الخرطوم تطلق الدورة الثانية من ملتقى النيلين للقصيدة العربية.
عرار:
برعاية كريمة من صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي حاكم الشارقة ، استهلت عصر الجمعة 11 مارس الدورة الثانية من ملتقى النيلين للقصيدة العربية الذي ينظمه بيت الشعر الخرطوم، وذلك بقاعة الشارقة التي أمَّها جمع من الشعراء والأدباء والمهتمين.
استُهل الملتقى بكلمة للدكتور الصديق عمر الصديق مدير بيت الشعر، ومدير معهد العلامة عبدالله الطيب _جامعة الخرطوم، والذي تحدث عن بيت الشعر الخرطوم، وفعالياته المتعددة، قائلًا: "ماكان ذلك ليتحقق لولا رعاية صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي حاكم الشارقة، " وأضاف الدكتور الصديق: " إن رؤية صاحب السمو تتنزل على أرض الواقع بما تقدمه دائرة الثقافة بالشارقة" ورحَّب الدكتور الصديق بممثل وزارة الثقافة الأستاذ التقي محمد عثمان البروفسر عبدالملك محمد عبدالرحمن المدير الأسبق لجامعة الخرطوم، و بالضيفين الكريمين: ( الشاعر إيهاب البشبيشي من جمهورية مصر العربية، والشاعرعبدالمنعم حسن من جمهورية مالي) وامتد ترحاب الدكتور الصديق بالحاضرين من شعراء وأدباء وإعلاميين وجمهور الشعر الذي ظلّ حديث كل من زار الخرطوم من الشعراء
بعد ذلك ابتدرت القراءات بقراءة للشاعر متوكل زروق الذي قال في مستهل قصائده:
يا واقفاً للضوء يطوي ظله
هذا الدجى ينفض عنا، قل له
قال: الندامى حطموا صبري وبي
من قسوة الدنيا حطامي كله
كلٌّ مضى جرحاً يغذي أنةً
وحدي الذي في الجرح يطوي ذله
يا صاحبى اني حطامٌ مفزعٌ
يفنى على بعضٍ ويرثي جله
متوكل زروق المهموم بأزمنة السودان المختلفة،أهدى قصيدة لفليكس دارفور_ الصبي الذي أرهقته القوافل، وأرهق جلاديه_ منها:
يأيها المنسيُّ في جُزُرِ الكآبةِ
في البَعيدِ هناك خلفَ الماءِ
خلف وقاحةِ الجلَّاد ِ
والعصرِ اللئيمْ
حمَّلت ما لم تحمل الأسماءُ
واجتزت امتحانك
في ارتطام الموت ِ بالحيواتِ
في العقل السقيم
يا أيها المنسابُ لحناً في جذوع الأغنياتِ
موقعاً في صفحة التاريخ وشماً لامعاً
ومجلجلاً في وحشةِ الزمنِ القَديمْ
ثاني الفرسان كان الشاعر ياسر عبدالقادر، وياسر صوت شعري له أسئلته الخاصة وإجاباتها الشاعرة :
كمنبجِسٍ من اللّاشيء
عكسَ تشيُّئِي أمضي
حُشاشةَ خافقٍ صدِئٍ
وبعضِي هدَّه بعضِي
بمحرابِ البُكَا نفلِي
تماهَى في عُرَى الفرضِ
كهذَا الحُزْنِ لِي درْبٌ
سوَى للدّمعِ لا يُفضِيى
الجمهور تفاعل بشكل كبير مع ياسر الذي قرأ لهم:
سُنونُ الحُزنِ مُذْ بدّلنَ حَالَهْ
يحاولُ كلُّ مَنْ مرُّوا سؤالَهْ
دعوهُ.. إنّهُ صَدرٌ عَليلٌ
تُهيِّجُ كلُّ عابرةٍ سُعالَهْ
دعوهُ.. قلبُهُ المسكينُ جُرْحٌ
ولمْ يعرِفْ توجُّعهُ اندمالهْ
دعوهُ.. إنهُ بالكادِ يَمشِي
تَمرُّ مُصائبُ الدنيا خِلالَهْ
دعوهُ.. إنّهُ مُذْ رَامَ حُلمًا
يقولُ الحظُّ رُغمكَ لنْ تنالَهْ
الشاعرة وئام كمال الدين خلفت ياسر على المنصة ، وعلى قلوب الحاضرين كذلك ، وئام نثت عطرها، والشك كذلك حين قالت:
ﻻ ﺗﺜﻖْ ﺑﺎﻟﻘﺼﻴﺪﺓ
ﻓﺎﻟﺤﺮﻑ ﺣﺮﻑُ
ﻭ ﻣﻦ ﻳﻜﺘﺐ ﺍﻟﺸﻌﺮ
( ﻣﺎ ﺃﻓﺼﺤﻪ )...
ﻻ ﺗﺜﻖ ﺑﺎﻟﺤﺪﻳﺚ
( ﻓﻜﻞ ﺻﺤﻴﺢ
ﻳﺆﻭﻝ
ﻟﻤﻨﻈﻮﺭ ﻣﻦ ﺻﺤﺤﻪ )...
ﻻ ﺗﺜﻖ ﺑﺎﻟﻨﺼﻮﺹ
ﻓﻘﺪ ﺗﺨﺴﺮ ﺍﻟﻌﺮﺽ
ﺇﻥ ﺧﺎﻥ ﻧﺺٌ ﻏﺪﺍ ﻣﺴﺮﺣﻪ ....
ﻻﺗﺜﻖ ﺑﺎﻟﻔﻨﻮﻥ
ﻭ ﻓﻲ ﻧﻘﺪﻫﺎ
ﻳﺼﺒﺢ ﺍﻷﻣﺮ
ﻏﻴﺮ ﺍﻟﺬﻱ ﺃﺻﺒﺤﻪ ....
إلا أن الذي لاشك فيه أنها قرأت شعرًا تجاوب معه الجمهور. بعد ذلك دعت مقدمة الأمسية الأستاذة ابتهال مصطفي ممثل وزارة الثقافة والإعلام الأستاذ / التقي محمد عثمان ليقدم كلمة الوزراة، والتي أثنى فيها على مجهودات بيت الشعر الخرطوم، وعلى ماظلت تقدمه الشارقة للثقافة. الأستاذ التقي رحبَّ بضيوف البلاد وتمنى للملتقى النجاح.
بعد ذلك اعتلى الشاعر المالي عبدالمنعم حسن المنصة قائلًا: كما أن النيل يفيض حياة وخصبا، فإن قلوبكم تفيض حلاوة وعذوبة. منعم شكر بيت الشعر الخرطوم والحضور، ورد التحية تحيات شعرية بقصيدة حملت عنوان (صحف النيل) تحدث فيها عن والده الذي مرَ بالسودان في طريقه للديار المقدسة:
والدي.. مر من هنا
بل أطالا
زرع الوقت سمسما
ونوى أن يطويَ العمر بعد خمسين عاما
مستريحا على الغمام
ليتلو
صحف النيل كلما النيل سالا
هل أناخ الرِّكابَ نهرٌ؟
ولو لحظةَ يُلقي الصياد في النهر دمعا!!
وإذن..
مادت الكواكب مِن نقصِ الأغاني..
والكون غاض
وأرخت قرنَها الشمسُ
خيفةً لا دلالا..
في الدهور التي أحاطت بصوتٍ
أرسلَتْه المواسم.. انساب عبر الريح
"يا سمسم القضارف"
سَحّت سُحُبُ اللحن
تستثير الرجالا
إيهاب البشبيشي الشاعر المصري الكبير كان مسك ختام الأمسية التي تنوعت قصائدها ولكنها اتفقت جمالا وأسرًا، إيهاب اختار أن يهدي الحضور ( ذاكرة الغرابيل):
"فى الشارع المسدودِ من جهتيهِ
إلا حارةً
تُفضى إلى بعض الأزقةِ
فالمدقِّ المنتهِى تحت الرديمِ
فعطفةً
تُفضى إلى سِكَكِ الطفولةِ
فالـ “حواديتِ ” التى تهتاج جنِّــيَّاتُها
والوقتُ مشتعلٌ من الجهتين
إلا لحظةً بالكادِ تَكفى
كى أقولَ لصاحبى تُــهنا
تُـهنا وليس بوسعِنا إلا المقاهى الألفُ
نَذرعُها لنجمَعَ وَجهَنا منها
نُلَمْلِمَ ضحكةً منسيَّةً
أو نظرةً مخفيةً تحت المقاعد
نسترد زمانَنا المفقودَ من نار النراجيلِ"
في الختام كرّم مدير البيت وممثل وزارة الثقافة الشعراء المشاركين، الأمسية الاستهلالية حظيت بتغطية إعلامية كبيرة، وبجمهور يعرف الشعر ويستعذبه