|
عرار:
تم في ندوة متخصصة عقدت في مركز الدراسات الاستراتيجية بالجامعة الاردنية إطلاق كتاب الباحث محمد عيسى العدوان «التلفيق والتوثيق- فلسطين وآخرون حرب عام 1948». والكتاب نتاج سنوات طويلة من الجمع والبحث والتكشيف والاطلاع على مئات الوثائق في الارشيفات العالمية التي تم العمل عليها ليخرج هذا الكتاب بالشكل الذي يقدم صورة مختلفة في مجال التحليل والتوثيق والدراسات التاريخية السياسية. والكتاب الاول من نوعه في العالم الذي تم ارفاق مئات صور الوثائق الاصلية فيه. قال الاستاذ عدنان أبو عودة ان هذا الكتاب وأحد من أهم الكتب التي تقدم التوثيق الحقيقي والصادق والعلمي المهم عن دور الأردن في المحافظة على فلسطين والقدس والمقدسات والانسان العربي وتقديم كل ما يلزم لدعم تثبيت الفلسطيني في أرضه ووطنه. وقدم رئيس قسم التاريخ في الجامعة الأردنية الاستاذ الدكتور علي محافظة تقييما اوليا للكتاب فأعتبره الأول من نوعه في تقديم توثيق اكاديمي تحليلي معتمد على الوثائق وبما يساهم في اعادة كتابة تاريخ الدولة الأردنية، بل والتاريخ العربي بشكل عام. وهذه محاور الكتاب النقدية التوثيقية التي تم البحث فيها: هل كان العرب يستطيعون فعلاً نجدة فلسطين. هل كانت تتوفر للعرب والفلسطينيين إمكانيات النصر في ظل الحسابات العسكرية والسياسية و الاقتصادية والأهم وجود الشرخ الكبير بين أهل فلسطين الموزعين بين (آل الحسيني و آل النشاشيبي)، وبين فلاحين وحضر يهود ومسيحيين ومسلمين، ملاك أراضي عرب من بلاد الشام وفلاحين فلسطينيين منتفعين لا يملكون إلا حجج انتفاع لا حجج طابو لأراضيهم في ظل قوانيين الأراضي العثمانية المجحفة والمهلكة للفلسطينيين والعرب. هل دافعت الجيوش العربية عن فلسطين كمتطلب عسكري من المؤسسة العسكرية السياسية، أم من معتقد ديني وقومي، أي أنهم ذهبوا للقتال والشهادة من أجل فلسطين، دون النظر إلى الإجراءات السياسية والدبلوماسية التي تقوم بها حكوماتهم العربية؟ هل فعلا كانت بريطانيا وحلفاؤها وأهمهم أمريكا قد عقدوا العزم على إقامة دولة يهودية في الأرض الإسلامية، وعلى مقربة من الكنيسة التي ولد بها السيد المسيح، وأن يعملوا على خلق عداء (إسلامي يهودي) ليصبح عداء دينياً تاريخياً يفضي دائماً إلى الاحتكام للغرب لحلَه والذي يمهد لعدم وجود تنمية مستدامة في المنطقة العربية. تم تقديم تسلسل تاريخي توثيق للاستهداف الغربي للمنطقة العربية تحت مسمى الانتداب وحق تقرير المصير برعاية عصبة الامم وتقاسم الاراضي العربية بين فرنسا وبريطانيا ضمن مفهوم (سايكس بيكو) وحركة النزوح اليهودي إلى المنطقة العربية وتواجدهم فيها ضمن حماية ورعاية الشعوب العربية والدولة العثمانية، ثم الحديث عن كيفية انتقال الاراضي الفلسطينية إلى اليهود ، ودور الولاة العثمانيين ثم حكومة الانتداب البريطاني في انتقال كم كبير من اراضي فلسطين إلى اليهود تحت مسميات مختلفة وكذلك تقديم مهم لدور لأهل الاردن والملك عبد الله الاول والدولة الاردنية في الدعوة والعمل على المحافظة على الاراضي الفلسطينية ضمن مفهوم بلاد الشام والاراضي المقدسة ومن بعدها الوصاية الهاشمية على فلسطين واهلها. ثم ما تلا ذلك من الوحدة بين الضفتين وكل تلك الافكار والرسائل التي كان الملك المؤسس يقدمها للفلسطينيين والعرب للمحافظة على الارض العربية في فلسطين، ثم الحديث عن العلاقات اليهودية مع العالم عبر الحركة الصهيونية مع الدول العالمية، وكذلك دور الثورة العربية الكبرى في نشر مفهوم الحق العربي ضمن ما كان يسود تركيا من اعلاء فكرة العرق التركي بدل الخلافة العثمانية. كذلك يتم تقديم كل المعلومات المعرفية عن الاستهداف البريطاني الاستعماري للمنطقة والتغلغل الانجليزي عبر الفهم الاستشراقي للمكان والتاريخ والعادات وكل ما له علاقة بالإنسان العربي. وكذلك العلاقة التي كانت بين العرب والانجليز تحت مفهوم الرمد ولا العمى وتوقيع كل المعاهدات بين المناطق العربية والانجليز تحت مسميات مختلفة. وتم تقديم المعلومات الدقيقة والموثقة عن الحرب وأيامها والتسلسل المعرفي فيها ودور الأردن التاريخي في المحافظة على الأرض والعرض والانسان العربي الفلسطيني والمقدسات الاسلامية والمسيحية، بعيداً عن ما يتم تناقله في المجالس من احاديث وقصص وخزعبلات ليس لها أصل ولا تستند إلى أي معلومات توثيقية لان أغلبها روايات وبطولات وقصص خيالية. انتصر الجيش العربي الأردني في الحرب ، ضمن حسابات التكليف والانجاز والنتائج وحافظ بشكل واقعي على 22% من مجمل اراضي فلسطين التاريخية. تم تقديم تحليل وثائقي لأكثر من 170 وثيقة للملك عبد الله الاول رحمه الله مع تشبيكها مع الاحداث والوقائع والنتائج ومقارنتها بما ذكره كل من الرئيس المصري الضابط وقتها جمال عبد الناصر والرئيس الشهيد وصفي التل الضابط في جيش الإنقاذ العربي وقتها. في ختام هذا الكتاب الذي ضم العديد من المعلومات التوثيقية الخاصة بالمعارك والبطولات والاجراءات التي اتخذها الأردن في سبيل المحافظة على فلسطين والمقدسات و قيام الأردن بأهم أمر في تلك الفترة من الحكم الأردني في ما تبقى من أرض فلسطين التي امتدت بين أعوام 1948 وحتى العام 1967 وهي من فترات الحُكم القصيرة في التاريخ الإسلامي لفلسطين. إن أهم أمر يجب أن يذكر توثيقياً في هذا الشأن هو الفضل للأردن بأن ثبت الشعب الفلسطيني في أرضه ووطنه في ما تبقى من فلسطين الطبيعية من خلال وجود حكم ودولة قانون ومؤسسات وجيش رسمي وبتقديم أفضل الخدمات والإدارة الحكومية والإنعاش الإقتصادي والأمن الوطني والأمان. أن وجود القوات المسلحة الأردنية وكوادر الأمن العام والدفاع المدني الأردنية والإدارة الحكومية الأردنية الرسمية في القدس والضفة الغربية بعد انتهاء حرب 1948 أكد على الحقوق العربية في فلسطين، وكذلك ساهم في منح الشباب الفلسطيني إمكانية التعلم وممارسة الحياة العادية في وجود دولة سيادية كان لها الأثر الأكبر في ذلك. الأردن تحمل بشكل قانوني ووطني وعروبي كل ذلك. فبالرغم من أن الكاتب في هذا التوثيق لم يذهب إلى الحديث عن عمليات احتواء اللاجئين في الأردن وذلك باعتبارهم مواطنين بكامل الحقوق والواجبات وتقاسم العيش معهم إلاّ أنه بين ما يخص الفلسطينيين في داخل فلسطين التاريخية وفي الضفة الغربية وهو الأخطر والمميز. إذ أن الأهم في ذلك كله في ما أعتقده هو إعادة الكرامة للشعب الفلسطيني نتيجة القهر والعزلة والقمع والتنكيل من العدو الصهيوني وإعادة تثبيت المواطنين في أرضهم ووطنهم وبأن يعيش الفلسطيني في ما تبقى من أرضه حياة كريمة وإنسانية يمارس فيها كل صنوف الحياة من التعلم، والتعليم، والتجارة، والزراعة، والصناعة وحتى السياسة وانتخاب ممثليه في مجلس الأمة الأردني بشقيه النواب والأعيان. الأردن لم يقم بتأمين ذلك فقط بل سخّر كل موارد الدولة وامكانيتها، وأبناء الأردن من أجل قضية فلسطين وقدم الشهداء تلو الشهداء من أجل المحافظة على ما استطاع الأردن أن يحافظ عليه خلال حرب 1948». الكاتب:
مراقبة التحرير والنشر بتاريخ: الإثنين 19-07-2021 10:53 مساء
الزوار: 926 التعليقات: 0
|