صادر حديثاً عن دار يافا العلمية للنشر والتوزيع ديوان شعري بعنوان (ما يفوق الواقع) للشاعر بسام عرار.

يعد هذا الديوان حالة إبداعية متميزة؛ حيث فتح الشاعر مجاله الشعري على مصراعيه نحو قصيدة تتموقع بثقة في العالم الإبداعي، معتمدة على حداثة الصورة واستنطاق المعنى، وتجسيد اللغة، والانفعال العقلي، بإحداثيات دقيقة ما كانت لتخطئ هدفها، فهي إنفلات من ذات الشاعر لتصبح ملكاً للمتلقي.

قصائد هذا الديوان متمكردة على المألوف، موسومة بالتفلت والانبعاث، وقد تبدو لغتها ساكنة سرعان ما تتخذ شكل الحركية، وتنبثق عن معانٍ تذهب بالقصيدة أبعد مما تبدو عليه للوهلة الأولى، فنجد لغة الشاعر تخلق كيمياء جديدة تجعلها مختلفة عن صيغتها الأولية؛ فمنح اللفظة حياة متجددة، وجعلها تتتشاكل في وشائجية محكمة مع الموضوع الذي انتدبت لحمله.

كما عمد الشاعر للنأي عن الصور المستهلكة، وابحر بعيدا في دلالات اللغة، وهذا ليس إلا أننا أمام نصوص وليدة جديدة، وأبنة شرعية للحداثة، تصل إلى منعتقاتها نحو اللآمنتهى وتبقى مفتوحة على شتى الاحتمالات.

ويقتصر الديوان على التقاط الأضواء لعدسة اللغة، وانحسارها أمام عيون البيان، يظهر ويخبر قولاً وعملاً حتى يعانق بياض الأفق ورقاب اليقين، ومن تجلياته نصوص مفعمة بالذائقة الأدبية تلمس جمال اللغة وأفق الحلم تعبيراً عن القيمة الفنية والجودة الأدبية والعاطفة الصادقة، وهي مخاضات حروفٍ تعتمل وتجيء لتخط نبض الحب والأوطان والحياة، كمحاولة لملامسة الواقع المعيش والعزف على إيقاع آخر للإبداع الجميل ... لا يحرقها زمن؛ وكما يقول الشاعر: أقدم محاولات وتراتيل حروفي المتواضعة بما يحس به القلب ويعتمل الفكر وينثال موطن الروح.