|
عرار: في آخر أماسي الموسم السابع من "أمير الشعراء" إياد الحكمي من السعودية أميراً، وطارق الصميلي وصيفاً المصري حسن عامر ثالثاً، والموريتاني شيخنا عمر رابعاً، والعراقية أفياء أمين خامسة فايز السعيد يقدم المتنبي عبر فن المردادي أبوظبي - توّج سمو الشيخ نهيان بن زايد آل نهيان رئيس مجلس أمناء مؤسسة زايد بن سلطان آل نهيان للأعمال الخيرية والإنسانية، الشاعر السعودي إياد الحكمي بوصفه أميراً لشعراء الموسم السابع من برنامج "أمير الشعراء"، وقدّم له خاتم الشعر وبردته إثر حصوله على 61 درجة، لتبقى الإمارة في هذا الموسم أيضاً في المملكة العربية السعودية، بعد أن كانت بيد الشاعر حيدر العبدالله في الموسم السابق. وقد شارك بالتتويج معالي الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان وزير الثقافة وتنمية المعرفة، ومعالي اللواء ركن طيّار فارس خلف المزروعي رئيس لجنة إدارة المهرجانات والبرامج الثقافية والتراثية في أبوظبي؛ والسيد عيسى سيف المزروعي نائب رئيس اللجنة، وأعضاء لجنة التحكيم ممثلة بكل من د. علي بن تميم، د.صلاح فضل، د. عبدالملك مرتاض، ومدير أكاديمية الشعر سلطان العميمي، وجمهور مسرح شاطئ الراحة. وخلال الأمسية أعلن كل من د. نادين الأسعد ومحمد الجنيبي عن درجات بقية الشعراء، حيث حصل الشاعر طارق الصميلي على 60 درجة، حائزاً بذلك على لقب الوصيف، فيما جاء ثالثاً الشاعر المصري حسن عامر بحصوله على 53 درجة، أما المركز الرابع فقد احتله الشاعر الموريتاني شيخنا عمر بحصوله على 49 درجة، وحلت خامسة الشاعرة العراقية أفياء أمين بعد حصولها على 46 درجة، أما الشاعر العُماني ناصر الغساني فقد خرج في بداية الحلقة بعد حصوله على أقل الدرجات، وذلك قبل أن تبدأ المنافسة بين الشعراء الخمسة. السعيد يقدم المردادي ليلة أمس انطلقت آخر أماسي الموسم السابع من برنامج "أمير الشعراء" مع الفنان الإماراتي فايز السعيد، حيث قدّم لوحة من فن المردادي الذي يجسد العلاقة بين المخيلة الشعبية والشعر العربي الفصيح كما قال د. علي بن تميم. وقدّم السعيد قصيدة (الدينارية) للشاعر أبي الطيب المتنبي الذي ألقاها وهو في شبابه، وأوضح د. بن تميم أن هذا الفن الأصيل كان قد اهتم به المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان في ثمانينيات القرن الماضي، بعد أن أوشك على الاندثار. وقبل أن يبدأ الشعراء بإلقاء قصائدهم على الهواء مباشرة عبر قناتي بينونة والإمارات؛ طلب د. بن تميم من الشعراء أن يرتجلوا أبياتاً حول أهمية شيوع المحبة في المجتمعات العربية، ونبذ الطائفية والتعصب. جوائز نظمت لجنة إدارة المهرجانات والبرامج الثقافية والتراثية بأبوظبي مسابقة وبرنامج "أمير الشعراء"، وتم نقل المنافسات على الهواء مباشرة عبر قناة الإمارات وقناة بينونة، وضمت لجنة التحكيم في عضويتها كل من د.علي بن تميم من الإمارات، د.صلاح فضل من مصر، ود.عبدالملك مرتاض من الجزائر. وأعدّ البرنامج الإعلامي والشاعر الإماراتي المعروف عارف عمر، وقدّمه كل من الإعلامية والشاعرة اللبنانية د.نادين الأسعد والمذيع الإماراتي المتألق محمد الجنيبي. وتبلغ قيمة الجوائز للفائزين بالمراكز الخمسة الأولى 2100000 درهم إماراتي (حوالي 600 ألف دولار أمريكي).. وبالإضافة إلى بردة الشعر التي تمثل الإرث التاريخي للعرب، والخاتم الذي يرمز للقب الإمارة ـ تبلغ القيمة المادية لجائزة الفائز المركز الأول وبلقب "أمير الشعراء" مليون درهم إماراتي. فيما يحصل صاحب المركز الثاني على 500 ألف درهم إماراتي، ولصاحب المركز الثالث 300 ألف درهم إماراتي، أما جائزة صاحب المركز الرابع فهي 200 ألف درهم إماراتي، وتبلغ جائزة صاحب المركز الخامس 100 ألف درهم إماراتي..هذا إضافة إلى تكفل إدارة المسابقة بإصدار دواوين شعرية مقروءة ومسموعة للفائزين، واستمرار التواصل معهم والتعاون في تنظيم الأمسيات الشعرية لهم. مجاراة خلال الحلقة قدم الشاعر السعودي حيدر العبدالله الفائز بلقب "أمير الشعراء" الموسم السادس، والشاعر الكويتي راجح الحميداني الحائز على لقب "شاعر المليون" في الموسم السابع؛ مجاراة بين الشعرين النبطي والفصيح في موضوع الخير وعام الخير الذي أطلقه صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان بداية هذا العام، فقدّما مجاراة أمتعا من خلالها جمهور الشعر، خاصة وأن الشاعرين مُجدّدين ومبدعين. سوار أفياء الرمزي مع أفياء أمين كانت البداية، وكذلك مع (سوار لمعصم البياض)، نصها الذي أهدته (إلى كلّ نساء العالم وهنّ يواجهن الكراهية بالحب والحرية)، فقالت في مطلع نصها: برغم نموّها بين اليباب تفتح للمحبّة ألف باب لها في الناس ضوء مريمي وغصن أخضر وسط الخراب لها في كل جدب وجه نبع تطلّ به الحياة من التراب وما قالت : تعبت بل استحالت ربيعاً، سار حبّاً نحو آب د. صلاح فضل قال لأفياء: أهنئك وأعبر عن سعادتي بصمودك حتى هذه اللحظة، فأنت رمز للمرأة العربية. أما عنوان قصيدتك فهو نسوي بامتياز، ورمزي أيضاً، حيث القيد يتحول إلى سوار، في حين أن البياض كناية عن الجمال الفاتن، وقد نقلك ذوبانك من الشعريةالذاتية إلى الشعرية العامة، وهو ما جعل نصك أمثولة للناس. أما دلالات أبياتك فتتكررت، إذ أن المرأة دلالة، وكذلك العمران والبناء والحضارة. لكن في النص خطاب الدفاع الذي ينبئ عن دعوى الاتهام، كما في النص صور جميلة، كالصبر الذي تعلقه المرأة قرطاً، فتنسجين خماراً حريرياً مثالياً بقصيدتك الأنثوية. د. علي بن تميم قال إن العنوان شاعري، متعدد الدلالات، فقد يشير السوار إلى حلي تلتف حول معاصم النساء، أو ربما يكون رمزاً للقيد الذي تحاول الشاعرة التحرر منه. مضيفاً أن القصيدة ترسم صورة جميلة للنبل الإنساني. غير أنه رفع المرأة إلى مستوى القديسات، وهذا برأيه يضر بالمرأة التي يجب أن تكون بشرية تتمتع بكل نقائض الحياة، فقيمة المرأة في إنسانيتها، وليس في جسدها. من جهته أكد د. مرتاض على إعجابه بإيقاع البحر الوافر الذي قدمته أفياء، إذ قلما قدّم هذا البحر في المسابقة، حيث اختارت أفياء روي الباء مكسوراً، والباء من أكثر الحروف قعقعة، وله انفجار خاص عندما يكون ساكناً. كما أشار إلى وجود ما يدل على الأنثى في النص، حيث المعصم والزينة والقرط والغزل، لتقدم أفياء بالتالي نسوجاً شعرية جميلة وبديعة. الحكمي والعائدون من مراياهم بعنوان (العائدون من مراياهم) قدّم إياد الحكمي نصاً أبهر د. عبدالملك مرتاض الذي قال للشاعر: إن قدرتك على المشاكلة بين نسوج اللغة عجيبة، حيث تبني صورك البديعة، فتشاكل الدم مع الجرح، والسماوي مع السماء، ولا تبرح تحلق في الآفاق، فشعرك يعبق عطراً، وحين تتعلق بالأسباب تدهش وتسحر، وكأنك الشاعر الفحل. وقال الحكمي في الأبيات الأولى من النص الذي استرعى اهتمام جميع النقاد وأغلبية الجمهور: سلام على الحبّ حين تجلّى وألقى على الطيبين السلاما على فتية أورثوني هواهم وعن شجر القلب طاروا حماما سلام على امرأة ودّعتني على ليلها في الغياب، على ما ... ستعرفني قرية في جنوب الزمان ونخل يحيّي الغماما ونور الله يحمي نشيده وبكاءه وأضاف د. علي بن تميم أن علاقة العرب بالمرآة غريبة، فهي تنبع من علاقة التمرئي بالذات، وعليه فقد برع النص في الانتقال من البراءة إلى التجرية، فبدأت الحياة بلحظة البراءة وانتهت بموت الحب، وبين هاتين البدايتين كان هناك تاريخ من التحولات القاتلة، ومع أن النص قصير؛ إلا أنه كالرسم السريع المتقن للمعالم والتحولات الكبرى والنهايات التراجيدية، فأبدع إياد نصاً جميلاً. وبرأي د. صلاح فضل أن يبدأ الشاعر من آدم فذلك بعيد جداً، وربما لو بدأ من نوح لكان أقرب، خاصة وأننا لا نعرف ماذا بقي بعد الطوفان، وأضاف موجهاً حديثه للشاعر: تتحدث عن العائدين، وتعود للماء والهواء والتراب والهواء عناصر الطبيعة، كما نيرودا، فترد الحياة كلها إلى (الحب الذي شاءنا قبل ميلاده فينا)، وهذا تعبير جميل، ويتعين علينا أن نتعيّنه، وأنت تبهرنا بجرعة الحكمة المكثفة والمركزة في أبياتك، خاصة وأنك أعدت الصدارة لشعر الحكمة. عامر ينشد للحضرة بدوره ألقى حسن عامر نصه (نشيد الحضرة)، ذاهباً من خلاله إلى طريق الصوفية والحب الإلهي الكلي، فقال: سلام على الحبّ حين تجلّى وألقى على الطيبين السلاما على فتية أورثوني هواهم وعن شجر القلب طاروا حماما سلام على امرأة ودّعتني على ليلها في الغياب، على ما ستعرفني قرية في جنوب الزمان ونخل يحيّي الغماما د. عبدالملك مرتاض قال: إن لقصيدتك نكهة صوفية دلت عليها الجبة، والحضرة، والفقراء، والدراويش، وكل أبياتك معجب مؤنق، ومنها أجتزئ البيت الخامس (سأخرج من جبة الشيخ/ في حضرة الحب/ وهو يصب الغراما)، فيا للروعة حين ينقلب الشعر سحراً، ويستحيل البيان عطراً وسكراً. فيما أوضح د. صلاح فضل بأن الصوفية الشعبية في مصر حولت الوجد الديني إلى فن وفولكلور، وجعلته غناء ورقصاً واجتماعاً وحباً، فهي لا تمس الأفق السياسي، ولا تتدخل في حياة الناس. ثم وجه كلامه للشاعر قائلاً له: وعندما تتغنى بالمفهوم الصوفي وتربطه بشجر الفقراء؛ فإنك تقبض على أجمل ما في الوجدان العربي، فتخرج من جبة الشيخ إلى جبة الشعر. د. علي بن تميم أشار إلى العنوان الدال على الصوفية وحلقاتها التي يرأسها شيخ عارف، مؤكداً أننا نحتاج إلى تلك النزعة التي ترد الدين إلى أصوله الأولى. كما نوّه إلى إلقاء حسن الرائع، مضيفاً: يذكرني مطلعك (سلام على الحب) بما قاله درويش (سلام على الحب يوم يجيء/ ويوم يموت/ ويوم يغير أصحابه)، لكن أبناء الشعر لا يتغيرون. وأضاف أن النص هروب من البشري إلى السماوي المقدس، وهو هروب لذيذ، يشبه هروب الرومانسيين إلى ملاذهم كي يحميهم من طغيان الحياة، وختم بقوله للشاعر: أنت متألق. مفاتيح حب شيخنا شيخنا عمر ألقى نصه (مفاتيح الحب) الذي نال إعجاب د. صلاح فضل، فقال للشاعر: أخيراً أمسكت بمفتاح الشعر والحب، فاطرد جميع الشياطين إلا شاطين الشعر، وعموماً أبياتك متماسكة قوية، لا عوج فيها. وما لفت الناقد البيت الذي قال فيه شيخنا (أنا الظّلّ والقامات أنتم أحبتي/ فلا غلّ في قلبي لمن كنت ظلّه)، وكذلك ثناءه على أهله من خلال البيت (ترعرعت في أحضان شنقيط عاشقاً/ ولو عاش فيها الغلّ أنسته غلّه)، وعلى أهل الإمارات عبر بيته (سلام على أهل الإمارات/ إنهم مفاتيح لغز الحبّ إن رمت حلّه)، مضيفاً أن الجمهور ربما يحب المباشرة والتقريرية، لكن زخم الحالة الشعرية والتميز يسمو بالشعر، وهو ما جاء به شيخنا الذي ألقى ليلة أمس: أمدّ يدي للحبّ فيكم لعلّه يراني بكلتا الحالتين أخاً له وإن عرضت في القلب منكم مضاضة تذكّرت أنّ الخلّ من صان خلّه وإن عزف الشيطان لحن كراهة عزفت له لحنا من الحبّ ملّه أنا الظّلّ..والقامات أنتم..أحبتي فلا غلّ في قلبي لمن كنت ظلّه تعلّمت نبذ الكره قبل قصائدي فعشت بقلب يعشق الكون كلّه د. علي بن تميم في تعليقه على ما ألقاه شيخنا أضاف: تُلهَم بالحوريات لا بالعفاريت، وتحاول أن تصنع مفاتيح الحب، لكن أخشى أن تكون مفاتيحك عمومية تفتح كل الأبواب، وهو ما فعتله اليوم، حيث سعيت إلى هداية الشيطان، وجعلت ملهمتك حورية، وهذا مقصد نبيل، لتصل بذلك حد القديسين، والقصيدة تقدم نموذجاً للوطن الفردوس الذي يندثر فيه الغل، ومع أن الصياغة كلاسيكية، إلا أن الشاعر مفعم بالشعر. من جهته قال د. مرتاض القصيدة: يقيناً في رأيي هذه القصيدة أجمل ما قدمت في المسابقة، فهي مختلفة عن سوابقها، ويبدو أن التوجيهات والملاحظات بدأت تثمر، وأتمنى أن تسمع من لا يثني عليك. وفي هذا النص استطعت أن تمرق من جلابيب الفقهاء وتدخل في جلابيب الشعراء، فاستخدمت نسوجاً انسيابية، وربطت الأعجاز بالصدور في براعة بادية، وأنا متفائل بأنك ستكون شاعراً متميزاً. لوحة بلون الحبّ إلى لوحة (لوحة بلون الحبّ) القصيدة التي ألقاها آخر شعراء الأمسية طارق الصميلي الذي بدأ قصيدته بقوله: أشرعت باب ضلوعي والجميع أتى أشرعته منذ كان الحبّ محض فتى أبصر بروحك ــــ ما أوحاه ربّي لي - ما لم تر الروح فالعينان ما رأتا فلو يمرّ نسيم جارح رئتاي دونه رغم ما تحتاج أوصدتا بدأ د. علي بن تميم بالحديث عن نص الصميلي، فقال: لا أدري ما لون الحب الذي تتحدث عنه، وإن كان الحديث عن ذلك صعباً علينا تلمس آثاره، وليس هناك أكثر أهمية من آثار ابن عربي، وخاصة في البيت (فصار قلبي مزيجا ساحراً/ فبه/ من ردّد الحبّ موّالا/ ومن سكتا)، والذي هو إعادة لصياغة ابن عربي (لقد صار قلبي قابلاً كل صورة/ فمرعًى لغزلان ودير لرهبان/ وبيت لأوثان وكعبة طائف/ وألواح توراة ومصحف قرآن)، وهذا أمر جميل، لكن في آخر القصيدة وجدنا هروباً من إكمال المشهد الشعري، فدخل النص في مغالطة القصد، وفقدتك خطواتك، وذلك عندما قلت (إذن متى تستفيق الأرض من دمها؟)، ومع ذلك كانت لغة نصك رفيعة. أما د. عبدالملك مرتاض فقد أشار إلى العنوان الشعري، واللوحة المرسومة بألوان الحب، فلم يجد أجمل من ذلك، رغم التكلف في بعض أبياته (أطلقت نحو المدى عينيّ/ علّهما ستبلغان/ ولكن لم تجد جهة)، وأضاف أنه ما أنقذ النص هو البيت الرابع (قلبي الربيعيّ لا يأوي الذبول له/ كأنّه في جنان الله قد نبتا)، فذلك حب خاص، أما الحب العام للناس فهو للتماهي معهم، ملمحاً إلى وجود صور جميلة في النص ائتلفت كأغصان الشجر، فقدم طارق قصيدة جميلة. في حين أشار د. صلاح فضل إلى التعبيرات الجميلة الموجودة في النص، كما الحال بالنسبة للبيت (منذ كان الحبّ محض فتى)، والبيت ( ما لم تر الروح/ فالعينان ما رأتا)، وكذلك (كأنّه في جنان الله قد نبتا)، لكن طارق بحث عن قيمة واحدة، ولو بحث عن العدل والحرية والجمال لجعل ذلك الحب ممكناً، فتكون رؤيته شاملة وكونية. الكاتب:
مراقبة التحرير والنشر بتاريخ: الأربعاء 26-04-2017 09:17 مساء
الزوار: 2414 التعليقات: 0
|