أيها الأحبة الكرام السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، واسعد أوقاتكم بكل خير، وعطر أنفاسكم بريح الجنة، أحبتي الحياة ساعة فلنجعلها طاعة، اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا انك أنت السميع العليم.
أيها الأحبة الكرام، الآيات التي في سورة الانفطار، بعد أن ذكر في صدر السورة أنه في يوم القيامة يبدّل نظام هذا العالم، ويسأل الخلائق عما قدمت أيديهم، ويحاسبهم على ما اقترفوا من آثام، ويقرّعهم على تكاسلهم في أداء ما أمروا به، ويجزيهم أحسن الجزاء على ما قدموا من عمل صالح - أردف هذا بخطاب الإنسان واستفساره عما دعاه إلى مخالفة خالقه، وتماديه في فجوره وطغيانه، واسترساله مع دواعى النفس الأمارة بالسوء مع أنه لو تدبر في نفسه وفى خلقه لوجد من شواهد ربوبية خالقه ما هو جدير بشكرانه، ومداومته على طاعته وهو للذي خلقه فسواه وجعله على أحسن صورة. وكمله بالعقل والفهم والتدبر في عواقب الأمور ومصايرها.
القرآن الكريم يُخاطب في الإنسان عقْله تارَةً، ويُخاطِبُ في الإنسان قلْبَهُ تارَةً أخرى، وفي بعض الآيات يُخاطب القرآن الكريم عقْل وقلْب الإنسان في آيَةٍ واحدة، ومن هذه الآيات هذه الآية، والنبي عليه الصلاة والسلام أحياناً في أحاديثه يُخاطِبُ عقْل الإنسان، فقد جاءه رجل وقال له
(( ائْذن لي بالزنا فعَنْ أَبِي أُمَامَةَ قَالَ إِنَّ فَتًى شَابًّا أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ائْذَنْ لِي بِالزِّنَا فَأَقْبَلَ الْقَوْمُ عَلَيْهِ فَزَجَرُوهُ قَالُوا مَهْ مَهْ فَقَالَ ادْنُهْ فَدَنَا مِنْهُ قَرِيبًا قَالَ فَجَلَسَ قَالَ أَتُحِبُّهُ لِأُمِّكَ قَالَ لَا وَاللَّهِ جَعَلَنِي اللَّهُ فِدَاءَكَ قَالَ وَلَا النَّاسُ يُحِبُّونَهُ لِأُمَّهَاتِهِمْ قَالَ أَفَتُحِبُّهُ لِابْنَتِكَ قَالَ لَا وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ جَعَلَنِي اللَّهُ فِدَاءَكَ قَالَ وَلَا النَّاسُ يُحِبُّونَهُ لِبَنَاتِهِمْ قَالَ أَفَتُحِبُّهُ لِأُخْتِكَ قَالَ لَا وَاللَّهِ جَعَلَنِي اللَّهُ فِدَاءَكَ قَالَ وَلَا النَّاسُ يُحِبُّونَهُ لِأَخَوَاتِهِمْ قَالَ أَفَتُحِبُّهُ لِعَمَّتِكَ قَالَ لَا وَاللَّهِ جَعَلَنِي اللَّهُ فِدَاءَكَ قَالَ وَلَا النَّاسُ يُحِبُّونَهُ لِعَمَّاتِهِمْ قَالَ أَفَتُحِبُّهُ لِخَالَتِكَ قَالَ لَا وَاللَّهِ جَعَلَنِي اللَّهُ فِدَاءَكَ قَالَ وَلَا النَّاسُ يُحِبُّونَهُ لِخَالَاتِهِمْ قَالَ فَوَضَعَ يَدَهُ عَلَيْهِ وَقَالَ اللَّهُمَّ اغْفِرْ ذَنْبَهُ وَطَهِّرْ قَلْبَهُ وَحَصِّنْ فَرْجَهُ فَلَمْ يَكُنْ بَعْدُ ذَلِكَ الْفَتَى يَلْتَفِتُ إِلَى شَيْءٍ))
وهي قوله تعالى:
يا أَيُّهَا الْإِنْسانُ ما غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ (6) الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ (7) فِي أَيِّ صُورَةٍ ما شاءَ رَكَّبَكَ (8)
أيها الإنسان العاقل الذي أوتى من قوة الفكر، وبسطة القدرة ما أوتى حتى صار بذلك أفضل المخلوقات - أي شيء خدعك وجرأك على عصيان ربك الكريم الذي أنعم عليك بنعمة الوجود والعقل والتدبر. ولا تزال أياديه تتوالى عليك، ونعمه تترى لديك؟ ألا تشكر من برأك وصورك فأحسن صورتك، وجعلك معتدل القامة، تامّ الخلق.
ووصف نفسه بالكريم دون القهار، إيذانا بأن ذلك مما لا يصلح أن يكون مدارا لاغتراره، وإغواء الشيطان له بنحو قوله: افعل ما شئت فإن ربك كريم قد تفضل عليك في الدنيا وسيفعل مثل ذلك في الآخرة، بل هذا يصلح للمبالغة في الإقبال على الإيمان والطاعة.
وهذا الكرم الالهي في الخطاب كأنه قيل ما حملك على عصيان ربك الذي من صفاته الكرم، الزاجر لك عن عصيانه ومخالفة أمره؟
قال عمر بن الخطاب وقد تلا الآية: غرّه جهله وقرأ: « إِنَّهُ كانَ ظَلُومًا جَهُولًا » وقال قتادة: غرّه عدوه المسلّط عليه.
ثم أجمل ما فصله أوّلا بقوله:
ركبك في صورة هي من أبهى الصور وأجملها، وأدّ لها على بقائك الأبدى في نشأة أخرى بعد هذه النشأة. فإن الكريم يوفّى كل مرتبة من الوجود حقها، فمن خص بهذه المنزلة الرفيعة لا ينبغي أن يعيش
كما يعيش سائر الحيوان، ويموت كما يموت الوحش وصغار الذرّ، وإنما الذي يليق بعقله وقوة نفسه أن تكون له حياة أبدية لا حد لها، ولا فناء بعدها، يوفّى فيها كل ذي حق حقه، وكل عامل جزاء عمله.
أيها الأحبة الكرام، الآيات التي في سورة الانفطار، بعد أن ذكر في صدر السورة أنه في يوم القيامة يبدّل نظام هذا العالم، ويسأل الخلائق عما قدمت أيديهم، ويحاسبهم على ما اقترفوا من آثام، ويقرّعهم على تكاسلهم في أداء ما أمروا به، ويجزيهم أحسن الجزاء على ما قدموا من عمل صالح - أردف هذا بخطاب الإنسان واستفساره عما دعاه إلى مخالفة خالقه، وتماديه في فجوره وطغيانه، واسترساله مع دواعى النفس الأمارة بالسوء مع أنه لو تدبر في نفسه وفى خلقه لوجد من شواهد ربوبية خالقه ما هو جدير بشكرانه، ومداومته على طاعته وهو للذي خلقه فسواه وجعله على أحسن صورة. وكمله بالعقل والفهم والتدبر في عواقب الأمور ومصايرها.
القرآن الكريم يُخاطب في الإنسان عقْله تارَةً، ويُخاطِبُ في الإنسان قلْبَهُ تارَةً أخرى، وفي بعض الآيات يُخاطب القرآن الكريم عقْل وقلْب الإنسان في آيَةٍ واحدة، ومن هذه الآيات هذه الآية، والنبي عليه الصلاة والسلام أحياناً في أحاديثه يُخاطِبُ عقْل الإنسان، فقد جاءه رجل وقال له
(( ائْذن لي بالزنا فعَنْ أَبِي أُمَامَةَ قَالَ إِنَّ فَتًى شَابًّا أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ائْذَنْ لِي بِالزِّنَا فَأَقْبَلَ الْقَوْمُ عَلَيْهِ فَزَجَرُوهُ قَالُوا مَهْ مَهْ فَقَالَ ادْنُهْ فَدَنَا مِنْهُ قَرِيبًا قَالَ فَجَلَسَ قَالَ أَتُحِبُّهُ لِأُمِّكَ قَالَ لَا وَاللَّهِ جَعَلَنِي اللَّهُ فِدَاءَكَ قَالَ وَلَا النَّاسُ يُحِبُّونَهُ لِأُمَّهَاتِهِمْ قَالَ أَفَتُحِبُّهُ لِابْنَتِكَ قَالَ لَا وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ جَعَلَنِي اللَّهُ فِدَاءَكَ قَالَ وَلَا النَّاسُ يُحِبُّونَهُ لِبَنَاتِهِمْ قَالَ أَفَتُحِبُّهُ لِأُخْتِكَ قَالَ لَا وَاللَّهِ جَعَلَنِي اللَّهُ فِدَاءَكَ قَالَ وَلَا النَّاسُ يُحِبُّونَهُ لِأَخَوَاتِهِمْ قَالَ أَفَتُحِبُّهُ لِعَمَّتِكَ قَالَ لَا وَاللَّهِ جَعَلَنِي اللَّهُ فِدَاءَكَ قَالَ وَلَا النَّاسُ يُحِبُّونَهُ لِعَمَّاتِهِمْ قَالَ أَفَتُحِبُّهُ لِخَالَتِكَ قَالَ لَا وَاللَّهِ جَعَلَنِي اللَّهُ فِدَاءَكَ قَالَ وَلَا النَّاسُ يُحِبُّونَهُ لِخَالَاتِهِمْ قَالَ فَوَضَعَ يَدَهُ عَلَيْهِ وَقَالَ اللَّهُمَّ اغْفِرْ ذَنْبَهُ وَطَهِّرْ قَلْبَهُ وَحَصِّنْ فَرْجَهُ فَلَمْ يَكُنْ بَعْدُ ذَلِكَ الْفَتَى يَلْتَفِتُ إِلَى شَيْءٍ))
وهي قوله تعالى:
يا أَيُّهَا الْإِنْسانُ ما غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ (6) الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ (7) فِي أَيِّ صُورَةٍ ما شاءَ رَكَّبَكَ (8)
أيها الإنسان العاقل الذي أوتى من قوة الفكر، وبسطة القدرة ما أوتى حتى صار بذلك أفضل المخلوقات - أي شيء خدعك وجرأك على عصيان ربك الكريم الذي أنعم عليك بنعمة الوجود والعقل والتدبر. ولا تزال أياديه تتوالى عليك، ونعمه تترى لديك؟ ألا تشكر من برأك وصورك فأحسن صورتك، وجعلك معتدل القامة، تامّ الخلق.
ووصف نفسه بالكريم دون القهار، إيذانا بأن ذلك مما لا يصلح أن يكون مدارا لاغتراره، وإغواء الشيطان له بنحو قوله: افعل ما شئت فإن ربك كريم قد تفضل عليك في الدنيا وسيفعل مثل ذلك في الآخرة، بل هذا يصلح للمبالغة في الإقبال على الإيمان والطاعة.
وهذا الكرم الالهي في الخطاب كأنه قيل ما حملك على عصيان ربك الذي من صفاته الكرم، الزاجر لك عن عصيانه ومخالفة أمره؟
قال عمر بن الخطاب وقد تلا الآية: غرّه جهله وقرأ: « إِنَّهُ كانَ ظَلُومًا جَهُولًا » وقال قتادة: غرّه عدوه المسلّط عليه.
ثم أجمل ما فصله أوّلا بقوله:
ركبك في صورة هي من أبهى الصور وأجملها، وأدّ لها على بقائك الأبدى في نشأة أخرى بعد هذه النشأة. فإن الكريم يوفّى كل مرتبة من الوجود حقها، فمن خص بهذه المنزلة الرفيعة لا ينبغي أن يعيش
كما يعيش سائر الحيوان، ويموت كما يموت الوحش وصغار الذرّ، وإنما الذي يليق بعقله وقوة نفسه أن تكون له حياة أبدية لا حد لها، ولا فناء بعدها، يوفّى فيها كل ذي حق حقه، وكل عامل جزاء عمله.