|
عرار:
عمر أبو الهيجاء استطاع أدبنا العربي قديمه وحديثه أن يقدم لنا الكم الهائل من الأدب الناضج فكريا ومعنويا في المعركة وكافة الحروب التي مرّت بها عبر العصور حتى عصرنا الذي نعيش، أمدنا هذا الأدب وخاصة الشعر منه بكنوز شعرية أكثر إشراقا في كافة الحروب والوقائع، فكان له الدور البارز في الحروب لا يقل دورا عن دور المقاتلين، فالكلمة في المعركة أقوى تأثيرا من الرصاصة أحيانا، ونذكر حين قال الشاعر الخالد محمود درويش قصيدته المشهورة «عابرون في كلام عابر» حينها طلب الصهيوني شامير رأس الشاعر درويش حيا أو ميتا. فالشعر الفلسطيني الأكثر تأثيرا ونضالا قدم نماذج شعرية من الشعر السياسي المناضل منذ الثلاثية الحمراء للشاعر نوح إبراهيم ومن تلا في عام النكبة و67 حيث برزت العديد من الأسماء الهامة في المقاومة من مثل: محمود درويش وسميح القاسم وتوفيق زيّاد وغيرهم من الشعراء الذين أرّخوا للنضال الفلسطيني فكانت قصائدهم حماسية ملتهبة وتعد شعارات في المعركة والمظاهرات. في هذا الملف الشعري الفلسطيني الأول من غزة والضفة التي كتبت قصائده من تحت النار وغبار البيوت المهدمة بفعل الجنون الإسرائيلي.. قصائد تروي حكايات شعب لم يزل متمسكا بترابه ويمضي مسلحا بكل إيمان إلى رسم معاني العشق والحياة.. شعراء يرسمون بالكلمة لغة النار إلى جانب البندقية.. قصائدهم فاتحة النهار وطلقة الخلاص في عالم مصاب بالكساح. تاليا الملف الشعري يشارك فيه الشعراء: «علي أبو عجمية، ليليان بشارة منصور، جمعة الرفاعي، جواد العقاد، ناصر عطا الله، عثمان حسين، فارس سباعنة، ومهيب البرغوثي»، والشاعرة الشهيدة هبة أبو ندى، دالية طه، كفاح الغصين، حيدر الغزالي، محمد دقة، مريم قوش، وناصر رباح. الغنــاء الأخيــر لصــاحــبي علي ابو عجمية غبارُكَ الآن يكفي الطين والطُرقا لتزدهي أرقاً أو تزدهي قلقا أنا وأنتَ خصيما ما نخاصمهُ كمن يردُّ إلى السرّاقِ ما سرقا أسميتني صنماً حُلْواً تُهدّمــــهُ وكنتَ تصنعُ منّي التَمْرَ والورقا وها وقفتُ بقربي والعصا سندي مثل الضريرِ، ولكن من يراكَ يرى أخذتني لرياحي، قلتُ آخذها معي، وتأخذني في مرّة أخرى إلى حبيبي؛ إلى بيتي وأمزجتي إلى زمانِ الدُمى والليلِ والذكرى قل لي، أنا غابة كبرى وألهث بي مشياً إلى البئر. لا ماءٌ ولا عطشُ ولا تقل عين أيامي معطّلةٌ. حـــــــــرب ليليان بشارة منصور في الحرب يخطو الزمن على مهلٍ... في الحرب تُعجن الاجساد والارواح بدقائق ملتوية... والزمن لا يمضي... هو، يغدو مراوغاً ونحن رهائن الساعات تَكتكتها صراع، بين إضاءة مصابيح الشوارع وبين الفراغ الملوث في الحقد المُضاء بعتمة الحدث.. سماء تنقشع وسماء تشتعل بنيران برتقالية.. كنت احب البرتقالي.. واليوم لا أعرف ما أحب وما أكره... وانت وأنا وهم بين خيطين خيط الارتحال عن المكان وخيط البقاء تحت السقف في حماية شفافة جداً.. والطائرة تزٌن، تئن..ليل نهار وأخبار من الشاشة الرهينة تقفز بين الجثث.. صوت وصورة تخفي العين والأذن تختنق في هذا الضجيج... نركض لنختفي يين الفرشة واللحاف والطبول بعيدة قريبة.. تقتل الواننا... والزمن...آه ثم آه... يخطو على مهل... هل أحدثكم عن الأمل في الحرب؟ ام عن الحرب حين تغتال الزمن! ما يفتـــــــرض جمعة الرفاعي كيف يفكرون، أولئك الذين يذهبون لتفقُّد الدّمار بعد الكارثة؟ أيُّ «يا الله»، تستطيع الآن أن تحرك عشبة تئنّ تحت حجر مسطّح على ورقتها الضعيفة؟ أيُّ تاريخ سوف يبدأ بعد المطحنة؟ الأعمدة الملتوية التي تمسك بها العابرون كقشّة النجاة، تحولت إلى أوتاد لكل هذا الرَّدْم. أيُّ متاهة الآن تحت هذه الأنقاض؟ - هل سنخرج؟ تسأل ما يُفترض أنها جثة. - بالطبع. يُجيب ما يُفترض أنه حيّ. - هل يسمعون كلامنا؟ - لا، لكنّي أتذكّر الآن شيئا غريبا. - ما هو؟ لا أحب النوم تحت المصابيح، لهذا كنت أطفئ المخيِّلة قبل أن أتمدَّد على السرير. - أنا أيضا، أتذكَّر الآن شيئا غريبا، وأنا فوق، كنت دائما أحبُّ ما يُفترض. هل شحذتِ حقدكِ جيـداً؟ جواد العقاد لا أحملُ في جعبةِ قلبي غيرَ الكلمات، ولا ذخيرةٌ لديَّ غير الوجع الممتدِ من عيونِ أمٍّ مفجوعةٍ على ولدها إلى صرخةِ طفلةٍ تُدَوِّي في صعودها إلى الله. في كلِّ جولةٍ من جولات الحرب أفردُ روحي على الطاولة لأقامرَ الحرب.. وفي نيتي طرحَ أسئلةٍ وجوديةٍ عليها: هل شحذتِ حقدكِ جيداً؟ لا تجيب، وتقتل. من أنتِ أيتها الحرب؟ أنا الدمُ، وحصادُ الألم. أنا الانتظارُ والخوف والمواعيدُ المؤجلة، امتحان الإنسانية في محاكم بلا عدالة.. كلما شعرتُ بغارةٍ، أمسكُ قلمي وأكتبها.. أصنع صورةً شعريةً لها: دمٌ يفيضُ نحو السماء وسوادٌ يقتحمُ الأرضَ.. بياضٌ كثيفٌ تُفتِّحُ له السماءُ أبوابها. يُخيَّلُ لي أنَّ الكتابة تردُ الموت.. حين أكتبُ، أشعرُ كأنني احتضنت أطفالَ غزة كلهم. مرة أخرى أيتها الحربُ.. كسبتْ روحي الرهانَ إلا أنها ما زالت تنزفُ، تنزفُ، تنزف. نوافذها مفتوحةٌ كي تَخرُجَ نارُكِ.. فلا تعودي. لا تكـــتبْ فــــي الحـــربِ ناصر عطاالله لا تكتبْ في الحربِ سيقولون للجرائدِ والجرادِ أن حياتك ناقصةْ أن الغيثَ يفسدُ هطوله أن النجمَ يجرحُ ضوءه وأنكَ تستعرضُ اللغةْ كجاريةٍ في سوقِ النخاسةْ عليكَ أن تسكتَ في الحربِ وإن متَ ألفُ شاعرٍ سيكتبَ عنكَ ويمجّدَ اسمه وستصفقَ له الكفوفُ الجافةْ لتنحني له قاماتِ الذينَ خذلوكَ ولاحقوكَ ويغنونَ اليومَ خلاصَ روحكِ الشهيدةْ لا تكتبْ وأنتَ خائفٌ لا..ولا أنتَ محاصرٌ بجلدكَ والبارودِ واتركْ الكلماتِ لفرسانِ الكنبةْ الكتبةُ العارفينَ بتناصِ الشاردينَ نهارًا من المواجهةْ وسمي دمَكَ للشعراءِ العجزةْ سيكتبونَ عنكَ ما لم يكنْ فيكَ لغناءٍ رخيصٍ في حفلةٍ هزيلةْ وسيفتحونَ في وجهكَ ابتسامةْ وأنتَ العبوسُ من تخليهمْ عنكَ وسيقلمونَ أظافركَ الطويلةْ ويلبسونكَ ربطةَ العنقِ الحمراءَ المرصعةُ بزرقةٍ نحيفةْ لتكتملَ الصورةُ الكبيرةْ سيضعونَ ميكرفونَ الأمسيةِ بيدكَ اليمنى، وفمكَ مفتوحٌ في الصدى وكأنّكَ غاضبٌ في القصيدةْ أمناءٌ همْ في النقلِ عنكَ ظرفاءٌ يدخلونَ صدركَ وبائعو موتكً لكلِ سامعٍ فأعطهمْ صمتَكَ الآنَ وانتظرْ بعدَ موتكَ، حياتكَ المجيدةْ العــالم خـــارج النافـذة دالية طه يعلو صوت الريح، وتهتز الاشجار في الحديقة، مثل صباح اليوم وأعرف أن القصيدة غير ممكنة الآن رغم أن هذا هو كل ما أرغب بأن أقوم به، أعرف الآن أنه لم يعد لي الكثير من الخيارات: استطيع فقط أن أغمض عيني وانصت، استطيع أن أفتح النافذة، أو جميع النوافذ، واستطيع أن أتوقف عن التفكير بما يهمني في العالم. استطيع أن ادع هذه القصيدة التي تطوقني تدخل إلى البيت، إلى أذني، ومن ثم قلبي، وحينها فقط قد أتعلم من الأشجار أن مصير ما شق التربة وأخذ مكانه تحت الشمس أن يصير في هذا العالم أغنية، أيتها الأشجار التي تجتمع الآن، في الحدائق وعلى طول الشوارع، وتلك التي تنحدر على سفوح التلال، أغصانها تذهب وتروح مع الريح، والعالم خارج النافذة قد صار أقرب ما يمكن للمحيط، ماذا يفعل من يسمع هذا الحوار الهائل بين الكائنات، مثلي الآن؟ من يدرك الآن أن الإنسان أكثر الكائنات وحدة، خُلّق ليكون شاهدا على كل هذا الانسجام الساحر، ويعيش خارجه للأبد، مثل لاجئ يتفرج على كل ما ينتمي إليه من وراء الحدود، لا يستطيع إلا أن يغنيه وعيناه ممتلئتان بالدموع الآن اجنحتـــي تطــــير الشاعرة الشهيدة هبة أبو ندى إِنْ كنتَ تحسبُني ذكرتُكَ لَوْ لمرّة فلقدْ نسيتُكَ في القصيدةِ ألفَ مرّة في المقطعِ الصوتيِّ للصمتِ الطويلِ وحيثُ لا تَجِدُ الحواسُّ فمًا ونظرة وهناكَ في كوخِ الغيابِ على شُعَيْراتِ الحصيرِ المُقْشَعِرَّة في غرفةِ النسيانِ حيثُ الشمسُ لا تدنو إلى صدأِ الأسرّة وعلى النواعيرِ المقامةِ فوقَ أنهارِ التلاشي المستمرّة وكأنّهم مسحوا بساتينَ النخيلِ وما تبقّى في الغياهبِ روحُ تمرة قدْ مرَّ طوفانُ الأسامي تحتَ أقلامي ولَمْ تَعْلَقْ بِهِ في شبهِ قطرة بزغتْ مراعي الشوق لَمْ تومِضْ لثانيةٍ ولَمْ يصهلْ عليْكَ خيالُ مُهْرَة أطوي دروبَ الغائبينَ ولا أفتّشُ عنكَ فيها لَوْ كَعَثْرَة في شارعِ التَّحْنانِ، أبدًا لا تمدُّ الذكرياتُ يدًا لماءٍ أو لكسرة خبزُ الكلامِ هناكَ أمسى يابسًا والحبُّ في غمّيضةِ الذكرى تَعُدُّ لَهُ لعشرة قشّرتُ ذاكرتي وسرتُ أحيكُ مِنَ البدايةِ للفؤادِ الطفلِ سترة وسلختُ حنّاءَ الحنينِ فلي يدانِ ستنجبانِ الضوءَ بكرَة مِنْ بعدِ ما نضجتْ جروحي دهشةً، والوردُ مثلُ الجمرِ عندي محضُ حُمْرَة مِنْ بعدِ ما اكتملتْ مقاساتي بِها، لا أرتدي حلمًا صغيرًا بينما روحي المجرّة مِنْ بعدِ ما فهمتْ مخيّلتي قداسةَ نفسِها لَنْ تستطيعَ بها الحلولَ ولو كفكرة لا أصنعُ الحلوى لأنسى فالطعامُ المرُّ أقوى والقصيدةُ بَعْدُ مُرَّة هذا لأنَّ نبوءَتي قالتْ: سأدرِكُ حكمةَ الصلصالِ، لَنْ أبكي لجرّة ظهري - وإنّي لا أقولُ كسرتَهُ - لكنّ شيئًا مِنْ خلالِكَ شاءَ كسرَه الآنَ أجنحتي الّتي قَدْ آلمتْني في سماءِ العنفوانِ تطيرُ حرّة أعــــزل وفـــي عــــزلةٍ عثمان حسين أطل من نافذتي على بقاياي، أرى مَن يدفنون رؤوسهم في رمالٍ تتحركُ، رافعين مؤخراتهم شاراتِ نصرٍ مقلوبة، أراهم زرافاتٍ زرافات. وفي عزلتي يكْذبُ المنجمون دائما، أو يجهلون غايتي، لذا، أفاجئ العزلة أحيانا، فأترجل خارج كهفي، أركل علبة كولا فارغة عدة أمتار إلى الأمام، وأواصل الطريق الى ساحة الجندي المجهول، كي أحتار وأرتبك أمام خليط العابرين الذين تجمعهم عيونهم المطفأة، وتفرقهم خصوماتٌ، وقصائد جائعة، لا شِعْر فيها ولا كلاما يشبع جائعا ملقى، لا يرى إلا أحذية بالية وسيقانا أنهكها المسير. أنساب في الزحام كأفعى، معتقدا أنني لا مرئي، وأن عزلتي تغلَّفني. فاجأتها وترجلتُ خارج كهفها، حاملا حلما يتشكل في كل حين، يصطدم في رؤوس الناس، تتكسر الرؤوس، وتتوزع أشلاء الحلم أفكارا وحكاياتِ موتٍ، ليلا وكوابيسَ، وسحاباتٍ جوفاء تتجول مثلي. كـــــم هاويــــــة!! فارس سباعنة على الغزالةِ أن تجرّب كيّ تسير بِدَايَتَيْنِ بِلا سُقُوطٍ ... أو ترى عن مقربة!! كم شهيداً في الصحيفةِ في انتظار التجربَة؟ هزّي إليكِ بما تبقى.. فوق نخلتنا الفقيرة من أمَلْ... بدولةٍ تحنو علينا... إن نبتنا كالفواصل بين أشباهِ الجُمَلْ أنقذي الأيدي التي انتشرتْ حدوداً حول جيدِكْ واقرئي حرفاً محاهُ الحزنُ يعوي في بريدكْ أنقذينا مرةً... من كثرةِ الموتِ المُحاصَرِ بـ «الدُّوَل»... أرشدينا أينَ نذهبُ؟ .. أخبرينا ما العَمَلْ؟! ونحنُ كثرةَ ما احتملنا الموتَ صرنا ..فكرةً لا تُحتَمَلْ موسيقى خلفية للحياة ناصر رباح ربما الموت يأتي كحلوى بعد حياة كهذه؛ فها أنت ضجر الفصول، فراغ يتمدد في صحراء سريرك، وتحت الوسادة مسخ ينام كسولا : كتاب أعمالك الكاملة. لذا أنت تشبه كافكا، وتغبط الميتين كثيراً. ألق الحكاية من النافذة وخبيء في جيبك تفاصيل الرواة، مزق الثياب، غبار الأحذية، دم المعركة. الحكاية خشب الكمان، واللغة موسيقى لجناز الحياة. ها أنا أكتب عن الموت حين أقشر بصلا، وعن الجنس وأنا أرمم الحديقة، ويا ويلي حين أكتب شعراً وأنظر إلي وجه جميل. - النادل يمسح طاولتي، ولا يغادر. قلت: أريد صديقا واحدا يكسر صمتي ولا يطير، أريد نافذة للزفير المعتق في جيوبي، وسجائر.. والنادل يمسح طاولتي، ولا يغادر. أريد هواء يجلس معي، وبلادا بلا ذكريات، وكلاما يسيل من قلبي سرب نمل طويل طويل. والنادل يمسح طاولتي ولا يغادر. - أريد وحدتي كاملة، غصتي كاملة، أمزقها على مهل فتضحك لي صور الغائبين. يجلس النادل معي، والموت يمسح الطاولة ولا يغادر. الدماء الناشفة في عروقنا لا تجعلنا نسمع ما تسمعون مايا أبو الحيات لقد انتشلنا أطفالنا من أسفل العمارات وحاولنا تركيب رؤوسهم لتصبح الجثث كاملة، الرماد في عيوننا لا يجعلنا نرى ما ترون لقد جفف أجدادنا دموعهم بخصلات مشاعرنا وهم يجرفون طين المخيمات عن أحذيتنا القيود في أعناقنا لا تجعلنا نشعر بما تشعرون لقد غطتنا أمهاتنا بالأعلام والحرامات الثقيلة كي تحمينا من برد القبور والقوارب المهاجرة الدماء الناشفة في عروقنا لا تجعلنا نسمع ما تسمعون لقد أحطنا قلوبنا بقسوة الأسمنت لتتحمل وجع الفقد والدم وشظايا القنابل الحفر في أرواحنا لا تجعلنا نعلم ما تعلمون نحن لا نفرح لأنكم تموتون نحن نفرح لأننا هذا اليوم لم نمت. أنـــا الخنــــساءُ كفاح الغصين في جسدي أنينُ السيفِ.. مسرى الطيف.. من حولي نشامى الدار وخيلٌ أسرجت بالعزّ.. كي تحيا بأرضِ العزّ.. جاءت تعتلي الإعصار حروفٌ زادنا الأزليُ.. حكايا عن عبير الأرضِ شهد العرض.. قافلةٌ من الأشعار.. حروفٌ كلما هدأت نراها.. تستحمُ بنار هنا جئنا نسجلُ بيعةَ الأحــرار على بوابةِ التاريخ والمريخ والإعصار على الريحِ التي اهترأتْ وفوق مدائنِ الامطار على أيلولنا الممتد في تشرين في أيار على البحر الذي منا ملامحهُ.. على التيارِ والأنهارِ.. والأحجارِ.. والأسفارِ على لوحٍ من الشريانِ جئنا نحفرُ التذكار.. جئنا نشعلُ القُــداسَ في زمن اخضرار الثار حـــين تنتـــهي الحـــرب مهيب البرغوثي حين تنتهي الحرب سيكون وقت للغناء اجلس وحيداً اتفقد من تبقى من الأصدقاء أحتفل بالهواء وأجمع صور أصدقائي القتلى حين تنتهي هذه الحروب اللعينة سيكون لي وقت للبكاء وانتظار رحيلكِ أمضي ضعيفاً نحوَ آخرتي محمد دقة وأحملُ عبءَ قلبي باسماً ويظنني الحسّادُ بحراً لا ينوءُ بحملِهِ. [جسدٌ نحيلٌ لا سبيلَ ليتّقي شرَّ الحياة]. أمشي وحيداً لا تزاحمني الرؤوسُ ولا أسابقُ أرجلَ العشاقِ في إصرارِها ويظنني الماشونَ سهلاً. [عاشقٌ غدُهْ لهُ، يمشي إليهِ ولا يرى أحداً]. أخطو على شوكِ الخطيئةِ حافياً، صخرٌ بلادي، لا بحارَ ولا جداولَ تغسلُ الحزنَ الذي في داخلي، جمرٌ بلادي، لا سكينةَ تطفئُ الحزنَ الذي في داخلي، ويظنني الحكماءُ طيفاً. [روحٌ تئنُّ منَ الندامةِ لا سبيلَ لبعثِها]. أجري عزيزاً نحوَ قلبِ قصيدتي أشدو وأغرفُ من مجازٍ عارمٍ ويظنني النقادُ صمتاً يشهرون كلامَهم كي يربحوا وصفَ الكلامْ. [قلبٌ تدثرُهُ القصيدةُ لا سبيلَ لقتلِهِ]. هــل نلـــتقي مريم قوش هل نلتقي لو أن هذي الحربَ يومًا تنتهي؟ هل نلتقي في شارع المختارِ، في حي الرمال أو الكرامةْ هل نلتقي، في دهشة الكورنيش نرشف شاينا والفستقُ الحلبيُّ يروي ما تبقّى من قشيبِ للغيمِ شوقًا لليمامةْ هل نلتقي لو تنتهي هذي الحروبُ بذلك المقهى العتيقْ نطل نحو كنيسةٍ ألقت على (كاتبْ ولايةَ) دهشةَ الدمعِ الأنيقْ؟ ونعود نحملُ كل أسرارِ البنفسجِ للمخيمِ: إننا عدنا! كأنا لم نغادرْ لحظةً هل نلتقي؟ أم أننا سنموتُ مثل الياسمينِ بحارة النسيانْ هل نلتقي؟ وإذا التقينا هل نلاقي ذكرياتِ الروح في وجع المكانْ هل نلتقي؟ أم أن لقيانا خيالُ الماء في وجع البريقْ لا تتــركيني حـــائراً حيدر الغزالي بينَ أصابعِ التساؤلِ ولا تتركي القصيدةَ تنتهي عند افتعالاتِ اللغة سيمرُّ قلبي عند مائِكِ فلا تثقليهِ بالأسئلة سأغزُّ رماحَ الليلِ في عيني لتكتبي قصيدةً على صدري وأبصرْ أغرقُ في عِطْرِكِ وأخلدُ إلى رأسي طليقاً وحراً كم نعيش في دواخلنا نراقص خوفنا الشفاف ندور في الفراغ وترتبنا الحبيبات فانهضي من ثوبِكِ يا بنتَ شعري كم كنتُ مملوءاً بكِ في العُريْ وكم كنتُ عارياً في أثوابِ الهزيمة نقّني من هُوياتِ الهزيمة أكتبْ لكِ شعراً ينهضُ من جدائلك ونلتقي نعاتبُ التاريخَ والزرقة: يا شعوبَ البحر ألقوا أقدارَنا من قواربِكم وولّوا وجوهَكم شطْرَ قلبي يعزفْ لكم من جوعِه لوناً جديداً للفرح لا تتركوا قواربَكم تحتَ مقصلةِ الليالي كيلا تثأرَ من أحلامِنا فتغرقَنا يا شعوبَ البحرِ ستكتب الماءُ أنّكم منّا لذا اصلبوا قبطانَكم أمامَ الموت إن لم يواجهِ العاصفة وألقوا أنفسَكم في البحرِ إن لم تثوروا ألقوا أقدارَنا من قواربِكم فإني لا أريدُ للبرتقالِ أن يصير قضيةً أن آكلَه مع الحبيبةِ على الجبلِ ونضحك كي يصيرَ الوردُ ورداً الكاتب:
مراقبة التحرير والنشر بتاريخ: الثلاثاء 21-11-2023 06:52 مساء
الزوار: 694 التعليقات: 0
|