الشاعران الكناني والخوالدة تأملا ذاكرة المكان والطفولة
عرار:
عمر أبو الهيجاء نظم ملتقى الحقل الثقافي بالتعاون مع مديرية ثقافة إربد، مساء الأول من أمس، أمسية شعرية للشاعرين: عاقل الخوالدة وأحمد الكناني، أدار مفرداتها الزميل الشاعر عمر أبو الهيجاء وسط حضور من المثقفين والمهتمين. واستهل القراءة الأولى الشاعر أحمد الكناني فقرأ مجموعة من قصائده العمودية والتفعيلة، مستحضرا لثغته وطفولته بحس شعري شفاف، شاعر يحتفي بالتفاصيل الصغيرة في الحياة والسهول وغناء الأم والناي الحزين. من قصيدته « لثغة» نقتطف منها :»ما كنتُ ألثغُ/ إذ كتبتكِ في زمانِ طفولتي/ نقشاً على الجدران/ فوق دفاتري/ حرفاً بذاكرة الحديقة/ كي يظلّ الوردُ أبهى/ والرّبيعُ يطلّ من ناي الرّعاة/ وكنتُ أحلمُ بالمواسم/ أوقظُ اللّحنَ الحبيسَ/ وأحتفي بغناء أمّي/ حين أطربتِ المياهَ ورقّصتها في الجرار/ وحين علّمتِ الطّيورَ غناءَها/ فغفت سنونوةٌ على كتف السرير/ كأنها أختي الصغيرةُ/ ما كنتُ ألثغُ/ إنّما غامَت بعينيَّ العبارةُ». وواصل بث توجعات الروح للبلاد شكواه معاتبا، حيث يقول في قصيدة «عتب» :»عاتبٌ أيّتها البلاد التي ضاقَ صدرُ أبنائها بالكلام/ ولو أنّهم يرعوونَ/ ما أذبلَ البردُ أزهارَهم/ ولا غافلَ القحطُ أشجارَهم/ يا إلهي/ كأنّنا ننفخُ في قربةٍ مثقوبةٍ/ كأنّنا نرجُمُ/ أشجارَنا المثمراتِ بحجارةِ ألسنتِنا/ ثمّ نبكي نادمين/ ونلقي على خساراتنا آياتِ حزننا والسّلام». إلى ذلك قرأ الشاعر عاقل الخوالدة مجموعة من قصائده من ديوانه الصادر حديثا ويحمل عنوان :»أول طقوس الرحيل» الخوالدة شاعر أخذته تجلياته الروحية إلى أكثر من طقس عاينه شعرا نافذا للقلوب، فأنشد لرمضان ووداعه ولدمشق ولقاسيون ..شاعر أخذنا على أجنحة قصائده إلى فضاءات المكان وذاكرته بلغة موحية ومعبرة عن صدق القول الشعري وتأملاته. من قصيدته «في وداع رمضان» نختار منها: «شرف السماء مراتب.. للقاصدين مواكب/ للعابرين إلى ضفاف الخلد هنَّ مراكب/ فالكون بحر وافر متنافر.. متقارب/ هو قائم متزاحم متلاحم ومواظب/ تنبيك من سر السماء دلائل وعجائب/ قمر يسبح به ربه خلف المجرة راغب». ومن قصيدته «دمشق» يقول :»لأن دمشق ملهمة التصابي/ وسيدة البنفسج والخضاب/ وناشرة الندى في كل فجر/ وشامخة المآذن والقباب/ يلوح قاسيون لكل شمس/ تخافت نورها نحو الغياب/ فلا عطشا إذا بردى تلوى/ وصار يذيبنا مثل الشراب». ومن ثم اختتم القراءات الشاعر الكناني بقصيدة يقول فيها :»أن تنامَ على سريرٍ من الشوك/ ولا يسمعُ شكواكَ/ من وخزةٍ/ أحدْ/ صَدى صوتِ حزنِكَ/ في مكانٍ قَصِيٍّ/ حين لا يسمعُ صوتَ نِداكَ أحدْ/ سؤالُ العائدينَ/ عنْ تينة الجدِّ/ كانتْ هناكَ/ وكانَ أكبرُهم حين تركوا البلادَ ولَدْ هذي بلادي».