جميلة ونجوى البقاء في السجن بالرغم من انتهاء مدة محكوميتهما، وكتبت مذكراتهما التي مزجت بين الواقعي الذي عاشتاه وعايشتاه، والمتخيل الذي تتوقعان إلى تحققه.
وقالت ابو شرار:»أن يختار الانسان سجن ذاته خوفا من حرية الحياه، وأن يختار سجن جسده انقاذا لروحه، وأن يتحول وجوده لطيف يتجول بين جدران باردة ووجوة غريبة، وأن يرى الوجود متأرجحا بين الخوف والرغبة في البقاء».
وبينت :»ان هذه المشاعر هي التي دفعتني لكتابة هذه الرواية، لأجل السجينة الخائفة والوحيدة والمنبوذة، لأجل روح تشتاق لوطن ولا تراه رغم أنه على بعد أمتار من وجودها، تشتاق لوجوده تحبها ولا تراها رغم أنها هناك على الطرف الآخر من السجن فتستعيد جمال الأشياء عبر الذاكرة والأفكار».
وعللت ابو شرار كتابتها للرواية:» لأجل السجينة ولكن حين انتهيت من كتابتها أهدتني السجينة روايتها، لأنني وعبر محاولتي لتقمص حياة السجينة نقلتني الى عالم عميق وربما أكثر اتساعا من العالم الواقعي، عبر عالم الشعور والصور والذكريات وأن يتحول الوجود بأكمله لحياة نابضة في الصدر والأنفاس، في شعور شديد التناقض منحتني الكتابة عن السجينة شعور لا محدود من الحرية، لأنه هناك من يتمتع بحرية المكان ويتمتع بجميع الحواس ولكنه لا يشعر بالوجود من حوله، حياته مجرد عادات يومية مكررة، ولكنها السجينة التي تصر وفي كل يوم على أن تمر الحيــاة بنافذتها الضيقة، وأن لم تمر اليوم أيقظتها في روحها وضميرها».
وتحدثت الكاتبة والروائية هيا صالح كاتبة مقدمة الرواية:»ان الرواية قامت على سرد قصة واقعية في اطارها المجمل تخيلية في تفاصيلها، إذ استوحت الكاتبة قصتها من خبر تداولته الصحافة، حول رفض سجينتين الخروج من السجن رغم انتهاء مدة حبسهما، حيث زارت الكاتبة السجينتين وقابلتهما لتبدأ بعدها كتابة روايتها».
وفي مداخلة مكتوبة ومرسلة من قبل رئيس قسم البلاغة والنقد في الجامعة الامريكية بالقاهرة والمشرف العام على المواقع الالكترونية بالهيئة العامة لقصور الثقافة المصرية د. مصطفى الضبع قرأتها أبو شرار والتي جاءت بعنوان «قنوات التواصل في رواية لأني أشتاق إليك» يقول فيها :»تدخلنا الروائية أبو شرار الساردة مزدوجة الصوت إلى العالم ممررا عبر السجن، وإلى السجن ممررا عبر دوائر مكانيه تتكشف معها حكايتات تؤكد وجود العالم في حالته الملتهبة، تضعنا عند ركن يمكن ان يشارك بسهولة في ما يمكن تسميته بـ (أدب السجون) وهو أدب لا يقف عند مجرد رصد تجربة السجن».
وتابع:»المكان يتداخل المكان مشكلا عددا من الدوائر التي تخضع لقوة الذاكرة وفاعلية الخيال، فالأمكنة الضيقة تفتح الخيال وتدعم عملية التذكر مما يفسح المجال لفعل الذاكرة على نطاق أوسع والروح تختنق حين يضيق المكان بالجسد، وتبادل الأصوات تقوم الرواية على صوتين يتبادلان تقديم رؤيتهما للعالم، وتقديم أنفسهما للعالم ومحاولة التأثير في الملتقى من خلال الوقوف عند منطقتين تتكاملان لأداء وظيفة تشكيل الصورة، وتتقاسمان عددا من الفواصل السردية عشر فواصل لكل منهما، وعلى الرغم من أنهما تقفان في منطقة تتواشج تفاصيلها ولكنهما تعتمدان طرائق مختلفة للإستكشاف، مناطق تبدو خاصة بهما ولكن سرعان ما تتكشف عن طاقة ترميزية تدفع بالشخصيتين الى مساحات تتجاوز مجرد كونهما ساردتين تقدمان عالما متعدد الوجوه».
انهما تجربة الذات في رؤيتها نفسها خلال زحام العالم الذي تدخله مجبرة ولا يكون لها أن تنمي وعيها به سوى أن تكون على حافة الخطر، تجربة شهرزاد الساردة الجديدة التي تحمي نفسها بالحكاية من اغتيال العالم وتعطي العالم فرصته لتعديل أوضاعه وتوفيق تجاربه، قبل فوات الأوان.
وفي ختام الرواية نقرا على لسان السجينة جميلة في الرابط مع الحياة عبر جملة ونهاية هي:»ابحث عن سكينتي عبر كلمات القرآن الكريم وعبر صلاة في أعماق الليل أهمس بها لربي وانسى أنني لقيطة لأنه بين يدي الله الخالق لا يوجد لقطاء ولا أهل بل نقابله فرادى، وفي ملكوت الله لا توجد سجون لأن كل هذا الكون ملك له، وحين لا يغفر البشر فالله يغفر ويعفو ومعه فقط أنسى انني لقيطة».
وفي ختام الامسية قامت دائرة المكتبة الوطنية بتوزيع كتاب «شاهدة المهد» للكاتب عضيب عضيبات وهو من منشورات وزارة الثقافة.