تلك العربية التي إتخذ كحلها لون الأرض والنخيل والبحر.
أمل العاثم فنانة قطرية تطل علينا من الخليج العربي، حاملة حلم المرأة الخليجية على بياض لوحاتها، وهي بزيارة لعمان كمشاركة في ملتقى عمان الدولي الأول لفن الغرافيك، لتنقل تجربتها من بياض االقماش إلى حفر الخشب، وكان للرأي الحوار التالي مع العاثم.
* كفنانة عربية قادمة من الخليج ما هي الصعوبات التي قد تصدمين بها؟
وكيف تواجهينها؟
تواجه المرأة العربية تحديات كبيرة جداً، لكنها الآن في حالة من التقدم والتمدن السريع والملحوظ خاصةً عند المرأة الخليجية والقطرية، وذلك على جميع الاصعدة، ومن الجيل الذي انتمي اليه هناك صعوبات كثيرة ايضاً، وانا اعتبر اول فنانة خليجية من جيلي تظهر الى الاعلام وتسافر بأعمالها، بعد إحدى الفنانات من الرائدات من الجيل السابق، لكن الدعم الاسري ومن نفس المجتمع القطري ووجود الشيخة موزة ودعمها الفن والفنانين، ساعد في أن اسير في هذا الطريق وأتلمس ملامحه بشكل أفضل لأصل إلى ما أنا عليه الآن.
كما أن المصداقية في عمل المرأة أكد على وجودها في جميع المجالات، وانا لا اهدف من خلال اعمالي الى انتاج فن جميل بالوانه ومشهديته البصرية فقط، أوأن تضع اعمالي بالصالونات وغيرها، بل احاول معالجة قضايا المرأة التي عاصرتها وكنت جزءاً منها، من شعور وهواجس واحاسيس وطموح ، والمرأة الخليجية على وجه الخصوص، والتي هي جزء لا يتجزأ من المرأة العربية، والتحدي الكبير هو أن تخرج المرأة للعالم الغربي بشخصيتها القوية الفاعلة والمؤثرة، وكسر الصورة النمطية للمرأة العربية والخليجية المكسورة والمتخفية بعبائتها وعباءة مجتمعها.
* هناك نظرية خاصة لكل فنان تكون اساس أعماله ومدرسته الخاصة، ما هي نظريتك الخاصة التي تقوم عليها أعمالك الفنية؟
لقد مررت بجميع المدارس والنظريات الفنية من التكعيبي والانطباعي وغيرها حتى وصلت الى المدرسة التجريد والنظريات المعاصرة الحديثة وما توصل له الفن التشكيلي من تطور وحالات ابداعية مختلفة، ولكن مع هذا ما زلت مرتبطة بهويتي العربية والخليجية، ومصرة على وجود بصمتي وصوتي الخاص في العمل الفني، كما سترى في الكثير من انحناءات الخط في أعمالي نساء يتكاثف ظهورهن مرة ويختزلن ذلك الظهور بانثى واحدة، وتراهم مرة اخرى بخطوط قوية وجريئة، ومرة كأطياف وأشباح، فهناك التأكيد على بصمتي وعلى الفكرة التي أعمل على إخراجها في الأعمال الفنية.
مع العلم بأن العقل العربي غاب مطولاً عن الفكر التنظيري أن كان في مجالات الأدب أو الفن.
* نرى أن أغلب أو مجمل المدارس الفنية التي يشتغل عليها الفنانون هي مدارس غربية الأصل والنظرية، هل تعتقدين بوجود نظرية عربية في الفن التشكيلي؟
وكيف من الممكن إنشاء هذه المدرسة العربية الأصل والنظرية؟
أنا أرى أن هذا حكم تعسفي على الفن والفنان العربي، فمجمل النظريات الفنية الغربية أخذت من الفن العربي والإسلامي، بالرغم من هذا هناك فنانون عرب استقوا مجمل مدارسهم واعمالهم من الغرب دون وجود مميز لهويتهم العربية، أيضاً هناك على النقيض فنانون آخرون تميزوا بأعمالهم وهويتهم في العديد من بلدان الوطن العربي، هناك مثلا من اشتغلوا على الخط العربي بشكل معاصر، وهناك من اعتمدوا في موادهم على ما هو موجود ومميز للوطن العربي وطبيعته، فهناك الكثير من الفنانين المصريين والعراقيين وغيرهم من يتهافت الغرب على اقتناء اعمالهم، يبقى الموضوع ابداع ورؤية شخصية لكل فنان، فالفنان الغربي يعالج قضاياه وقضايا مجتمعه برؤيته الخاصة وكذلك الفنان العربي.
*كيف تصنفين الفن التشكيلي الخليجي بالنسبة إلى الحالة العربية والعالمية؟
أرى أن الفن الخليجي ما زال يحتاج الكثير، بالرغم من أن الرواد القدامى كان لهم وجودهم وبصمتهم أكثر من الأجيال التي تلتهم، وباعتقادي أن ذلك يعتمد على الفنان نفسه بشكل كبير، ومع هذا أرى أن الجيل الجديد الذي اعتبر واحدة من فنانيه يحتاج الى الدعم المؤسسي واهتمام الدولة أكثر به ليكون صاحب منجز ومشاركات تحمل اسم بلده وابداعه المتميز، ومع هذا فإن الفنان العربي نشط ولا يجد الحرج في الانتقال والمشاركة في العديد من المحافل، ليثبت ويعرض ابداعه، فهو يشتغل على نفسه بنفسه وهذه ميزة تميز الفنان العربي، وهناك الحركات الفنية الخاصة التي تعمل فرادى، وهناك العديد منها تعمل بشكل جماعي ومشترك وهذا الشأن الذي أتمنى وجوده في منطقة الخليج العربي وتحديداً في قطر.
* كيف ترين إقبال المجتمع الخليجي على حقول الفن بإختلاف أجناسه لا سيما التشكيلي منه....؟
سوف اتكلم في هذا الموضوع بصفتي قد توليت ادارة الفنون في وزارة الثقافة والفنون والتراث بدولة قطر، هم متعطشون لكل ما هو جديد، ومتعطشون للفن المفاهيمي الحديث، لذلك كنت مهتمة وقتها بتثقيف الفنان القطري على وجه الخصوص، وكنت أستدعي كبار الفنانين والنقاد ايضا ممن هم منشغلون بالهم الثقافي والفني، وكان هناك العديد من المحاضرات والمناظرات التي تعرض ما توصل اليه المشهد العربي والعالمي، وأنا سعيدة بشكل شخصي لمحاولاتي هذه لإثراء الحركة الفنية القطرية.

* ما هي مصادر امل العاثم البصرية التي تستقي منها لوحاتها وفنها؟
شخصياً أنا عاشقة جداً للطبيعة، سواء البرية او المائية، لذلك تجد المجموعة اللونية في الأعمال غريبة ومميزة، والسر في ذلك هو البحر وما به من عوالم، فهو عالم غني جدا باللون ومشهديته البصرية، وعشقي للطبيعة يجعلني استمد رؤيتي وألواني مما حولي من صور طبيعية أعيشها.
* ماذا تريد أمل العاثم من رحلتها مع اللون؟
اللون لدي له دلالاته العديدة، فهو رمز لتلك المشاعر الدفينة، ولذلك الإحساس الذي أريد أن يصل إلى المتلقي.
* ما هي المواد المستخدمة في العمل؟
كل ما تطاله يدي، فأنا دائماً أجرب وأبحث عما هو جديد في أدواتي وموادي، ولا أتوقف عن البحث والتجريب، كما أنني من عشاق الملمس، فأنا أستخدم كل ما يمكن أن يفيدني ويقدم الجديد من الورق والخيوط وغيرها من الأدوات، وبما أنني قد درست الكيمياء، فأنا اصتع لوني بيدي بدرجات وكثافة معينة، ولا أعتمد على الألوان الصناعية.
يذكر ان الفنانة العاثم لها العديد من المعارض الشخصية والمشاركات المحلية والعربية والعالمية، بالإضافة إلى العديد من الجوائز وشهادات التقدير التي حازت عليها.