|
عرار:
مباركًا لجلالة الملك ولشعبه، ومنتشيًا فخورًا يحتفي الشاعر هيثم النسور بأردنّه الهاشميّ صرح آل هاشم الكرام الذي يتقدم عجائب الدنيا لا بل هو يسمو ويرتقي عزّة نحو الغيوم وأبعد. هو صرح تاريخي إنساني سام يفاخر به الأردني بين الأمم. هو بيت عزّ ومنبر تنوّر وحضارة. هو منارة يهتدي بها الضّال إلى سبل الأمان. هو وطن. وما أدراك ما الوطن. لا ارتباك ولا التباس ففي قصيدته الغرّاء «منارة العدل» (نشرت في جريدة الدستور في 13/1/2021)، يمثّل الملك الوطن والوطن الملك، فكلاهما واحد وكلاهما المنارة. قيل «يُبقي المُلك ثلاثة: العدل، حسن التّدبير وفعل الخير، وهنا يشير شاعرنا الشّامخ إلى وجود هذه الثلاثة في جوهر وصميم حكم الهاشميّين فقال: «حيث العدالة مضروب سرادقها فيه التّغاضي وإصفاح عن التّهم». والآن هيا بنا إلى القصيد الفاخر بل هي معلّقة معانيها الذّهب جديرة بهذا اللقب. فهي فسيفساء من أبيات يجتمع فيها عقيق الحسّ وزبرجديّ الفكر.نعم فقد اجتمع فيها التّناغم بين عاطفته القاصدة معالي العرش بمواثيق الولاء والوفاء وفكره المبجّل والمثني على أهم ركن من أركان الحكم أيّ حكم وهو «العدل». كيف لا وقد عنونها بـ»منارة العدل». قبل الشّروع في الحديث عن العدل الإنساني يستهلّ شاعرنا القصيدة بحمد الله تعالى مالك الملك الذي جلّ جلاله مَن إليه اللّوذ والملتجأ الذي بذكره تطمئن القلوب المرتاعة ويتبدّد كل وجل. ومن بعد ينتقل بخفة حرف وبلاغة بديع إلى سرد ما سيسرده عن المليك المعظّم والحاكم الحصيف جلالة الملك عبد الله حفظه الله فيقول:«نقلت سردي يقينا ما به ريب وما ابتدعت حكايات من العدم» قرن مضى في ذرى العلياء سؤددنا لولا حصافة عبد الله لم يدم حيث العدالة مضروب سرادقها فيه التّغاضي وإصفاح عن التّهم» شاعرنا يتطرق إلى عدة جوانب من الفكر السياسي ويعجن فكرته بمفردات شعرية رهيفة حتى نكاد لا نفرّق بين شعر وفكر بل نرتشف المعاني وننهلها دون شعور أو تكليف وها هنا تكمن الموهبة الفذّة والقريحة المتفرّدة ألتي ترقّي الشّاعر من أفق الكاتب إلى أفق المؤثّر الذي تتحول كلمته إلى صرخة في الأعماق إلى سيف حقّ يقطع شكّ القارئ باليقين ويضطره إلى نهج منحى أو مناحٍ لها أثر الحسم في قراراته المصيريه أولم يقل: «حصافة»، «عدالة»، «إصفاح»، إنها مفردات لم تأت عفوًا بل انتقاها شاعرنا ليصف من جهة ويؤثّر من أخرى فلا خير في مبدع لا تحمل كلماته برق الإنارة ورعد الزلزلة. وهو على أي حال يصف حكم الأردن ويصوّره في هذا الثالوث من النّهج الحكيم. لله درّه شاعرنا كيف بلباقة حرف وباستعارة ساحرة قارن رأي الملك ورزانته بالبلاغة ونفوذها. فقد شبّه رؤية الملك الرشّيدة ألتي تجمع حوله الشّعب مؤآزرًا طائعًا محبّا بلغة بليغة تستقطب حسّ وفكر القارئ فيغدو هو القصيدة حيث قال: «رزانة ورشاد الرّأي ديدنكم مثل البلاغة إذ تعزى إلى الفهم» بل وذهب إلى أبعد من ذلك حيث يقول بأن لولا فهم الشّاعر لما عبّر ببلاغة ولولا حنكة الحاكم لما عبر وساد بقدرة ونباهة. يصف شاعرنا الملك عبدالله بقطب المآثر: «وأقر السّلام لعبدالله عاهلنا قطب المآثر والأفضال والشيم» معجم شاعرنا غني باذخ ولجام إيقاعه يروّض لغة بأكملها. فكلمة قطب لها الكثير من القوة والنّفوذ وتختزن الجمّ من الدلالات والمعاني. فيها من الملك والاستئثار الكثير. الملك المعنوي والمادي والاستئثار «الملتزم» الخالي من الأنانية فالقطب جغرافيًا أقصى مكان على وجه الكرة الأرضية وهو معنويّا أقصى ما يبلغه المرء من قدرة أو احتراف لميزة أو تمتّع بصفة وها هنا فإنّ القطب هو الملك ومآثره. فهو قطب قصيّ يعصى على المتخاذلين وصوله أو حتى الاقتراب من أفقه. لو نظرنا في خريطة العالم السياسيّة لوجدنا أن دولة الأردن الحبيبة إن هي إلّا نقطة تكاد لا تظهر وشعبها الباسل الأبيّ قليل تعداده سكّانيّا ومقدّراتها كذلك الأمر ما هي بمستوى دول غنيّة أخرى ولكن شاءت الظروف أن يحكمها ملك جليل نابغة عادل جعل من استمرارها معجزة أمام كلّ التّحديات والأحداث التّاريخية التي عصفت بالعالم مذ ارتقى عرشها إلى موعد غيابه. قال ابن خلدون «العدل إذا دام عمّر، والظّلم إذا دام دمّر». وفي قصيدته أعلاه يصف شاعرنا الملك بـ»منارة العدل» وما ديمومة الحكم إلُا إثباتا لهذه المقولة. من هنا يجول في خاطرنا الاعتراف بحقيقة وهي بعد النُظر وثاقب الرّؤية التي يتحلى بها قادة الأردن فالعدل ينبع من الحكمة والحكمة من الصّدق والصّدق من القوّة والقوّة عكس الضعف. وفي ذلك يقول هيثم: «أسّست بالحلم للأردن رفعته شيّدت بالعلم صرحًا غير منهدم» قد ركّز شاعرنا قصيدته في المديح الملكي لكنّه مديح لا رياء فيه ولا نفاق بل: «إني امتدحتك كي يرقى بكم قلمي». هي ملحمة قصيدة شاعرنا أو فيها الكثير من خصائصها فهي تدور في فلك الفكر السياسي والفلسفة والشّعر معا وهي أهزوجة بطولة ووطن وبطولة وطن هي فكر خلاصته منحى النُجاح في الحكم المتمثّل في الاحتضان المتبادل بين سائد وشعبه. في ذلك يقول شاعرنا: «في ظلّكم فاض خير لا نفاذ له والذّيب في ألفة يرعى مع الغنم» ما أروع هذا الوصف وما أشبهه بأساطير لافونتين المكتنزة حكمة البشر في الأزمان فمنذ متى يرعى الذئب مع الغنم إلّا في خيال الأساطير؟ إذا فهو الحصافة والرزانة في الحكم مرة أخرى. هو مبدأ الديمقراطية الأعظم «عش واترك غير يعيش» إنه المبدأ الإنساني الأرقى حيث المناداة بالتّسامح والتّآخي بين أبناء الشعب الواحد وإن ومهما اختلفت الآراء . في مدى القصيد وعلى بحر البسيط وقافية الميم. تصول وتجول اللغة العنقاء والمحسّنات اللّفظيٌة والأهزوجة الوطنيّة رافعين راية الملك المنتمي لعائلة الأمجاد ذات التّاريخ النّاصع المشرّف: «مراقد الصّحب تثوي في مرابعكم من آل بيت رسول الله من قدم» حين تكون مرابعهم مراقد مثوى الصحابة ويكون شرف الانتماء إلى سلالة خير البشر وأحسنهم عليه أفضل الصلاة والسّلام فلا يكون مربع ولا أصل أشرف ولا أرقى! فلا عجب إذًا إن كانوا الكرام وأكرم النّاس كما قال شاعرنا: «أطعمتم الجائع المسكين من سغب نجدتم البائس الملهوف من سخم» آل هاشم عائلة الكرم والجود والإنجازات وهل ينقص الأردن إنجازات وصروح فهي صرح ثقافي أكاديمي عالمي وهي مجتمع ذو قيم وتقاليد عالية فخر وعزّ يتباهى به العرب أجمع. وفي ذلك قال شاعرنا: «يا من بكم تفخر الأصقاع خرّ لكم أكاسر الفرس والرّومان كالخدم أركان دولتكم بالعدل قد شمخت أشدت بالعلم صرحا غير منهدم» نعم.. كما أوضحنا في البداية فأن القطب بمآثره ومزاياه بلغ أقاصي السطوع والعطاء تمامًا كنجم بعيد في السّماء لا ينكر الكون نوره ومن دونه فناء. طوبى للأردن بملكه وشعبه، وطوبى للشعب بملكه. جريدة الدستور الاردنية الكاتب:
مراقبة التحرير والنشر بتاريخ: السبت 30-01-2021 12:13 صباحا
الزوار: 1347 التعليقات: 0
|