(..على مدار العقود الماضية والهيئات الثقافية تتقبل، وعلى مضض شديد، المستوى المتواضع للتجاوب الرسمي مع نداءاتها المتواصلة من أجل شراكة ثقافية حقيقية، تؤكد على أهمية الثقافة والآداب والفنون والمعرفة ومكانتها، ودورها في صياغة الوجدان والهوية العربية الجامعة والدولة المدنية، والارتقاء بالذائقة الجمالية والتأسيس لعقل نقدي تنويري لا بديل عنه لكل نهضة وتقدم، وتحصين الوعي العام ضد كل أشكال الإقصاء والتكفير والاحتقانات الجهوية والمذهبية، ومن ثم توفير متطلبات واستحقاقات ذلك عبر صناديق ومشاريع وقوانين وموازنات ملائمة.).
وجاء في البيان الذي تلاه رئيس رابطة الكتاب الأردنيين د.موفق محادين في مؤتمر صحفي في مقر الرابطة ظهر أمس وحمل عنوان «حراك ثقافي مفتوح في مواجهة الإقصاء والتهميش»: (..وقد اتضح لنا بعد كل هذه العقود أن جملة من المعطيات والمقاربات تستدعي لغة ثقافية جديدة ومختلفة من أجل التأكيد على هذه الرسالة وتأمين متطلباتها، فلا البيئة والبنية الاجتماعية لمؤسسات الدولة ولا فضاءاتها الثقافية المحدودة، مؤهلة لأي تجاوب؛ فضلاً عن الإملاءات المعروفة لثقافة البنك الدولي من جهة وللثقافة الرجعية من جهة أخرى.).
وعرّف البيان، الذي يجيء أرضية لاحتجاجات مقبلة، بالإجراءات السابقة الاحتجاجية للهيئات الثقافية الأردنية: (..وانطلاقاً من ذلك، بادرت الهيئات الثقافية الأردنية إلى تنظيم أول اعتصام لها أمام وزارة الثقافة مقدمة لسلسلة من الخطوات الأخرى في إطار حراك ثقافي مفتوح لن يتوقف قبل أن يحقق كامل أهدافه.
كما شرح الإجراءات اللاحقة قبيل إصداره (..وعندما أعلنت وزارة الثقافة عن ترحيبها بمبادرة الهيئات الثقافية لإرساء أسس مراجعة شاملة بمشاركة هذه الهيئات، انتظرنا خطوات أولية عملية تترجم هذا الترحيب، ولكن دون جدوى...).
ووضح البيان معنى الثقافة وشمولها وقيمتها: (...فأزمة الثقافة في بلادنا لا تختصر في الموقف من هذه القضية أو تلك، ولا في لجنة تضاف إلى عشرات اللجان، فضلاً عن التطاول على الصفة التمثيلية لروابط مثل رابطة الكتاب ورابطة التشكيليين الأردنيين. إنها مسؤولية و أزمة رؤية فكرية ومعرفية و استراتيجية ثقافية شاملة لا سبيل لتجاوزها ومواجهتها بتجاوز الهيئات الثقافية الاساسية وتهميشها.).
وحذّر مما أسماه بالخطاب التكفيري الإرهابي الرجعي الظلامي: (...وإذا كانت هذه المسؤولية ضرورية على الدوام فهي اليوم مسؤولية راهنة ومضاعفة بالنظر إلى موجة الخطاب التكفيري الإرهابي الرجعي الظلامي التي راحت تخترق تفاصيل الحياة اليومية وتهدد بانقراض المقاربات العقلانية النقدية والجمالية للتحديات المختلفة. وعندما نتحدث عن الحاجة إلى استراتيجية ثقافية تنويرية شاملة وعن دور الهيئات الثقافية فيها، وتأمين متطلبات واستحقاقات هذه الاستراتيجية، فمن المفهوم أننا ندعو لمغادرة كل السياسات السابقة والتأثيرات المعروفة عليها، ومحاولات تهميش الثقافة وترويض المثقفين وإفسادهم وابتزازهم والتعامل معهم بالقطعة.).
 كما اهتم بخطر التخلي عن الثقافة؛ بما هي عقل ووجدان وذائقة للأمّة: (..وإذا لم يدرك المعنيون أن الثقافة ليست نقطة عابرة على جدول أعمالهم وحقلاً هامشياً ولا جائزة ترضية للمناطق الأقل حظاً، فإننا نتعهد أمام كل المبدعين والمثقفين في بلادنا أن تظل قامة الثقافة هي الأعلى بما هي وجدان وذائقة وعقل الأمة، وسنترجم ذلك باشكال مختلفة من الحراك الثقافي المفتوح مدعوماً ومعززاً بالموقع الذي تحتله الهيئات الثقافية الأردنية في الاتحادات والروابط والأسر الثقافية العربية و الدولية.
وجرى خلال المؤتمر، الذي حضره مثقفون وممثلون للهيئات الثقافية الثلاثة وهيئات اخرى، التحضير للاعتصام القادم الذي سيكون بحسب محادين أمام مبنى رئاسة الوزراء يرافقه تسليم مذكرة لرئيس الوزراء تتضمن الحقوق الثقافية التي تطالب بها الهيئات الثقافية. كما تم الاتفاق على إعادة تحريك صندوق دعم الثقافة الذي سبق وأن طرح للنقاش في مجلس النواب والبحث عن مصدر آخر لفرض رسم تذهب عائداته إلى الصندوق، كما أعرب المجتمعون عن أسفهم لتخلي القطاع الخاص عن دوره في دعم الثقافة، وتمّ التطرق إلى ما يتعرض له الكتاب والمبدعون في الصحف اليومية، وتراجع دور أمانة عمان عن دورها الثقافي المأمول.