركُني قلقي تجاهَ كلِّ شي، أكتبُ لأصل إلى الراحةِ التي أفتقدُها أكثرَ كلَّما كتبتُ أكثرَ، وكأنَّ اكتشافَ الحقيقةِ لنْ يملكك أكثرَ من الرعبِ مما نحن ذاهبون إليه، عدميةً، وعبثاً، وانغلاقاً".
واضاف أبو حشيش في الحفل الذي تحدث فيه الناقد د. رامي أبو شهاب، والقاص محمود الريماوي، واداره رئيس جمعية النقاد الأردنيين د. غسان عبد الخالق، في روايتي السابقةِ "بيمان، درب الليمون"، لمْ أتمكَّنْ من قتلِ الشاعر، فظلّ يمشي مع الروائي جنباً إلى جنبٍ ويذهبُ به بعيداً إلى حيث يفرُّ من حقيقيةِ السردِ أحياناً. أما في "ذئب الله" فقد قررتُ أن أقتلَه منذُ المفردةِ الأولى في الروايةِ، وأتمنى أنْ أكونَ قد نجحتُ في ذلك.
واشار ابو حشيش إلى أن رواية "ذئبُ الله"، هي فضيحتُنا؛ فضيحةُ ما نحيا من عبثٍ وتناقضاتٍ، فضيحةُ عدمِ قدرتِنا على رؤيةِ صورتِنا الحقيقيةِ في المرآة، وهي فضيحتي الشخصيةُ أيضاً على نحوٍ ما، وتحاولُ أنْ تقولَ بطرقٍ كثيرةٍ، إنَّ العقلَ التبريريَّ لنْ ينتجَ مجتمعاً صحيّاً قادراً على الحياة. وإنَّ الآخرَ قد يستغلُّ المنتجَ الذهنيَّ والنفسيَّ السالبَ الذي يتكوّنُ كنتيجةٍ طبيعيَّةٍ للعلاقاتِ المجتمعيَّةِ والاقتصاديةِ التي تفتقد قدرتَها على التطوّر نتيجةً لسلطة النصِّ، كون المجتمعاتِ العربيةِ هي الوحيدةَ التي يشكلُ فيها النصُّ الماضويُّ سلطةً أقوى من أيِّ سلطةٍ أخرى بحكمِ ارتكازِها إلى المقدسِ، الذي يتمُّ تأويلُه لخدمةِ الآنيِّ مبتعداً عن مسارِه الحقيقيِّ.
ينثر أبو حشيش في روايته، بحسب القاص محمود الريماوي المتعة لدى قارئها بما تحمله من تشويق وسلاسة، وتثير جملة من القضايا الفنية والفكرية، فعلى المستوى الفني برع في الجمع بين تأثيث الفضاء الروائي بجملة من الشخصيات لا تقل عن عشر شخصيات من الجنسين ومن أعمار مختلفة، وبين الاقتصاد في وصف الأماكن والشخصيات وحتى في تصوير الأحداث، خصوصا في النصف الثاني من الرواية. بما مكّنه من الخروج ببناء رشيق، لا يثقل على القارىء ويمنحه، قدرا ملحوظا من الإشباع الفني.
ورأى الريماوي أن أبو حشيش نجح في اجتراح رواية عصرية رشيقة ذات عصب مشدود، تبدو وكأنها خلاصة لرواية ملحمية كبيرة، في زمن لا يتسع فنيًا لهذا الضرب من الأعمال الروائية الضخمة، فعلى صعيد الرؤى لفكرية، فقد نجحت رواية في التغلغل في احشاء مجتمع قبلي قديم، ما تزال مفاعيله وقيمه سارية حتى ايام هذه، ويعبّر البطل عواد الباز عن تلك التناقضات التي تمور في الواقع الاجتماعي،  ويحمل اسم خال  له سقط غيلة وغدراً، وامه تسمى الذلول حيث يتم تزويجها كنوع من الانتقام منها ومنها عائلة القاتل.
وخلص الريماوي إلى أن الرواية تفكيك أنسجة الارهاب فهي لا تتوقف عند التزمت العقلي لدى المتطرفين ولا ترد الظاهرة الى الفقر او الى الثراء الذي يورث الخواء،  ولا الى الاصطدام القيمي بالغرب، بل تتجه  للتأشير الى الذكورية كعامل حاسم بين عوامل اخرى في تضخم الذات، وفي الجنوح الى العنف والرهان عليه لتحقيق الذات، وهو ما يسم  اؤلئك الذين ما يزالون اسرى هذه البنية التقليدية.
فيما قال د. رامي أبو شهاب إن مفتتح الرواية عبر شخصيتين إنسانيتين هم: مليحة الأحمد التي تم الاستقواء عليها في بداية العمل ومن ثم تاليا التي شكلت مجالا للرد وقلب منطقية الاستعلاء الذكوري من استعلاء إلى استعلاء حضاري ثقافي سياسي والتي تقوده تاليا التي ترمز الى من يحكم الأمور بالخفاء مع أن الرواية تذكر أنها من أب عربي وأم يهودية وهكذا ثمة تمثيلات سردية تجمع بين المكونين السرديين إلى حدٍ ما مخاتل أو ناقد إلى بعض القوى. التي تشكل عنصر تحول في علاقات القوة والهيمنة لاحقا في العمل تنطلق من مبدأ يتوارد ويتكرر في العمل بهيمنة سردية تعكسها اللغة وأنماط التفكير العميق لدى هذه الشخصية.
واشار أبو شهاب إلى الجزء المتعلق بتاليا مقولة "المساحات التي تحتلها في الحياة عليك أن تثبت بجدارة أنها ملكك، القوة والمال وحدهما من يمنحانك شرعية وجودك"، لا شك بأن هذا النص من وجهة نظري يشكل مركز العمل ومقصديته، وهذه الصورة تتأسس على موضوع نيتشوي بامتياز.