|
عرار: عرار- وكالات :تستعيد مدينة أصيلة المغربية ضوضاء مهرجانها طوال أيام وتفتح أبوابها كعادتها كل سنة لتستقبل ضيوفاً من أهل الثقافة والفن والفكر وندوات ولقاءات ومعرض تشكيلية وأمسيات تمتد أحياناً حتى ساعات متقدمة من الليل. إنه مهرجان أصيلة الذي يجمع بين أصالته بصفته ملتقى للثقافات العربية والتراث ومنبراً للحداثة في شتى وجوهها وتجلياتها. وهذه السنة تحل البحرين ضيف شرف على المهرجان وهي باشرت منذ انطلاق المهرجان في تقديم برنامجها الثقافي والفني والفولكلوري أو الشعبي متيحة لجمهور المهرجان أن يواكب نتاج أعوام من الثقافة والفكر والفن التشكيلي خصوصاً. وفي المناسبة وجه عاهل البحرين الملك حمد بن عيسى آل خليفة تحية إلى الموسم الثقافي داعياً إلى تكريس المزيد من الحرية والانفتاح والتسامح والاعتدال. وأشار في كلمته التي تلاها الشيخ محمد بن مبارك آل خليفة نائب رئيس الوزراء، إلى أن الأخطار والتحديات السياسية والاقتصادية تكمن «في تشتت الدول وبعثرة جهودها وانكفاء سياساتها على نفسها»، ودعا إلى تطوير تجربة دول مجلس التعاون الخليجي في إطار التكامل والتنسيق وتوحيد الجهود ولمّ الشمل. وركز في دعوته على ضرورة إقامة مزيد من التكتلات السياسية والاقتصادية والانطلاق من القواسم والخصائص المشتركة لأن التجارب لا يمكن استنساخها حرفيا. أما محمد بنعيسى راعي الموسم فأكد في كلمته في حفلة الافتتاح أن تجربة أصيلة أصبحت مشروعاً ثقافياً وإبداعياً منفتحاً على العالم. وتحولت مع مهرجانها السنوي مركزاً للحوار والنقاش الخلاق وسط أجواء فكرية تطبعها قيم التسامح والتبادل الثقافي والحرية والاعتراف بالآخر. ومن الموضوعات البارزة في برنامج المنتدى مسألة التحديات التي تواجهها بلدان الجنوب، عربية وأفريقية، والتنمية المستدامة في ضوء التغيرات المناخية ومسؤوليات المنظمات الإقليمية والقارية. وهذه التحديات تحتم الانصراف إلى البحث في تداعيات الحروب والنزاعات العرقية والطائفية وتأثير الكوارث الطبيعية. وتناول المنتدون الأزمات المتنامية في العالم العربي مثل تمدد الدولة الإسلامية في العراق وتنامي التيارات المتطرفة والانفلات الأمني في ليبيا... وهذه القضايا ألقت بظلالها على منتدى «الحوار حول الجنوب»، وبرزت دعوات قوية لتكريس مبادئ التسامح والتعايش ونبذ العنف والطائفية والعصبية، واحترام سيادة الدول ووحدتها. وحظيت تجربة دول مجلس التعاون الخليجي بقسط وافر من الاهتمام لكونها تمثل تحدياً كبيراً صمد في وجه الحروب والهزات والاضطرابات المجاورة. وأبدت آراء أخرى مزيداً من الحسرة إزاء تعثر مسار بناء الاتحاد المغاربي الذي تستغرقه الخلافات السياسية. ودعا خبراء عرب وأفارقة التقوا في ندوة «الاتحادات الإقليمية» إلى عقد لقاءات دورية بين المنظمات الإقليمية، تشمل مجلس التعاون الخليجي والاتحاد المغاربي ودول غرب أفريقيا والتجارب المتميزة لبلدان أميركا الجنوبية وآسيا، بغية دعم شؤون التنمية والاستقرار ومجالات التعاون بين مختلف الجهات. لم يفقد مهرجان أصيلة شيئاً من وهجه. «قرية الصيادين» الهادئة الرابضة على شاطئ الأطلسي تحولت من بلدة صغيرة شغوفة بصيد الأسماك، إلى مركز ثقافي وفكري يؤمه أهل الإبداع والكلمة من شتى الدول، ويغدو الغرباء الذين يلتقون في الموانئ القصية في حال من الألفة الفكرية والثقافية على رغم الاختلاف في وجهات النظر الذي يجمعهم ويزيد من ألفتهم. محمد بن عيسى بدأ حلمه نائباً عن بلدته أصيلة في البرلمان، ولم يفارقه وقد أصبح وزيراً للثقافة والخارجية ثم سفيراً لبلاده في واشنطن، بل إن حلمه راح يتحقق رويداً رويداً حتى أصبحت أصيلة إحدى مدن الثقافة والفن والفكر في العالم، ولعل ما يميزها طابعها المتعدد وانفتاحها على العالم، بثقافاته وفنونه. الكاتب:
اسرة التحرير بتاريخ: الجمعة 15-08-2014 05:40 مساء
الزوار: 2135 التعليقات: 0
|