|
عرار: إبراهيم السواعير - في رحاب المركز الثقافي الملكي الأشمّ، منارة الكتاب والمفكرين والأكاديميين والمبدعين في كلّ حقول الفكر والفن والأدب والمعارف، جمعنا كتابٌ من صميم الوجدان، ومن عصارة التجربة؛ شاهدٌ على مرحلةٍ دهمت المنطقة وغيّرت كثيراً من الملامح، وحفزت السواكنَ، واستجابت لها المجتمعات قبل أن تستجيب الدّول. وهي مرحلةٌ- الربيع العربي أعني- يقف إزاءها ذو اللب حائراً، وينطلق السياسيُّ فيها يقرأ ما يتوفّر من معطيات ويثبّت ما استطاع من متغيراتٍ؛ يعلم أنّها ما إن تستقرّ حتى تثور، وما إن يطمئنّ إليها حتى تعود تتنازعها اتجاهاتٌ شتى، في مدىً يتسع ونوايا لا تعرف الركون. حديث الناس (سيف الدولة: ربيع الأردن وأوراقه)؛ منجز سميح المعايطة، وزيرِ الإعلام والثقافة الأسبق، الذي نحترم فيه حسّه الأصيلَ وفضاءه الذي لا يعرف الحدود، مثلما نؤمن بأنه إنما جاء من (الناس) إليهم، وأنّ ما يكتبه هو فيض حديث هؤلاء (الناس)، الحديث المسكوت عنه، الحديث الذي لم يعد يتدثر بالصمت، أو الوطنية الصامتة،أو يلوذ بالخجول من الفضفضات. حديثِ العيون التي تغمض على الحزن في عزّ النهار فتذبل أمام عيونٍ واسعة، هي اليوم بمنتهى الصغر والضآلة؛ إذ استطاع سميح المعايطة، ومن هو في مثل همّته، أن يقتحم بمنطقِهِ الواثق وخبرته الطويلة وحسّه السياسيّ العالي أدغال الكلام العامّ العموميّ، الذي يُصرف بالمجّان، ويختبئ خلفه أولئك النفر الذين اعتادوا الافتئات والتنظير والاستقواء والمناورة واللعب. ليس هذا التقديم من باب المديح الاستهلاكيّ، ولا مدخلاً نشوّق به للكتاب، ذي الخمسين مادّة أو مقالة، الكتاب الذي حاكم الظواهر ومرحلة الربيع، رامياً إلى ألا يتحوّل السيف، بكلّ دلالة السيف، إلى سيفٍ من خشب؛ سيفٍ هش، عاجزٍ، يكون محلاً لأن يُتَطاول عليه، يفهم وجوده من يقرأ ما بين السطور، ويدرك مغبّة أن تصبح الأمور، هكذا، خبط عشواء. سيف قوي لكنّ من يتحمّس للدفاع عن هذا السيف عليه أن يلمّ بكلّ أجزائه وصفاته وما يزيده مضاءً، ويعرف في الوقت ذاته ما يمكن أن يثلمه أو يسعى إلى أن يكسر نصله أو ينال من شفرته. وقد وعيتُ كلّ مقالات المعايطة، التي بنت جسم هذا السيف، فاستنرت بها، ووقفت على معانيها، على كسلي في تتبع المضامين وقراءة الرسائل والتوصيات؛ فوجدتُ شغوفاً بإيصال الفكرة، وكنت أسأل: كيف يحوّل المعايطة السياسة من فكرةٍ جافة معقّدة الملامح والحيثيات إلى (حس).. أو إلى معادلة حلوة يفرح المبتدؤون بمقدرتهم فيها على الحلول والاستدلال وملاحقة ما تتركه متغيرات السياسة الصلبة من أثر؟! أكاد أجزم أنني أمام كاتبٍ ساخرٍ بامتياز؛ يسوق حكايته ليُسقِط في ثناياها أو منتهاها على ما نعيش، بطريقته الحلوة المقنعة وتشبيهاته واستعاراته ولوحاته الناقدة، ولغته اليسيرة الخالية من التعقيد، مع أنّه يقرأ موضوعاً غايةً في التعقيد، كل مرحلةٍ فيه لا تكتمل إلا بالتي تليها، ولم تأت بعد. تعامل حضاري وإذا كان على رجل الإعلام أن يكون ذا حظٍّ من الثقافة؛ فإنّ المعايطة امتلك الثقافة، ووعى المراحل وبنى المداميك؛ فكأنك تتحدث مع مُسنٍّ عركته التجارب وعلّمته النوائب، وتخصص، ولا يخفى أنّ السياسة ليست أدباً يشطح صاحبه أو يتهوّم، مع أن فيها ما لا يحتكم إلى منطق، ومن أراد أن يتخصص في أمرٍ فعليه أن يكون ملماً به عارفاً بحيثياته، متهيباً من التعميم، مستنداً إلى معطياتٍ يسبغ عليها من حكمة التجريب وابتكار الحلول. يفهم متلقي الكتاب أنّ الدولة أولويّة، والنقد لا يكون في دولةٍ منزوعة الهيبة؛ فلا بدّ من أن يظلّ (السيف) بهيّاً، النقد والصراحة والكشف والدستوريّة والعقاب دماءٌ تمدّه بالحياة، وهو سيفٌ لا تحمله إلا الذراع القويّة. يعترف الكاتب أنه لا يوثّق، وإنما يطلّ على مشهدٍ ويستفيد من أحداث ويقرأ سلوكاً أو ينصح بسلوك، وهو إذ يتفهّم معنى التعامل الأردني الحضاري مع هذا الربيع، إزاء ملفٍ مفتوح، في البلد الجار، فإنّه يتجاوز القناعة بالفهم إلى المشاركة والاقتراح والشرح، في رأيٍ يصلح لأن يكون محل اقتداء. وهو يعتمد السرد؛ مرجّحاً أو فاتحاً السؤال على التفكير، معتمداً على أحداث يعرفها الجميع، لكنّه يحسن سلسلتها وختامها بالمقايسة والتعجّب أو التحذير أو التوصية أو عدم الرضى أو الحزن. من أراد أن يدافع عن فكرةٍ؛ فعليه أن (يتعملق) في الدفاع؛ حتى لا يندرج ذلك في بروتوكول (الكلام)؛ فالمعايطة في مستهلّ الكتاب يعقد مقارناتٍ مهمةً وحقيقيّةً يغلفها باستنتاج، تختلف معه أو توافق، أنت تحترمه في منهجيته، وهو يقدم الدليل مشفوعاً بسيرة هذه الحكومة أو تلك في (أصواتها) وهفواتها وزوالها أو ما يقوله عنها الشارع، بكلّ النقد، لا بشيءٍ من النقد. رؤية واعية يمكن أن نكوّن من عناوينه الخمسين فكراً عاماً، أو ثابتاً صادقاً، أو رؤيةً واعية، وفي ذلك، يعبّر موقفه الذي تتكامل الصورة فيه حيال ذلك (التيار)- مثلاً- الذي ظلّ يستطيب الشكوى والتظلم، ثمّ هو يصحو مرّةً واحدة على الحلم، أو سيناريو الحلم في أن يرى الدّم في غفلةٍ من (السيف) أو عنوةً عنه، أحمر قانياً، تظلله الفضائيات، ويزدحم بسببه الناس، وهو حلمٌ لم ولن يتحقق ما دام السيف يحافظ على نقاء معدنه ومسحة الهيبة التي هي فيه. إذن، لا ينصّب المعايطة نفسه، وتلك نقطةٌ جديرةٌ بالاهتمام، وكيلاً في الدفاع عن الحكومات، مثلما أنّه لا يمنع المستقوين على هذا السيف من غير أن يمتلك خطاب المنع المقنع في الأخذ بالسبب والتأكيد على النتيجة والتذكير بالماضي القريب أو بالجار القريب، على أيّة حال. موضوعيّة هذا الكاتب هي في حديثه الصادق الذي يزدحم على لسانه لكثرة إيمانه بالفكرة وحماسته الشديدة لها، وهي ميزةٌ لا تعطى لأولئك الباحثين عن ظلال الكلمات القليلة، التي لم تعد تقنع حتى الطفل الصغير؛ فكيف بـ(شارع): الدليل أمامه والتاريخ يسعفه والمعرفة لا تنقصه والرأي العام مصدره في أن يطمئن أو يخاف.. لذلك كان لا بدّ للزميل من أن يكون عند حسن الظنّ، وذلك أضعف الإيمان. هذا عدا (حرفيته) العالية في الربط والاستخلاص. هيبة الدولة الدفاع عن السيف، أو هيبة الدولة، يتخذ عند المعايطة أكثر من شكل؛ أسوق منه مفهوماً اجترحه الزميل تحت مسمى(التوطين الناعم) ، و هو ذلك الخطر الذي يخشاه الأردنيون في أن يدفعوا ثمناً سياسيّاً من هوية الدولة بسببٍ من ذلك، في ظل غياب قرار دولي تتزايد فيه الأعباء. ومن صفات الكاتب أنه يؤمن بالـ(ما بين)؛ كأن يقول: (ما بين الحديث الإقليمي المثير للضغائن والخطاب الوحدوي تظهر الحكمة)... (السيف) هذا بكلّ بهائه، وبكلّ مسعى المعايطة لاستعادته، وجدته يتكرر في كلّ الكتاب جلياً أو بإشارة، وحين نلمّ خيوطه فإننا أمام رواية بطلها الكاتب اليقظ المهموم بهذا السيف، في علاقته الحميمة، وتصريحه: (دولتنا)، بما فيها من تشاركية وإحساس صادق. وقد كنتُ وقفتُ على نقاطٍ أحسبها مهمّةً في هذا الكتاب الشائق، يمكن أن أذكّر بها، فهي بانوراما أحببت أن أستخلصها، على غنى هذا الكتاب وثراء مضامينه وهدفه النبيل الذكي. استقواءات يقرأ المعايطة التعامل الحضاري مع «الربيع العربي»، بالرغم من جور تيارات أو استقواءات أجنبية في أجندتها،..ويتطرق إلى إصلاحات سياسية واقتصادية بمنتهى الحرص، ثم هو يتناول عناوين شديدة الذكاء والتشويق؛ كما في حديثه تحت عنوان(لعنة111 ) عن حكومة أردنية قطفت نشوة النصر بـ 111 صوتاً؛ لكنها صنعت قناعةً شعبية أن الحكومة سيطرت على المجلس. ثمّ هو يسير متناولاً حكومات متعثرة بقضايا فساد باتت حديث الشارع لهذه الحكومة أو تلك، ليدلف إلى موضوع (الإخوان والشارع)؛ قارئاً الطموح والسيناريو المرسوم والتنسيق مع طرف(يحمل المسمى ذاته)، هو عاجز عن إدارة بلد مجاور.. ويضع المعايطة قارءه بصورة الشروط التعجيزية لهذا التيار والحسابات الخاطئة والمساومة والتمويل و... والحل الذي لم يتحقق. كلمة السر تحت عنوان (الملك كلمة السر)، يذكّر الكاتب بأنّ الملك عبدالله الثاني هو من يريد الإصلاح السياسي والاقتصادي ويتبناه؛ فهو ليس مجبراً عليه. وفي موضوعٍ متصل يسأل المعايطة: (أيهما أولى: الإصلاح السياسي أم الاقصادي؟!)، في وقوفه على الاعتصامات المطلبية، واجداً أنّ من المعتصمين من وجد في الحراك فرصةً لأمور مطلبية ظاهرها سياسي. ثمّ هو يقرأ الفساد عاملاً مشتركاً يشغل بال الأردنيين لقناعتهم بانتشاره؛ وهو موضوع يدخل فيه (ثمن الخصخصة)، وما يجيء به من تساؤلات. يقايس المعايطة بحركات جديدة وأحزاب ظهرت لتنضمّ إلى قائمة الأحزاب العاملة، كالحركات التي قلدت الحالة المصرية تحت مسميات 24 آذار.... 15 نيسان... وهكذا. ويقف المعايطة على (لجنة الحوار).. والرأي القائل بما أنها من الحكومة فقد لازمتها العيوب. ويسير تحت عنوان(انتخابات بطيئة)؛ قارئاً إحدى الحكومات في تجاهلها الانتخابات وتحالفها مع (الإخوان) بالرغم من تجربتهم الظاهرة.. وبالرغم من أنّ الانتخابات إنما هي تعبير أردني عن ربيع سلمي أراده الملك. يفهم الكاتب الإصلاح الآمن في أنّ وعي الأردنيين إنما هو يساوي السلوك العقلاني للدولة، لافتاً إلى حديث الملك عبدالله الثاني بأنه (ليبرالي اقتصادياً واجتماعياً، محافظ أمنياً ووطنياً)، لينتقل المعايطة إلى مواضيع الحرب والأزمة والربيع: حرب العراق، أزمة سوريا، ربيع الحراك. أسئلة أردنية. الملك هو الزعيم الوحيد الذي امتدح الحراك ورآه حالة إيحابية، من ذلك ينطلق المعايطة في فهمه لتحديات ما بعد الربيع، وقراءته للتجربة الناضجة لمؤسسة الحكم الأردنية، في تشكيل الصورة الناصعة في الخارج، وإجراء الانتخابات بكفاءة، ورؤية الملك وخطواته السياسية، والفرص ومواصفات الرجال السياسية، ومبادرات الملك في التنمية والاقتصاد والشباب، ورؤية الملك وملفه الإصلاحي. يدرك الكاتب أنّ الظروف الطبيعية في هذا الموضوع هي في قراءة القدرات العادية للدول والقادة، في حين أنّ الظروف الاستثنائية إنما تكون في كشف المخزون من الخبرة والرؤية ونضج الدول والقادة. تحت عنوان (أسئلة أردنية ضاغطة)، يرصد المعايطة حالاتٍ واقعيّةً لسياسيين بعينهم في أنّ المسؤولية تساوي الولاء، وأنّ فقدان المنصب يوازي المعارضة، وهي أسئلة تحمل كثيراً من التقلبات. المخاوف الأردنية- لدى الكاتب- هي من التصريحات الإسرائيلية، المباغتة أو المنتظمة، بالتوطين والوطن البديل. ثمّ يتنبأ المعايطة بالأسئلة الكبرى، والخوف من ربيع مقبل، وكيفية التعامل مع الطفرة السياسية العربية أو الإقليمية. يجد الكاتب أنّ الربيع العربي كشف خلال عامين، عن غياب الأدوات الشعبية المنظمة والراسخة المؤيدة للدولة، مبيّناً أنّ ذلك ليس معناه أن (الشارع) و(الناس) في صف المعارضة؛ لكنّه الحديث عن قوى مجتمع مدني وأحزاب وفعاليات مؤسسية... عشائر.. وإخوان في قراءته لموضوع (العشائر) يؤكّد المعايطة أنّ العشائر هي حصن الدولة وهيبتها .. وهي يمكن أن تكون لديها قوى وتأثير، ومن جهة أخرى يذكّر الكاتب بأنّ (الإخوان) اشتغلوا هلى هذه القوة؛ ويجد أنّ العشائر إنما هي تتطور ولا بد من تعامل جديد معها يراعي هذا التطوّر. من جهة متّصلة يرى المعايطة في البادية أنّ الخطاب المعارض داخلها هو خطابٌ تنموي خدماتي.. حيث البادية ولاء وقلعة للدولة؛ ويذكر المعايطة في السياق زيارته وزيراً للثقافة هيئات البادية الأردنية مجتمعة، والمطالب التي ناقشهم فيها آنذاك. يهدف الكاتب إلى تماسك الداخل والنظر إلى مصالح الخارج؛ حيث الخارجي يراقب الداخلي وقد يغير موقفه بسببٍ من ذلك، مدللاً بموقف الملك الحسين في حرب العراق في التسعينات والموقف الأميركي أثناء ومن بعد. تحت عنوان (كسر الحواجز)؛ يرصد المعايطة فئات تكذب وتتجاوز الأعراف في الافتراء وتصور الانفلات؛ لكنه يجد، في المقابل، أنّ الجهات التي شُتمت في (الربيع) وتمّ التعريض بها، قد أصبحت لديها (حصانة) و(مناعة) من هذا الافتراء أو الانفلات أو القذف. يقرأ المعايطة تداول الناس عبارة (مين بمون) على أنّها تمثّل جزءاً ضعيفاً من (السيف)- هيبة الدّولة- واجداً أنّ من معانيها أنّ أصحاب المناصب لا يمثلون إلا أنفسهم ديموغرافياً وجغرافياً أو على صعيد الكفاءات.. وهو في ذلك مهتمٌّ بتمثيلهم (الناس) التمثيل السياسي أو الوطني. حتى لا نفقد مؤسساتنا؛ ينطلق الكاتب من أنّ (المؤسسة) ثابتة والمسؤول متغير؛ محذّراً بأنّه من المعيب أن تصبح المؤسسة مهدورة الدم بالنقد الجائر المبتز. لكنّه من جهة أخرى يخشى من أنّ عبارة(نحن بخير)، التي نقولها في جلساتنا، يمكن أن تثنينا عن النقد والحديث الصريح في المكاشفة أو محاسبة الفاسدين. نقد متطور يقارن المعايطة بين(النقد) اليوم وفي الماضي؛ واجداً أنّ النقد كان ينطوي على حسابٍ وقلق وخوف أيام زمان، فيما هو اليوم يتاح.. وفي كل شيء. ويفرّق بين مفهومين متطرفين؛ هما الدولة الظالمة والدولة الراكعة.. إذ لا بدّ من دولة القانون والمؤسسات لحماية الحقوق وحفظ الهيبة. (أبو حابس) قصة واقعية لرجل من الأردن سمى ابنه (حابس) وفاءً واعترافاً بالريادة لذلك الزمن؛ وفي هذا قراءة ذكيّة يوظّفها المعايطة ليدلل على تمسّك الأردنيين بتراب أردنّهم ووفائهم له ولكلّ رموزه وشخصياته. مشروع إسلامي في عناوين متّصلة يقرأ المعايطة موضوع (الإخوان) و(الربيع العربي)؛ متسائلاً عن معنى (المشروع الإسلامي).. والمستقبل المجهول؛ مذكّراً بالتناقض حول فكرة أو مشروع الإسلام هو الحل.. متعجباً بشيء من النقد: هل الأولوية للسلطة أم لبرنامج الفكر؟!.. وهو رهان سابق لجماعة الإخوان المسلمين التي تولت سدّة الحكم في مصر. تحت عنوان (اختبارات حكم الإخوان)؛ يصدر الكاتب حكماً عاماً على كلّ نماذج حكم الإخوان بمصر.. متسائلاً: هل فرض بريق السلطة إيقاعاً هادئاً مدروساً على دخولهم إلى مساحات إدارة هذه الدول؟!.. والجواب لديه بالنفي؛ مستعيداً الشعارات في سؤاله عن الصراع العربي الصهيوني؟!.. والتحدي الاقتصادي؟ وشعارات التحرير من النهر إلى البحر؟! تجربة حكم الإخوان بمصر ليست عملية سياسية، ولكنها اختبار فكري لتيار سياسي كان يشكو الإقصاء، يضيف المعايطة مذكّراً بأحكام (الفشل) التي كان (الإخوان) يصدرونها على القوميين.. وعلى الثوريين.. والشيوعيين كذلك.. متعجباً: فما هي حالهم اليوم؟! يقرأ المعايطة شهوة السلطة لدى الإخوان؛ وقد كانوا قدموا أنفسهم خلال سبعين عاماً ممثلين للناس.. واجداً تناقضاً بيّناً إذ طالبت (الجماعة) لدينا بتقليص سلطات الملك، في حين أنّها في مصر وسّعت من حكمها على حساب القضاء والدستور. يطرح الكاتب مفارقة أنّ (الشارع) الذي حمل الإخوان من (السجن) إلى (القصر) هو من يعارضهم اليوم، مواصلاً قراءته لموضوع (الإخوان وغياب الحسم)؛ حيث مشكلة أي بناء سياسي أو اقتصادي هي في أنه لا يتخذ قراره.. راصداً مجموعة القلاقل والاضطراب الحاصلة في قيادة الحزب لدى (إخوان الأردن) في التشكيل أو المقاطعة. حجارة الربيع تحت عنوان (حجارة الربيع)؛ يرصد المعايطة مفارقة أن يرشق (المرزوقي) في تونس بالحجارة.. وهي ليست غير حجارة الربيع؛ إذ بعد عامين من (البوعزيزي) ما يزال الفقر.. والبطالة ما تزال. ويقارن الكاتب في أنّ احتفال ما قبل (الربيع) منضبط، في حين أنّ احتفال اليوم مشوبٌ بالثورة... يستند المعايطة إلى زيارته (بن علي) قبل الربيع، مقارناً بين ربيع الأمس واليوم. يستمر المعايطة في معاينته (زعيم مصر الإخواني)؛ في ظلّ (الأسعار) والصراع مع رفاقه في ميدان التحرير، ليقرأ (زمزم المصرية)؛ مدللاً بكتاب (إخوان إصلاحيون) لهيثم خليل في شهادات من هجروا (الجماعة)؛ متناولاً مسألة الإصلاح الداخلي منذ أكثر من 30 عاماً.. وتجارب الإصلاح الممنوعة لدى الجماعة، وهو الكتاب الذي اشتمل على شهادات لكمال هلباوي ومختار نوح، الأسماء التي تعطي مصداقيةً على ما يذهب إليه الكاتب. مبادرة زمزم يفهم المعايطة (مبادرة زمزم) تنظيماً وطنياً.. ومشاركة.. بل تنظيماً أردنياً، وهو ما يندرج تحت موضوع (إصلاح الجماعة)؛ إذ أنّ مشكلة (إخوان مصر) هي مع الشعب المصري في ارتباك واضح وأخطاء تتراكم. (مصر مش محتاجة ثورة) مقولة يوردها المعايطة لأحمد فؤاد نجم الشاعر المصري الذي اكتوى بنار السياسة، وهي مقولة يؤكد بها نجم معنى القيام بالواجب والانتماء المنتج لـ(لبلد). في معاينته للأزمة السورية يقرأ المعايطة (الملف الأردني) الأصعب؛ في حدود أردنية سورية صاخبة.. وآلاف اللاجئين.. وأعباء اقتصادية وسياسية..وموقف شعبي رافض لكلّ هذه الأعباء الاجتماعية. الدور.. والواجب ويرى أنّ الاتكاء على الموقف السياسي الإيجابي الأردني لم يعد كافياً وحده في مواجهة التحديات الداخلية التي يفرضها الملف السوري.. حيث الجماعات المتشددة تمثل تحدياً موقوتاً للدولة الأردنية.. وفي حال سقوط النظام أو تفككه أو التقسيم الجغرافي نكون- كما يرى- أمام الإحراج الأردني في التعامل. كما يرى أنّ اتفاقية الأردن مع السلطة الفلسطينية حول حماية المقدسات الإسلامية والمسيحية لحقتها مطاردة سلبية بربطها بكونفدرالية قادمة من السلطة.. وهو مشروع يجد الرفض؛ فمعناه الواضح كما يفهم المعايطة هو (الوطن البديل). من ثوابت الدولة الأردنية كما يؤكّد المعايطة أنه ليس سهلاً على الأردن أن يلعب الدور السلبي بدلاً من الواجب.. مع أن الأزمة السورية كانت وما تزال واحدة من الاختبارات الصعبة جداً على القيادة الأردنية. الدولة الحقيقية الفلسطينية هدف الدولة الأردنية الذي لا تحيد عنه، ومن هذا المنطلق يقرأ المعايطة معنى (الدور السياسي الخبيث)؛ الأشبه بممثل يدفع للمخرج لقاء دور أو مساحة في مسلسل يندرج تحت باب أداء المهمة، لا غير. يتناول الكاتب موضوع (القاعدة والظهور الرسمي في سوريا)؛ وفي سياقه يناقش إعلان قيادة الجبهة (النصرة)- هناك- بيعتها لأيمن الظواهري.. والتحالف بين النصرة ودولة العراق. ويساوي نوعاً ما بين قاعدة سوريا بالتوازي مع قاعدة العراق.. ليسأل: كيف تنتقل القاعدة من جغرافيا إلى أخرى في المنطقة؟!.. وهو سؤالٌ مبرر، يعود بعده على موضوع (الإخوان) في مصر. تحالفات عجز الإخوان بمصر يمثله قمع الحريات وتعذيب المواطنين وحظر التجول؛ وهي نماذج من الربيع العربي، يقرأ فيها المعايطة تحت عنوان(تحالفات وعشق مؤقت) التحالف الأميركي والتخلي عن (بن علي) و(مبارك)، متعجباً من أنّ ما قدماه أكثر بكثير مما يقدمه أو قدّمه الأسد لروسيا أو لمصالح إيران. يتحدث المعايطة عن نظامين كبيرين مقابل صلابة تحالف روسيا وإيران مع سوريا، ليخلص إلى أنّ أمريكا تتحالف مع القادرين على حماية أنفسهم وهي دائماً تبحث عن عشيق جديد. تحت عنوان (اسرائيل.. قلق واستفزاز ومعاهدة) يجد الكاتب أنّ معاهدة الأردن وإسرائيل، وبسبب من التوتر الحاصل، يمكن أن تكون عبئاً مع الزمن. لكنه يرى أنّ الدفاع الأردني عن المعاهدة إنما هو لصالح الشعب الفلسطيني، مع أنّ ملف القدس هو عامل ضاغط على الأردن. في هذا الجانب يشرح الكاتب أنّ الأردن ليس بصدد مراجعة المعاهدة مع إسرائيل لأسباب داخلية وأمريكية. ويسأل: هل يمكن اعتبار المعاهدة الإسرائيلية مجرد أداة سياسية لا أكثر في ظل التعنت وكون معاهدة السلام أكبر مما تؤديه للأردن من عوامل الأمان السياسي والاجتماعي؟! سؤال مفصلي سؤال مفصلي مهم حول ما يمكن أن يقوم به الأردن لمنع وإفشال أية تسوية نهائية لا تحقق للدول مصالحها الكبرى.. حتى في حالة تعثر السلام على الدولة الأردنية أن تمتلك الأفق لا اتخاذ السلام هدفاً بحد ذاته.. كما يرى المعايطة، محدداً مواصفات أردنية مهمة في منع التوطين والوطن البديل. المشكلة ليست في الحل غير المناسب، بل في من يقدم هذا الحلّ وهو خالٍ من أدواته، يرى المعايطة، قارئاً أسماء حركية في الاختباء خلف المصطلحات في التعبير؛ فمشكلة المحافظ السياسي أنه يخشى على هوية الدولة وبنيتها السياسية، ولكن بدوافع لا نعرفها نحن. الكاتب:
اسرة التحرير بتاريخ: الإثنين 08-07-2013 12:19 صباحا
الزوار: 1588 التعليقات: 0
|