يجد بعض الكتاب في تقديم مؤلفاتهم من قبل ناقد أو كاتب آخر لازمةً لا بد منها، وقد طغت مثل تلك الظاهرة على المشهد الكتابي خلال السنوات القليلة الماضية فبات من النادر جدا أن يصدر أحدهم ديوانا شعريا أو مجموعة قصصية أو حتى رواية دون تقديم لناقد من بلده أو من أحدى البلاد العربية.. ما أسباب ودوافع ذلك لدى المؤلف؟ وهل تساهم المقدمة في الترويج للكتاب والاضاءه على مضامينه ورسائله!.. أسئلة طرحناها على عدد من الكتاب الأردنيين في ذلك الاستطلاع، فكانت هذه الرؤى..
 أمل المشايخ
الناقدة أمل المشايخ لا تمانع تقديم النقاد للأعمال الأدبية وانما بشروط، وقالت «لا أرى بأسًا في تقديم أحدِ النّقادِ لكتابٍ ما، ديوانَ شعرٍ كانَ أو مجموعةً قصصيَّةً حينَ يدخلُ ذلكَ تحتَ عنوانِ التَّعريفِ والإضاءةِ المشروعةِ التي تنأى بالأدبِ عن المجاملاتِ والشّلليّةِ التي تركت البابَ مفتوحًا لكلِّ منْ (خربشَ بعضَ خواطرِه على مواقعِ التّوصلِ ثمَّ جمعَها لتصبحَ كتابًا وعهدَ إلى أحدِ الأسماءِ اللامعةِ ليقدمَه؛ لتنهالَ عباراتُ المجاملةِ بوصفِه بالمبدعِ، ووصفِ العاديِّ بأنَّه مدهشٌ ... الخ
 وتضيف «لمْ نصلْ إلى الحدِّ الذي يجعلُ من النَّقدِ مؤسسةً منْ مهمَّتِها مراقبةُ ما ينشرُ فقدْ تُركَ ذلك لدورِ النَّشرِ، ويكادُ دورُ الرَّقابةِ ينحضرُ في المسموحِ والممنوعِ منْ سياسةِ هذه الدَّولةِ أو تلكَ، وغالبًا لا علاقةَ له بالسَّويَّةِ الإبداعيَّةِ لما ينشرُ وإلّا فكيفَ نفسِّرُ هذا الكم منْ الأخطاءِ في اللغةِ والإملاءِ وأوزان الشِّعرِ.. الخ وأدعو هنا إلى وجودِ هيئةٍ عليا تشرفُ عليها الرَّوابطُ الأدبيَّةُ لمتابعةِ سويَّةِ ما ينشرُ منْ كتبٍ احترامًا للذّائقةِ العامّة، ورسالةِ الفكرِ والأدبِ التي ينبغي أنْ يحدوها الإبداعُ فقط، وليسَ المالُ او الشّلليّة أوْ الأحزابُ والطّوائفُ.. وعودًا على السّؤالِ أعلاه لا ينبغي للنّقادِ الا تقديمُ الموهوبين من الشَّبابِ أو المميّزِ من الأعمالِ الأدبيَّةِ مدلّلين على ما فيها منْ مواطنِ الموهبةِ ومكامنِ الإبداعِ، الأمرُ الذي يعينُ القارئَ والدّارسَ على مطالعةِ هذه الأعمالِ والتَّعريفِ بهذه المواهبِ، ممّا يحفظُ للحالةِ الإبداعيَّةِ والنَّقديَّةِ احترامَها وهيبتَها.»
 محمد العامري
ويعلق الشاعر والتشكيلي محمد العامري «لقدر درجت موضة في الاونة الاخير حول ما يخص تقديم المؤلفات الابداعية، كما لو ان المؤلف يحتاج الى شرعية ما ليحظى كتابه شيئا من قيمة جديدة بالاضافة لمحتوى الكتاب، فما هو بين دفتيه الكتاب مساحة للمؤلف وقدراته وتجلياته كل تلك المساحة لا تحتاج ابدا الى تقديم، لا اعتقد ان الراحل محمود درويش يحتاج الى تقديم او ادونيس، او نسي الحاج وصولا الى كونديرا او حنا مينا، فعتبة الكتاب هي العنوان او ما تسمى «تترولوجيا النص» هذه العتبة تتصدر الغلاف وطبيعة هذا الكتاب او ذاك، سواء كان المؤلف سردا او شعرا او نقدا ومن حق الكاتب نفسة ان يقدم كتابه، لكننا امام مساحات غوغائية تتحرك في مياه الثقافة العربية فقد انهالت علينا نصوص اقرب الى تأوهات الفيس بوك، تلك التأوهات التي شكلت احتياطيا من الوهم الابداعي اصبح من الصعب تصنيفه او ضبطه، فقد تابعت مجموعة من الفيسبوكيات وما يكتبن وكذلك الفيسبكيون فوجدت اخطاء في الاملاء وانصعقت لاجد بعد حين يلقون بمؤلفاتهم في حفلات التوقيع التي اصبحت اقرب الى حفل عرس لحضور الاقارب.
ويختتم بالقول «تورط كثير من الكتاب في تلك المقدمات في محاولة منهم لانقاذ الكتاب، لكن عبثا فالكتاب الجيد يفصح عن ذاته ويبحث عنه القاريء من بلد لاخر، تلك المقدمات تشبه الخطبة المزينة بالكلام الموارب لاغراء الناس بهذه المساحة او تلك، انها خطب لا تشبع ولا تغني من جوع، وهي نوع اخر من خيانة الكتابة.»
 ناصر الريماوي
القاص ناصر الريماوي يقول: أجدني منحازا إلى ما يسمى بالمقدمة الذاتية في الأعمال الأدبية الإبداعية عموما، أكثر من غيرها، كتلك المقدمة الغيرية والتي يضطلع بها أطراف آخرون كالناشر أو الناقد المقرّب من الكاتب، أو حتى الناقد الضيف، كون الأولى لا تخرج عن نطاق الكاتب والمتلقي حصرا، ولا تستدعي طرفا وسيطا ثالثا بينهما، بحيث يكون لتلك المقدمة الذاتية، وهي خطاب استباقي هام، دور مهم في فضّ التباسات كثيرة محتملة وتعريفات ضرورية حول العمل الأدبي، وبالتالي يمكننا من خلالها تجاوز أيّ قصور ضمني من شأنه أن يقع في الفهم لدى المتلقي، ويتابع «أما المقدمة الغيرية فأجدها على الأغلب دخيلة على النص أو العمل الأدبي حين يضطلع بها الناشر مثلا فتجدها استقطابية ضحلة أو تحلّق بعيدا عن حقيقة النص ومهارة الكاتب.»