"عناقيد الشارقة" ليس عنواناً لأضخم عمل فني مسرحي في التاريخ عن الإسلام، فعنوان العمل الذي سيفتتح في 26 من هذا الشهر على مسرح جزيرة المجاز في الشارقة هو "عناقيد الضياء" لكن هذا العنوان الأخير أعادني إلى المعنى المشرق لكلمة الشارقة التي عرفت بها إمارة الشارقة التي أخذت حظها من اسمها وأصبحت كما يقال "اسم على مسمى"، فهي شارقة بالثقافة، وشارقة بالإسلام، وشارقة بالفن والمسرح والتراث والتخطيط المستقبلي، وشارقة بالتنمية المستدامة التي تفتح كل الأبواب للدخول إلى عالم سعيد ينعم فيه الجميع بالعطاء والمكرمات التي لا تعرف السدود ولا الحدود ولا التوقف عند محطة أو نقطة محددة .
خلف كل هذا الإنجاز المشهود له بالتميز فكر نير وهمّة عالية ورؤية واضحة، ووراء كل نجاح نراه ويسجله التاريخ بحروف من نور لهذه الإمارة رجل يطوف الصحراء، ويصعد الجبال، ويقترب من الموج الذي يصل إلى الشاطئ وحيداً فيجعل الحياة تدب أمامه، رجل لا ينتظر الثناء والمديح مقابل جهده، فهو يراه واجباً تجاه أمته وشعبه ومجتمعه، ويتطلع إلى السماء داعياً الله أن يوفّقه في مسعاه من أجل إنجاز عمل يسعد به الناس، لذلك ترتفع الأكف نابضة بقلوب مهللة شاكرة وداعية الخالق سبحانه وتعالى أن يلبس حاكمها صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، حفظه الله، ثوب الصحة، ويمد في عمره ويسعده .
لقد اعتادت إمارة الشارقة من خلال ما تحظى به من رؤية وعزيمة قوية أن تنظر إلى المستقبل نظرة أمل وتفاؤل، وأن يكون قادم الأيام أحلى، ولهذا الإيمان أسبابه التي تروض النفس وتجعل صاحبها لا يخشى من الغد، ذلك الغد الذي قال عنه الشاعر الهادي آدم:
آه كم أخشى غدي هذا، وأرجوه اقترابا
وربما نتعاطى أدبياً وفكرياً ونختلف في الرؤى حول معناه الجميل الذي يقول فيه أيضاً:
قد يكون الغيب حلواً، إنما الحاضر أحلى
نعم، حاضر الشارقة جميل، فأضواؤها تزين ليلها وتجعل منه لوحات فنية بديعة متحركة بضوء الأمل على المنجزات المدهشة، وحراكها الثقافي والأدبي منتعش ومتجدد بفعاليات مختلفة تصل إلى الناس وتتجذر في وجدانها وترتبط معها بصلة القربى، ونهضتها العمرانية تصعد في كل يوم إلى سماء الطموح والرضا، وبنائها الإنساني الوجداني نراه واضحاً من خلال الابتسامة والقبول على الوجوه، وليس بغريب أن نقرأ بين وقت وآخر عبارات تقدر العطاء وتشكره، فشكر الناس واجب، ويوصل الإنسان إلى شكر خالقه .
حاضر الشارقة جميل، لكن هذا الجمال المتجدد يعطي إيحاء واضحاً بأن القادم من الأيام سيكون جميلاً، وهذا لا يتنافى مع الغيبية، لأن الشارقة تتعاطى مع قلب نقي صادق، ومع تفكير دائم للخلق والإبداع والابتكار الجميل، ونية صافية تخطب ود المحبة وتأسر قلب المحبين، والشارقة بعد أن أزهرت بورد المودة، لا شك في أن وجهها سيكون دوماً مورداً مشرقاً باسماً، لأنها بعد رعاية الله هي في رعاية أب يوليها كل اهتمام ودعم، ويسهر من أجل أن تكون في مراتب العلو والزهو والفخر:
وربٌّ كريمٌ لها واهبٌ
أباً . . تلك أفعاله ناطقه
توضأَ بالحبِّ في أرضها
وصلّى . . ودعوتهُ صادقه
هذه هي إمارة الشارقة، تتدلى عناقيد ضياء وعطاء وخير في عهد سلطان العطاء، حفظه الله، ومن خلال هذه العزيمة والدعم السخي للبناء على مستوى كل الصعد، تحققت المنجزات المبهرة، وصدق المتنبي حين جسّد هذا المعنى:
على قَدرِ أَهلِ العزمِ تَأتي العَزائِمُ
وتَأتِي على قَدرِ الكرامِ المَكارِم
وتَعظُم في عَينِ الصّغيرِ صِغارُها
وتَصغُر في عَينِ العظيمِ العظائِمُ
محمد عبدالله البريكي

hala_2223@hotmail.com