وقدم الكاتب والإعلامي الأردني المقيم في الإمارات معن البياري، مداخلة تحدث فيها عن اللغة المقتصدة والتقريرية الخالية من الاستفاضات الشعرية والاستيهامية في المجموعة الصادرة بدعم من دار أزمنة (2011)، وعَدَّها موحيةً في مرسلاتها والقضايا التي تنشغل بالتعبير عنها.
وقال البياري إن العقيلي في كتابته «حذر جداً من التطويل الذي يتسبب به ترك السجية على دفقها، والاستسلام إلى غواية البوح المسترسل». لافتاً إلى المراوغة الفنية في قصص المجموعة بشأن التعامل مع الزمن، سواء بالاسترجاع أو التذكر أو تداخل الماضي بالحاضر، وهو ما يتبدى في قصتَي «تذكار» و»انتصار» على وجه الخصوص.
وتابعَ بقوله إن قصص المجموعة تطرح قضايا سياسية ووجودية واجتماعية كبرى، بل وفكرية عويصة أيضاً، تتصل بجريان الزمن ومعنى الحياة مثلاً، غير أن العقيلي في ذهابه إليها يلتفت إلى تفاصيل صغرى، لتحيل إلى ما قد يقع عليه قارئ قصصه من دلالات وإيحاءات وترميزات. ومن ذلك قصة «دوار» التي تتحدث فيه ساعةٌ عن موقعها في العالم والوجود. ورأى البياري في هذه القصة علامة مهمة في مدونة القصة الأردنية والعربية التي انشغلت بموضوعة الزمن، إذ يجعل العقيلي الساعةَ تحاور نفسها عن مآلها، حين تضجر من الرتابة في إيقاعاتها وامتداداتها المتوالية. ورأى البياري أن كاتب القصة يلعب مناورة جمالية لافتة، فالإنسان هو من يتبرم من ضياع وقته، لكن القصة تنشغل بالإحالة إلى ضجر الوقت من نفسه. كما تطرقت مداخلة البياري إلى البساطة في الحكي والسرد في قصة العقيلي، كما في قصة «ربيع في عمّان» التي لا تنشغل بلحظة سياسية خاصة في الأردن، بقدر ما تنشغل باكتشاف جوّانية بطل القصة ودواخله وحيرته وقلقه أمام ما يبدو عليه ولدُه الصغير من تطلُّعٍ إلى حال أخرى مغايرة لرتابة الأيام التي يعيشها والده وأسرته.
ورأت الكاتبة والإعلامية المغربية نزهة الماموني أن هذه المجموعة، تؤشر على انتفاضة الإبداع العربي بعد أن كان يغط في سبات عميق، واهماً أن الظروف والتغيرات المحيطة لا تعني له شيئا. وأضافت أن هذه المجموعة تكشف عن «شطارة المبدع، وفنية المثقف وفطنته، ومعايشته لأحداث الواقع»، بما جمعته من قصص تظهر للوهلة الأولى بسيطة لتناولها أشياء قد لا ننتبه لها في حياتنا اليومية، لكنها تترك آثارها العميقة وتوجّه الكثير من سلوكاتنا وممارساتنا.
وقالت الماموني عن كتاب «في الطريق إليهم» الصادر عن دار ورد الأردنية (2010) والذي وقّعه العقيلي في الحفل نفسه أيضاً، إنه يعدّ «صالوناً ثقافياً لما جمعه من حوارات تغذت من منابعها الأصلية، أدارها العقيلي باستعداد الأستاذ المحاضر الذي يهيئ للدرس قبل الوقوف أمام الطلبة، وهو ما يدل على اهتمام بالضيوف التي يحاورهم وتقدير لكفاءاتهم العالية».