مبدعون متخصصون بأدب الطفولة: علينا تقديم إبداع للأطفال قادر على مواجهة «كورونا»
عرار:
عمان – عمر أبو الهيجاء يعيش العالم منذ أشهر حالة من الوباء الخطير لجائحة كورونا، هذه الجائحة التي جعلت العالم مصابا بحركة مقيدة وتكاد تكون مشلولة، مما كان لها الأثر الكبير على الكبار وخاصة الأطفال جيل المستقبل، ونتساءل: ماذا عن عالم الطفولة المرهونة تطلعاته بالمستقبل؟ ربما مازال هذا الجيل لا يدرك خطورة هذا المرض، ما دور الأسرة إلى جانب إرشادات الدولة في التوعية والتزام هذه الإرشادات؟ و ما دور الشعراء والكتاب في توعيتهم من خلال كتابة نصوص شعرية توعوية إلى جانب اللحن والغناء؟ «الدستور» توجهت بهذه الأسئلة إلى كوكبة من الكتاب المشتغلين بأدب الطفل فكانت هذه الرؤى: الشاعر علي البتيري: قبل أن نتوجه بخطابنا إلى الأطفال في هذا الظرف الزمني الضاغط والمفتوح على احتمالات قد تكون أصعب وأخطر جراء هذه الجائحة التي أطبقت بظلالها الثقيلة على دول العالم بأسره، وأربكت المجتمعات البشرية، وكادت تصيب الحياة على الأرض بالشلل. قبل أن نتوجه لمخاطبة الطفل والحالة هذه باللغة الأجمل وهي لغة الشعر والموسيقى، علينا أن نفهم وقع هذا الوباء على قلب هذا الطفل وعقله ونتقمص مخاوفه وهواجسه ونتمثل مشاعره وأفكاره حتى نكون قادرين على كتابة أشعار وربما قصائد غنائية، لا بد وأن يكون لها دور هام وكبير في توعية الطفل العربي وتعزيز إرادته على المواجه، وبث روح التفاؤل عنده وحضه على الصبر والتحمل وتقوية إيمانه بالله الذي يقوي أمله بالخلاص من هذه الجائحة، فلا يضعف أو يتملك الخوف وجدانه ما دام يؤمن بأن الله قادر على رفع هذا البلاء برحمته. من هنا علينا أن لا نكتب للطفل شعرا يقتصر على وصف الحالة الصعبة ويصور المعاناة من الحظر والحجر في البيوت فيتسلل الحزن أو التشاؤم إلى مضمون القصيدة، وإنما نكتب له قصائد تناسبه مبنى ومعنى نعمل من خلالها على تبصيره بهذا الظرف الصحي الصعب وتوعيته بوسائل الوقاية والمواجهة، كما نحض على رفع الروح المعنوية وبث الطمأنينة لديه بقدرة الإنسان على الخروج من هذه الجائحة منتصرا بقوة العلم والإرادة والإيمان، وحتى يكون الشاعر الذي نكتبه مقنعا للطفل وجاذبا ومؤثرا في نفسه، علينا أن نتجنب الخطاب المباشر والتقرير والخالي من روح الشعر وجمالية صوره وبساطة ورشاقة لغته في نفس الوقت، فلا نلجأ إلى النظم التعليمي الصرف الذي يمل منه الطفل فلا يستهويه أو يؤثر فيه. الشاعر الدكتور محمود الشلبي: لا بد من توافق الكلمة واللحن، الشعر والمغنى في تحقيق التآلف الفني لتقديم لون أدبي قادر على مواجهة جائحة كورونا أمام فكر الأطفال وخيالهم وحياتهم الماثلة في واقع يساوره القلق والوحشة والعزلة التي تحرم الأطفال من التفتح والولوج إلى حدائق الفن والحياة بمزاج أكثر اطمئنانا وعشقا للجمال والفن، وهم يواجهون الحياة الطارئة بقلوب غضة، ومدراك طموحة يستدعي إنتاج فرح طفولي قادر على تجاوز هذا الداء. وهكذا تبدو الحاجة ماسة لتعاون الفن مع الحياة في تخفيف العبء اليومي الذي يخيم على خيال أطفالنا ومداركهم ومواهبهم في أجواء غير مألوفة تطمح لمحو الملل والكآبة وترويض جموح هذا الخطر الذي يقف شبحا مرعبا أمام بصرهم وبصيرتهم، وحين يتعاضد الشعر الملحق بذائقة مشفوعة بالصوت المطرب والفرح البهيج فإن إضاءة ما ستنير دروب الأطفال في أفق رحب، لاستكمال وعيهم الذهني والذوقي والاجتماعي، والتغلب على الفراغ الثقيل الذي يهيمن عليهم في أجواء البيت المغلقة على نفسها، وهكذا فإن الأغنية بشكلها ومضمونها التفاؤلي، ستبعث الأمل، وتواكب تيار الحداثة و التطور، وتحقق التوازن النفسي والعقلي والجسدي في منظومة متكاملة تواجه فعل هذا الفايروس الذي أصبح سجنا يعتقل الإبداع بين جدران المنزل، ويحول دون تمكن الطفل من ممارسة مواهبه وإمكاناته الفكرية والنفسية، بينما العالم كله يتوجس خفية من هذا الخطر ومن بينهم الأطفال، الذين لا يتملكون غير مواهبهم وبراءتهم للدفاع عن طفولتهم. لقد أصبح العالم اليوم معنيا بتوفير المناخ الطفولي الملائم، حتى يتكامل النسيج البشري على سطح الأرض التي أصبحت مستعمرة ضيقة لهذا الوباء، مما يجدر بالشعراء والمطربين لإنتاج أعمال فنية تقوم مقام اللقاح الطبي في مواجهة عالم الطفولة.. وكورونا نـأمل أن يستجيب الشعراء والفنانون والمغنون لإيجاد مناخ إبداعي جميل يساعد الأطفال في تفعيل مواهبهم الإبداعية من أجل حياة تليق بطفولتهم. الشاعر محمد جمال عمرو: يواجه الأطفال - كبقية فئات المجتمع- ما يجتاح العالم من كوارث وأحداث، وربما تكون الطفولة هي الفئة الأكثر تأثرا بما يدور حولها، الأمر الذي يوجب على أولياء الأمور والتربويين والمعنيين بثقافة الطفل وأدبه الإسهام في معالجة الآثار المحتمل تعرض الطفل لها، ولعلي هنا أتحدث عن دوري بوصفي مدربا للأطفال في مركز زها الثقافي وشاعرا للطفولة العربية في الحراك الإعلامي الذي واكب جائحة كورونا (كوفيد 19). جاءَ «كُورونا» هي قصيدتي للأطفال التي كتبتها في بداية الأزمة وما رافقها من حظر التجوال والحجر الصحي والقرارات والإجراءات التي ألزمت الأطفال البيوت مع ذويهم، والشعارات التي انتشرت من مثل: «خليك في البيت»، ولترسيخ هذه النصيحة قلت في مطلع قصيدتي: «يصيحُ الكُـلُّ مَحزونا: .. هلَكنا جاءَ «كُورونا» إلينا جاءَ في صَمتِ.. فظـلُّوا داخلَ البيتِ وإسهاما مني بتوعية الأطفال وحثهم على الحرص على التباعد الجسدي قلت»ولا تتقـاربوا أبدا.. إذًا لا تلمَسوا أحدا». وقد حرصت على إبراز شخصية الطفل المبادر المتفاعل الذي نحب، فقلت على لسانه لي (للشاعر) في القصيدة على لسانه: «رويدَكَ نحنُ أطفـالُ.. وفي الآفاقِ آمـالُ/ سنعبُرُ هذهِ الغُمَّـةْ.. فنحنُ الخيرُ في الأُمَّـةْ/ وسوفَ يزولُ في غَـدِنا.. بِسيفِ العِلْمِ في يـدِنا/ونورِ الوعي في الدَّربِ.. وبِالإخلاصِ والحُبِّ/ بلا حَربٍ وبِالسِّـلْمِ.. تظلُّ مسيرةُ العِـلْمِ». وأشرت في قصيدتي إلى التعليم عن بعد الذي جرى تطبيقه على تلاميذ المدارس، فقلت في ذلك:»ومع إشراقةِ الشَّمسِ.. غدًا سأسيرُ للـدَّرسِ/ فمدرستي هيَ المكتبْ.. وبعدَ الدَّرسِ قدْ نلعبْ/ أنا وجميعُ إخـواني.. نُغنِّي عذْبَ ألحانِ». وسعيت إلى بث الأمل في نفوس الأطفال والعزم على انتصارهم على وباء كورونا بالوعي والتزام التعليمات، فختمت قصيدتي بقولي: «ونُنهي شَـرَّ «كُورونا».. ويسلَمُ مَنْ أحبُّـونا/ ونهتفُ في مَدى الـدَّربِ.. عظيمٌ أنتَ يا ربِّي». ومن الجدير بالذكر أن قصيدتي «جاء كورونا» قد نفذت على موقع مركز زها، والمواقع الإلكترونية، وشارك بها الأطفال في مسابقة وزارة الثقافة «موهبتي من بيتي»، وقد فاز عدد منهم في فروع هذه المسابقة. الشاعر الفنان الموسيقي عليان قاسم: أنا من الذين يعتقدون بأن للفن والإبداع هدفا يسمو عن كونه يلقي بجماله للنظارة والمستمعين القارئين؛ لأن الفن - بجميع أجناسه - يصل بسهولة للمستهدفين، ولو نزعناه مما وجد لأجله لأصبح جمالا مجردا لن يعيش طويلا بعد إصداره؛ لأنه استنفد غايته. نعم ان الكلمة الشعرية تبني كما تهدم؛ فإنها سلاح يمكن أن تنشر الوعي وتوجه المجتمع وتصوب مساره؛ كيف إن كان المستهدف من وراء الإبداع فئة عمرية خيالها ثري وعاطفتها جياشة تتأثر بالكلمة واللحن أنهم الأطفال. أظن أن الكلمة البسيطة يمكنها أن تغير وتضيف وتحذف من مكونات الأطفال المعلوماتية؛ لذا من خلال تقديم القصيدة البسيطة التي تحمل معنى يتضمن كيف نتعامل مع كوفيد 19»كورونا» وأضفنا لحنا بجملة موسيقية بسيطة سيؤثر على مدركات هذه الفئة من حيث كل ما يتعلق بالوباء الخطير الذي يودي بحياة الناس. كم قرأنا من كلمات شعرية ملحنة ورددناها ونحن أطفال فأصبحت من الأغاني الخالدة التي رددتها أجيال متعاقبة أصبحت أجدادا. تلك الكلمات المغناة أصبحت جزءا من تكويننا الثقافي لا انفكاك منها أبدا. من تلك الأغاني «بياع التفاح» من التراث الشعبي كلمة ولحنا غنتها الفنانة دلال أبو آمنة، وكلمات «عمي منصور نجار» في القرن العشرين للشاعر سليمان العيسى ولحنت عدة مرات؛ ومن بعض ألحانها غنتها براء الخضور.