عيسى بن محمود من مواليد 1968 باولاد دحمان - الجزائر- قاص صدر له: الشليطة تغمر المدينة مجموعة قصصية
قصة تحت الطلب
تحمست للفكرة كثيرا’ بل وراحت ترسم أفاق الفرح الذي سيرتسم على محيا صديقتها’ طلب منها أن تخبرها عن رغبته في خطبتها ’ و لم يكن لها أن تتردد ’ تعرفه منذ مدة و لا يمكنها رفض طلبه فهو صديق و هي بدورها تقدر الصداقة التي هي بمنزلة الأخوة, و تعرف صديقتها بتفاصيل ألامها و أمالها و أحلامها و مكامن طيبتها , ترى كيف سيرتسم الفرح على محياها ’ كيف سيعلو وجهها الخجل الأنثوي البريء حينما تخفض رأسها و تنسدل تلك الخصلة من الشعر على عينيها و تقول لها: -هو قال لك ذلك؟
راودتها تلك الصور و هي تهم بإخبار صديقتها: -كما سبق و أخبرتك ’ إنه يلح على موافقتك ’ انه شاب طيب حنون و متخلق, أعرفه منذ مدة’ سأكون في غاية الفرح و أنتما تقترنان معا ’ ستشكلان أسرة رائعة’ ..أكيد’ آه لكم أهفو إلى ذلك اليوم الذي تلبسين فيه فستان العرس ’ سأزغرد ملء الفضاء ’ انه ينتظر ردك ’ هل أنقل إليه موافقتك؟
– اسمعي يا بنت الناس انا معنديش وين يقيلي الزاوش ..* – صديقتي لم افهم.. – اذهبي و إياه إلى اللارجعة ..لا تكلميني بعد اليوم ’ أنا هنا للدراسة و ليس للمواعدة.. – لكن فهمتني خطأ’ -رأسها مرتفعا و شعرها قد انتفش للأعلى و قد اتسعت أحداقها و بدت العينان بارزتان إلى خارج البؤبؤ:
–انصرفي من وجهي ’ لا أريد رؤيتك بعد اليوم - جرت أحزانها و هذا الجرح الغائر و عادت أدراجها ..و كنت قد وصلت إلى هذا الحد بالقصة لما ألحت في إرسالها عبر الايميل و رحت أفكر في العنوان الذي لن يكون إلا : قصة تحت الطلب. * أضيق من أن يجد طائر الزاوش مكانا عندي للقيلولة
خارج التجنيس الأدبي يتقدم منه ، يضرب أخماسا لأخماس ، ربما يخاله مسؤولا حكوميا: - كهرباء ماكو، ميه ما كو، الأسعار نار ، زين شو نسوي يعني؟ فصل بينهما فوج من التلاميذ كانت إحدى المدارس قد تنفستهم لتوها ، فلم يعد يصنع حركة الشارع هاته الأيام غير هذا الشهيق و الزفير للمدارس ، تستنشق هاته الأكباد صباحا فتصنع جزرا في الشوارع ثم لا تلبث حتى تزفرهم زمرا كمد بشري نشط ، يكسر جو الوجوم الذي ساد ، يلتفت نحو الرشيد بعد ان أوصلته خطاه الى هذا الشكل الدائري المقارب للمسجد حيث كان التمثال يصنع المشهد:
- مترف بالتاريخ أنت يا رشيد ، و باذخ بالحضارات ، لم يغمض لك جفن ، حجارة بنيانك صفحات لصعود تارة و كبوات تارات أخرى ، ترى هل يتأتى لجادة أخرى غيرك أن تكون عينا على التاريخ ؟ أن تكون بكل هذا الوقار؟ تتطاول الشوارع المهجنة بينما تصر أنت على إبقاء بيوتك منخفضة بشموخ ، حتى تتيح للتاريخ أن يتوزع الهواء فوقها مداعبا أسطحها ، يعزف لحنا شجيا على تلك التشكيلات الرائعة لشبابيكها و دربزيناتها مكررا مطلع القصيد بتلك الشناشيل الموغلة في الإنتماءات . هواؤك يختلط فيه صياح المتظاهرين مع همهمات المنددين و المحتجين ، الكل يأتي إليك ليحتكم عندك فتسمع صوته لمن اراد بصمتك الناطق و هدوئك العاصف. حتى الذين جاءوا ليهتكو ا سترك بكاميراتهم جاعلين من آياتك خلفية لصورة تبحث عن السبق ، اراك تبتسم لهم و هم يعرون جسدك بأضوائهم لأنك تعلم أنك باق و أنهم مارون ، أسعدتهم اللحظة لكنهم زائلون ، و أنت تعرف و هم لا يعلمون.
تتعرج أو تمتد الشوارع دونك ، بينما تتكيء أنت على الكرخ و الرصافة ، لتعرج مبتسما لدجلة ، فتخجل من جلالك ، فتروح مستترة ببعض أشجار النخيل و نظرها لا يحيد عنك كما العاشقة تستتر وراء سجب
* * * مربتة على كتف احمد ملوحة باليد الأخرى: - زين ..سلام وانصرفت بخفة و رشاقة ، بعدما أدت واجب الإطمئنان ، و تركتنا في صمت بائس للحظات، الحضور الأنثوي هبة ربانية لنا نحن الذكور لننتشي ببهاء حضورهن،تجد الواحد منا يعمد إلى تلطيف ألفاظه و هو يحادثهن ، لن يثنيك لا السن و لا الشهادات و لا المسؤوليات عن الإنسياق وراء المتنفس الذي يصنعه حضور الأنثى ، الأنثى الأم ، الأخت ، البنت ، الصديقة، الزوجة أمام الكل يضمحل الأنا الذكوري فيصير وديعا مسالما ، أن تتنمر أمام المرأة عليك أن تستبدل قلبك بمضخة آلية لا تهفو و لا ترتجف ، و لا يمكنها ادعاء وقار زائف.
كانت الرمال تتشكل ثم تعيد الكرة مبطئة جنازر الحركة ، لتمنح بغداد فرصة التأهب لما هو آت ، تابعنا يومها آخر مسؤول حكومي يواصل استنزاف اللحظة عبر البث الحي، إلتفت على وقع هدير - علجية- خلفه مباشرة تتمادى في التقدم ، قد يكون حسبها في الإلتفاتة الأولى ماجدة من الماجدات ، لكن خرطومها مغاير و حركتها أكثر رشاقة ، هم العلوج إذن ، وصل المغول ، وصل التتار، و صل العلوج ، و انتهى دور المسحراتي.