|
عرار: فلسطين - عرار - آمال عوّاد رضوان :منتدى الحوار الثقافي أقام ندوته المزنرة بزيق زينة المحبّة والعطاء والإنسانيّة في مركز البادية عسفيا الكرمل بتاريخ 27-10-2011، حيث ناقش "مسرحيّة الزينة" لمؤلفها الفنان والشاعر د. سليم مخولي، فاستهلّ الشّاعر رشدي الماضي اللقاءَ بكلمة جاء فيها: ثمّ كانت مقاربة الفنان المسرحيّ والأديب عفيف شليوط لمسرحيّة الزينة لد. سليم مخولي وهنا يستمرُّ الكاتبُ في استعراض مواقف متكرّرة تصفُ حالاتٍ مختلفةً ومُتعدّدةً مِن غطرسةِ واستبداد المَلك، وعدم استجابتِهِ لإرادةِ الجماهير، ومرّة أخرى هنا يستخدم الكاتب الرّاوي ليسردَ لنا ماذا يجري ص47، وهنا أيضًا يمكننا تبديل هذا السّرد بحالةٍ مسرحيّةٍ، برقصةٍ مُعبّرة، بحوارٍ مسرحيّ دراميّ، لئلاّ نقعَ مرّة أخرى في مطبّ السّرد. لا أدري لماذا عندما قرأت هذا المشهدَ، وجدت من المناسب ومن خلال رؤيةٍ إخراجيّة، أن يتمّ إدخال هذه القصيدة في هذا المقطع، مع خلفيّةٍ سينمائيّةٍ تَعرضُ حالة الشّعوب العربيّةِ التعيسة، وهو الملك، يتحدّث بعنفوان غروره وتأليهِهِ لذاتِه. إنّ وهْمَ الاعتقادِ بالعظمةِ يجعلُ الشّخصَ المُصابَ به لا يقبلُ من أحدٍ أن يُنزلَهُ مِن عرْشِهِ ولا أن يُزحزحَه، ويكون لدى المرضى المصابين بهذا الدّاء حساسيّة مُفرطة للرّفض أو المَساس بهم، وهم يَشعرونَ أنّ الآخرين يُسيئون إليهم، مع أنّه ليسَ هناك تبريرٌ موضوعيّ لهذا الشعور. وتتجلّى الشخصيّة البارانويّة في الملك بوضوح، بكوْن ثقة هذه الشخصيّة بالآخرين ضئيلة جدًّا، حيث يميل الملك صاحب هذه الشخصيّة إلى الشّكّ بالآخرين وقتلهم لخيانتهم له وغدرهم وهجرهم له، ومِن الصّعب أن يصلَ إلى وضع الراحة والمتعة، لأنّ عليه دائمًا أن يكون جاهزًا ومُستعدًّا، كما أنّ سلوكه يخلق الشعور والانطباعَ بالتّصلّب والبرود الشعوريّ، حيث أنّ علاقته بالمحيط عمومًا تتدهورُ باستمرار، وتزداد هذه العلاقات سوءًا بازدياد الشعور لديهم بأنّ كلّ الناس سيّئون. وعند الحديث عن إصابة الملك بالبارانويا أو جنون العظمة، فإنّه لا بدّ لنا أن نشيرَ عندَ هذه النقطة، إلى أنّ مَن يُعاني من هذا الاضطراب الجنونيّ يكون الجوع الجنسيُّ لديهِ مُفرِطًا، وهذا ما نلحظُهُ مِن حديثِ الوزير مع الملكة حول معاشرة الملك للجواري، ووصْفِهِ لها حادثة مطارحة الملك الغرام لإحدى الجواري الفاتنات في الحديقة، مع كلّ ما صاحبَ ذلكَ مِن أوصافِ الشّبق والمشاهد الجنسيّة المثيرة، كما يتّضحُ لنا من كلام الوزير في حوارِهِ التالي مع الملكة: ولا بدّ لنا مِن كلمةٍ حول عنوان هذه المسرحيّة الزّينة، حيث وردَ في حوار الوزير مع الملك، إنّ "الابتسامة في المدينة هي الزينة، وليست الأعلامُ وأقواسُ النصر والبالونات والشّعارات وغيرها"، ومع هذا فإنّنا نعتقد بأنّ كاتبَ المسرحيّة أرادَ أن يوحي لنا من خلال أحداث المسرحيّة وتداعياتها، أنّ الزّينة للإنسان وخاصّة للحاكم هي العقل، فإذا ما فقدَ الإنسانُ أو الحاكمُ عقله وأصيبَ بالجنون، فإنّه يكون بذلك قد فقد زينة حياتِه، فالعقلُ زينة الإنسان. وممّا يستحقّ الذكر والإشادة، أن د. سليم مخولي قد التزم بالمواصفات العامّة التي لا بدّ مِن توافرِها في الحوار الدّراميّ، فقد كان الحوارُ لديه مُركّزًا ومُكثّفًا ومشحونًا بالمعاني والدّلالات والمشاعر، وتفادى الإطنابَ في الحوار، لأنّ الإطنابَ في مثل هذه الحالات كفيلٌ بإصابة الحوار بالأورام والنتوءات، التي تميّعُ مفعولَهُ الدّراميّ الحاسم، كذلك فقد راعى بمهارةٍ المستوياتِ الاجتماعيّة والاقتصاديّة والفكريّة والثقافيّة المختلفة للشخصيّات، بحيث تناسبت مع مستويات الحوار والتراكيب اللّغويّةِ المستخدَمةِ فيه، فالشّخصيّة في المسرحيّة لا تجدُ سوى الحوار لكي تُعبّرَ به عن نفسِها، وقد وضع د. سليم مخولي ككاتبٍ مسرحيٍّ الإيقاعَ في اعتباره عندَ كلّ كلمةٍ كتبَها هنا، فالإيقاعُ هو الذي يمنحُ المسرحيّة نغمتها النفسيّة والانفعاليّة الخفيّة، وبدونه قد تفقد شخصيّتها المتميّزة، أمّا الحوار فهو الذي يخلق المواقفَ ويُطّورُ الشّخصيّاتِ ويُحدّدُ مسار الأحداث، ويرتفع بها إلى ذروة التعقيد ويهبط معَها حتى النهاية، فلصديقنا ولزميلنا د. سليم مخولي أجمل التهاني بصدور مسرحيّته هذه، مع أطيب التمنّيات بالصّحّة ودوام التوفيق والإبداع. الكاتب:
اسرة التحرير بتاريخ: الأحد 30-10-2011 07:16 مساء
الزوار: 1902 التعليقات: 0
|