نظّم بيت الشعر في الشارقة، أمسية شارك فيها: يزن عيسى من سوريا، وأبوبكر الجنيد يونس من السودان، وعلي مصطفى لون من نيجيريا، بحضور محمد عبدالله البريكي، مدير البيت، وقدمها الإعلامي بشار صقر.
بدأت الأمسية بالشاعر يزن عيسى الحائز المركز الثاني في جائزة الشارقة للإبداع العربي 2023 عن ديوانه «أجنحة تحاول فهم الريح»، واستهلها بـ «بطاقة تعريف» عابراً محطات الحياة بفرحها وحزنها:
ها أبلُغُ العشرينَ...أجمَعُ أحرُفي عامـاً فعاما كــــي أكتُبَ البيتَ الأخيرَ عسى أُخَلِّدُني خِتاما أحيا لأمنَحَ أســــطُري حرباً، وتمنَحَني الـسَّــلاما أمشي كـأنّ الأرضَ بيتُ أبي، وأحتَرِفُ الأَماما أبدو كما أبدو...ولكـنْ لـســـتُ أُشْـبِهُني تمـامــا وبعد سرد سيرة الحياة وتداعياتها في النص الأول، أبدى تمسكه بها، فهو القابض على جمرة الحلم، حتى ولو كان هذا الحلم وهماً: بلغْنـــا شُـــــــرفةَ الآتي، فُرادى ونادَينـــا، لنكتشـــفَ المنـــادى حُفاةً، لم نجــد في الرّيــحِ مـأوىً ولم نحـــزمْ لــرحلتنــا عتــــــــادا وقُلنـــا، والبِــلادُ تســــــــيـــلُ منّا دمـــاً، والأمــسُ يملؤنا رَمــــــادا: ســـنـحلمُ، والمسافةُ محضُ وَهْمٍ وليلُ الخـوفِ في دمِنـــــا تمــادى أما الشاعر أبوبكر الجنيد يونس، فقد قرأ للوطن، والاغتراب، ونوّع في مضامين قصائده، ومن داليته المضمخة بالحنين والألم: تشتَّتت في فيافي اللهِ مُهجَتُهُ وما هُناكَ سوىٰ.. حبلٍ من المَسَدِ فيهِ من النُّورِ.. ما يجلو جواهِرَهُ ومن دُجىٰ النَّفسِ.. حُلمُ النَّفسِ.. بِالرَّغَدِ وفيهِ رغبةُ طينيٍّ.. مُمَرَّدةٌ ذاتُ افتِراسٍ.. بِما في.. فَكَّيِ الأسَدِ لها جناحا ملاكٍ.. رحمةً وهُدًى وتستغيثُ، بِحَولِ اللهِ ذي المَدَدِ وعزف الجنيد على وتر العاطفة التي تتملكه، والحنين الذي يتلبسه لتفاصيل المكان وأثره عليه، فكانت ليلاه حاضرة بنيلها، لكنه حضور يضن عليه بالوصل، فيقول: سُدًى.. يهفو إلى.. ليلىٰ.. فُؤادي وليلىٰ.. عنهُ في.. شُغُلٍ.. بِوادي يقاسيها حنينًا واشتِياقًا وصبرًا وانتِشارًا في البوادي سُدًى.. حيثُ القصائدُ أمنِياتٌ بِخاطِرِهِ وحيثُ النهرُ صادي وذو شَغَفٍ بِها وكأيِّ ليلىٰ.. تُمارِسُ.. فيهِ مُتعةَ الِاضطِهادِ وكانَ ولا يزالُ.. رهينَ عِشقٍ.. لِعينيها ويكتبُها: بِلادي واختتم القراءات الشاعر علي مصطفى لون، الذي حلّق عالياً بالجمهور في نصوص جمعت تجليات الشّاعر ورؤاه الحياتية، فرسم صوراً تنساب بإيقاعاتها الموسيقية، وتوغل في الأسئلة والذكريات، إذ يقول في قصيدة «عائد إلى صورته الأولى»: مَا بين صَحْرَاءِ صمتي واخْضِرارِ فَمِي قصيدةٌ ترْقبُ الميلادَ في الورقِ متَى سأقبِضُ أسْرَابَ الكَلامِ وأحداقُ الشبابيكِ لم تَبْتلَّ بالشَّفَقِ هناكَ في الكوخِ أطفالٌ وسَيِّدَةٌ أكُفُّهَا تخبزُ الأقْمَارَ من رَمَقِي تقولُ لي-والخُزَامَى اختارني قَدَرًا- بأن في الحَقْلِ ما يحْتَارُ من عَبقِي
أما في قصيدته «متوضئ بالنور»، فقد استحضر فيها سيرة النبي صلى الله عليه وسلم، وجمع في طيات قصيدته فضائله وصفاته، ضمن نسيج شعري موغل في الصدق، واصفاً شوقه للقائه وإخلاصه في اقتفاء أثره، فيقول: أتَيْتُ أنثرُ أشْواقًا يُطَوِّقُهَا مِنِّي فَؤَادٌ بِوَمْضِ المصْطفَى نَضَحَا يقتَاتُ هَذَا الظَّلامُ المحْضُ عُشْبَ دَمِي وحينَ جئتُ إلى محرابك افْتَضَحَا إني سمعتك نَجْوَى كنْتُ أَفْهَمُهَا من نَشْوَةِ الطَّيْفِ والنَّقْشِ الذِّي امّسَحَا وفي الختام كرّم الشاعر محمد عبدالله البريكي المشاركين في الأمسية.