الضار النافع... تقول اللغة أن الضر ضد النفع ، والله جل جلاله هو الضار ، أى
المقدر للضر لمن أراد كيف أراد ، هو وحده المسخر لأسباب الضر بلاء لتكفير الذنوب أو
ابتلاء لرفع الدرجات ، فإن قدر ضررا فهو المصلحة الكبرى . الله سبحانه هو النافع
الذى يصدر منه الخير والنفع فى الدنيا والدين ، فهو وحده المانح الصحة والغنى ،
والسعادة والجاه والهداية والتقوى والضار النافع إسمان يدلان على تمام القدرة
الإلهية ، فلا ضر ولا نفع ولا شر ولا خير إلا وهو بإرادة الله ، ولكن أدبنا مع ربنا
يدعونا الى أن ننسب الشر الى أنفستا ، فلا تظن أن السم يقتل بنفسه وأن الطعام يشبع
بنفسه بل الكل من أمر الله وبفعل الله ، والله قادر على سلب الأشياء خواصها ، فهو
الذى يسلب الإحراق من النار ، كما قيل عن قصة إبراهيم ( قلنا يا نار كونى بردا
وسلاما على إبراهيم ) ، والضار النافع وصفان إما فى أحوال الدنيا فهو المغنى
والمفقر ، وواهب الصحة لهذا والمرض لذاك ، وإما فى أحوال الدين فهو يهدى هذا ويضل
ذاك ، ومن الخير للذاكر أن يجمع بين الأسمين معا فإليهما تنتهى كل الصفات وحظ العبد
من الاسم أن يفوض الأمر كله لله وأن يستشعر دائما أن كل شىء منه واليه