ندوة بمشاركة كتاب وأدباء بمناسبة مرور 50 عاما على رحيل تيسير سبول
عرار:
عزيزة علي
عمان- بمناسبة ذكرى مرور خمسين عاما على رحيل الروائي والشاعر والقاص تيسير سبول، اقام منتدى الرواد الكبار، أول من أمس، ندوة تتحدث عن حياته وأعماله الأدبية شارك فيها كل من الدكتور الناقد والقاص سليمان الأزرعي، وأستاذة النقد والأدب الحديث في جامعة البلقاء التطبيقية الدكتورة مريم جبر، وأدارتها المستشارة الثقافية للمنتدى القاصة سحر ملص. مديرة المنتدى هيفاء البشير قالت: نستذكر في هذه الندوة الشاعر والأديب تيسير السبول، الذي يصادف الذكرى الخمسين لرحيله، فاسمه يثير في الوجدان الكثير من التساؤلات ويعمق غربة الإنسان في وطنه ومجتمعه، فقد كان شخصية أردنية عربية قومية تحمل همومها وتصبو لوحدة الأمة لكن الأحداث التي حلت بالأمة أثقلت كاهله، وجعلته ينهي حياته غير آسف عليها، فقد كان حالماً بفجر العروبة والانتصار والعدالة الاجتماعية لكن حلمه لم يتحقق، أن نستذكر هذه القامة الأردنية التي تركت صدى لا ينسى على مدى الأيام والأجيال. من جانبه تحدث الناقد والقاص الدكتور سليمان الأزرعي عن القصة القصية عند سبول حيث توقف الأزرعي عند قصة “هندي أحمر”، كمنوذج عند سبول، قائلا “هندي أحمر هي قصة قصيرة نشرها سبول في مجلة (الجامعة) وهي قصة تروي حكاية شاب أردني خدعته براقع الحياة الأجنبية، وتابعها حتى اكتشف زيفها وخواءها، وحتى عرف في نفسه وشعبه (غورلا)، بنظر هؤلاء الأجانب”. ورأى الأزرعي أن سبول استطاع في هذه القصة ان يحقق غايته الأساسية بشكل جيد، حين سجل بساطة الإنسان العربي الذي يخدع ببراقع الأمور دون أن ينظر إلى لبابها، وقد تسوقه بساطته للجري وراء غايته السقيمة فيكشف بنفس البساطة أنه مخدوع، وأنه امام علاقة مريبة يجب ألا يسلم لها دون شروط، حيث خدعته الدعاية الأميركية، فرأى في الهنود الحمر شعبا متوحشا يأكل لحوم البشر، كما رأى الكوريين الصفر شعبا مجرما تواقا لسفك الدماء، ورأى في الضباط الأميركي رمز البقاء المتحضر الذي يجب ان يعيش على موت هؤلاء. وقال الازرعي إن سبول في هذه القصة كان يدفع بالقارئ العربي لاتخاذ موقف العداء ضد أميركا، وهو ينشر هذه القصة في أجواء عام 1968، بعيد هزيمة حزيران التي برز إثرها الدور الأميركي المعادي في المنطقة. الدكتورة مريم جبر تحدثت عن رواية “أنت منذ اليوم”، التي تعد من الروايات التأسيسية في الرواية الأردنية، حيث كتبها سبول بعد هزيمة حزيران في العام 1967، حيث عملت هذه الرواية على ادانة ما وصل إليه حالة الأمة في شتى المجالات السياسية والثقافية والحزبية، وهي الحال التي لا ترضى أي مثقف عربي ينتمي لأمة مهموم بمستقبلها، رافضا لكثير من السلوكيات التي أسهمت في وصلها إلى حالة التردي، وهذا ما حدا بكثير من الدارسين إلى مسألة الربط بين موقف سبول بنفسه إزاء ما كان يجري من حوله. وأشارت جبر إلى ان رواية “أنت منذ اليوم”، تمثل الاستجابة الفكرية والإنسانية للواقع، بما هو عليه من تشظ وتعقيدا، أما على الجانب الفني في هذه الرواية التي يمكن وصفه بعدم التماسك والالتباس والتداخل، واستخدام لضمير المتكلم، سيظهر لنا ان هذا التداخل في تعدد المرويات، وفي “رواية البطل، ورواية الواقع، والكاتب نفسه”، لافتة إلى أنه ثمة رواية داخل الرواية وثمة مؤلف يتقنع بقناع شخصية أخرى، وثمة جامع يحيل من الخاص إلى العام، وهو اسم “عربي”. ورأت جبر انه ثمة بحث عن جدوى الكتابة وغاياتها، هل هي مجرد رغبة في التعبير عن الانزعاج مما يجري، أو التعبير عن مشاعر الخيبة والفقد والقلق اللاجدوى، أو هي رغبة جامحة في بعثرة التفاصيل وإعادة جمعها عبر رؤية غائمة، كما هو الواقع المرتبك. وحول ما يتضمنه نص الرواية قالت جبر إن هناك مستويين، الأول هو مستوي خاصة بالرواية وكاتبها وحياته الخاصة التي لم يكن راضيا عما يمكن ان تؤول إليه، اما المستوى الثاني فهو عام، فلم يكن راضيا عما آلت أو ستؤول إليه حالة الأمة المهزومة، في شتى شؤونها، فكان الكتاب صورة أخرى من الواقع ومن التكوين النفسي والاجتماعي للإنسان العربي، أو لـ”سبول نفسه”. وخلصت جبر إلى أننا امام حالة من الوعي الفني والإنساني في اقصى تجلياته حيث يتجلى ذلك في الممارسة الناقدة لشكل الكتاب الروائية القصيرة فين “التكثيف التكرار، البياض، الإشارات، الصور، المفارقة”، حيث يقول سبول “يا لها من سخرية، وغاثه وكذب كل ما يقل غاثه كذب شعب ام حشية قش يتدرب عليها هواة الملاكمة منذ هولاكو حتى هذا الجنرال الأخير”، وفي الممارسة الناقدة لمرحلة من حياة العرب لا يطفو على سطحها سوى زبد الخيبة، وخيبة التحرير.
جريدة الغد الاردنية
الكاتب:
مراقبة التحرير والنشر بتاريخ: الجمعة 09-12-2022 06:28 مساء
الزوار: 500 التعليقات: 0